ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم رونيت مرزان – المفتاح يوجد لدى السنوار

هآرتس – بقلم  رونيت مرزان – 7/6/2021

” الانجازات السياسية والاقتصادية التي ستعطى ليحيى السنوار ستدفعه الى الدفع قدما بهدنة طويلة المدى، وبعد ذلك الى اتفاق سياسي “.

في شهر تشرين الاول 2017 اعلنت قيادة حماس عن مبادرة مصالحة جديدة مع حركة فتح، والصحافيان عمرو أديب ولميس الحديدي، من المقربين للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تم ارسالهما الى رام الله وغزة من اجل القيام بحملة علاقات عامة للمصالحة. هذه المبادرة كانت مهمة بالنسبة للسيسي لأنها جاءت بعد اطلاق الوثيقة السياسية الجديدة لحماس في الدوحة. فقد كان من المهم لمصر أن تمنع قطر من أن تأخذ منها دور الوسيط في النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. 

السيسي اعتقد بأنه يستطيع تحقيق ذلك بمساعدة ثلاثة امور مهمة وهي الجغرافيا – الحدود مع القطاع التي تمكن مصر من السيطرة على معابر القطاع؛ الايديولوجيا – القومية المصرية والعربية التي باسمها يجب الدفاع عن الامن القومي العربي من الاسلام المتطرف؛ التاريخ – مسؤولية مصر عن المسألة الفلسطينية (تشكيل م.ت.ف) ونجاحها في اعادة ارض عربية من ايدي اسرائيل بالقوة (حرب 1973). ولكن السيسي خاب أمله. فمبادرة المصالحة فشلت، وتأثير قطر وقيادة حماس في الخارج ازداد.

في بداية عملية “حارس الاسوار”، عادت مصر الى التوسط بين اسرائيل والفلسطينيين. ولكن في هذه المرة يبدو أنها تنوي دق اسفين بين قيادة حماس في غزة وقيادتها في الدوحة. الصحافي اديب شرح لمشاهديه لماذا يحيى السنوار وليس اسماعيل هنية أو خالد مشعل، اللذان يعيشان في قطر، يجب أن يكون العنوان في أي مفاوضات مستقبلية تجريها السلطة الفلسطينية أو اسرائيل أو المجتمع الدولي. وقد قال اديب، بأن السنوار هو زعيم حقيقي، أصيل ومهم. وقد مكث في السجن الاسرائيلي وهو يعيش في غزة ويعاني مثل باقي السكان (لقد تم قصف بيته)، ويحافظ على علاقة شخصية مع الميدان ومع عائلات الشهداء، شجاع وخصم عنيد لاسرائيل. 

أديب أوضح بأنه سواء أحببنا حماس أم كرهناها، إلا أنها  جزء من المعادلة وهي تحصل على دعم كبير من الفلسطينيين.  واضاف أنه من اجل تمكين مصر من تجنيد المجتمع الدولي لصالح الفلسطينيين فانه يجب على حماس والسلطة الفلسطينية بلورة موقف موحد.

اللغة العدائية للسنوار تصعب على مصر الدفع قدما بمبادرات المصالحة والتسوية السياسية، لكنها تعرف حاجتها الى اظهار القوة. فمصر نفسها اضطرت الى شن حرب اكتوبر من اجل التوقيع على اتفاق سلام مع اسرائيل.

خطاب السنوار بعد انتهاء عملية “حارس الاسوار” كان عسكريا. فقد صرخ ولوح باصبعه ومسح عرقه عن وجهه ونهض عن الكرسي بعصبية، الامر الذي اشار الى الغضب والضغط والحاجة الى أن يعيد لنفسه الشرعية والشعبية. وقد تبين من اقواله بأنه غاضب من اسرائيل لأنها لم ترد عليه بانجازات سياسية، اجتماعية واقتصادية، رغم ضبط النفس النسبي الذي اتبعه. وبهذا تسببت بتعزز قوة خصومه الذين اوشكوا على هزيمته في الانتخابات الداخلية للحركة. وقد غضب من غطرسة اسرائيل ومن تجاهل تحذير محمد ضيف بشأن القدس، ولأنها اضطرتهما الى الانجرار الى مواجهة عسكرية للحفاظ على صورتهما الوطنية في نظر الفلسطينيين بشكل عام، وسكان شرقي القدس بشكل خاص. يبدو أنه غضب من الاضرار التي تسببت بها اسرائيل لسكان حي الرمال، اصحاب رؤوس الاموال والمهن الحرة، الذين يمكن أن يهاجروا من غزة وابقائه مع الفقراء وعدم القدرة على اعادة اعمار القطاع.

باطلاق الصواريخ الكثيف على تل ابيب وغوش دان ربما اراد السنوار نقل رسالة الى اسرائيل تقول: اذا هربوا من غزة فسيهربون ايضا من تل ابيب. وقد غضب من المجتمع الدولي المعني بتحويل اموال اعادة الاعمار عبر السلطة الفلسطينية من اجل تقويتها واضعاف حماس، الامر الذي يؤدي الى تعميق الانقسام الفلسطيني. 

من المهم للسنوار أن ينقش في وعي اسرائيل بأنه ايضا في هذه المرة المعركة انتهت بدون حسم عسكري. وحسب قوله، اسرائيل لم تنجح في تصفية قدرة حماس الصاروخية والكثير من الانفاق ولم تتسبب بضرر كبير للوحدات المختارة والقيادة. تقديرات الاستخبارات وخطط الخداع لاسرائيل انهارت، وحتى تم فتح مدخل للتعاون المستقبلي بين حماس وفتح وحزب الله. 

السنوار يدرك أنه اذا اراد اضعاف نفوذ قطر وخالد مشعل وعزمي بشارة في داخل التجمعات الفلسطينية، واجبار المجتمع الدولي واسرائيل على رؤيته كعنوان وحيد لأي تسوية، هو بحاجة اليهم كي يكونوا على يمينه، لا سيما عرب 1948. وقد سماهم في خطابه “رجال أقوياء” (قبضيات)، وأثنى على معارضتهم للأسرلة والتعايش، وقال بأنه على قناعة بأن الكثيرين منهم مستعدين للموت كشهداء من اجل الاقصى والقدس، والطعن والدهس واحراق الغابات. “رجالنا في الداخل هم الذين سيحددون كيف سيكون المستقبل القريب”، قال في مقابلة اجراها مع صحيفة اجنبية. من ذلك يمكن الفهم بأنهم في غزة بدأوا في فهم أن المقاومة الشعبية هي أداة ضغط بناءة اكثر من المقاومة المسلحة.

السنوار الذي يدرك تأثير النكبة والنكسة على الكرامة الشخصية والشموخ الوطني الفلسطيني، من المهم له تجنيد التراث القتالي البطولي للشيخ احمد ياسين وياسر عرفات وفتحي الشقاقي وأبو علي مصطفى ومحمد ضيف، من اجل رفع رأس التجمعات الفلسطينية وأن يغرس فيها الايمان والامل بالتحرر والعودة. وبالغاء خصمه مشعل من القائمة في اقوال الثناء التي وزعها على عرفات وعلى اسهامه في تسلح الفلسطينيين العسكري (سفينة السلاح “كارين إي”) وابداء الاستعداد للشهادة، يبدو أنه حاول أن يرمز الى أنه هو، وليس مشعل، من يستحق أن يواصل درب عرفات.

حماس لا تنوي التنازل عن ايديولوجيتها السياسية، الجهاد ضد اسرائيل، حتى القضاء عليها، اوضح السنوار في خطابه. ولكنه اضاف بأن حماس ستكون مستعدة لتعليق النزاع والتوقيع على هدنة طويلة المدى باسم الاتفاق الوطني ومن خلال احترام الوسطاء. مشعل في المقابل يعيش بعيدا عن غزة ولا يشعر على جلده بمعاناة السكان، ويواصل تأييد الانتفاضات التي تربط بين الفلسطينيين، ويعارض المفاوضات والتطبيع التي تفصل بينهم وتضر بالامن القومي العربي والاسلامي. المعركة الاخيرة اثبتت، حسب قوله، بأنه يمكن هزيمة الكيان الصهيوني الهش وغير الشرعي، وأن عرب 1948 هم قوة كبيرة يمكنها أن تتسبب بانهيار اسرائيل.

اذا كان السنوار لا يريد تخييب أمل مصر، التي تستطيع أن تفتح له باب الى العالم الخارجي، واذا كان لا يريد تضييع الفرصة ليصبح زعيم شعبي وحصري من قبل حماس، الى جانب السلطة الفلسطينية – بعد أن نجح في هذه المعركة في اعادة المشكلة الفلسطينية الى مركز خطاب المجتمع الدولي – فيجب عليه التخلي عن النغمة العدائية ووقف النار والتوقيع على صفقة لاطلاق سراح الاسرى واعادة اعمار القطاع. واذا كانت اسرائيل لا تريد السقوط في شرك قطر وتركيا وقيادة حماس في الخارج، فمن المحظور عليها تقديم انجازات لها في كل ما يتعلق بالقدس وقطاع غزة.

في موضوع القدس يجب على اسرائيل أن تتعامل مع الاردن والسلطة الفلسطينية، وأن تقترح عليها انشاء آلية مشتركة تكون مسؤولة عن الامن في الاماكن المقدسة. هذا يمكنه اضعاف النفوذ السلبي لحماس والجناح الشمالي للحركة الاسلامية، وأن يمنع جهات سياسية ودينية متطرفة من تأجيج المشاعر. في موضوع قطاع غزة يجب على اسرائيل أن تتعامل مع مصر وقيادة حماس في غزة (السنوار) وزيادة حضور مصر في القطاع وتسليح السنوار بانجازات سياسية واقتصادية تدفعه للتقدم نحو هدنة طويلة المدى. وبعد ذلك نحو تسوية سياسية مع السلطة الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى