ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عكيفا الدار – ازاحة نتنياهو: أمر ضروري لكنه لا يكفي

هآرتس – بقلم  عكيفا الدار – 19/5/2021

” من اجل احداث التغيير ونحن على شفا الجرف يجب معالجة نتنياهو وكأنه لا يوجد نزاع ومعالجة النزاع وكأنه لا يوجد نتنياهو “.

وزير الدفاع ورئيس الاركان السابق، موشيه يعلون، قال إن “التصعيد الامني يخدم نتنياهو وحماس، لاسباب سياسية داخلية”. وبناء على ذلك دعا الليكودي السابق رؤساء “ائتلاف التغيير” الى الاسراع في تشكيل حكومة جديدة. رئيس اسرائيل بيتنا، افيغدور ليبرمان، الذي جلس هو ايضا في نفس المكتب المهم في الكرياه اضاف بأنه “هناك جهتان لهما مصلحة في هذه العملية: نتنياهو، الذي يعمل على افشال حكومة التغيير، وحماس”. وحسب قوله، “طالما التفويض يوجد لدى لبيد فان نتنياهو سيحاول اطالة العملية”. 

عند فحص النتيجة السياسية فانهما على حق. الرابح الاكبر من الانتفاضة الثالثة هو المتهم رقم واحد، بنيامين نتنياهو. نفتاليبينيت انسحب من ائتلاف التغيير ويئير لبيد ابتعد عن رئاسة الحكومة. ولكن بمجهر يصعب علينا ايجاد فرق حقيقي بين مقاربة رجلي الامن المذكورين أعلاه لجذور النزاع وطرق علاجه باستثناء قوة الذراع. لشديد الكارثة، معظم زملائهم في ائتلاف التغيير لا يقترحون أي تغيير في المقاربة. 

عملية “حارس الاسوار” هي فصل عسكري بنكهة سياسية حادة، لكنها ليست اكثر من فصل في نزاع يتدحرج بدون نهاية، نزاع يخدم حكومات اسرائيل على مر اجيالها. في كتابهما المنير بعنوان “المنطقة المريحة لمجتمع في حالة نزاع”، الذي فيه قاما بتحليل العمليات النفسية والاجتماعية في المجتمع اليهودي في اسرائيل، يدعي البروفيسور دانييل بار – طال والبروفيسور عميرام رفيف بأن النزاع قد تحول الى حاجة وجودية للقيادة. وحسب قولهما فان نزاعات عنيفة ومستمرة مثل النزاع بين اليهود والعرب في اسرائيل، هي ارض خصبة لنزع الشرعية ونزع الانسانية عن العدو.

هما يذكران بأن رئيس الحكومة الاول، دافيد بن غوريون، قال في بداية الخمسينيات بأنه “يجب الحكم على العرب في اسرائيل حسب ما يمكن أن يفعلوه، وليس حسب ما فعلوا”. بهذا، هو صاغ الموقف الاساسي للدولة تجاه الاقلية العربية، وبعد ذلك تجاه الشعب الفلسطيني. مناحيم بيغن امتنع عن ذكر الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات باسمه، وسماه باحتقار “الرجل الذي يوجد شعر على وجهه”. وعشية ذهابه الى مؤتمر السلام في مدريد في 1991 اعلن اسحق شمير بأن “البحر هو نفس البحر والعرب هم نفس العرب”. المقولة اللامعة لمحب السلام المعروف، اهود باراك، “اسرائيل هي فيلا في غابة”، هي طفرة من نفس التشخيص الشيطاني والشامل. 

عالما النفس يؤكدان على أن اللقاء المبكر بين يهود، بالاساس من اصل اوروبي، وبين عرب من مواليد البلاد الذين عاشوا فيها، قدم شروط سهلة من اجل خلق صور نمطية سلبية مثل البدائية وعدم الثقافة والوحشية. وكلما تعمق النزاع واصبح اكثر عنفا، هكذا بدأ “العرب” ليكونوا ممثلين كمتعطشين للدماء وخارقين للقانون ورعاع وخونة ومتوحشين. لقد تم عرضهم كمن بادروا الى جميع النشاطات العنيفة ضد اليهود منذ بداية النزاع، التي هدفها الحصري كان قتل اليهود. المؤسسة السياسية والاعلامية سعت بشكل خاص الى التشهير بـ م.ت.ف. وقد سمتها “منظمة قتل ارهابية”، وحتى قارنت الفلسطينيين بالنازيين. ولأن م.ت.ف تمثل الطموحات السياسية لمعظم الفلسطينيين فقد كان في ذلك نزع الشرعية عن الشعب الفلسطيني كله. 

النزاع تم استغلاله على مدى السنين من اجل تطوير رواية متحيزة وحتى كاذبة، التي تقول بأن اليهود على استعداد لانهاء النزاع على الفور بالطرق السلمية. ولكن للاسف، هم يواجهون مرة تلو الاخرى بعدو متوحش يصمم على تدميرهم ويرفض أي حل للمصالحة. رئيسة الحكومة غولدامئير احسنت التعبير عن هذه الرؤية عندما قالت أحد الجمل الاكثر اقتباسا: “نحن على استعداد لأن نسامح العرب على قتل أطفالنا، لكننا غير مستعدين لمسامحتهم على اجبارنا على قتل اطفالهم. سيكون لنا سلام مع العرب فقط عندما يحبون أولادهم أكثر مما يكرهوننا”.

وقد قال الباحثان بأن المجتمع اليهودي في اسرائيل، مثل مجتمعات اخرى وجدت نفسها في صراعات مع شعوب اخرى، يرفض مواجهة المظالم التي تهدد بتقويض الهوية الشخصية والجماعية. هكذا الاتراك فيما يتعلق بمذبحة الارمن والامريكيين بالنسبة لفيتنام والفرنسيين بالنسبة لما فعلوه في الجزائر والروس بخصوص ما فعلوه في الشيشان. هكذا ايضا معظم العرب لا يواجهون المظالم ضد اليهود.

من اجل تحديد منطقة الراحة والدفاع عن الجمهور من اقتحام مخربين للرواية المحببة عليهم، يقومون بفرض منع النشر لوثائق في الارشيف، من اجل منع الكشف عن وثائق حساسة يمكن أن تكون تحتوي على معلومات تناقض الرواية التي تدعم النزاع. قبل بضع سنوات تم سن قانون في الكنيست يفرض عقوبة على مؤسسات تعليم تقوم باحياء يوم النكبة. النزاع العنيف يخدم بشكل جيد ايضا السلطة في سعيها الى تقويض شرعية وموثوقية المنتقدين والخصوم السياسيين من الداخل. اسحق رابين عرض المحكمة العليا و”بتسيلم” كجهات تثقل على محاربة الارهاب. ويكفي لقب “يساري” من اجل تقويض مصداقية والثقة بولاء ناشط حقوقي أو مؤرخ يتجرأ على مخالفة الرواية السائدة التي تدعم النزاع. على سبيل المثال، وصف ليبرمان منظمات حقوق الانسان التي تعمل ضد الاحتلال بـ “عملاء للارهاب”، كل هدفهم اضعاف الجيش الاسرائيلي وتصميمه على الدفاع عن مواطني دولة اسرائيل. وحسب استطلاع اجراه المعهد الاسرائيلي للديمقراطية في 2017 فان 60 في المئة من اليهود في اسرائيل يوافقون جدا أو يوافقون على مقولة أن منظمات مثل منظمة “حقوق المواطن” و”بتسيلم” تلحق الضرر بالدولة. 

إن بحث بار – طال ورفيف يظهر أن استخدام النزاع من اجل تشكيل رؤية الواقع وبناء الوعي الشخصي والجماعي يتم عن طريق السيطرة على مؤسسات رسمية وجمعيات خيرية لديها موارد ضخمة. وقد تخصصوا في تضخيم تهديدات حقيقية مثل العمليات الارهابية والمشروع النووي الايراني الى درجة ايصالها الى أبعاد الخطر الوجودي على الشعب اليهودي. اخطار وجودية تبرر المس بحرية التعبير، الرقابة والتمييز ضد ابناء الاقلية المتماهية مع الطرف المهدد. عندما تسقط صواريخ أو عندما يتفجر باص، من الذي يريد أن يسمع عن تنازلات جغرافية أو عن مشكلة اللاجئين؟.

مئات آلاف الاسرائيليين يهربون في هذه الايام من اجل النجاة بحياتهم الى المناطق المحمية كي يجدوا ملاذ من صواريخ العدو من غزة أو من الزعران في الداخل. عند انتهاء اعمال الشغب سيعودون الى النوم في مناطق الراحة، وبعضهم سيعودون الى ساحة المظاهرات في بلفور. ازاحة نتنياهو هي خطوة حيوية، لكنها لا تكفي. ولاحداث تغيير على شفا الجرف يجب التعامل مع نتنياهو وكأنه لا يوجد نزاع والتعامل مع النزاع وكأنه لا يوجد نتنياهو. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى