ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – الامريكيون انقذوا نتنياهو مرة أخرى ، من آلاعيب الضم ومن نفسه

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 16/8/2020

” التطبيع مع اتحاد الامارات لا يعادل الاتفاقات مع مصر والاردن. ولكنه يساهم في رفع العزلة المفروضة على اسرائيل. ويبدو أن رئيس الحكومة يدرك من اعماقه سلم الاولويات الحقيقي “.

عندما يريد هو يستطيع. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سجل في يوم الخميس الماضي انجاز سياسي هام عند نشر البيان بشأن اتفاق التطبيع بين اسرائيل واتحاد الامارات.

إن الخروج المشترك من الصندوق، بعد سنوات من علاقات سياسية وأمنية تراكمت في السر، لا توازي اتفاق السلام الذي وقعه من سبقه في رئاسة الوزراء مع مصر والاردن، وهما الدولتان اللتان قاتلت جيوشهما ضد اسرائيل وسفكت دماءنا. ولكن الاتفاق، مع ذلك، يشكل اختراقة مهمة، علنية في هذه المرة، في حلقة العزل العربية المحيطة باسرائيل. وهو ايضا يحسم، لصالح نتنياهو، الخلاف الذي كان بينه وبين خصومه من اليسار (وادارات امريكية سابقة). تبين أنه يمكننا أن نطور بصورة ملحوظة العلاقات مع الدول السنية دون حل مسبق للصراع بين اسرائيل والفلسطينيين.

على الطريق كهدية، أزال نتنياهو من جدول الاعمال الالاعيب السياسة الخطيرة التي من خلالها لعب بالنار طوال العام الماضي – ضم جزء من المستوطنات في الضفة الغربية، في ظل تفسير ابداعي لمبادرة السلام الامريكية لترامب. من بين الصيغ المتناقضة التي أعطيت مؤخرا، يفضل الاصغاء لاقوال صهر الرئيس الامريكي، جارد كوشنر، وحتى بصورة نادرة لدونالد ترامب نفسه. نتنياهو تنازل عن الضم. هو لم يؤجله الى موعد مستقبلي ضبابي. هو لم يكن ليحظى باتفاق سياسي مع الامارات بدون تراجع مطلق عن خطته.

هذه هي المرة الثانية التي ينقذ فيها كوشنر نتنياهو من نفسه. المرة الاولى كانت في كانون الثاني الماضي عندما التقى نتنياهو وترامب في واشنطن عند طرح صفقة القرن. ومستشارو رئيس الحكومة وهم ثملون من وعود سفير الولايات المتحدة والمستوطنات في اسرائيل، دافيد فريدمان، وعدوا بـ “سيادة في يوم الاحد”. سيمر الكثير من ايام الاحد دون حدوث ذلك. نتنياهو اضطر الى الاستجابة لضغوط ترامب بعد كل ما منحه الرئيس إياه في السنوات الاخيرة (الانسحاب من الاتفاق النووي ونقل السفارة الامريكية الى القدس والاعتراف بسيادة اسرائيل في هضبة الجولان). ويبدو ايضا أن رئيس الحكومة في اعماقه يفهم سلم الاولويات الاستراتيجي الحقيقي. التحالف مع الدول السنية ضد ايران وبرعاية الامريكيين هو أمر هام بما لا يقاس من فرض القانون الاسرائيلي في المستوطنات، الذي كان يمكن أن يورطه مع المجتمع الدولي، وربما أن يشعل من جديد الساحة مع الفلسطينيين.

خيبة أمل اليمين الايديولوجي مفهومة. نتنياهو ووعد في السابق بالضم، والآن هو يتراجع عنه مثلما حدث مع كثير من وعوده في السابق. ايضا في هذه المرة مثلما في السابق هو يحاول طمس ذلك بضباب من الوعود الزائفة التي لا ينوي تطبيقها. مع ذلك، منتقدو نتنياهو في اليمين يمكنهم فقط لوم أنفسهم. أولا، لم يكن لديهم سببب لتصديقه، استنادا الى تجربتهم الطويلة معه. ثانيا، حتى قبل بضعة ايام معظم رؤساء المستوطنين قالوا إنه يوجد في خطة الضم مخبأة وصفة لكارثة، ليس لأنها ستؤدي الى نظام ابرتهايد رسمي، بل لأنها لا تتضمن جميع الاراضي.

ايضا انتقاد الفلسطينيين الغاضب، اذا حذفنا للحظة منه المفاجأة في رام الله من نشر العملية السرية، هو انتقاد مبالغ فيه. من الواضح أنه ليس لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أي سبب للسرور مما يراه كخيانة اخرى للفلسطينيين من جانب دول الخليج. ولكن عباس يتجاهل الفرصة التي يمنحه إياها الاتفاق الجديد. الرئيس يتمترس في اهانته منذ سنتين، منذ أن اتضح له بأن ترامب وطاقم السلام يتبنون بوضوح معظم مواقف الجانب الاسرائيلي في النزاع مع الفلسطينيين. في البداية قطع تقريبا كل علاقاته مع الامريكيين. وعندما أدخل نتنياهو الى الصورة عملية الضم، رد عباس بقطع علاقات التنسيق الامني والمدني مع اسرائيل.

تقدير الاستخبارات العسكرية مؤخرا قال إنه من اجل العودة الى التنسيق فان السلطة بحاجة الى دليل علني على أن نتنياهو نزل عن شجرة الضم. وهذا الدليل تم تقديمه في يوم الخميس في تصريحات ترامب وكوشنر. ولكن الرئيس العجوز يفضل مواصلة الغضب. منذ ذلك الحين، الفلسطينيون فقط زادوا من تطرف خطابهم. في الخلفية يقف بدون شك تدخل الشخص المكروه لدى الرئيس، محمد دحلان، المقرب من حكام الامارات. عباس ما زال يتهمه بسقوط غزة في أيدي حماس في 2007 ويشك فيه وبحق في محاولات تقويض حكمه منذ ذلك الحين.

تأثير دومينو محدود

من المحتمل أن تنضم الى اتفاقات التطبيع مع اسرائيل قريبا دول اخرى. في الايام الاخيرة تم الحديث عن البحرين وعُمان وحتى عن السودان. كوشنر أشار الى تسخين علني محتمل ايضا في العلاقات بين اسرائيل والسعودية. ماذا يمكن لاسرائيل أن تعطي في المقابل؟ رغم أن نظام الامور تغير (التطبيع، على الاقل مع دولة الامارات، يأتي قبل حل النزاع الفلسطيني)، إلا أن من المشكوك فيه أن دول الخليج قد تنازلت عن الفكرة التي وقفت في اساس المبادرة السعودية من العام 2002: اعتراف باسرائيل وعلاقات دبلوماسية كاملة مقابل اقامة دولة فلسطينية. اتحاد الامارات ليست مجرد دولة اخرى غنية. هذه قوة اقليمية طموحة تريد أن تترك بصماتها على الشرق الاوسط.

احتمالية ذلك ضعيفة. لقد بقي لترامب الذي حاليا يخسر في الاستطلاعات، 11 اسبوعا فقط حتى الانتخابات الرئاسية. ادارته فشلت بصورة مخيفة في معالجة ازمة الكورونا، التي تقضم بصورة كبيرة نسب تأييده. في الوقت المتبقي يصعب أن نراه يُحدث نتائج في الشرق الاوسط، في الجهد الذي يقوده الصهر والمستشار (كوشنر هو الشخص الذي فشل تماما في تنظيم الاستعداد الامريكي للكورونا، عندها ببساطة اختفى من الصورة).

ولكن من الجدير الانتباه الى خطوات نتنياهو. فميله الى السير بصورة متعرجة، يمينا ويسارا، حسب الحاجات السياسية هو أكثر من عقيدة ايديولوجية، وهذا الميل معروف حتى من ايام حكومته الاولى التي قبل فيها في البداية اتفاقات اوسلو وأجرى لقاءات ودية مع ياسر عرفات. مؤخرا اضيف الى صورة اعتباراته قيد اكثر تطلبا. الهدف الرئيسي، اذا لم يكن الوحيد، الذي يوجه الآن نتنياهو هو الحاجة الى التملص من ادانة في لائحة الاتهام التي تنتظره في ثلاث قضايا خطيرة.

في الاسبوع الماضي، تقريبا بصورة موازية لنشر الاتفاق مع الامارات، نشر استطلاع آخر حول الانتخابات، الذي اشار الى استمرار الهبوط الحاد في تأييد الليكود. في نفس الوقت تسربت من محيط نتنياهو تقديرات بشأن تفاهمات محتملة في الازمة مع ازرق ابيض، التي ربما تؤدي مع ذلك الى تأجيل نيته للذهاب الى انتخابات في تشرين الثاني القادم. في المؤتمر الصحفي في يوم الخميس اتبع نتنياهو خط متصالح نسبيا، نقي من الاستفزاز تجاه خصومه في الائتلاف وفي المعارضة. أذن حساسة تمكنت من التقاط حتى القليل من المديح لاسحق رابين المتوفي.

كل ذلك يمكن أن يمر، بالطبع بعد نهاية اسبوع آخر من قضاء الوقت الممتع مع العائلة في شارع بلفور. ولكن اذا لاحظ نتنياهو أن ترامب يتوقع منه المزيد من بادرات حسن النية السياسية وأخذ في الحسبان احتمالية أنه في كانون الثاني القادم سينتظره في البيت الابيض جو بايدن، ربما سنسمع قريبا من القدس نغمة جديدة. في هذه الحالة، المستوطنون يمكنهم أن يخرجوا من النفتالين الاتهامات التي تقول بأن عمق النزوح هو كعمق التورط القانوني.

عرض لممثل واحد

في هامش الامور يجدر أن نشير الى أن المفاجأة السياسية الحالية استلها نتنياهو من القبعة وحده. في يوم الخميس بعد الظهر خرج من جلسة كابنت الكورونا وهو ينثر تلميحات حول حدث ذو اهمية قومية سيعرف عنه المشاركون قريبا. رئيس الحكومة لم يكلف نفسه أن يبلغ مسبقا شركائه في ازرق ابيض بالاتصالات أو نتائجها. وزير الدفاع ووزير الخارجية عرفا عن الاختراقة الاستراتيجية قبل لحظة من معرفة الجمهور الاسرائيلي. على وزراء الليكود لا نريد الحديث مطلقا. هذا قطيع من الاغنام الخاضعة الذي كل دوره هو ترديد رسائل الحاكم ضد الجهاز القضائي وضد اليسار ووسائل الاعلام.

بعد النشر خرجت بيانات وتسريبات من مكتب نتنياهو ومن مصادر سياسية وأمنية بشأن درجة مشاركة عدد من كبار الموظفين في الخطوات التي سبقت الاتفاق. عمل مؤسسي مسبق لم يتم على الاطلاق، فقط في نهاية الاسبوع اعلن نتنياهو بأنه ألقى على رئيس هيئة الامن القومي، مئير بن شبات، مهمة ادارة “التحضيرات قبل المحادثات مع اتحاد الامارات في اعقاب اتفاق السلام. بتنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة”. الرسالة هنا واضحة: هذا عرض لنتنياهو وليس هناك أحد غيره. جميع الباقون هم اعداد، يبلغون بما يجري فقط عندما يرى رئيس الحكومة أن هذا مناسب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى