هآرتس – بقلم عكيفا الدار – سلام مقابل لا شيء
هآرتس – بقلم عكيفا الدار – 3/9/2020
“ في العام 2014 افشل نتنياهو المفاوضات مع الفلسطينيينبمطالبته الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية في حين أنه لم يطلبذلك من دولة الامارات “.
في الاسبوع الماضي تفاخر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه “للمرةالاولى منذ 56 سنة لم يقتل فيها أي مواطن اسرائيلي. قتل الحاخام شاياوحايون الذي حدث بعد فترة قصيرة من نشر النبأ السعيد، سيدخل فياحصائيات السنة القادمة. عقيدة نتنياهو “سلام مقابل سلام” (بالمناسبة،حقوق الابداع لهذا الاختراق محفوظة لرئيس الحكومة السابق اسحق شمير)،تسري ايضا على القناة الفلسطينية.
فعليا، العقيدة التي تعرضها اسرائيل على الفلسطينيين هي“الاراضي مقابل السلام“: اذا تنازلت السلطة الفلسطينية عن كل الاراضيفان نتنياهو سيعطيهم كل السلام، بما في ذلك الحق في أن يحاربوا حماسمن اجلنا والابلاغ عن اعداد نشطاء حماس لتنفيذ عمليات. فقط يجب عليهمأن ينسوا حقوق المواطن، وعلى رأسها الحق الاساسي في تقرير المصير.
في بداية طريقه في بلفور عرض نتنياهو عقيدة “اذا أعطوا سيأخذواواذا لم يعطوا فلن يأخذوا“. وها هي السلطة الفلسطينية تعطين الأمن (يشهدعلى ذلك كبار رجال جهاز الامن في اسرائيل وفي امريكا). وما الذيحصلت عليه في المقابل؟ سلام بين اسرائيل ودولة اتحاد الامارات.
في اللغة العربية يسمون ظواهر مشابهة للتطبيع بين اسرائيلوالامارات بـ “الهرب الى الامام“. بتشجيع من الرئيس الامريكي دونالد ترامبفان امارات الخليج تساعد نتنياهو على الهرب من مشاكله الشخصية واخفاءالفيل الفلسطيني تحت البساط، أو بشكل اكثر دقة، تحت المناطق.
يكفي أن نرفع قليلا البساط من اجل أن نكتشف الفرق الجوهري بينطريقة عرض الاتفاق على يد نتنياهو وبين الموقف الذي يطرحه المتحدثونباسم الامارات، وعلى رأسهم وزير الخارجية انور قرقاش. جميعهم يؤكدونعلى تجميد خطة الضم والتمسك بمبدأ الدولتين. وزير الخارجية السعودي،الامير فرحان بن عبد الله، اعلن أنه بدون اتفاق سلام مع الفلسطينيين فانالسعودية لن تذهب بأي شكل من الاشكال في اعقاب اتحاد الامارات؛ومنظمة الدول الاسلامية التي تسيطر عليها السعودية اعلنت عن تأييدهاالشديد للمبادرة العربية ومعارضتها لخطوة الضم الهاديء والزاحف؛ والامينالعام للجامعة العربية احمد ابو الغيط اوضح بأن اعضاء الجامعة يعتبرونالمبادرة العربية التي تقوم على مبدأ الارض مقابل السلام، المرجعية الوحيدةلاتفاقات السلام والتطبيع مع اسرائيل.
من المدهش أنه بالذات في معسكر السلام الاسرائيلي – اليهودي،فان انتقاد وهم نتنياهو “السلام مقابل السلام” يرافقه اتفاق مع عقيدة “لايوجد شريك” لحل “الارض مقابل السلام“. جميع الحقوق محفوظة كما قلنالاهود باراك. في مقال نشره في نهاية الاسبوع الماضي (“هآرتس“، 28/8) اقتبس البروفيسور شلومو بن عامي الذي كان وزير الخارجية في حكومةاهود باراك، المستشرق الامريكي من اصل لبناني شيعي، فؤاد عجمي، الذيقال إنه يوجد للفلسطينيين ميل لـ “التوقع دائما أن قوة خفية ما ستهبلمساعدتهم وكأن قوانين التاريخ لا تسري عليهم“. اقوال عجمي هذه قيلت رداعلى أن ياسر عرفات رفض الخطة التي اقترحها عليه الرئيس بيل كلينتونفي كانون الاول 2000.
بن عامي يتفق على أن “الانفصال عن الواقع للحركة الوطنيةالفلسطينية شجع الرفض الاسرائيلي“. ولكنه يتذكر بالتأكيد أنه بعد بضعةاسابيع على طرح كلينتون لخطته حصل الفلسطينيون على عرض افضل،بدون أن يحتاجوا الى مساعدة من أي “قوة خفية“.
في مؤتمر صحفي لتلخيص محادثات طابا في كانون الثاني 2001 اعلن وزير الخارجية في حينه بن عامي “لقد انهينا هذه المرحلة من المحادثاتبيننا بشعور من الانجاز بأننا قريبون من التوصل الى اتفاق“. ولكن لأنحكومة باراك كانت في حينه في نهاية حياتها القصيرة فقد اضطر بن عاميللقول بأن “الشعور هو أنه ليس لدينا في هذه الاثناء زمن سياسي جيديمكننا من تطبيق الاتفاق، وسنعود اليه عندما تنتهي العملية الديمقراطية فياسرائيل“.
العملية الديمقراطية انتهت في حينه بعودة الليكود الى الحكم. والطرفان عادا الى طاولة المفاوضات فقط في نهاية العام 2007. الثقةالمتبادلة تم اصلاحها والفجوات تقلصت، لكن الزمن السياسي الجيد مرةاخرى نفد – هذه المرة في اعقاب عملية ديمقراطية أدت الى استقالة رئيسالحكومة اهود اولمرت ودخول الديمقراطي نتنياهو الى البيت في بلفور.
بن عامي يلوم الفلسطينيين، هذه المرة يلقي على رئيس السلطةالفلسطينية المسؤولية عن فشل المفاوضات مع اسرائيل والتي أدارها في2014 وزير الخارجية الامريكي في حينه جون كيري. يبدو أن المؤرخ نسيأن الجهد الامريكي فشل لأن نتنياهو وضع امامهم عقبة اعترافالفلسطينيين باسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي.
منذ بداية المفاوضات قال كيري امام لجنة الخارجية في الكونغرس“اعتقد أنه من الخطأ طرح هذه الفكرة مرة تلو الاخرى من قبل عدد منالاشخاص (الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية)، كعامل حاسم في التعامل معالدولة الفلسطينية والسلام. وقد اوضحنا مقاربتنا هذه“. بالمناسبة، حسبمعرفتنا نتنياهو لم يشترط الاتفاق مع دولة الامارات باعتراف الدولة الاسلاميةباسرائيل كدولة يهودية مثلما لا يوجد أي ذكر لذلك في اتفاقات السلام معمصر والاردن.
كما يشير بن عامي، فان افتراض نتنياهو بأن التحالفات العسكريةهي العلاج للخطر الوجودي الكامن في التدهور نحو دولة ثنائية القومية، هوهذيان كارثي. العلاج لهذا الوباء هو مبادرة السلام العربية، التي تطرحالتطبيع مقابل الارض. التي تقبع على الرفوف منذ 18 سنة تقريبا. وخطواتاحادية الجانب والهرب من المسؤولية وزرع اليأس هي هذيانات كارثية لا تقلعن ذلك.
******