ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عميره هاس – أربعة قتلى، نار على منقذي الجرحى وحوامة غاز مسيل للدموع : شهادات من الاحتجاج ضد افيتار

هآرتس – بقلم  عميره هاس – 23/6/2021

الاحتجاج ضد بؤرة افيتار الاستيطانية حصد أرواح اربعة فلسطينيين من سكان قرية بيتا خلال ستة اسابيع. المحتجون الذين اقيمت البؤرة على اراضي قريتهم شهدوا على وجود مدنيين مسلحين يتجولون بين الجنود وحتى أنهم احيانا يقومون باطلاق النار على المتظاهرين “.

من بين الاربعة قتلى من قرية بيتا الذين قتلوا منذ منتصف شهر أيار في الاحتجاج على بؤرة افيتار، د. عيسى برهم هو الوحيد الذي لم يحظ بـ “البيان العام” الذي اصدره المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي والذي جاء على شكل “كانت هناك اعمال شغب والجيش يعرف عن الابلاغ عن قتل فلسطيني وقد تم فتح تحقيق”. برهم (41 سنة) كان رجل قانون تخصص في القانون الجنائي الدولي وعمل في النيابة العامة الفلسطينية في محافظة سلفيت. وقد وصل الى منطقة الاحتجاج للمساعدة في انقاذ الجرحى. وقد كان اكبر سنا من ان يشارك بصورة نشطة في الاحتجاج، وأن يتسلق السلاسل الحجرية في الجبل وأن يركض في الطرق الزراعية التي تمر بين حقول الزيتون، وكي يشعل الاطارات ويرشق الحجارة على الجنود على بعد مسافة عشرات الامتار وأن يهرب من الغاز المسيل للدموع. هذا احتجاج يقتضي من المشاركين فيه قوة جسدية جيدة وأرجل سريعة.

شقيق برهم، سلطان، قال إنه في ذاك اليوم، 14 أيار، المساجد طلبت احضار سيارات لاخلاء الجرحى”. وبرهم استجاب للطلب. عدد سيارات الاسعاف التي كانت هناك لم تكن كافية لاخلاء الجرحى. كان ذاك اليوم هو اليوم الثاني لعيد الفطر الذي يأتي بعد شهر رمضان، اليوم الرابع للحرب في غزة واليوم الـ 12 لانشاء البؤرة الاستيطانية بالمنشطات على اراضي بيتا وقبلان ويتما. في يوم الجمعة ذاك كان هناك احتجاجات في جميع ارجاء الضفة الغربية. قتل عشرة فلسطينيون بنار الجيش الاسرائيلي، من بينهم اربعة في منطقة نابلس فقط وبرهم كان من بينهم. الهلال الاحمر الفلسطيني طلب من السكان التبرع بالدم بسبب العدد المرتفع للجرحى، نحو 1650 شخص.

أحد المحتجين الذي كان قرب برهم قال للصحيفة بأن الجنود وقفوا على بعد 100 متر منه. وهو لاحظ ايضا مدنيين اسرائيليين مسلحين وقفوا على قمة الجبل قرب مجموعة اخرى من الجنود. وقد استنتج أنهم من “المستوطنين”. إن وجود مدنيين اسرائيليين مسلحين يتكرر في الكثير من شهادات المحتجين في بيتا. شخص آخر، تحدث مع الباحثة الميدانية في “بتسيلم”، سلمى الدبعي، ذكر هو ايضا وجود مدنيين اسرائيليين مسلحين. وقد اعطى شهادة للدبعي عن لقائه مع برهم في ذاك اليوم. وحسب شهادته فان برهم سافر في سيارته البيضاء “يونداي توسان” نحوه في الطريق الزراعية وسأله: أين الجرحى. عدد من الجرحى كان قد تم اخلاءهم من هناك قبل ذلك في سيارة خاصة اخرى. آخرون، من بينهم شخص اصيب اصابة بالغة، كانوا ما يزالون منتشرين بين الاشجار وكانوا ينتظرون المتطوعين الذين يساعدون الطواقم الطبية من اجل حملهم على الحمالات أو دعمهم في الطريق الى السيارات. برهم، الذي كان قد اوقف سيارته بدأ بالسير نحو الجرحى. الشاهد رأى أن احد الجنود من المجموعة البعيدة قد نزل وجلس في وضعية القنص. هو لم يفكر أن الجندي ينوي اطلاق النار، بل افترض أنه يريد فقط التخويف. في ذلك المكان وفي نفس الوقت كان هناك هدوء نسبي. الجميع كانوا منشغلون بالجرحى. فجأة سمع صوت رصاصة، “شاهدت عيسى وهو يسقط على الارض على ظهره”، قال الشاهد للدبعي.

برهم اصيب برصاصة حية في بطنه. في ذلك الوقت كان ما يزال يتنفس وقلبه ينبض عندما تم ادخاله الى السيارة الخاصة وتم نقله الى المستشفى الميداني الذي اقيم في بيتا. الجنود اغلقوا المدخل الرئيسي في بيتا. وسيارة الاسعاف سافرت نحو الشمال في الطرق المتعرجة والضيقة في بيتا وأودله وعورتا. في الطريق حاول الطاقم الطبي اجراء تنفس صناعي لعيسى برهم. وفي مستشفى النجاح أعلنوا عن وفاته.

يجب العودة ووصف الطبوغرافيا لفهم ما الذي يحدث هناك. الاحتجاج يجري في جبل صبيح الذي توجد له عدة قمم. البؤرة الاستيطانية اقيمت على اعلى قمة. البعد الجوي بين البؤرة وبين القمم الاخرى الاخفض، هو نحو نصف كيلومتر. على أحد القمم البعيدة عن البؤرة توجد بركة وحديقة لها سور. في ايام الجمعة في الظهيرة تقام خارج البركة صلاة احتجاج. وبعد ذلك المتظاهرون الاكثر جرأة يبدأون في الانتشار على الجبل والوادي حيث يكون الجنود ينتظرونهم على بعد مسافة كبيرة ويطلقون فورا نحوهم قنابل الغاز المسيل للدموع وبعد ذلك يطلقون الرصاص المعدني المغلف بالمطاط. نقطة تجمع وانتشار اخرى توجد على قمة توجد غرب الموقع، قرب مباني تخزين كبيرة. مجموعات من الجنود والمدنيين المسلحين يتواجدون بشكل عام اعلى من المتظاهرين. احيانا الجنود يسافرون في الطرق الزراعية باتجاه المتظاهرين وينزلون من الجيبات، وبعد ذلك على بعد بضع عشرات منالامتار يطلقون الغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط. احيانا الجنود يظهرون دون أن تتم رؤيتهم قبل ذلك، بعد أن تسلقوا من نقطة خفية في الوادي. واحيانا ينبطحون في وضعية قنص ويطلقون النار الحية على المتظاهرين.

على سفح القمة الجنوبي يقوم الشباب باحراق الاطارات على أمل أن يصل الدخان الاسود الى البؤرة التي غزت اراضيهم. مبدئيا يطمحون الى الصعود بقدر الامكان قريبا منهم. ولكن كلما تسلقوا الى الاعلى، الجبل يكون اكثر انحدارا والاشجار تصبح اقل كثافة، والتسلق يصبح اصعب. في اجابته على سؤال “هآرتس” كتب المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي إن “خروقات عنيفة للنظام… تعرض للخطر حياة المواطنين الاسرائيليين… لذلك تم وضع قوة عسكرية في المكان”. في المقابل، المتظاهرون شرحوا للصحيفة بأن المدنيين الاسرائيليين المسلحين يخرجون طوعا من منطقة البؤرة ويهبطون قليلا الى الاسفل على سفح الجبل باتجاه المتظاهرين غير المسلحين، وأن الجنود لا تكون حياتهم معرضة للخطر على الاطلاق.

عدد المحتجين يتراوح بين بضع عشرات وبضع مئات، هذا يتعلق باليوم والساعة. “نحن ننتشر هنا احتجاجا كل يوم، حتى في الليل”، قال احد المتظاهرين للصحيفة في الاسبوع الماضي. وهو لم يستخدم مصطلح “ازعاج ليلي”، الذي دخل الى القاموس فقط في هذا الاسبوع، سواء بصورة تلقائية في اوساط عدد من المتظاهرين أو عن وعي، حسب اقوال المتحدثون المقربون من حماس والذين يكررون تجربة غزة لازعاج الجيش قرب جدار الفصل. المحتجون يوجدون في مجموعات تتراوح بين 5 – 10 شباب، واحيانا تكون من 3 فقط.

“احيانا نحن نجلس وكأننا في نزهة، على صخرة أو قرب شجرة”، قال للصحيفة محمد حمايل، شقيق زكريا الذي كان بجانبه عندما قتل في 28 أيار. “اشخاص يبتعدون عدة امتار عن بعضهم البعض. وعندما يصابون، لا يكون هناك شاهد في زمن الاصابة. هذا ما حدث مع زكريا: ابتعد عني وعن شقيقنا الآخر وعن ابن عمنا بضعة امتار وبحث عن مكان ليصلي فيه صلاة العصر. كان هذا في الساعة الرابعة تقريبا. شاهدنا عدد من الجنود وسمعنا صوت الرصاصة، ولكننا في البداية لم نعرف أنه هو الذي أصيب”.

طاقم طبي كان في نفس الوقت يعالج شاب آخر اصابت قدمه رصاصة حية. وعندما سمع صراخ “سيارة اسعاف، سيارة اسعاف”، عدد من اعضاء الطاقم الطبي ركضوا نحو الصارخين. المنطقة جبلية، عدد من الجنود يرافقهم عدد من المستوطنين المسلحين، تمركزوا في نقطة أعلى بكثير. أحد المحتجين قال للصحيفة بأن من اطلقوا النار كانوا على بعد بضعة امتار عن زكريا. شخص آخر قدر أن المسافة كانت 150 متر. في الوقت الذي كان فيه المتطوعين والطاقم الطبي يصعدون من الطريق نحو زكريا، قال أحدهم للصحيفة، قام الجنود باطلاق النار عليه. رصاصة معدنية مغلفة بالمطاط اصابت ساق أحد المنقذين، الذي كان يرتدي مثل الجميع سترة بلون فوسفوري المخصصة للطواقم الطبية. قنابل الغاز المسيل للدموع اطلقت نحوهم حتى عندما كانوا يحملون على الحمالة زكريا. قنبلة اصابت وجه أحد المنقذين.

زكريا (26 سنة) كان معلم للغة العربية في مدرسة في بير نبالا التي تقع جنوب رام الله. الرصاصة دخلت الى صدره في الجهة اليمنى. وقد عانى من نزيف داخلي وخرجا دماء كثيرة من فمه وأنفه. شهود قالوا للصحيفة بأن مدني مسلح هو الذي أطلق النار على زكريا. وحسب اقوال احدهم كان مطلق النار يرتدي قميص بلون احمر. وحسب آخر كان يرتدي ملابس سوداء. وشاهد آخر قال إن الجنود هم الذين اطلقوا النار، ولكنه اشار الى أنه كان هناك مدنيون مسلحون قربه. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اعلن بعد ذلك أنه “في هذه المرحلة نحن لا نعرف سبب الاصابة”. الجيش الاسرائيلي لم يرد بشكل مباشر على سؤال هآرتس هل تم فحص ادعاء أن من اطلقالنار هو شخص مدني. هو فقط اصدر البيان العام الذي يقول إنه “تم فتح تحقيقات للشرطة العسكرية، التي في نهايتها سيتم تحويل الاستنتاجات للنيابة العامة العسكرية”.

المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي ابلغ “هآرتس” ايضا بأنه “في الحالات التي تقتضي ذلك، فان قوات الجيش الاسرائيلي تستخدم ايضا اطلاق النار طبقا لاوامر فتح النار”. ما الذي كان في سلوك زكريا حمايل وعيسى برهم اجبر الجنود على اطلاق النار الحية القاتلة عليهما، على الجزء العلوي من جسمهما. هل المسافة الكبيرة بينهما وبين الجنود اقتضت ذلك؟ وما الذي كان في مكان تواجد وسلوك حمايل، الطالب في الثانوية ابن 16 سنة، الذي قتل في 11 حزيران، “اقتضى استخدام النار الحية ضده؟”. الجيش الاسرائيلي لم يقدم أي تفاصيل.

“خرجنا للتظاهر بعد صلاة الظهر، الساعة 12:50 تقريبا”، قال للصحيفة م.، الطالب في جامعة النجاح. “انتشرنا في منطقة البركسات(التي تقع على القمة الغربية). هناك ايضا قمنا بالصلاة بين اشجار الزيتون. شاهدنا حافلات تنزل جنود، لذلك ابتعدنا. مكثت بضع ساعات هناك وأنا أهرب من الغاز واختبأت بين الاشجار لاستريح، وتقدمت نحو الاعلى. في الساعة الخامسة تقريبا وجدت نفسي قريب من محمد وابن عمه. وقد كنا نعرف بعضنا من الحي. لم نقم برشق الحجارة. رأينا اربعة جنود، أحدهم صوب سلاحه واعتقدت أنه لن يطلق النار، أو بالحد الاقصى سيطلق رصاصة مطاطية. الجندي اطلق مرتين، محمد وابن عمه سقطا وأنا اصبت بالصدمة. تجمدت في مكاني ولم اعرف ماذا افعل”. وحسب قوله، محمد كان ملثم. وشهود آخرون لم يذكروا ذلك.

شاهد آخر قال للصحيفة إن الجنود الاربعة، على بعد بضع عشرات من الامتار كانوا على الارض وهم يصوبون بنادقهم. جنود آخرون قربهم اطلقوا الغاز المسيل للدموع. صوت اطلاق قنابل الغاز والرصاص المطاطي غطى على صوت اطلاق النار الحية. إبن العم اطلقت النار على كتفه. الرصاصة التي اصابت محمد دخلت الى مركز صدره وخرجت من الجهة اليسرى، وبعد ذلك اخترقت يده اليسرى قرب الكتف. إبن العم المصاب نجح في الركض لوحده نحو المنقذين. في البداية اعتقد المنقذون بأنه هو المصاب. وبعد ذلك عثروا على محمد الذي كان ينزف. أحد المنقذين قال للصحيفة: “ركضت نحوه. الجنود اطلقوا نحونا الغاز المسيل للدموع. ومن كثرة الغاز لم استطع رؤية اصابته. اختنقنا. لم أعرف كيف واصلنا حمله على الحمالة، في الوقت الذي كنا نجد فيه صعوبة في رؤية الطريق بين الصخور والاشجار والسلاسل الحجرية”. في بيان آخر نشره المتحدث بلسان الجيش جاء: “معلوم لدينا ادعاء فلسطيني بقتل شاب ووجود مصابين”.

في 18 حزيران قتل طالب آخر في الثانوية هو احمد بني شمسة. بخصوصه قال المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي بأن الشاب ألقى جسم متفجر نحو أحد الجنود ولذلك تم اطلاق النار عليه. “هآرتس” لم تتمكن من جمع شهادات من اجل فحص التفاصيل الدقيقة لظروف اطلاق النار عليه وقتله.

المتحدث بلسان الجيش لم يرد على اسئلة “هآرتس” اذا كان قد أصيب جنود في المظاهرات في بيتا، واذا كان من الصحيح أن حوامة الغاز تنطلق ويتم تشغيلها من بؤرة افيتار. بخصوص الشهادات المتكررة عن اطلاق الغاز المسيل للدموع على الطواقم الطبية والمنقذين، وعن اطلاق النار على سيارات الاسعاف للهلال الاحمر التي تعمل في بيتا قيل إن قوات الجيش الاسرائيلي لا تستخدم وسائل لتفريق المظاهرات أو اطلاق النار على الطواقم الطبية وسيارات الاسعاف بصورة متعمدة.

المحادثات مع أبناء عائلة زكريا حمايل وابناء عائلة عيسى برهم امتدت لساعات. في كل محادثة تجمعت وتم استعادة تذكر حياة القتلى. خلايا النحل التي وضعها زكريا في البستان قرب المنزل تخنق حنجرة شقيقه. “ليس فقط موتهم، ايضا حياتهم تستحق مقال”، قال عم وصهر برهم، زياد بني شمسة. اولاد عيسى الاربعة هم احفاده. اسنات، البكر ابنة السابعة، ومريم الصغيرة ابنة السنة والنصف، في الوسط هناك ولدان هما يحيى (6 سنوات) ومحمد (4.5 سنوات). هم اصغر من أن يفهموا ما هو الموقت، قال. شقيق عيسى، سلطان، قال “قبل بضعة ايام توقفت قرب البيت سيارة بيضاء تشبه سيارة عيسى. الاولاد صرخوا بفرح: “لقد جاء أبي”.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى