ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  شاؤول اريئيلي   – على الرغم من ذلك – دولتان

هآرتس – بقلم  شاؤول اريئيلي   – 22/11/2019

تصريح وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو، الذي بحسبه المستوطنات في يهودا والسامرة ليست بالضرورة “غير قانونية”، مثلما ينص القانون الدولي وقرارات مجلس الامن – بالضبط مثل اقتراحات ضم الضفة الغربية التي اقترحها اعضاء كنيست ووزراء – يعتبر محاولة مثيرة للشفقة من اجل اعطاء أهمية سياسية وقانونية في واقع ديمغرافي وجغرافي لا يوجد فيه أي منطق لضم المستوطنات.

في كل سنة المكتب المركزي للاحصاء يعود ويكشف حقيقة وضع المستوطنات في مناطق يهودا والسامرة وفي احياء شرقي القدس. هذه السنة، اكثر مما كان دائما، فان انكسار من يؤيدون الضم كبير بسبب التوقعات التي اثارها وجود الحكومة الاكثر قومية متطرفة – مسيحانية في تاريخ اسرائيل والدعم غير المسبوق لنظام ترامب. المعطيات تعود وتدل على أن أي ضم سيضر بالنظام الديمقراطي في اسرائيل وبهويتها اليهودية. وأنه لا يوجد في وجود المستوطنات ما يمكنه منع حل الدولتين. هذا، علينا التحفظ، شريطة وجود ارادة سياسية صادقة ومسؤولة لتطبيقه في الطرفين وفي الادارة الامريكية.

حتى بعد عشر سنوات على وجود نتنياهو في رئاسة حكومات قومية متطرفة – دينية – اصولية، التي عمل فيها وزراء يرفضون حل الدولتين، وأنه كان يمكنهم الدفع قدما بمشروع الاستيطان، الوضع على الارض بائس بالضبط مثلما في السنوات السابقة ويناقض اسطورة أنها تتطور. لم يساعد من يعارضون الحل الدائم، وزراء الاسكان المسؤولين عن خطط البناء والتطوير، وزراء الدفاع المسؤولين عن اعطاء رخص البناء وعن عدم اخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية، أو وزراء العدل المسؤولين عن قانون القومية وقانون التسوية وفقرة الاستقواء وقرار اللجنة الوزارية للتشريع الذي بحسبه فان أي قانون يجب أن يتضمن التطرق للمستوطنات، وزراء التعليم المسؤولين عن ابعاد مضامين السلام والصهيونية من المناهج التعليمية المليئة بالتهويد، ووزراء المالية المسؤولين عن تقديم ميزانية غير مسبوقة للمستوطنات.

لنبدأ بفكرة “القدس الموحدة” التي تقف على رأس سعادتنا. يتبين أن اعتراف الرئيس ترامب بالقدس كعاصمة لاسرائيل ونقل السفارة اليها لم تحول القدس الى مدينة موحدة، حسب معطيات نشرها معهد القدس (صحيح حتى كانون الاول 2017)، القدس بقيت مقسمة الى مدينة عربية ومدينة يهودية من ناحية انتشار سكانها. 97 في المئة من 347 ألف من سكان غربي القدس هم من اليهود. والاحياء اليهودية الموجودة في شرقي القدس تنضم الى الغرب ويعيش فيها 209 آلاف يهودي، و4200 عربي. نصفهم في تل شبيرا، والباقون تقريبا في بسغات زئيف.

صورة المرآة هي نفسها ايضا. في الاحياء والقرى العربية التي يعيش فيها 338 ألف عربي، يسكن فقط 1770 يهودي (0.5 في المئة). هذا الواقع يعود ويؤكد امكانية تقسيم المدينة – حيث الاغلبية اليهودية فيها تقلصت منذ العام 1967، من 74 في المئة الى 62 في المئة – استنادا الى المقياس الديمغرافي الذي وضعه الرئيس بيل كلينتون في كانون الاول 2000، الذي على أساسه جرت المفاوضات في طابا في العام 2001 وفي انابوليس في 2008؛ أي أن الـ 12 حي يهودي ستكون تحت سيادة اسرائيل والـ 28 قرية وحي عربي ستكون تحت سيادة فلسطينية.

في البلدة القديمة يعيش الآن 34 ألف شخص، منهم فقط 11 في المئة من اليهود. اليهود يشكلون 59 في المئة من سكان الحي اليهودي، و49 في المئة من سكان حي الارمن. الاماكن المقدسة لجميع الديانات التي تنقط كل زاوية في البلدة القديمة، وبالاساس منطقة الحرم، تنفي امكانية التقسيم وتملي ترتيبات خاصة – مشتركة ودولية – لادارة البلدة القديمة، دون تغيير الوضع الراهن في ادارة الاماكن المقدسة، مثلما اقترح اهود اولمرت في العام 2008.

ما الذي يحدث في مناطق يهودا والسامرة؟ ايضا هذه السنة تم اضافة 14.395 اسرائيلي الى عدد السكان الذي كان في نهاية 2018، 427 ألف – اقل من 5 في المئة من اجمالي عدد سكان اسرائيل. ايضا هذه السنة ارتفعت نسبة الفلسطينيين في اوساط اجمالي السكان في يهودا والسامرة ووصلت الى 87 في المئة – وهي نسبة ستحول أي محاولة للضم الى كابوس أمني واقتصادي واجتماعي. ايضا هذه السنة نسبة الزيادة السنوية لليهود في مناطق يهودا والسامرة اعلى مما هي في دولة اسرائيل، لكن اذا نظرنا الى التوجهات لبضع سنوات، نكتشف أنه لا يوجد لذلك تأثير على الهيمنة الديمغرافية والجغرافية للفلسطينيين (98 في المئة من الاراضي الخاصة في يهودا والسامرة بملكيتهم).

أولا، نسبة الزيادة السنوية لليهود انخفضت من 3.52 في المئة الى 3.48 في المئة. هذا يشكل استمرار لمنحى الانخفاض الذي ميز الـ 25 سنة الاخيرة، منذ التوقيع على اتفاق اوسلو. في حينه كانت نسبة الزيادة قريبة من 14 في المئة. ثانيا، عن الزيادة، كما هو دائما منذ 1990، السكان المتدينون التي تساهم بـ 42.8 في المئة، وتقريبا 85 في المئة منهم يعيشون في المدن الدينية الاكبر في يهودا والسامرة المقامة على الخط الاخضر، موديعين عيليت (73.080 نسمة) وبيتار عيليت (56.746 نسمة). في هاتين المدينتين يعيش أكثر من ثلث الاسرائيليين في هذا الاقليم، الذي فيه مسجل 128 مستوطنة، وهما تحملان الصفة غير المشجعة “السطلتان المحليتان اليهوديتان الاكثر فقرا في اسرائيل” (من بين الـ 255 سلطة محلية، في المكان 7 و10 على التوالي في العنقود 1). في كل اقتراح لاسرائيل والفلسطينيين، هاتين المدينتين سيتم ضمهما الى اسرائيل في اطار الحل الدائم.

ثالثا، من بين المدينتين العلمانيتين في يهودا والسامرة اللتان هما اصغر: معاليه ادوميم (38.193 نسمة) التي تواصل منذ عقد تقريبا النمو بنسبة أقل من 1 في المئة (بمن فيهم الـ 64 عربي المسجلين فيها)، واريئيل (20.456 نسمة) التي بقيت الاصغر من بين المدن الاربعة في يهودا والسامرة. ومثلما في العقدين الاخيرين، لم يحدث أي تغيير مهم في عدد سكانها (حتى لو شمل عدد سكانها اليوم 590 عربي)

هناك “انجاز واحد يمكن لحكومة نتنياهو أن تنسبه لمحاولتها خلق واقع لا يمكن العودة عنه، وهو حقيقة أن 57 في المئة من الزيادة السنوية في يهودا والسامرة تحقق هذا العام خارج الكتل الاستيطانية المحاذية للخط الاخضر (التي لا تشمل اريئيل وكدوميم التي تقع على بعد 20 كم عن الخط الاخضر)، هذا مقابل 25 في المئة على الاكثر الى ما قبل عقد. هذا التغيير مصدره في اضافة السكان لمستوطنات غوش ايمونيم على مر اجيالها، الذين يسكنون بصورة متعمدة خارج الكتل الاستيطانية.

عمليا، هذا التوجه لا يغير الصورة العامة، لأنه خارج المدن الاربعة، في الـ 124 مستوطنة الاخرى يسكن فقط اقل من نصف سكان هذا الاقليم (يهودا والسامرة)، 55 في المئة. تقريبا في نصفها، 47 في المئة، يسكن اقل من 1000 مواطن. وفقط في 10 مستوطنات يوجد اكثر من 5 آلاف مواطن. معظم الاسرائيليون يسكنون قريبا من الخط الاخضر.

بناء على ذلك، امكانية الحل الدائم الذي يقوم على تبادل اراضي يبلغ 4 في المئة من الاراضي المحاذية للخط الاخضر، لم تتضرر ايضا هذا العام. اسرائيل ستبقي تحت سيادتها 80 في المئة من الاسرائيليين الذين يسكنون خلف الخط الاخضر دون الاضرار بشكل قاس جدا بالتواصل الجغرافي للفلسطينيين ونسيج حياتهم. وايضا لن تضر المستوطنات الاسرائيلية التي تقع داخل الخط الاخضر والتي ستضطر الى تسليم جزء من اراضيها في اطار تبادل الاراضي.

ايضا هذه السنة “شعب اسرائيل” عاد وصوت بالأرجل، وترك الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية. فقط نحو 20 في المئة من الزيادة السنوية مصدرها في الهجرة من حدود الخط الاخضر الى يهودا والسامرة.

مع ذلك، للاسف الشديد، لا تكفي الجهود الموصوفة اعلاه من اجل تحريرنا من قيود الاسطورة التي تقول بأن المستوطنات خلقت وضع لا يمكن تغييره، يمنع حل الدولتين. الكثيرون ممن يؤيدون حل الدولتين لشعبين يعتقدون أنه غير ممكن بسبب المستوطنات، ولا يدركون طبيعة انتشارها وتموقعها وحجمها.

التصريح الامريكي لا يساهم في الدفع قدما بحل سياسي، بل وشبيها بالتصريحات في موضوع القدس وهضبة الجولان، هو يبعد الفلسطينيين والعرب عن مفاوضات بدعم معظم المجتمع الدولي.

97 في المئة من مواطني اسرائيل الذين يسكنون داخل الخط الاخضر وفي “الكتل الاستيطانية” هم أسرى بارادتهم في أيدي حفنة عسكرية منظمة صوتها عال، ولها نفوذ كبير في الكنيست والحكومة، وهم لا يستجمعون الشجاعة والقوة من اجل قول كفى لجر كل اسرائيل الى مواقع القومية المتطرفة والعنصرية والعنف والاختلال في الميزانية والمس المستمر بسلطة القانون والتدهور نحو جولات عنف غير مجدية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية ومكانة دولة هستيرية في العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى