ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عكيفا الدار – خضوع آخر وسننتهي

هآرتس – بقلم  عكيفا الدار  – 4/2/2020

“إن من يؤمن بأنه يوجد أي زعيم مسلم يمكن أن يوقع على اتفاق يعطي اليهود السيادة على الحوض المقدس في القدس فهو لا يعرف تاريخ مئات السنين الأخيرة “.

الوف بن كتب في مقال له تحت عنوان “تاريخ المنتصرين” (“هآرتس”، 30/1) بأن صفقة القرن للرئيس الامريكي ترامب تعرض على الفلسطينيين صفقة تشبه الصفقة التي حصلت عليها المانيا واليابان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية: تنازلتا عن النازية والامبريالية وعن مكانتهما وطموحاتهما كدول عظمى عسكرية وبحرية. ووضعتا الامن في أيدي الولايات المتحدة، وهما تحظيان منذ عشرات السنين بفيض من القوة الاقتصادية. الآن حان دور الفلسطينيين للخضوع بدون شروط، والتخلي عن “رواية الماضي” والنظر الى الامام نحو الاعتراف الدبلوماسي والنمو الاقتصادي اللذان ينتظرانهم. هذا الامر كان مجديا في المانيا واليابان، كتب الوف بن. فلماذا لا يساعد هذا الامر الفلسطينيين؟.

على هذا السؤال توجد ثلاث اجابات. اولا، الفلسطينيون بالضبط مثل الاسرائيليين غير مطلوب منهم التنازل عن “رواية الماضي” أو “احلامهم”. ومن اجل وضع نهاية للنزاع يجب على الشعبين التنازل عن تطبيق “رواية الماضي” وعن تجسيد الحلم بكامله. ولا يستطيع أي اتفاق سياسي محو اشواق أي لاجيء فلسطيني الى بيارته في يافا، التي يحلم بأنه سيأتي يوم ويقوم بقطف ثمارها. والمخلون من غوش قطيف يتباكون حتى الآن على ما اعتبر بالنسبة لهم طرد من منازلهم ويحلمون بالعودة اليها.

في اعلان الجزائر في 1988، وعن طريق الغاء الميثاق الفلسطيني، تنازل الفلسطينيون عن تحقيق “رواية النكبة” والموافقة على مبادرة السلام العربية من العام 2002 التي ترتكز على حدود 1967. صحيح أنه ليس جميع الفلسطينيين مستعدين للتسليم بحق الوجود لدولة يهودية تعيش بأمان وسلام الى جانب دولة فلسطينية، لكن ايضا في الوقت الحالي، حيث يتعرضون للاهانة، فان قيادة السلطة وفتح برئاسة محمود عباس لم تقم بالغاء اتفاق اوسلو وهي تستمر في التمسك بحل الدولتين. حكومات اسرائيل قامت بالفعل باتصالات من اجل الدفع قدما بحل الدولتين. ولكن في نفس الوقت قامت بزرع حقول الالغام في طريقه على شاكلة عشرات المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وعن طريق استخدام ذرائع تقوم على “رواية الماضي”.

ثانيا، خلافا لالمانيا واليابان اللتان اضطرتا الى التنازل عن مكانتهما كدولتان عظميتان عسكريا وبحريا، فان اتفاق الخنوع للفلسطينيين يشمل ليس فقط التنازل عن الجيش والسيطرة على المعابر الحدودية والفضاء الجوي، بل يجب عليهم التنازل ايضا عن استقلالهم. ومثلما اشار الوف بن فان نتنياهو نجح في أن يبيع لترامب الرواية الكاذبة التي بحسبها الحركة الوطنية الفلسطينية هي منظمة اجرامية اقنعت ادولف هتلر بقتل يهود اوروبا من اجل عدم استيطان ارض اسرائيل. والمتهم بجرائم جنائية جند رئيس مصاب بجنوب العظمة لمشروع حياته – تصفية الحركة الوطنية الفلسطينية من اجل ابعادها عن ارض اسرائيل.

الوف بن يقدر بأن المهلة الزمنية التي منحها ترامب للفلسطينيين من اجل هضم الخطة وتبنيها تم تخصيصها لانتظار انتهاء عهد أبو مازن وصعود بديل له يكون اقل التزاما منه برواية الظلم والضحايا وحق العودة. ” جبريل الرجوب، هل تسمع؟”، سأل الوف بن في تلميحه لأحد المرشحين لوراثة أبو مازن. أنا أعرف شخصيا أبو رامي، كما يسميه معارفه، لم ألاحظ أي ميول انتحارية لديه، لا من ناحية جسدية ولا من ناحية سياسية. وأنا لا أعرف أي سياسي فلسطيني يحب الحياة سيتعامل مع الوثيقة التي أملاها نتنياهو على ترامب كقاعدة للمفاوضات. ونحن بحاجة الى خيال خصب بشكل خاص من اجل تشخيص وجود “دولة مستقلة” في وصمة العار التي عرضها ترامب في الاحتفال الهستيري في البيت الابيض. ومن يعتقد أنه يوجد أي زعيم مسلم يمكن أن يوقع على وثيقة تعطي اليهود السيادة في الحوض المقدس في القدس، فهو لا يعرف تاريخ مئات السنوات الاخيرة.

الشعوب لا تتنازل عن هويتها وحقها في تقرير المصير. وهي تناضل وتضحي من اجل ذلك وفي النهاية تنتصر. ظاهرة مثل ترامب تذكر كل يوم تقريبا بأن الاعلان عن “موت التاريخ” كان سابقا لأوانه. ويمكن أنه بعد بضعة اشهر سيتم ضم “صفقة قرن ترامب” الى  جعبة اكاذيبه الى جانب “الاتفاق النووي” مع كوريا الشمالية ونفي ازمة المناخ واكاذيب كثيرة غيرها. ذات يوم سينتهي الاحتلال. وهذا سيحدث بعد 10 أو 50 أو 100 سنة. ومن يعرف كم سيكون عدد القتلى والارامل والايتام. الخيار كان وما زال بين تقسيم البلاد الى دولتين ومصالحة بين الشعبين وبين دولة ثنائية القومية متنازعة فيها شعبان يسفكان دماء بعضهما.

الاجابة الثالثة على سؤال لماذا لا يسير الفلسطينيون في اعقاب المانيا واليابان ويقومون برفع الراية البيضاء، هي أنه منذ الحرب العالمية الثانية أخلت الكولونيالية مكانها لحوار حقوق الانسان – بدء انهيار الامبراطورية البريطانية وحتى انتهاء نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا. بدء من حرب الجزائر وحتى انتهاء الاحتلال الفرنسي. بدء من الاعتراف بحق الشعب اليهودي بدولة خاصة به وحتى انتهاء التمييز العنصري في الولايات المتحدة. الاستسلام الفلسطيني هو انبعاث اموات الكولونيالية. تنازل عن حق الشعب الفلسطيني في دولة قابلة للحياة وليس كانتونات، سيكون انتصارا للفاشية المسيحانية اليهودية وهدية للقومية المتطرفة المسيحانية العربية.

واذا عدنا الى استسلام المانيا واليابان، يجب علينا أن نذكر بأن الاشارة الى الحرب العالمية الثانية أعطيت من خلال اتفاق اعطى فيه رئيس حكومة بريطانيا، تشمبرلين، مباركته لضم منطقة السوديتن لاند لالمانيا. في حينه ايضا، ممثلو الضحية، حكومة تشيكوسلوفاكيا، لم تتم دعوتهم الى الحفل.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى