ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – املاء سياسي عن مبادرة مستقلة، سلوك الشرطة  يشهد على تشويش جذري في التفكر

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – 9/5/2021

” بعد غباء الحواجز في باب العامود، من المشكوك فيه أن تكون الطريقة الصحيحة لرد الاعتبار لكرامة لواء القدس هي المس بمشاعر المصلين المسلمين في الحرم “.

       في الوقت الذي فيه الدراما السياسية في اسرائيل تقترب من نهايتها، يظهر هناك تصعيد خطير في الساحة الامنية. اذا استمرت الاحداث في القدس وفي المناطق فانها يمكن أن تؤثر ايضا على المفاوضات الائتلافية وعلى احتمالية تشكيل حكومة جديدة. ومثلما هي الحال خلال الاسابيع الاخيرة، المواجهة تركزت في القدس، هناك أصيب في يوم الجمعة اكثر من 200 فلسطيني في مواجهات مع الشرطة. ولكن التوتر بدأ ينزلق ايضا الى الضفة الغربية التي قتل فيها فلسطينيان مسلحان وأصيب شخص ثالث باصابة خطيرة اثناء محاولة تنفيذ عملية في شمال جنين، وينزلق ايضا الى قطاع غزة الذي فيه البالونات الحارقة يمكن أن تستبدل باطلاق الصواريخ على النقب.

       في يوم الجمعة اسرائيل لم تضع أي عوائق ومكنت عشرات آلاف الفلسطينيين من الضفة من الدخول الى الحرم من اجل الصلاة. وبعد الصدامات في الليل بدأت الشرطة أمس بالتشويش على مجيء مصلين عرب من داخل اسرائيل الى الحرم. الحافلات تم احتجازها على شارع رقم واحد، والمسافرون بدأوا يسيرون على الاقدام نحو القدس. مس خطير بحرية العبادة لمواطني اسرائيل الذي بالتأكيد ستكون ردود عليه. في البلدات العربية تم تنظيم مسيرات احتجاج بعد أن تبين أن عدد من المصابين في حالة خطيرة هم من عرب اسرائيل.

       ولكن اكثر من المصابين انفسهم فان الصور يمكن أن تؤثر بشكل اكبر. في مساء يوم الجمعة اقتحم رجال الشرطة الحرم وداسوا بالاحذية على سجاد الصلاة واطلقوا قنابل الصوت. هذه المشاهد يمكن أن تشعل موجة عنف اكثر شدة، داخل الخط الاخضر وفي القدس وفي المناطق. التوتر في القدس لا يقتصر على منطقة الحرم. مواجهات شديدة وقعت مرة اخرى في حي الشيخ جراح. هناك حاول عضو الكنيست من اتباع كهانا، ايتمار بن غبير، صب الزيت على النار.

       ولكن المشكلة لا تنتهي ببن غبير أو بعنصريين آخرين يرعاهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في محاولة بائسة للتمسك بالحكم، وهو جوهر الامر الذي يقف من وراء القرارات التي تتخذها الحكومة، لا سيما في منطقة القدس بشكل خاص، خلال شهر رمضان. بعد الغباء الذي تمثل بوضع الحواجز في باب العامود في بداية الشهر جاء التراجع وأزيلت الحواجز. واذا كانت كرامة الشرطة قد تضررت فمن المشكوك فيه أن الطريقة الصحيحة لحمايتها هي بواسطة المس بمشاعر المسلمين الدينية في الحرم. حتى الآن لم يتم التوضيح اذا كان سلوك الشرطة في هذه الايام هو نتيجة املاء سياسي مباشر أو هو مبادرة مستقلة لقيادتها. لكن يبدو أن هناك أمر اساسي جدا قد تشوش في تقديرات المفتش العام للشرطة وضباطه.

       ايضا يوجد للفلسطينيين اسهام مهم في اندلاع اعمال العنف. وراء الاحداث يبدو أن هناك تدخل واضح لحركات الاخوان المسلمين، الجناح الشمالي في اسرائيل ومرورا بقيادة حماس في غزة وحتى تركيا، التي تسارع الى اصدار بيانات ادانة لاسرائيل.

       حماس التي تنتظر هذه اللحظة منذ فترة طويلة، تصرفت بصورة تثير الاهتمام. على الاقل حتى أمس اختارت حماس كبح اطلاق الصواريخ من غزة، رغم التهديدات الشديدة التي اسمعها قادتها تجاه اسرائيل. الاحتكاك في غزة تم تقليصه الى خطوات اقل شدة – اطلاق البالونات الحارقة واستئناف نشاط “وحدات الازعاج الليلية” التي تتصادم مع الجنود على طول الجدار.

       الصواريخ من غزة يمكن أن تأتي اذا كانت هناك مصابون آخرون. جهود حماس تنصب على اشعال الضفة والقدس من اجل توريط السلطة دون أن تدفع هي ثمن باهظ جدا في القطاع. هذا اعتبر بالنسبة لها ردا مناسبا ايضا على قرار رئيس السلطة محمود عباس الغاء الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني.

       في محاولات تخفيف التوتر تشارك الولايات المتحدة ومصر والاردن ودول اخرى. ادارة بايدن نشرت بيان عبرت فيه عن القلق الكبير من العنف وطلبت من الطرفين العمل على تهدئة النفوس. هذه النغمات لم تسمع في واشنطن في عهد ادارة دونالد ترامب. الجيش الاسرائيلي عزز قواته في الضفة بأربعة كتائب وساعد الشرطة في تأمين منطقة التماس ونشر بطاريات القبة الحديدية في الجنوب والوسط. القوات في الضفة أعطيت لها تعليمات معقدة للتنفيذ – اظهار استعداد كبير، ومع ذلك محاولة بقدر الامكان ضبط النفس والامتناع عن التسبب باصابات.

       الايام الثلاثة القادمة تعتبر في جهاز الامن ايام حاسمة. عشرات آلاف المسلمين سيأتون الى الحرم في ليلة القدس. ومساء اليوم يتم التخطيط لمسيرة الاعلام حول سور البلدة القديمة، والتي تنتهي في حائط المبكى وهي الاغلب تكون مقرونة باحتكاكات عنيفة بين نشطاء من اليمين وفلسطينيين من الحي الاسلامي. في جهاز الامن يبحثون عن حل يقصر مسار المسيرة في محاولة لتقليل التصادمات. الظروف السياسية التي فيها نتنياهو وبينيت يحتاجان الى اظهار من منهما الاكثر وطنية من منافسه، لا تساعد على تخفيف الوضع.

       هناك تأثير آخر سياسي محتمل. اذا قتل يهود وعرب في المواجهات في الايام القريبة القادمة فسيصعب على احزاب اليمين في كتلة التغيير الاستعانة باحزاب عربية من اجل تشكيل الائتلاف. في هذا الجانب ايضا راعم برئاسة منصور عباس، يمكن أن تجد نفسها في مشكلة، لا سيما اذا واصل النضال في القدس ارتداء الطابع الديني.

       عدد من اتباع نتنياهو الاغبياء حاولوا في نهاية الاسبوع القاء المسؤولية عن الاحداث الاخيرة على خصومه الذين يحاولون تشكيل حكومة بدلا منه. الحقيقة هي أن الاشتعال في القدس بدأ بالضبط في عهد نتنياهو نفسه. خلال سنوات ولايته كرئيس حكومة، اتبع بشكل عام الحذر الكبير في استخدام القوة وامتنع عن التورط في حروب طويلة عديمة الجدوى، باستثناء خلل لمرة واحدة في غزة، في عملية الجرف الصامد في العام 2014. هذه المرة الظروف مختلفة قليلا: نتنياهو مضغوط اكثر مما كان في أي وقت بسبب الخوف من أن يخسر رئاسة الحكومة وفرصته الاخيرة لوقف الاجراءات الجنائية ضده. الاغراء باستخدام الذريعة الامنية من اجل تغيير جدول الاعمال، وبهذا يؤدي بصورة غير مباشرة الى الذهاب الى انتخابات خامسة، ازداد عما كان عليه في السابق.

       مصدر أمني قال أمس إن التوتر السائد في هذه الاثناء هو الاكبر الذي تم تسجيله في المناطق منذ بضع سنوات. سير الامور يذكر جدا بأزمة البوابات الالكترونية في صيف 2017. في حينه بدأ الازمة بعد أن قرر نتنياهو وضع البوابات الالكترونية على مداخل الحرم ردا على قتل شرطيين على أيدي أحد النشطاء الاسلاميين من أم الفحم. التوتر خفت فقط بعد أن اضطر رئيس الحكومة الى التراجع وأزال البوابات من هناك. الآن الظروف معقدة اكثر بسبب الوضع السياسي ايضا. الاحداث تقتضي منه اظهار المسؤولية والاتزان بالحد الاقصى، في الوقت الذي يقوم فيه خصومه بملاحقته. المقطع الاخير لنتنياهو في المنصب بعد 15 سنة، منها الـ 12 سنة الاخيرة على التوالي، قد ينطوي على قدر كبير من الدم والنار في الساحة السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى