ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – تحديات بينيت : التسوية في غزة ومشروع الدقة لحزب الله

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – 15/6/2021

سيكون على الحكومة الجديد أن تواجه اليوم مسيرة الاعلام، لكن يتوقع أن تقف امام مهمات أكبر بكثير. قوة رئيس الحكومة ستكون مرتبطة بعلاقته مع الرئيس الامريكي جو بايدن التي بدأت باحتضان دافيء “.

في ايامها الاولى سيكون على حكومة نفتالي بينيت ويئير لبيد أن تعالج لغمين امنيين وسياسيين ابقتهما في طريقها الحكومة السابقة: مسيرة الاعلام التي يتوقع أن تجري اليوم في اطار مقلص في البلدة القديمة، والبؤرة غير القانونية افيتار جنوب نابلس، التي ستعطى تعليمات للجيش الاسرائيلي كما يبدو باخلائها. ولكن تنتظر رئيس الحكومة بينيت ووزير الخارجية لبيد ووزير الدفاع غانتس في نهاية الطريق تحديات استراتيجية هامة جدا. هذه التحديات تتعلق بجميع الساحات الرئيسية التي تتعامل معها اسرائيل: ايران، الساحة الشمالية (سوريا ولبنان) والساحة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة). وفي جميع الساحات، القوة التي ستظهرها اسرائيل وهامش المناورة الذي سيكون لها، ستكون متعلقة بدرجة كبيرة بعلاقاتها مع الادارة الامريكية.

في الـ 12 سنة المتواصلة لولايته سجل رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، نجاح كبير لرؤيته في القناة الفلسطينية، الى جانب الفشل الكبير، لا يعترف به، في الموضوع الايراني. نتنياهو استغل الى اقصى درجة التطورات حوله، الربيع العربي وبعد ذلك صعود ادارة دونالد ترامب في الولايات المتحدة، من اجل أن ينوم بشكل كامل المفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية.

العمليات العسكرية في قطاع غزة تم جره اليها رغم أنفه، فقط في حالة واحدة، في الجرف الصامد في 2014، اقتربت العملية بأبعادها من الحرب الحقيقية. في الضفة، رغم علاقته المتوترة مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، واصلت السلطة العمل كمقاول أمني من الباطن لاسرائيل وساعدتها على احباط عمليات حماس. الحذر المعروف لنتنياهو في تنفيذ العمليات العسكرية، والى جانب ذلك أداء ناجع للجيش الاسرائيلي والشباك حول ولايته الى فترة أهدأ بكثير من العقد التي سبقها والذي تميز باندلاع الانتفاضة الثانية وحرب لبنان الثانية.

نتنياهو استغل بشكل جيد لصالحه انخفاض اهتمام المجتمع الدولي بما يحدث في المناطق. ففي عهده ازداد المستوطنين في الضفة بنحو 200 ألف مستوطن (معظمهم نتيجة التكاثر الطبيعي، لا سيما في المستوطنات الاصولية). لم تتم اضافة مستوطنات، لكن تقريبا لم يتم اخلاء أي بؤر استيطانية، وفي المقابل تم تبييض عدد من البؤر الاستيطانية القديمة.

خلال الفترة ازداد نفوذ رؤساء المستوطنين في مركز الليكود وفي اروقة الحكومة. وقد ترجم ذلك الى ضخ متواصل لميزانيات ضخمة وتأثير على اتخاذ القرارات. بهذا من المرجح أن لا يكون هناك أي تغيير ايضا في الحكومة الجديدة: بينيت تربى في المهد السياسي لغوش ايمونيم، في الوقت الذي يتماهى فيه افيغدور ليبرمان وجدعون ساعر مع تعزيز الاستيطان. وزراء اليسار في حكومة الوحدة لا توجد لهم احتمالية حقيقية لاجتياز واحباط كل ما سيتم الاتفاق عليه سرا بين المستوطنين ووزراء اليمين والجيش.

نتنياهو لم ينجح في تجسيد طموحاته حول المشروع النووي الايراني. ورغم الثناء الذي اغدقه على نفسه في خطابه في الكنيست أول أمس (المقابلة الوداعية لرئيس الموساد التارك، يوسي كوهين) في برنامج “عوفداه” (الحقيقة) في القناة 12، يصعب التجادل مع الوقائع: ايران قريبة جدا الآن من انتاج القنبلة النووية اكثر مما كانت عليه في 2009، عندما عاد نتنياهو الى الحكم. الرئيس الامريكي السابق ترامب، صحيح أنه استجاب لضغط نتنياهو وانسحب في 2018 من الاتفاق النووي، لكن العقوبات الاقتصادية التي استأنفها الامريكيون والعمليات السرية المنسوبة لاسرائيل لم توقف تقدم المشروع النووي.

على خلفية ذلك، يوجد اساس للادعاء بأنها قد حثت ايران على خرق الاتفاق،. العملية اللامعة للموساد وهي سرقة الارشيف النووي من طهران تركت في الواقع انطباع كبير على ترامب، لكنها لم تؤثر على سير المشروع. ويمكن أن نرى في ذلك مثال كلاسيكي على نقاط ضعف نتنياهو: استعراض البلاغة العدائية غير المدعومة بنتائج عملية.

تجربة قليلة

نقطة الضعف الرئيسية لبينيت تتعلق بتجربته القليلة نسبيا. لا تكفي بضع سنوات من العضوية في الكابنت ونصف سنة في وزارة الدفاع، التي جزء كبير منها تم تبديده على خصومات عبثية بادر اليها نتنياهو، من اجل اعداد شخص بشكل كامل لثقل المسؤولية الذي يكتنف قيادة دولة معقدة مثل اسرائيل.

نتنياهو تعرض للانتقاد على خطابه المسموم في الكنيست، الذي قال فيه إن أعداءنا راضون عن تشكيل الحكومة الجديدة. ولكن من الصعب استبعاد سيناريو يقول إن أحدا من الجيران، باحتمالية عالية الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، سيريد قريبا اختبار الحكومة الجديدة. حقيقة أن هذه الحكومة تتكون من احزاب تختلف فيما بينها ايديولوجيا واعتمدت للمرة الاولى على دعم من الخارج، على حزب عربي، تزيد تعقيد الوضع.

سؤال آخر يرتبط بالعلاقات مع الولايات المتحدة. ادارة ترامب كانت فظيعة بالنسبة للجمهور الامريكي مثلما اثبت ذلك معالجتها لوباء الكورونا التي أدت الى نهايته السياسية. ولكن فيما يتعلق بصورة قوة اسرائيل في المنطقة فقد كان لترامب اسهام حقيقي. ايران وحزب الله حذران من الاحتكاك المباشر من اسرائيل ايضا بسبب أنهما لا يعرفان ما هو الشيك المفتوح الذي وقع عليه ترامب لنتنياهو ضدهما.

العلاقات بين الرئيس الامريكي جو بايدن ونتنياهو، مثلما اعترف الاخير بصورة غير مباشرة في خطابه في الكنيست، كانت باردة جدا. بايدن سارع أول أمس الى احتضان بينيت عندما اتصل معه على الفور بعد أداء الحكومة لليمين، خلافا لادعاءات المعارضة تصعب رؤية الرئيس المجرب وهو يضغط على رئيس الحكومة الفتي للدفع قدما بحلم حل الدولتين. وحتى الآن هذا لا يشبه بأي شكل من الاشكال الدعم المطلق لنتنياهو من قبل ترامب.

المشكلة الاكثر الحاحا والتي توجد على جدول اعمال الحكومة الجديدة هي قطاع غزة. وقف اطلاق النار الذي توصل اليه الوسطاء المصريون نص فقط على أن الهدوء سيكون مقابل الهدوء. وفي هذه الاثناء لم تتم اضافة أي مضمون للتفاهمات. الحكومة السابقة قررت أن تبقي جزء من القيود على معابر الحدود على حالها بهدف الدفع قدما بمعالجة قضية الاسرى والمفقودين الاسرائيليين. وبدون تسوية اوسع فان غزة ستشتعل قريبا.

بينيت سبق وصرح بأنه سيواصل سياسة نتنياهو فيما يتعلق بايران. وعمليا، واشنطن تتقدم نحو التوقيع على اتفاق نووي جديد وبينيت غارق أقل من سلفه في النضال ضد المشروع النووي. التقدير المرجح هو أن اسرائيل ستحتج على الاتفاق، لكن فعليا هي ستضبط نفسها (ويمكن جدا أن هذا ما كان سيفعله نتنياهو ايضا). التحدي الامني الحاسم الذي يمكن أن يواجه بينيت ولبيد وغانتس، ربما حتى في السنة القادمة، هو مشروع زيادة دقة صواريخ حزب الله.  ومنذ اللحظة التي سيكون فيها لحزب الله قدرة صناعية على انتاج سلاح دقيق على اراضي لبنان فان اسرائيل ستقف امام معضلة ملحة، هل يجب عليها تدمير هذه القدرة والمخاطرة باندلاع حرب؟.

في ذروة الازمة الاقتصادية الحكومة ستضطر الى مواجهة مطالب ميزانية متزايدة من جانب الجيش الاسرائيلي، سواء لملء مخازن الذخيرة بعد جولة القتال الاخيرة في قطاع غزة أو لتطبيق الخطة متعددة السنوات الطموحة لرئيس الاركان، افيف كوخافي. بينيت سيضطر في القريب الى أن يبت ايضا في مصير تعيينات كبيرة: الاول، تعيين مستشار جديد للامن القومي، وبعد ذلك قبل شهر ايلول، تعيين رئيس جديد للشباك. مئير بن شبات، الذي في هذه الاثناء طلب منه من قبل غانتس مواصلة وظيفته كمستشار كان مرشح نتنياهو لمنصب رئيس الجهاز. هذا لن يحدث وبينيت سيختار أحد النائبين الاخيرين للرئيس الحالي، نداف ارغمان.

ولكن بالاساس، أداء الحكومة الجديدة لليمين يبشر بفرصة لتحريك علاقات رئيس الحكومة مجددا مع القيادة الامنية. وحقيقة أن نتنياهو نجح في التشاجر مع جميع رؤساء الاجهزة الذين خدموا تحت رئاسته، وفي معظمهم وقفوا ضده علنا بعد انهاء الخدمة، تدل على عمق الازمة. بينيت يبدأ من نقطة انطلاق مختلفة كليا، اكثر ايجابية بكثير.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى