ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل –  حماس اطلقت الصواريخ نحو بئر السبع ، من اجل التحرر من عناق الدب الاسرائيلي

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 17/11/2019

احتفالات النهاية كانت مبكرة جدا، وبالطبع هتافات النصر. العناق العلني الدافيء الذي منحته اسرائيل لحماس بعد امتناعها عن اطلاق الصواريخ خلال يومي التصعيد في قطاع غزة ورغم قتل 34 فلسطيني في هجمات سلاح الجو، ارتد اليها مثل السهم المرتد. حماس التي اتهمت في القطاع في السابق بالتعاون مع اسرائيل، ردت فجر أمس باطلاق صاروخين على بئر السبع.

الصاروخان تم اعتراضهما من قبل القبة الحديدية. سلاح الجو رد على ذلك هاجم القطاع، لكن الاهداف التي تم اختيارها شذت عن المضمون الذي ميز التصعيد في الاسبوع الماضي. اثناء التصعيد الذي بدأ بتصفية قائد الجهاد الاسلامي، بهاء أبو العطا، حرص الجيش على تركيز الهجمات على اهداف للجهاد وامتنع تماما عن التصادم مع حماس. هذه المرة هوجمت مرة اخرى اهداف لحماس، بمرافقة الرسالة المعروفة من اعلانات المتحدث بلسان الجيش خلال السنوات الاخيرة بأن حماس هي المسؤولة عما يجري في قطاع غزة، وهي التي ستتحمل تداعيات الاعمال الارهابية الجارية ضد المواطنين الاسرائيليين.

رد اسرائيل على اطلاق النار على بئر السبع كان منضبط جدا: لم يكن هناك قتلى في الهجوم. عند انضمام جميع قوائم اليمين، باستثناء اسرائيل بيتنا، للحكومة الانتقالية برئاسة بنيامين نتنياهو، لم تسمع احتجاجات على ضعف اسرائيل أمام الارهاب. بعد بضع ساعات على الاطلاق نحو بئر السبع قدروا في جهاز الامن بأن المسؤول عن الاطلاق هي حماس، لكنهم اضافوا تحفظا: يبدو أن الصواريخ اطلقها نشطاء “مارقين” خلافا لموقف قيادة حماس. ربما أن هذا التقدير استند الى تحليل استخباري دقيق. ولكن ما يزال من غير الواضح وجود تطوع اسرائيلي للحديث عن حماس واعتباراتها.

رغم ما كان يمكن التقاطه من تصريحات عدد من اعضاء الكابنت، فان حماس ليست عميلة لاسرائيل. إن تراكم احداث الاسبوع الاخير خلق لقاء مصالح مؤقت بيننا وبين حماس. قتل أبو العطا أزال من الطريق جهة ازعجت الطرفين في جهود التسوية للمدى البعيد، وسفك دماء نشطاء الجهاد لم يزعج حماس الى درجة أن تقرر المشاركة في اطلاق الصواريخ.

ولكن ظروف جديدة خلقت ضغط على حماس من اجل أن تعمل. مصدر كبير في حماس، محمود الزهار، هوجم اثناء تعزية عائلة أبو العطا؛ ثمانية من أبناء عائلة قتلوا في قصف لسلاح الجو في دير البلح؛ وحماس اعلنت بصورة متأخرة أن أحد اعضائها قتل في قصف اسرائيلي آخر. الرد على هذه الاحداث كان الاطلاق نحو بئر السبع، الذي ارسل رسالة تقول إن حماس عادت للمشاركة في المقاومة ضد اسرائيل، سواء جاء هذا الامر بمبادرة ذاتية مارقة أو أنه تم بتوجيه من أعلى. حماس والجهاد الاسلامي اعلنتا عن استمرار تشغيل غرفة العمليات المشتركة للفصائل الفلسطينية في غزة. بكلمات اخرى، جميع الفصائل تشارك في النضال العنيف، لكن حماس هي التي تريد املاء السياسة.

الاسبوع الماضي في القطاع كان مليئا بالتطورات الدراماتيكية: تصفية شخصية كبيرة في الجهاد واطلاق الصواريخ نحو الجنوب ونحو غوش دان والفشل النسبي للجهاد بالحاق اضرار باسرائيل وقرار حماس الامتناع عن اطلاق الصواريخ (وبعد ذلك الاطلاق المتأخر أمس). الآن يبدأ في الوجود ميزان جديد بدون أبو العطا ومع حماس التي تتعرض للانتقاد الشديد في الداخل – اضافة الى ذلك هي تتوقع من اسرائيل تقديم تسهيلات كبيرة في الحصار على القطاع، مقابل ضمان هدوء طويل المدى.

توجد خطوط حمراء اخرى داخلية: صراع قوى بين قيادة حماس والنشطاء الميدانيين، خيبة أمل في اوساط الذراع العسكري للجهاد من القرار، الذي يظهر أنه اتخذ بالاساس في القيادة في دمشق، بوقف اطلاق النار. تقارير وسائل الاعلام في الاسبوع الماضي ركزت على اغتيال النشيط من غزة. وبعد دقائق من ذلك تم في دمشق قصف من الجو لبيت اكرم العجوري، الشخص رقم 2 في الجهاد الاسلامي والذي يعتبر زعيم ذراعه العسكري. الجهاد أعلن بأن إبن العجوري قتل وهو نفسه نجا. وحتى الآن لم يتم نشر صور تدل على وضعه. لقد نشأت هنا فرصة كبيرة للتوتر بين الرئيس الجديد للجهاد، زياد النخالة وبين نشطاء الذراع العسكري في غزة وفي مناطق اخرى. 

لا يجب الاكتفاء بهز الكتف

مقال ينيف كوفوفيتش الذي نشر في “هآرتس” أمس كشف التفاصيل التي تقف من وراء الخطأ القاتل الذي أدى الى قتل ثمانية من أبناء عائلة فلسطينية في دير البلح في فجر يوم الخميس. البيت هو بالفعل نوع من كوخ، كان ضمن “بنك الاهداف” للجيش الاسرائيلي، لكن تفاصيله (ووجود اشخاص فيه) لم تكن محدثة. 

من اجل اعداد اهداف للهجوم توجد سلسلة طويلة من الجهات العسكرية هي المسؤولة عن ذلك، منها قسم الاستخبارات وقسم العمليات في قيادة الاركان وقيادة المنطقة الجنوبية وسلاح الجو. ومن اجل ادخال هدف الى بنك الاهداف مطلوب “تجريمه”: جمع معلومات تشير الى العلاقة بين الموقع المخصص للهجوم وبين منظمة ارهابية أو نشاط ارهابي. بعد ذلك توجد عملية دورية لصلاحية الهدف – فحص محدث للوقائع من اجل التأكد من أن الموقع ما زال حقا يستخدم لنفس النشاط. هذا الامر صحيح، مثلا، بخصوص خطوط انتاج الوسائل القتالية ومخازن السلاح ومكاتب التنظيمات ومنشآت التدريب.

قبل الهجوم يتم القيام بخطوة اضافية يمكن تسميتها “التنظيف”: تركيز وسائل جمع المعلومات حول الهدف من اجل فحص هل هو مأهول وهل من يوجد فيه يشكل هدفا مشروعا للضرب. احيانا عندما يريد الجيش التأكد من أنه لا يوجد مدنيون في المكان أو يختار لاعتباراته الخاصة الامتناع عن قتل نشطاء، يتم اتخاذ نشاطات ردع مختلفة مثل (“اجراء الطرق على السطح”) لاخلاء الموقع من السكان قبل “التدمير الشامل بالقصف”. 

من قراءة الردود الاولية للجيش على الحادثة في دير البلح يثور الشك بأنه في هذه المرة لم يتم القيام بكل الفحوصات المطلوبة. في الكوخ الذي قصف قتل ثمانية من أبناء عائلة واحدة. وفي الصور من ساحة الحادثة تظهر اغراض تدل على مكوث طويل لمدنيين في المكان. هناك تفسيران محتملان لهذه النتيجة القاسية: إما أن يكون أحد ما في سلسلة المشاركين لم يفحص كما يجب الساحة (ثمانية مدنيون يتركون بشكل عام ما يكفي من الأدلة على وجودهم في المكان) وإما أنه في توجيهات الهجوم اثناء القصف الواسع، تم تقليص حجم الفحوصات المسبقة.

هذه مسألة يجب على الجيش، وربما من الافضل أن تتولى جهة خارجية، فحصها بشكل جذري. يوجد لاسرائيل الحق الكامل في الدفاع عن نفسها من اطلاق الصواريخ، لكنه لا يمكنها تجاهل قتل مدنيين اثناء هذه العملية بهز الكتف وتفسيرات على صيغة “عندما يتم قطع الاشجار تتناثر الشظايا”. هذا صحيح ايضا اذا تبين أن الرأي العام لا يزعجه ذلك بشكل خاص وأن معظم وسائل الاعلام في البلاد غير مبالية تماما بنتائج الحادثة.

التصعيد الذي أعقب التصعيد

التصعيد في قطاع غزة ووقف اطلاق النار الهش الذي اعقبه، يحدث على خلفية ازمة سياسية تشتد في اسرائيل. نتائج جولة العنف حتى الاعلان عن وقف اطلاق النار أول أمس، وصفت كانتصار لبنيامين نتنياهو. ولكن الآن يتوقع له مواجهة لا تقل دراماتيكية عن ذلك ازاء الاعلان المتوقع عن تقديم لوائح اتهام ضده، حيث في الخلفية آخذة في الانتهاء الايام المخصصة التي اعطيت لخصمه عضو الكنيست بني غانتس من ازرق ابيض بهدف تشكيل الائتلاف. 

نسبة الهستيريا السياسية ترتفع، ومعها ايضا الاقتباسات التي تأتي من رئيس الحكومة ومحيطه – الموجهة لـ “ابتزاز الملايين” ضد حكومة اقلية بدعم من الاحزاب العربية، وحتى التهديد “باشعال كل شيء” (حسب تقرير في موقع “واي نت” قام مكتب نتنياهو بنفيه) هذه تظهر أيام حساسة، ومن الافضل فيها فتح العيون على اعتبارات السياسيين وافعالهم، حتى في مجال الأمن. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى