ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – عودة النافذة الاستراتيجية

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – 14/2/2020

” في الوقت الذي يحذر فيه رئيس الحكومة من حرب اقليمية قريبة فان رئيس الاركان ينقل رسائل بأن هذه ليست بالضرورة قريبة جدا. لذلك، في خطته متعددة السنوات فان رئيس الاركان يفضل تكريس المزيد من الوقت والاموال لعملية بناء بعيدة المدى، وهذه الخطة يحلق فوقها ثلاث علامات استفهام اساسية وهي الاموال ونوعية الجنود ومستقبل سلاح البر “.

بصورة مفاجئة تقريبا اعلن الجيش الاسرائيلي في هذا الاسبوع عن عودة نافذة الفرص الاستراتيجية. قبل نحو خمس سنوات أدت تطورات اقليمية مهمة – الاتفاق النووي سيء الصيت مع ايران والهزة في العالم العربي – الى الافتراض بأن حرب شاملة لا تلوح في الأفق. ولهذا السبب اقترح في حينه الجيش الاسرائيلي تحويل مبالغ كبيرة من الاستعداد للهجوم المحتمل على ايران الى ضرورة تطوير القدرات العملياتية البرية.

وهذا ما حدث بدعم الحكومة. في اطار الخطة متعددة السنوات “جدعون” تحت قيادة رئيس الاركان السابق غادي آيزنكوت، الآن يريد وريثه افيفكوخافي اطلاق الخطة متعددة السنوات القادمة “زخم”، التي هي ايضا تعتمد على تخصيص مبالغ كبيرة لتطوير قدرات متنوعة اضافية.

واذا تم تطبيق هذه الخطة فهذا سيكون التغيير الاساسي بالنسبة للوضع في الاشهر الاخيرة، منذ أن تم جر هيئة الاركان رغم أنفها لتستخدم كجوقة مرافقة في التخويفات من الحرب لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. في الوقت الذي فيه الايرانيون يقفون على الأسوار في سوريا وصواريخ بعيدة المدى يتم نصبها في اليمن وفي الخلفية يعتمل الخوف من استئناف المشروع النووي العسكري، نتنياهو خلق الانطباع بأن تدهور سريع سيؤدي الى حرب اقليمية تعتبر سيناريو معقول. هذا السيناريو يلزم بشكل طبيعي الانضمام السريع لازرق ابيض الى الائتلاف بشروطه ورئاسته.

ولكن الرسالة التي تصل الآن من هيئة الاركان العامة هي اكثر تعقيدا وربما اكثر دقة، وهي أن ايران تقع تحت ضغط اقتصادي كبير وهي لا تزال تسارع نحو الذرة؛ خطر حرب تقليدية مع الجيوش في احدى الدول المجاورة ليس مرتفعا، الجيش السوري فقط بدأ في الانتعاش؛ الاردن ومصر لهما اتفاقات سلام مع اسرائيل وحتى ثورات ضد الانظمة فيها لن تؤدي على الفور الى مواجهة عسكرية. الخطر الرئيسي يتعلق بتدهور غير متعمد في قطاع غزة أو على الحدود الشمالية الذي يمكن أن يؤدي الى اندلاع حرب. ولكن هذا التطور يوجد على الاجندة منذ بضع سنوات.

هذه الظروف تمكن الجيش الاسرائيلي، حسب رأي كوخافي، من تكريس المزيد من الوقت والاموال لعملية بناء طويلة المدى. وهو يميل الى أخذ الاخطار من اجل أن يمنح الجيش زخم في السباق امام العدو، ووضعه في وضع افضل، ازاء القدرات التي يطورها بالتدريج الاعداء وعلى رأسهم “قوة القدس” وحزب الله وحماس. في الجانب الثاني يقف ما يسميه رئيس الاركان “جيوش الارهاب”-  منظمات متناثرة، تمتلك مخازن سلاح وصواريخ بكميات أكبر مما تمتلكه دول المنطقة. هذه التنظيمات تستخدم انظمة دفاع في المناطق الحضرية التي يصعب التعامل معها وتبلور في المقابل ايضا قدرات لاقتحام هجومي، بالاساس بواسطة قوات كوماندو. والى جانب تهديد الصواريخ للجبهة الداخلية فان تفوق اسرائيل التقليدي سيتم تحديه بخطوات مضادة: في الجو (صواريخ مضادة للطائرات)، في السايبر وبواسطة الحرب الالكترونية.

في مركز الخطة متعددة السنوات يوجد، حسب رأي كوخافي، استعداد لحرب فجائية، الى جانب الحاجة الى التغير استعدادا لحرب مستقبلية. لا يوجد تناقض بينهما. جيش الدفاع الاسرائيلي بدأ بخطوات لتحسين القدرة على كشف انظمة العدو (التي في معظمها توجد داخل التجمعات السكانية المكتظة)، وتحليل سريع للمعلومات وضرب فعال واسرع لعدد كبير من الاهداف. جزء كبير من الخطة يستند الى تحقيق هذه القدرات التي توجد الآن في الاساس في القيادات في الخلف، وايصالها الى مستوى الشارع، أي الى الوحدة الفرعية الاصغر التي تحارب داخل شارع معين، في مدينة أو مخيم للاجئين. هذا يرتبط برفع الحواجز بصورة تكون فيها جميع الادوات المختلفة وجميع الوحدات مرتبطة في النهاية معا من خلال شبكة اتصالات مشتركة.

الجندي الموجود في الدبابة سينتظر

كوخافي هو من كبار هواة التفكيك والتركيب. هكذا تعامل مع مناصبه الكبيرة ومنها رئيس الاستخبارات العسكرية وقائد المنطقة الشمالية. وهكذا هو يفعل الآن بصورة اكثر شدة مع الخطة متعددة السنوات. ورئيس الاركان هو رجل تسويق لا ينقطع، ويستثمر جهود كبيرة في الترويج لخطته. القيادة العليا، كما يبدو، تقف حول الخطة متعددة السنوات. المعروضات بلا شك تبدو ممتازة. ومع ذلك الخطة تثير الشك. في لقاء استمر خمس ساعات مع مراسلين في هذا الاسبوع لم تذكر وحدات الاحتياط ولو مرة واحدة حتى. وقرار تقليص عدد الدبابات مرة اخرى، سيقض مضاجع جنود مدرعات قدامى بالتأكيد.

فوق هذه الخطة تحلق ثلاث علامات استفهام رئيسية. الاولى اقتصادية: وزارة المالية تتحدث عن الحاجة الى تقليص 20 مليار شيكل من ميزانية الدولة لتغطية العجز في هذه السنة، و30 مليار شيكل في السنة القادمة. وهذا لا يتساوق مع وعود رئيس الحكومة للاهتمام باحتياجات الجيش. فالجيش يمكنه حقا الاعتماد على 3.8 مليار دولار في السنة من اموال المساعدات الامريكية الى جانب اضافة خاصة تبلغ 2 مليار شيكل تمت المصادقة له عليها هذه السنة، اضافة الى موارد من اعادة توزيعات داخلية في الميزانية. ولكن كل ذلك غير كاف من اجل احداث ثورة حقيقية، مثلما يخطط رئيس الاركان. هذه الامور مرتبطة بالمزيد من الاموال التي ستتأخر في الوقت الحالي على الاقل الى حين أن يتضح الوضع السياسي.

العلامة الثانية هي العنصر البشري. الخطة متعددة السنوات والمليئة بالتكنولوجيا المتطورة، لذلك هي ترتبط بجنود وضباط يكونون مدربين وأذكياء بما فيه الكفاية من اجل تشغيل الوسائل الجديدة. هنا توجد للجيش مشكلة طويلة المدى، الآخذة في التفاقم، وتتعلق سواء بالدافعية للخدمة أو بالرغبة في التوقيع على الخدمة الدائمة. بدون وجود عدد كاف من الجنود ذوي المؤهلات المناسبة فان هذه الامور لن تتحرك بالوتيرة التي يطمح اليها رئيس الاركان.

علامة الاستفهام الثالثة ترافق رئيس الاركان من عقدين. البرامج المختلفة تعد في كل مرة باعادة سلاح البر الى مكانته ووضع الهجوم البري الكبير في مكان متقدم في سلم الاولويات. هذه الامور يمكن أن تحدث من تلقاء نفسها – ازاء اطلاق اكثر من ألف صاروخ على الجبهة الداخلية في كل يوم من ايام الحرب، ولن يكون للحكومة ببساطة أي خيار عدا عن المصادقة على عملية برية واسعة. ولكن في جميع العمليات الاخيرة (حرب لبنان الثانية في 2006، والحروب الثلاثة الاخيرة في غزة)، فان التهديد البري كان اكثر تواضعا، والحكومات ترددت. وفي نهاية المطاف اختارت الامتناع عن القيام بعمليات كبيرة خوفا من خسائر كثيرة وانتقادات من قبل الجمهور. ربما أن الجيش عمل على شحذ الادوات في حال أن السياسيين ببساطة لم يسمحوا باخراجه من الغمد.

هذه ليست اوقات مريحة لكوخافي. فمن جهة يستمر عدم الوضوح في الميزانية حول الخطة متعددة السنوات. ومن جهة اخرى هناك حاجة الى الضغط على الكوابح ازاء مغامرات عسكرية محتملة سيجر اليها المستوى السياسي (نحن ما زلنا نذكر ليلة الصواريخ على اسدود قبل الانتخابات الاخيرة في شهر ايلول). ومن جهة ثالثة يلوح الخطر بأن نتنياهو بشكل خاص سيعود وسيحاول تكريس الجيش لاغراض حملته الانتخابية.

في الخلفية يتطور قلق آخر. الجيش وجد نفسه في سلسلة من القضايا التي تهز مصداقيته في نظر الجمهور. هذا حدث حول غرق الطائرات في قاعدة سلاح الجو حتسور (الذي اخفي عن الجمهور ثلاثة ايام)، وقضية تضخيم معطيات تجنيد الاصوليين، وحول موضوع أقل اهمية بكثير ثارت فضيحة بسبب الاحتفالات بتجنيد المغنية نوعا كيرل، التي كشفت وجود “مسار ابداعي” يمنح مجندين مشهورين اعفاءات مرفوضة. ايضا هذه القضية الصغيرة لم ترق لرئيس الاركان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى