هآرتس – بقلم رام فرومان – المطلوب الآن هو حزب علماني
هآرتس – بقلم رام فرومان – 27/12/2020
“ مع مرشح مثل جدعون ساعر، خلافا لنتنياهو، هناك احتمالية لأن يشكل العلمانيون كفة الميزان، ويمكنهم استغلال قوتهم من اجل تحسين حياتنا “.
هاكم الوضع كما هو: كتلة الوسط – يسار، التي تضم اغلبية الجمهور العلماني في الدولة، توجد الآن في مفترق طرق دراماتيكي. في السنوات الاخيرة ركزت الكتلة على اسقاط حكم بنيامين نتنياهو. والآن هناك احتمالية عالية بأن يسقط نتنياهو. ولكن من سيخلفه سيكون كما يبدو جدعون ساعر الذي ايديولوجيته، سواء في المجال السياسي أو في المجال العلماني – الديني، بعيدة حتى أكثر من رؤية كتلة الوسط – يسار.
من الاستطلاعات الحالية يبدو أن اعضاء الكتلة سينقسمون بين ثلاثة احتمالات، لا احد منها مفرح. الاول، تصويت كل هدفه اسقاط نتنياهو حتى لو كان معنى هذا هو التصويت لاشخاص خطيرين مثل ساعر أو نفتالي بينيت. الثاني، تصويت لمن من هؤلاء ما زال غير قادر على قراءة الخارطة ويصممون على اعتبار انفسهم مرشحين لرئاسة الحكومة، ومن اجل ذلك يتجاهلون كل مبادئهم واحتياجات جمهور ناخبيهم. اثناء كتابة هذه السطور يبدو أن يئير لبيد سيتبع مرة اخرى هذه المقاربة وكذلك رون خولدائي اذا تنافس. الاحتمالية الثالثة هي التصويت لحزب يسار واضح، الذي مصيره البقاء في المعارضة. صحيح أن من سيصوت له سيبقى مخلصا لنفسه، لكن انعدام النجاعة سيكون مشابها للتصويت لمرشح آخر في نظر نفسه لرئاسة الحكومة، والذي لن يصل في أي يوم الى هذا الهدف المأمول.
الويل لنا اذا كانت هذه هي الاحتمالات المتاحة امامنا. ولكن هناك مخرج ابسط واسهل منها. وقد حان الوقت لتشكيل حزب علماني هدفه الوحيد هو اعطاء تمثيل مخلص للجمهور العلماني. حزب كهذا لن يتباهى بتعيين رئيس حكومة، بل سيريد ضمان المباديء الهامة لجمهوره. كما يبدو، النزاع الفلسطيني لن يقوم بحله. ولكنه سيطالب بميزانيات للامور المهمة بالنسبة لنا: المواصلات العامة في ايام السبت، الغاء قانون الدكاكين، وقف التهويد في جهاز التعليم وفي الجيش، والاعتراف بالزواج المدني. ايضا سيعمل على استئصال الفساد والدفاع عن جهاز القانون والتأكد من أن عملية الضم لن تبعث من الموت.
مع نتنياهو كرئيس للحكومة لم يكن هناك احتمال لعملية كهذه، لأنه رغم أنه اكثر علمانية ممن يتبجحون باستبداله، لا يمكن الاعتماد عليه، والجلوس في حكومة معه يكتنفه لطخة اخلاقية ثقيلة. حتى اذا اصبح بينيت رئيسا للحكومة فلن يكون هناك أي فائدة من الانضمام اليه. ولكن حالة ساعر مختلفة. صحيح أنه هو نفسه يتبنى مواقف مقلقة: كوزير تعليم ساهم ليس اقل من بينيت في تعزيز التهويد، وكوزير للداخلية اخترع قانون الدكاكين. ولكن أولا، الاشخاص الذين انضموا اليه ليسوا بالضرورة يشاركونه مواقفه هذه. وايضا اثبتوا في السابق بأنه يوجد لديهم استعداد لعقد تحالف مع كتلة الوسط – يسار. وثانيا، يبدو أن ساعر نفسه من شأنه أن يجد هناك فوائد سياسية كثيرة في عقد تحالف مع الجمهور العلماني. وهو بالتأكيد يعرف الخطر في تشكيل حكومة يمينية متطرفة، والثمن الباهظ المتوقع دفعه لتحالف مع الاحزاب الدينية. بالضبط مع مرشح مثل ساعر فجأة توجد احتمالية لأن يشكل العلمانيون كفة الميزان.
لاعب رئيسي في هذا السيناريو هو افيغدور ليبرمان. اسرائيل بيتنا يعمل الآن كحزب علماني واضح. وحتى الآن معظم الجمهور العلماني الذي يتركز في كتلة الوسط – يسار سيجد صعوبة في التصويت له بسبب مواقف من يترأسه. ليبرمان هو الشريك المناسب لساعر، لكنه يستمر في رفضه للجلوس مع الاحزاب الدينية. في المقابل، شخصيات كبيرة في حزبه توضح مرة تلو الاخرى بأن ميرتس، وبالتأكيد أي حزب علماني من اليمين، سيكون شريكا مرغوب فيه. اذا تم تشكيل حزب علماني على يسار ليبرمان، أنا أقدر بأنه سيكون القوة الرئيسية التي ستدفع لعقد تحالف بين ساعر وبينه.
هناك الكثير من المرشحين المحتملين كي يترأسوا حزب كهذا. حتى لبيد وخولدائي هما مرشحان مناسبان، اذا تمكنا من التنازل عن توقهما الذي لا أمل له في الحكم. ومن نيتسان هوروفيتس وتمار زيندبرغ وميراف ميخائيلي من اليسار وحتى عوفر شيلح واساف زمير ورام شيفع وآفي نسنكورن من الوسط – هناك عدد كبير من العلمانيين الايديولوجيين الذين لهم مواقف براغماتية ومرونة فكرية، والذين كان يمكنهم أن يشكلوا، وحتى أن يترأسوا حزب كهذا. فقط هناك أمر واحد مطلوب منهم: الاعتراف بالواقع. الجمهور العلماني، مثل كتلة الوسط – يسار بشكل عام، ما زال يعيش في وهم أنه الاغلبية وأنه يمكنه الوصول الى سدة الحكم. وأنا اتساءل، كم هي الاخفاقات المطلوبة لنا من اجل أن نستيقظ. هل في الوضع الحالي أخيرا سندرك أننا لا نستطيع الوصول الى سدة الحكم، ولكن توجد هنا فرصة ايضا لاسقاط نتنياهو، وايضا لبلورة حزب قوي يكون جذاب لكل مرشح، ويستخدم ذلك من اجل تحسين حياتنا.
وهم التمسك بالسلطة جعلنا نفشل مرة تلو الاخرى، وفي الطريق ايضا اعطاء صوتنا لسارقي اصوات انتقلوا فورا الى الطرف الثاني. والآن حتى لو حدثت هذه المعجزة، ومرشحنا حصل على التفويض لتشكيل الحكومة، لكان سيضطر الى أن يبيع القليل من المباديء التي بقيت لنا لشركائه في الائتلاف. وبدلا من ذلك، يجب علينا التصويت لقائمة مكونة ممن يصممون على تمثيلنا، وبعد الانتخابات تضع مطالب ولا تخضع للطرف الثاني. واذا لم يكن هناك بين السياسيين الحاليين من هو مستعد لقيادة خطوة كهذه، فربما حان الوقت لأن يدخل الى الساحة لاعب جديد – ليئور شلاين، ليصعد فورا في الذهن كخيار ممتاز – وبدلا من محاولة الركض في طريق تم اثبات فشلها في السابق، سيقودنا الى طريق اخرى.