هآرتس – بقلم طال شتاينر – يا محققو الشباك، هل حقا يمكن تعذيب انسان بصورة رسمية؟

هآرتس – بقلم طال شتاينر – 27/1/2021
“ التعذيب اثناء التحقيق في الشباك يشوه صورتنا الانسانية كمجتمع ولا يدفع قدما، بل يدمر كل احتمال للعدالة والأمن “.
في نهاية شهر ايلول 2019 عولج في مستشفى هداسا العيسويةفلسطيني اسمه سامر العربيد، للاشتباه باصابته بسكتة قلبية. وقد تماحضاره الى هناك مباشرة من غرفة التحقيق في المسكوبية، فاقد الوعيووجود كسور كثيرة في ضلوعه وخلل في كليتيه. قبل يومين عندما تم اعتقالهمن قبل قوات الامن كان سليم ومعافى.
العربيد استمر فاقد الوعي مدة اسبوعين. وعندما استقرت حالته تمتاعادته الى الشباك. وفي نهاية المطاف تم تقديمه للمحاكمة بذريعة تورطه فيقتل رينا شنراف، وهذا الاجراء ما زال مستمر حتى الآن.
ما الذي حدث بين اعتقاله وعلاجه في حالة صعبة في المستشفى؟بالنسبة لنا، نحن في اللجنة العامة ضد التعذيب في اسرائيل، الجواب كانواضحا. الجروح والوضع الذي احضر فيه للعلاج تناسب “وسائل التعذيبالخاصة” والتي يستخدمها الشباك منذ سنوات، ومنها وضعية “الموزة” التيفيها يكون المحقق معه مربوط بكرسي وجسمه مشدود الى الخلف ويديهوقدميه مربوطة معا. ووضعيات ضغط أخرى هدفها التسبب بأقصى معاناةجسدية للمحقق معه. فعليا، حسب تقارير في وسائل الاعلام، ممثلو الشباكاعترفوا أن العربيد قد مر بـ “التحقيقات الاضطرارية“، وهو المفهوم القانونيالدارج لدى ممثلي الدولة لوصف استخدام وسائل جسدية ضد من يتمالتحقيق معهم عندما يشتبه بأنهم “قنبلة موقوتة“. بكلمات بسيطة، العربيد مربتعذيبات، التي تقريبا كادت تؤدي الى موته.
توجهنا على الفور الى المستشار القانوني لفتح تحقيق في ظروفالحالة. كنا على ثقة بأنه في هذه المرة، ازاء دلائل دامغة من التحليلاتالجنائية، حيث أنه في اعقاب وخلال تحقيقات الشباك اوشك شخص علىالموت، ايضا يجب على سلطات انفاذ القانون أن تفهم بأنه هنا تم اجتيازالخطوط الحمراء. وبدون تحقيق جذري وتقديم المسؤولين للمحاكمة فان دولةاسرائيل لا يمكنها مواصلة الادعاء بأنها لا تستخدم التعذيبات، كما تكررادعاءها امام المحكمة العليا والمؤسسات الدولية.
كما يبدو، حسب اعلان المستشار القانوني للحكومة الذي نشر في يومالاحد (بيان، الذي اعطي أولا لوسائل الاعلام، حتى قبل أن يحول القرارالرسمي لممثلي العربيد في منظمة “الضمير“)، فان الموضوع أخذ بصورةجدية. لقد اجري تحقيق جنائي من قبل قسم التحقيقات مع الشرطة، بما فيذلك التحقيق مع المشبوهين في ظل التحذير، والحصول على رأي معهد الطبالقانوني. هذه الخطوات وحدها تميز هذا الملف عن ملفات الـ 1300 شكوىالتي قدمت في السابق من قبل من تم التحقيق معهم في الشباك، والتيجميعها تم اغلاقها بعد “فحص أولي” فقط، الذي يقود تقريبا بشكل تلقائيالى اغلاق الملف. ولكن شهادة موثوقة لم يتم فحصها في عملية هي توثيقمصور من غرفة التحقيق مع العربيد: خلافا للتحقيقات مع مشبوهين بارتكابجرائم خطيرة في الشرطة، فان تحقيقات الشباك لا يتم توثيقها. كاميرات فيدائرة مغلقة تبث بصورة غير متواصلة من غرف التحقيق في الشباك الىمركز مراقبة مجهول. وهذه من شأنها أن تعطي حماية كافية لمن يتم التحقيقمعهم. وهذه طريقة لم تثبت نفسها في قضية العربيد.
مهما كان الامر، النتيجة النهائية لعملية التحقيق، التي تم ابلاغنا عنهافي يوم الاثنين، تثبت خيبة أملنا. ايضا هذه المرة تم اتخاذ قرار بعدم تقديمأي أحد من المتورطين في القضية للمحاكمة، والاكتفاء بـ “أخذ الدروسداخليا“. هذه رسالة مدوية لأي محقق في الشباك: لا يهم ما الذي تفعله، كممن العنف ستستخدم مع المحقق معه وماذا ستكون النتائج. الجهاز سيقومبحمايتك. سيمنحك حصانة فعلية أمام تقديمك للمحاكمة وحتى سيباركك علىاستقامتك (هكذا صرح رئيس الشباك، نداف ارغمان، الذي قال بأن المحققين“نفذوا المهمة بمهنية وبصورة رسمية وحسب القانون“). هل حقا يمكن تعذيبشخص “بصورة رسمية“؟ هذه شهادة على ضعف جهاز تطبيق القانون،الغير القادر والغير معني بأن يشخص وجود تعذيبات حتى في أقصىالصور. ويفضل بدلا من ذلك أن يغلف نفسه بمبررات قانونية ضعيفة عن“الوسائل الخاصة“. هي خاصة جدا الى درجة أنها لن تسمى باسمهاالصريح في أي يوم – تعذيبات وحشية، عنيفة وغير قانونية بصورة واضحة.
نحن ندين القتل الوحشي لرينا شنراف ونشارك عائلتها بالمطالبةبمحاكمة المسؤولين عن موتها. وفي نفس الوقت نقول، مثلما تنص ايضاالمواثيق الدولية التي انضمت اليها اسرائيل قبل عشرات السنين، إن التعذيبهو دائما ممنوع بصورة مطلقة. التعذيب يشوه صورتنا الانسانية كمجتمع ولايدفع قدما، بل يدمر كل احتمال للعدالة والأمن.