ترجمات عبرية

هآرتس– بقلم عاموس هرئيل – صفقة الـاف35: نتنياهو يخفي مرة أخرى ، قراراً مصيرياً عن جهاز الأمن والجمهور

هآرتس– بقلم  عاموس هرئيل25 /10/2020

مقابل الاختراقة السياسية، ثبت مرة أخرى أن رئيس الوزراء أخفى قراراً أمنياً هاماً عن رئيس الحكومة وعن جهاز الدفاع. ربما أن التقارب مع دول الخليج يبرر الموافقة الاسرائيلية على بيع ال اف 35 ولكن يثور السؤال فيما إذا لم يتم القيام بسابقة خطيرة هنا“.

هذا يبدو مناسباً كتشبيه مناسب لوضع بنيامين نتنياهو، في السنة الثانية عشرة على التوالي من حكمه، فإن البيان عن اتفاق التطبيع مع السودان -الدولة العربية الثالثة في أقل من شهر- استُقبل تقريباً بلا مبالاة بالنسبة للجمهور. لم يخرج أحد للاحتفال في الشوارع. علاوة على ذلك: جزء كبير من الانشغال الإعلامي بهذا الإنجاز  السياسي شوش عليه بسبب تورط نموذجي آخر لرئيس الحكومة مع الحقيقة.

ادعاء نتنياهو في نهاية آب وكأن الاتفاقات مع اتحاد الامارات والبحرين لم تؤدِ إلى بيع طائرات ال اف 35 الامريكية للامارات اتضح في نهاية الأسبوع أنه كان تضليلاً مطلقاً. لم يكن هذا الأمر بمثابة مفاجأة للمواطنين الذين اهتموا بالقضية  باستثناء حفنة بيبية واصلت الدفاع عنه بإخلاص حتى في أيامه الأخيرة.

البيان عن اختراقة مع السودان، والذي نُشر يوم الجمعة بعد الظهر، تساوق مع اعتراف إسرائيلي بفشل الجهود التي ضاعت أصلاً، من أجل إعاقة أو تقييد صفقة الطائرات بين الولايات المتحدة والإمارات. مع عودة وزير الدفاع بيني جانتس من زيارة خاصة لواشنطن، أصدر مكتبا نتنياهو وجانتس صيغة مشتركة ونادرة لوسائل الإعلام. قيل فيها ان جانتس اتفق مع نظيره الأمريكي وزير الدفاع مارك اسبر على “برنامج شراء طويل المدى يوفر أنظمةسلاح متطورة لإسرائيل.” علاوة على ذلك، ذُكر بصورة ضبابية الى حد ما أنه “في إطار الزيارة أبلغ رجال الإدارة الامريكية وزير الدفاع أن الإدارة تنوي الإعلان قريباً عن نيتها في تزويد أنظمة سلاح محددة للإمارات”. نتنياهو وجانتس اتفقا على أنه على ضوء تحسين قدرات الجيش الإسرائيلي من قبل الأمريكيين، فإن إسرائيل لن تعارض بيع “الأنظمة المحددة” للإمارات.

غريب ومثير للاهتمام. عندما يحقق نتنياهو اختراقة تاريخية مع الإمارات يعلن عن ذلك للجمهور دون أن يكلف نفسه قبل ذلك اشراك جانتس، وحتى أنه يهتم بأن يوضح بانه لم يكن يثق به وبوزير الخارجية جابي اشكنازي بألا يسربا وجود هذه الاتصالات. أما عندما تتراجع إسرائيل أمام الضغط الأمريكي فجأه نجد أن القرار مشترك، وأن المسؤولية عنه يتم تقاسمها بصورة متساوية.

الصيغة المشتركة للبيان مرت بتغييرات في المسودات ما بين رجال نتنياهو وجانتس وترامب. بيد أنه بعد وقت قصير من نشر البيان أصدر مكتب رئيس الحكومة بيان آخر خاص به للمراسلين السياسيين دون أدنى تنسيق مع جانتس. في البيان الثاني ورد بأن “التفاهمات الجديدة لم تكن جزءاً من اتفاق السلام مع اتحاد الامارات، والنقاش فيها بدأ فقط قبل شهر لدى زيارة وزير الدفاع لواشنطن، بعد التوقيع على اتفاق السلام، وانتهى فقط أمس”. بكلمات أخرى: نتنياهو فوجئ. وفقط سمع من جانتس عن بيع الطائرات.

لدى جانتس فهموا متأخراً، بان هنالك حدود للتراخي أمام رئيس الحكومة. بعد مرور حوالي ساعة، وقبل لحظة من نشرة السادسة في التلفزيون، نشر مكتبه الرواية التي لم تطالها يد الرقابة عن الأحداث: بعد توقيع الاتفاق مع الإمارات، اتضح لجانتس أنه بصورة موازية تجري مفاوضات لبيع سلاح متطور لها، الأمر الذي كان معروفاً “للجهات الإسرائيلية” (أي لنتنياهو ورجاله) ولكنه “أخفي عن جهاز الامن” (أي عن جانتس ورئيس الأركان أفيف كوخافي).

الصفقة الآخذة في التبلور ما بين الولايات المتحدة والامارات تشمل إلى جانب ال اف 35، أيضاً طائرات ف 18 وتسليح متطور من أنواع أخرى. ما هو التعويض الذي حصلت عليه إسرائيل من الأمريكان؟ جانتس وآسبر وقعا على اتفاق والذي لم ينشر مضمونه ، ولكن حسب رأي رئيس جهاز الأمن سيكون له أفضليات استراتيجية ومهنية بعيدة المدى. لقد سبق الاتفاق مفاوضات مكثفة بين وزارة الدفاع والبنتاجون والتي في إطارها مكثت شخصيات كبيرة في وزارة الدفاع طوال الشهر الماضي. الأمريكان كرروا التزامهم العميق بأمن إسرائيل وأنهم مستعدون لترجمة ذلك بتوفير قدرات متقدمة لإسرائيل لم تحصل عليها في الماضي، وبأجندات جديدة لتوفير أنظمة سلاح وتمديد جدول الدفع بحيث يكون أكثر راحة. كل هذه ضرورية لإسرائيل وخاصة في ذروة ازمة اقتصادية شديدة،

ربما بالتأكيد أن تقارباً علنياً مع الامارات والبحرين يفوق في أهميته طائرات ال اف 35 التي ستزود بها الإمارات ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو فيما إذا لم يتم وضع سابقة خطيرة هنا، من شأنها أن تمهد الطريق لبيع طائرات مماثلة لدول مثل السعودية وقطر ومصر في حال إعادة انتخاب ترامب.

الجنرال (احتياط) عاموس يادلين رئيس معهد أبحاث الأمن القومي، أحسن في إجمال القضية حين وضعها في صياغة أشد من المعتاد بالنسبة له في تغريدة على تويتر/ حين قال: “الاتفاق مهم وتاريخي”. هذه صفقة ثلاثية- تطبيع، إلغاء الضم رغم نفي رئيس الحكومة، سلاح نوعي ومتطور للإمارات”. المسألة الخطيرة هنا ليست السلاح لدولة بعيدة ومعتدلة موجودة في معسكرنا أمام إيران- بل، وكنمط متكرر، إنكارات  كاذبة من جانب رئيس الحكومة، بعد أن أخفى ثانيةً قراراً أمنياً هاماً عن الوزراء الكبار وعن جهاز الأمن” كتب يادلين.

النمط المتكرر الذي يقصده يادلين يتعلق بصفقة الغواصات، والذي يدير نتنياهو معركة صد حثيثة ضد بدء إعادة التحقيق بشأنها. في تلك القضية، نتنياهو أعطى موافقة سرية واستثنائية لألمانيا ببيع غواصات متطورة لمصر، وأخفى ذلك عن كبار رجالات الدولة من بينهم الرئيس ووزير الدفاع، وكذب وضللهم بصورة متعمدة وضلل الجمهور.

عطشى لتأييد من الداخل

البيان بشأن الاتفاق مع السودان، نشر بالمصادفة بعد 8 سنوات بالضبط من قصف مصنع ذخيرة كبيرة في الخرطوم، في 23 أكتوبر 2012، في وسائل الإعلام الأجنير عزو الهجوم الجوي لإسرائيل، والتي لم تأخذ المسؤولية عنهم في يوم من الأيام. لقد دمر في ذلك الهجوم مصنع بنته إيران كجزء من برنامجها لتهريب وإنتاج سلاح في ارجاء الشرق الأوسط. منذ ذلك الحين تدفقت مياه كثير في النيل. في السنوات الأخيرة استكملت القيادة السودانية عملية تخلت فيها عن المعسكر المؤيد لإيران، وبالمقابل قلصت علاقاتها مع حركة الإخوان المسلمين. السودان انتقلت منذ ذلك الحين إلى مجال التأثير السعودي والإماراتي. في هذا الإطار أرسلت السودان أولية من المجندين الشباب ليحاربو في حرب السعوديين في اليمن. في نفس الوقت السودانيين بذلوا جهوداً كبيرة لتحسين علاقاتهم مع الولايات المتحدة. لهذا فإن الأهم من الاتفاق مع اسرائيل هو تعزيز العلاقات مع واشنطن الذي يجري بصورة موازية.

على هامش الأمور، تم تسجيل مكالمة تلفونية محرجة بين ترامب ونتنياهو، والتي فيها يتوسل الرئيس الأمريكي أمام رئيس الحكومة للاعتراف بأن، بايدن ، عدو ترامب في الانتخاباتلم يكن لينجح أبداً في التوصل إلى اتفاقمشابه. نتياهو بحكمة، تملص وأجاب بأنه “نحن نقدر المساعدة في التوصل إلى سلام من كل واحد في أمريكا، ونحن نقدر ما فعلته”. لقد ظهر الإحباط جيداً على وجه ترامب، حيث أن المكالمة صورت من جانبه. في المصدر، كانوا يأملون في البيت الأبيض في الوصول إلى سلسلة من خمس اتفاقات تطبيع بين إسرائيل ودول عربية واسرائيلية حتى الانتخابات السياسية، على الاجندة تقف الاتصالات مع دول أخرى، والدول المهمة من بينها هي السعودية وقطر. السعوديون مترددين على خلفية قرب موعد الانتخابات وكما يبدو أيضاً بسبب خلاف داخلي في العائلة المالكة. بالنسبة لقطر ستكون تلك خطة دراماتيكية والتي هنالك داعم لدراسة هل ستكون مرتبطة بمصالحة لوساطة أمريكية بينها وبين جاراتها المعادية لها في الخليج. في وسائيل الإعلام السعودية طُرحت في الأيام الأخيرة فرضية أخرى بعيدة المدى بشكل خاص والتي تقول بانه من المتوقع أن تقوم إدارة ترامب بالعمل على استئناف المفاوضات السياسية بين إسرائيل وسوريا.

ثمة أهمية استراتيجية كبيرة للمنطقة لكل هذه الخطوات. مما يثير استياء ترامب ونتنياهو أنه من الصعب ترجمة ذلك لتأييد سياسي في الداخل وهو أمر ملح بشكل خاص للرئيس الأمريكي. السياسة الخارجية لا تقف على رأس اعتبارات التاخب الأمريكي. والحقيقة هي أن المراقب الإسرائيلي أيضاً يصعب إثارة حماسه الآن في حين أن تقارير تلفزيونية طويلة عن الإمكانية الكامنة السياحية في الخليج، في الوقت الذي فيه الأطفال عالقين في البيت بسبب أزمة الكورونا ومستقبل كسب الرزق غير الواضح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى