ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – رشقات حماس هي دليل على نجاح صناعة الصواريخ في غزة

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – 26/5/2021

حجم الاطلاق من القطاع هو انجاز بالنسبة لحماس التي قامت بتطوير مصانع لانتاج الصواريخ التي تعتمد على مواد ثنائية الاستخدام مثل الملح والانابيب المخصصة لفرع البناء. وقد نجحت حماس في انتاج صواريخ بعيدة المدى مثل الصاروخ الذي سقط في العربة وعملت على تطوير مستوى دقة الصواريخ “.

خلال جولة القتال الاخيرة في غزة سجلت حماس انجاز عملياتي هام، الحجم الكبير لاطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على الاراضي الاسرائيلية. محاولة حماس للمهاجمة عن طريق الانفاق فشلت. وهكذا ايضا جهودها لاستلال اوراق مفاجئة، على شاكلة مهاجمة بواسطة طائرات مسيرة أو غواصات صغيرة مسيرة، التي تم احباطها من قبل الجيش الاسرائيلي والشباك. ولكن في مجال الاطلاق حاد المسار هناك تطور ملحوظ. على الرغم من أن الاطلاق تسبب بخسائر صغيرة نسبيا لاسرائيل إلا أنه يبدو أنه غير بدرجة معينة ميزان القوة بين الطرفين. هذا الانجاز يحظى بتقدير غير قليل من جانب الاشخاص المهنيين في اسرائيل. وقد نجحت حماس، وبدرجة معينة الجهاد الاسلامي، في تطوير صناعة عسكرية محلية مستقلة في القطاع تسمى في جهاز الامن “صنع في فلسطين”. هذا حدث بالضبط في السنوات التي فيها مصر، بحث من اسرائيل، اغلقت تقريبا بشكل كامل الحدود مع القطاع وخفضت الى الحد الادنى نطاق تهريب السلاح.

“صنع في فلسطين”

خلافا للصورة السائدة في اسرائيل فان الحديث لا يدور عن وسائل بدائية، بل عن برنامج انتاج منظم للسلاح، جزء منه يتم انتاجه في خطوط انتاج صناعية. “هؤلاء اعداء جديون جدا في غزة”، قال آدم، الذي يعمل في هذا المجال منذ سنوات. “هذا ليس عدو يمكن الاستخفاف به. هم لا يقلون في جديتهم عمن يطورون السلاح في ايران وفي حزب الله ويعملون في ظروف اصعب بكثير”.

خلال الـ 11 يوم من ايام القتال اطلق نحو اسرائيل، حسب معطيات المتحدث بلسان الجيش، 4360 صاروخ. وهو لا يفرق في معطياته بين الصواريخ وبين قذائف الهاون. نحو 3400 صاروخ (78 في المئة) سقط في الاراضي الاسرائيلية، ونحو 680 صاروخ انفجر أو سقط في اراضي القطاع (15.5 في المئة) ونحو 6.5 في المئة سقطت في البحر. حوالي 200 صاروخ اطلق الى مدى متوسط وبعيد. وحوالي 120 صاروخ اطلق على غوش دان.

الباقي اطلق نحو القدس ومناطق اخرى منها العربة، التي اطلق نحوها صاروخ بمدى 250 كم، وهو المدى الاقصى حتى الآن. بسبب الاطلاق قتل 13 مواطن اسرائيلي واجنبي واكثر من 350 شخص اصيبوا. جندي واحد قتل بسبب اطلاق صاروخ مضاد للدبابات على حدود القطاع. للمقارنة، في عملية الجرف الصامد في 2014 في الخمسين يوم من القتال تم اطلاق 4600 صاروخ وقذيفة هاون. حماس اطلقت في هذه المرة تقريبا 400 صاروخ في اليوم بالمتوسط، 4.5 ضعف ما كان في الجرف الصامد.

قبل العملية الاخيرة قدر جهاز الامن بأنه يوجد في حوزة حماس والتنظيمات الفلسطينية الاخرى في القطاع تقريبا 15 ألف صاروخ، اكثر من 1000 منها بمدى متوسط، أكثر من 50 كم. وعلى فرض أن 1000 صاروخ تم تدميرها في هجمات الجيش الاسرائيلي فقد بقي لحماس نحو 60 في المئة من ترسانتها الاصلية، ومن بينها مئات الصواريخ التي يمكنها اصابة مركز البلاد. نطاقات الاطلاق على المركز لم تبتعد عن تقديرات الاستخبارات والشباك، ولكن يبدو أنها فاجأت وسائل الاعلام والجمهور. في عملية الجرف الصامد في 2014 وعملية عمود السحاب في 2012 اطلقت فقط صواريخ قليلة نحو المركز.

حماس نجحت عدة مرات ايضا في انتاج عروض هادفة، اطلاق اكثر من 100 صاروخ في اقل من نصف ساعة على عسقلان ورشقات عشرات الصواريخ على غوش دان. وقد كان لهذه العروض هدف آخر اضافة الى فرض الذعر والخوف. الفلسطينيون قدروا أن اغراق بطاريات القبة الحديدية بأهداف كثيرة سيصعب عليها اعتراضها جميعا وسيمكن عدد من الصواريخ من اختراق نظام الدفاع. احيانا نجح ذلك. في عسقلان قتل في رشقات كهذه امرأتان. ومع ذلك، القبة الحديدية يتم وصفها كنجاح عملياتي كبير حتى في هذه الجولة. نحو 90 في المئة من الصواريخ التي تم اطلاقها على مناطق مأهولة تم اعتراضها من قبلها، وبذلك تم انقاذ حياة عشرات المواطنين الاسرائيليين.

سلاح كاسر التوازن

صناعة السلاح المحلية في القطاع ولدت في بداية سنوات الالفين عند اندلاع الانتفاضة الثانية. في العام 2001 تم اطلاق صاروخ “القسام” الاول من انتاج محلي، الذي سقط في سدروت. من تحت حدود شبه جزيرة سيناء والقطاع ازدهر في حينه التهريب عبر الانفاق. بعد عملية الانفصال في 2005، مشروع سلاح حماس تطور، حيث استند على نظام التهريب المتشعب الذي انشأته ايران. في اطاره تم تهريب صواريخ تقنية الى غزة، منها صاروخ فجر بمدى 75 كم، في مسار متشعب مر عبر السودان، مصر وسيناء. في العام 2012 في الطلعة الاولى في عملية عمود السحاب دمر سلاح الجو معظم صواريخ “فجر” في القطاع.

بعد سنة على ذلك، في صيف 2013، تم اغلاق قناة التهريب بشكل كامل. الانقلاب العسكري لعبد الفتاح السيسي اصعد الى السلطة في القاهرة نظام فضل التعاون الامني مع اسرائيل على مساعدة حماس، المتماهية مع حركة الاخوان المسلمين. وكبديل اضطروا في القطاع الى تعزيز الانتاج المحلي. الحاجة هي أم الاختراع. في العملية الاخيرة، الاغلبية الساحقة من الصواريخ التي اطلقت على اسرائيل كانت من انتاج محلي. وفقط عدد قليل كان يتكون من وسائل قتالية تقنية تم تهريبها الى غزة في السابق، بالاساس قذائف الهاون وصواريخ بمدى قصير، بقطر 107 ملم.

حماس لاحظت الامكانية الكامنة للصواريخ كسلاح أملت في أن يشكل “كاسر التوازن” امام اسرائيل. في جهاز الامن يميزون بين جهدين رئيسيين لحماس. الاول هو “الجهد الكمي من نفس النوع”، انتاج المزيد من الصواريخ، عدد منها بمدى اطول بقليل أو أكثر فتكا بقليل. في القطاع يوجد ما يكفي من المعرفة التكنولوجية من اجل ذلك، وانتاج هذه الصواريخ انتقل الى مستوى صناعي. حماس نفذت عشرات تجارب الاطلاق خلال السنة من اجل فحص تقدم الانتاج.

الجهد الثاني الذي ما زال يوجد في مرحلة التطوير يتعلق بمشروع الدقة. مثل حزب الله، حماس سعت الى تطوير وتركيب وسائل ستحسن من دقة الصواريخ التي توجد بحوزتها. حماس تدرك أنه يوجد للدقة اهمية استراتيجية. بواسطة السلاح الدقيق يمكن ضرب مواقع حاسمة في اسرائيل مثل مطار بن غوريون وقواعد سلاح الجو ومحطات الطاقة والموانيء. في نفس الوقت تم تطوير وسائل قتالية اخرى يمكن توجيهها من بعيد نحو اهدافها بشكل دقيق مثل طائرات بدون طيار، التي تم اسقاط عدد منها من قبل الجيش الاسرائيلي، وغواصات بدون ملاحين، التي تم تفجيرها اثناء القتال.

في اسرائيل كانوا قلقين بشكل خاص من المجال الثاني. لذلك، تم توجيه عدد كبير من الهجمات نحو مواقع وشبكات حواسيب ترتبط بتطوير السلاح الدقيق. ايضا محاولات الاغتيال التي تم فيها تفجير غرف قيادة وعمليات من الجو في داخل الانفاق وجهت ضد رؤساء نظام التطوير في حماس. اكثر من 10 اشخاص مركزيين في هذه المشاريع قتلوا في هذه الهجمات، من بينهم جمال زبدة وجمعة طحلة. الذراع العسكري لحماس بدأ بنشر صور للشهداء في العملية. من يطورون السلاح يسهل تشخيصهم، على الاغلب هم لا يظهرون بالزي الرسمي ويحملون السلاح.

عدد من الاشخاص الذين قادوا تطوير السلاح هم اصحاب تأهيل رسمي، وقد حصلوا على شهادات الدكتوراة في الهندسة التي درسوها في الخارج. زبدة كان حاصل على شهادة الدكتوراة في الطيران من جامعة امريكية. وليس بالصدفة أن خلفيته وخلفية زبدة تذكر بخلفية مهندسين آخرين مرتبطين بحماس، قتلوا في السنوات الاخيرة في عمليات التصفية التي نسبت للموساد في ماليزيا وفي تونس. هؤلاء المهندسون، تم النشر، عملوا في تطوير الطائرات المسيرة والغواصات المسيرة.

اضافة الى المختصين الاكاديميين، تجمعت ايضا مجموعة من اصحاب التجربة العملية. هؤلاء هم اعضاء حماس الذين لم يدرسوا في الجامعات في الخارج، لكنهم يعملون منذ عشرين سنة على تطوير سلاح، تحول بالتدريج الى اكثر تطورا. هذه الروح هي جزء مهم في الـ دي.ان.ايه التنظيمي. مثل هؤلاء كان هناك شخصان في السابق. الاول يحيى عياش الذي اغتالته اسرائيل في العام 1996، وعدنان الغول، أبو مشروع الصواريخ، الذي قتل في ظروف مشابهة في العام 2004.

جزء كبير من المعرفة التكنولوجية تراكم وتطور في القطاع. ايران وحزب الله يساعدان من بعيد، لكن هناك مجالات، بالاساس القدرة على الارتجال على خلفية المواد الخام القليلة الموجودة، التي فيها قام الخبراء من القطاع بتجاوز زملائهم في المحور الايراني. اضافة الى ذلك، حزب الله وحرس الثورة الايراني يعتبرون غزة حقل تجارب كبير. الدروس التي يراكمها الفلسطينيون في محاولة مواجهة الانظمة الدفاعية والهجومية للجيش الاسرائيلي تتم دراستها جيدا في طهران وبيروت.

بسبب الانفصال شبه المطلق عن العالم، السلاح المحلي في غزة يختلف في طبيعته عن وسائل القتال الموازية التي تم تطويرها في ايران وفي الدول الغربية. في الوقت الذي فيه وحدة القياس الدارجة لقطر السلاح تقاس بشكل عام بالسم والملم مثل ذخيرة 5.56 ملم لبندقية ام16، فان قطر الصاروخ من القطاع تقاس بالبوصة. السبب هو أن معظم الصواريخ صنع من انابيب تم تحويلها من مجال البناء، وهناك وحدة القياس هي الانش.

قدرة ارتجال مثيرة

الفلسطينيون يحاولون جعل انتاجهم يظهر كمعياري بقدر الامكان. توجد للصواريخ ارقام متسلسلة. وتم اختيار الوان ايضا وشعار تصميم غرافيكي محدد مع كتابة اسم النموذج على الصاروخ. قدرة غزة على الارتجال تثير الدهشة احيانا في اسرائيل. بالنسبة لمحركات الغواصات استخدمت حماس محركات دراجات بخارية مرت بعملية تحويل.

في عملية انتاج السلاح استخدمت مواد كثيرة، في الاصل كانت مخصصة للاغراض المدنية. مثلا، الملح له دور في انتاج المواد المتفجرة. في اسرائيل يتابعون كمية الملح المستوردة للقطاع من اجل التأكد من أنه لا توجد “قفزات” غير معقولة في الطلبات، التي تدل على استخدامات اخرى. في التقرير الذي نشر في قناة “الجزيرة” في السنة الماضية، رجال حماس تفاخروا بأنهم استخرجوا قذائف من سفينة بريطانية قديمة غرقت امام شواطيء غزة في الحرب العالمية الاولى من اجل استخدام المواد المتفجرة في الصواريخ الجديدة.

نحو 90 في المئة من البضائع للقطاع تمر في المعابر من اسرائيل. جزء من البضائع يتم تحويلها لاغراض عسكرية. في حالات اخرى تم تهريب بضائع اشتريت من شرقي القدس أو الضفة الغربية من اجل استخدامها لاهداف عسكرية واضحة. من اجل التغلب على استخدام الانابيب للصواريخ منعت اسرائيل ادخالها الى القطاع. في فرع البناء العالمي تم الانتقال في السنوات الاخيرة الى استخدام الانابيب البلاستيكية. منسق اعمال الحكومة في المناطق اصدر قبل سنة تقريبا أمر يمنع ادخال الانابيب المعدنية التي يزيد قطرها على 1.5 انش الى القطاع. وفي جهاز الامن يعيدون مجددا تحديد قائمة المواد ثنائية الاستخدام التي يمنع ادخالها الى القطاع في محاولة لتشديد الرقابة بعد العملية.

حتى بعد المس الشديد برؤساء جهاز انتاج الصواريخ، إلا أنه بقي في القطاع ما يكفي من الخبراء والمواد لاستئناف تطوير السلاح قريبا. النهوض سيستغرق وقت، لكن يصعب تصديق أن الفلسطينيين سيتنازلون كليا عن المشروع. الصواريخ، على الاقل في الجولة الحالية، كانت الوسيلة الوحيدة التي لم تخيب آمال الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى