ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  رونيت مرزان –  لا تستخفوا بجنين

هآرتس – بقلم  رونيت مرزان – 26/9/2021

” اذا استمرت اسرائيل في ادارة النزاع بدلا من التقدم نحو حله فهي ستزيد الحرج في اوساط نشطاء فتح وستدفعهم للتعاون مع الجهاد الاسلامي “.

“الشيخ عز الدين القسام خاض معركة واحدة منفردة، لكنه اعتبر مؤسس المقاومة الفلسطينية ونموذج ينتقل من جيل الى جيل منذ مئة سنة. ربما هذا سيكون ايضا مصير عملية نفق الهرب”، تساءل اسامة الحروب، وهو أحد النشطاء السياسيين من جنين. نشطاء الجهاد الاسلامي الذين نظموا الهرب من سجن جلبوع نجحوا حقا في أن يحصلوا على جزء من الهالة المحفوظة لعز الدين القسام، الذي قتل اثناء معركة ضد البريطايين في يعبد قرب جنين، والذي على اسمه سمي الذراع العسكري في حماس. “مشكلة السجناء هي مشكلة غير جديدة، لكننا تعاملنا معها بالشعارات. أنتم مزقتم قلوبنا وأيقظتم ضمائرنا”، كتبت فتاة في صفحتها في الفيس بوك.

قرار اشراك زكريا الزبيدي في هذا السر، الذي هو من كتائب شهداء الاقصى وليس من نشطاء حماس؛ وحقيقة أن معظم المؤيدين لغرفة العمليات المشتركة التي تم فتحها في جنين بعد عملية الهرب هم من مؤيدي الجهاد الاسلامي وكتائب شهداء الاقصى في فتح، تدل على أن الجهاد الاسلامي يفضل التعاون مع نشطاء فتح العلمانيين في الضفة الغربية، الذين لا ينافسونه على نفس كادر النشطاء الاسلاميين، وأنه يعنيهم مثله ابعاد الاجهزة الامنية الفلسطينية عن مخيمات اللاجئين وتحويلها الى قواعد عمل اسهل. في قطاع غزة رغم أن الجهاد نجح في ترسيخ بنية تحتية عسكرية جيدة لنفسه، إلا أنه ما زال بحاجة الى مواجهة الحصار الاسرائيلي والاشراف المصري والتنافس مع حماس على نفس كادر النشطاء الاسلاميين. 

التعاون بين نشطاء من الجهاد الاسلامي ونشطاء من فتح لا يعتبر ظاهرة جديدة. ففي الاعوام 1985 – 1986 حركة فتح مدت رعايتها على فصائل الجهاد الاسلامي من اجل نقل رسالة للشعب الفلسطيني تقول بأن “فتح الوطنية تحترم العنصر الاسلامي في خطاب النضال، وحتى أنها مستعدة للتعاون معه”. ياسر عرفات استضاف مؤسس الجهاد الاسلامي الشيخ اسعد التميمي، في اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر وفي تونس. وقد تعامل معه باحترام كبير وحاول اقناعه بالانضمام لـ م.ت.ف وتأييد قرار البدء بمفاوضات سياسية مع اسرائيل على اساس سوابق تاريخية من عهد صلاح الدين الايوبي وصلح الحديبية. محاولة الاقناع هذه لم تنجح. التميمي تمسك برفضه، لكنه هو وابنه مأمون حافظا على علاقة جيدة مع عرفات وقدرا احترامه للدين الاسلامي.

التوقيع على اتفاقات اوسلو لم يحقق الاهداف الوطنية، وخوف اعضاء فتح من فقدان شرعيتهم في نظر الجمهور، جعلهم يتحدون سياسة السلطة الفلسطينية واعاد الكثيرين منهم الى المقاومة المسلحة والى التعاون التكتيكي مع نشطاء من الجهاد الاسلامي وحماس في انتفاضة الاقصى.

الآن ايضا لا يسود أي تناغم بين الاجهزة الامنية الفلسطينية وبين نشطاء فتح في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية. التعاون الامني بين السلطة الفلسطينية واسرائيل دون أن يتم احراز أي تقدم في المواضيع الجوهرية مثل انكار الحرية الشخصية من قبل السلطة، الذي وصل الى الذروة في قتل نزار بنات؛ السياسة الاقتصادية النيوليبرالية التي تزيد الفجوات الطبقية بين النخب وابناء الطبقة الدنيا؛ تعزز صورة حماس الوطنية في اعقاب عملية “سيف القدس” (عملية حارس الاسوار)؛ قتل القناص شموئيلي على حدود القطاع والصورة البطولية للجهاد الاسلامي في اعقاب هرب السجناء، كل ذلك يساهم في زيادة الغضب ضد اسرائيل والسلطة الفلسطينية ويدفع باعضاء فتح الى ترك السياسة المقسمة لصالح البندقية الموحدة.

تعبيرات عن التوق الى قيادة تسمح للفلسطينيين برفع الرأس يمكن ايجادها في الخطاب الوطني اليقظ، الذي يجري منذ بضع سنوات حول المواضيع الجوهرية، مشكلة اللاجئين والقدس والسجناء، في الشبكات الاجتماعية في جنين على سبيل المثال. الشباب في جنين يأملون بحياة رفاه وحرية، لكنهم يعارضون تحويل القضية الوطنية الى موضوع أخذ وعطاء اقتصادي. “هم يسرقون خبزك ويرمون لك الفتات، بعد ذلك يأمرونك بأن تشكرهم على كرمهم. ما هذه الوقاحة”، “الجوع هو كرامة، سنجوع حتى الحرية”، يكتبون في صفحاتهم في الفيس بوك. الذروة هي في انشاء غرفة عمليات مشتركة لكل الفصائل في مخيم جنين للاجئين مؤخرا، والطلب من اجهزة الامن الفلسطينية أن تسمح لهم بالعمل بحرية ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي. اذا استمرت اسرائيل في ادارة النزاع بدلا من التقدم بحل له، فهي ستزيد الحرج في اوساط اعضاء فتح وتدفعهم للتعاون مع الجهاد الاسلامي، ليس فقط في مخيم جنين بل ايضا في مخيمات اللاجئين الاخرى. هذا يمكن أن يضعف السلطة الفلسطينية وحتى أن يؤدي الى انهيارها.

من بين الصور التي يرفعها الشباب الفلسطينيون في صفحاتهم في الفيس بوك وجدت صورة لشاب من جنين تحسن وصف الوضع المعقد، مخزن سلاح توجد فيه رصاصة وزهرة سوسن، وكأنها جاءت لتقول لنا “يجب عليكم الاختيار، إما البنادق أو ازهار السوسن”. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى