ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم شاؤول اريئيلي – لماذا هم متحمسون جدا للضم؟

هآرتس – بقلم  شاؤول اريئيلي  – 22/5/2020

هدف من يسعون الى الضم هو الغاء اتفاقات اوسلو وانهاء حل الدولتين متجاوزين بذلك القانون الدولي. وأن تكون يهودا والسامرة حسب اقوال نفتالي بينيت، جزء من ارض اسرائيل السيادية، لكن الثمن الذي يتوقع أن تدفعه اسرائيل سيكون غير محتمل وعلى المدى البعيد سينهي الحلم الصهيوني “.

مع تشكيل الحكومة وتراجع وباء الكورونا وعلى خلفية زيارة وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو والتهديد من جانب دول الاتحاد الاوروبي، عاد موضوع الضم ليرفرف بفخر كعلم لسياسة الحكومة الجديدة. معظم الجمهور في اسرائيل الذي ربما لا يدرك المعاني الفعلية التي ستكون للضم أحادي الجانب على روتين الحياة، لا يدرك الاخطار التي تكمن فيه وضعضعة الاستقرار والتصعيد شبه المؤكد في العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين.

اكثر من ستين مشروع قانون ومخطط لضم مناطق ج أو اجزاء منها وضعت على طاولة الكنيست منذ العام 2016، لكن فقط ثلاثة منها ارفقت معها خرائط. خطة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لضم الغور حسب خريطة “مبادرة ترامب” ارغب في تحليلها وتقديرها. من الخريطة التي عرضها نتنياهو يمكن معرفة أنه يخطط لضم 1200 كم مربع، التي تشكل 20.5 في المئة من مساحة الضفة الغربية. ما هي التداعيات التي ستكون لذلك على الحياة اليومية؟.

أولا، 23 في المئة من المساحة المخصصة للضم، 271 ألف دونم، هي بملكية خاصة فلسطينية. حينها إما أن اسرائيل لا تعدل قانون املاك الغائبين وجميع اصحاب الاراضي هؤلاء سيفقدون اراضيهم التي ستخصص بالتدريج للمستوطنات الاسرائيلية. وإما أن اسرائيل ستدخل تعديل على القانون مثلما فعلت بالنسبة لشرقي القدس، لكنها تستطيع مصادرة هذه الاراضي لـ “احتياجات الجمهور” الذي كما يبدو سيكون فقط الجمهور اليهودي. هكذا بالضبط حصل في شرقي القدس. فهناك صادرت الدولة نحو 28 ألف دونم، معظمها بملكية العرب وعليها أقيمت 60 ألف وحدة سكنية لليهود ونحو 1000 وحدة فقط للعرب.

والى حين المصادرة، شبيها بما يحدث اليوم في “منطقة التماس”، اسرائيل سيكون عليها أن تقدم للفلسطينيين طريق للوصول من اجل فلاحة اراضيهم، وهذا سيتم بواسطة عشرات البوابات الزراعية ووضع جنود لتشغيلها.

من اجل المقارنة، المنطقة التي هي بملكية فلسطينية خاصة في الغور هي اكبر بسبعة اضعاف من اجمالي الاراضي الخاصة التي توجد غرب الجدار الامني، واليوم الجيش الاسرائيلي لا يمكنه اعطاء أي اجابة على هذه المشكلة بواسطة بوابات زراعية رغم كل البيانات التي قدمها للمحكمة العليا. حرب الفلسطينيين على الاراضي ستبدأ.

ثانيا، حسب الخريطة 12 قرية فلسطينية في مناطق ب مع 13500 من السكان الذين يعيشون في 4250 دونم، سيتم ضمهم الى اسرائيل. السلطة الفلسطينية ستفقد دفعة واحدة صلاحيتها ومسؤوليتها عن هذه القرى، وكل الصلاحيات التي اعطيت لها في اتفاقات اوسلو سيتم نزعها من جديد من قبل اسرائيل. اسرائيل سيكون عليها أن تقدم اجابات لسكان هذا المكان على شكل مكانة الفلسطينيين في شرقي القدس، وبعد ذلك حتى المواطنة، ايضا يجب عليها تقديم كل الخدمات المطلوبة. اسرائيل غير مستعدة على الاطلاق لذلك في هذه المرحلة. ايضا معركة الفلسطينيين من اجل الخدمات البلدية ومخصصات التأمين الوطني ستبدأ.

ثالثا، مناطق أ في اريحا ومحيطها ستتحول الى جيب فلسطيني داخل المنطقة التي توجد تحت سيادة اسرائيل. هذا الجيب سيمتد على 70 ألف دونم يعيش فيها نحو 43 ألف فلسطيني في ست قرى. وأي خروج لهم من الجيب والعودة اليه سيحتاج الى معابر اسرائيلية ومرافقة واشراف اثناء اجتياز المنطقة التي سيتم ضمها لاسرائيل. اريحا التي هي مركز سياحي ومركز لزراعة التمور في الضفة الغربية سيتم فصلها فعليا عن الضفة وسرعان ما ستغرق اقتصاديا. معركة الفلسطينيين من اجل كسب مصدر الرزق ستبدأ.

رابعا، الضم سيضيف حدود جديدة بين الغور ومناطق الضفة بطول 200 كم تقريبا، أي تقريبا نفس طول الحدود بين اسرائيل ومصر. ويضاف الى ذلك ايضا 60 كم من الحدود مع جيب اريحا، تقريبا مثل طول الحدود بين اسرائيل وقطاع غزة. وفي ظل غياب أي جدار فان الملاحقة لمنفذي العمليات والمقيمين غير القانونيين ستبدأ.

خامسا، المنطقة التي سيتم ضمها تقطع محورين طوليين رئيسيين – شارع 90 في الغور وشارع  80  ايلون – ومحور عرضي، شارع رقم 1، في الجزء الشرقي. جميعها سيتم خصمها من شبكة المواصلات الفلسطينية التي بدون شوارع بديلة ستضطر الى الذهاب الى شارع 60 (على سفح الجبل) والى غربه. معركة الفلسطينيين من اجل حرية الحركة ستبدأ.

سادسا، انتقال سكان الضفة الى الاردن اذا تم السماح به من قبل المملكة، سيتم عبر المنطقة التي ستكون تحت سيادة اسرائيل، مع اجمالي التداعيات الامنية التي تكتنف ذلك. ايضا البحر الميت وعين الفشخة ومناطق اخرى سيتم خصمها من مجال المعيشة والسياحة والاستجمام للفلسطينيين. معركتهم على “هواء للتنفس” ستبدأ.

من ماذا ينبع حماس نتنياهو واصدقاءه لضم غور الاردن؟ حيث أن جميع مبررات الضم ليست سوى ذرائع لا اساس لها في الواقع.

لا يوجد أي تغيير في التهديد الامني من الشرق. الاردن يطبق بحرص اتفاق السلام مع اسرائيل ويواصل منح اسرائيل الهدوء على طول الحدود وعمق استراتيجي حتى الحدود العراقية. سوريا والعراق اللتان تواجهان نتائج الحرب الاهلية لا توجد لها أي قدرات عسكرية مهمة لتهديد اسرائيل، ولا يتوقع وجود هذه القدرة في المستقبل القريب والمتوسط. الفلسطينيون ينفذون بحرص التنسيق والتعاون الامني مع اسرائيل.

في المنطقة التي سيتم ضمها توجد 28 مستوطنة صغيرة يعيش فيها جميعها 13600 اسرائيلي. المنطقة المبنية فيها ضئيلة والسكان فيها يفلحون اقل من 80 ألف دونم ليست بملكيتهم. متوسط العمر هناك مرتفع لأن السكان هم من ابناء الموجة الاولى للاستيطان في الضفة الذين جاءوا في العقد الاول بعد حرب الايام الستة. استطلاعات تظهر أن هذه المجموعة السكانية في معظمها تفضل الاخلاء في اطار اتفاق مقابل تعويضات معقولة، الامر الذي لا يسعد رئيس المجلس الاقليمي عربوت هيردين الذي هو ايضا رئيس مجلس يشع.الضم لن يغير الوضع الفعلي لهم باستثناء مجال التخطيط والبناء. ولكن هذا ليس هو المجال الذي اوقف حتى الآن زيادة عدد السكان اليهود في الغور، الذي منذ اكثر من خمسين سنة يعد فقط بضعة آلاف من المواطنين.

العبء على الجيش سيزداد بشكل كبير وبدون أي مبرر. الجيش الاسرائيلي سيكون عليه أن يضيف قوات كبيرة لتأمين الحدود والمعابر التي تقع بين الغور والضفة الغربية وحول جيب اريحا من اجل مرافقة الفلسطينيين الذين سيدخلون الى اسرائيل وتشغيل البوابات الزراعية وتأمين الحدود مع الاردن بسبب ضعضعة العلاقات مع المملكة.

هدف من يريدون الضم واضح: الغاء اتفاقات اوسلو واحباط حل الدولتين لشعبين من خلال خرق القانون الدولي والمواثيق والاتفاقات التي وقعت عليها اسرائيل. من الواضح ايضا أنهم يريدون زج الفلسطينيين في الوقت المناسب شرقي نهر الاردن وتحقيق الحلم المسيحاني القومي المتطرف. أو مثلما قال نفتالي بينيت “يهودا والسامرة ستكون جزء من ارض اسرائيل السيادية”. والثمن الذي يتوقع أن تدفعه اسرائيل على المدى القصير بسبب هذه المغامرة المسيحانية التي يغذيها ثمل القوة سيكون غير محتمل على المجتمع في اسرائيل. وعلى المدى البعيد سينهي الحلم الصهيوني. والولايات المتحدة ستفقد الدعامة الاساسية لسياستها في الشرق الاوسط – الاستقرار الذي يقوم على اتفاقات السلام بين اسرائيل والاردن وبين اسرائيل ومصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى