هآرتس – بقلم ديمتري شومسكي – يئير غولان يمكنه أن يقضي على ميرتس
هآرتس – بقلم ديمتري شومسكي – 28/12/2020
“ التبرير الوحيد المناسب لاقامة الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل يكمن في المبدأ الدولي، الحق في تقرير المصير. ويجب علينا الأمل بأن يكتشف اعضاء مؤتمر حزب ميرتس الخطر المتمثل بيئير غولان وأن لا يساهموا في القضاء على آخر معقل لليسار الاسرائيلي، اذا انتخبوا غولان في قيادة الحزب “.
حسب ادعاء عضو الكنيست يئير غولان (ميرتس) (“هآرتس”، 13/12)، هناك فرق جوهري بينه وبين اعضاء اليمين القومي المتطرف – الديني: في حين أنه “يريد الحفاظ بأي ثمن على اغلبية يهودية” في اسرائيل، اليمين يتطلع الى “ضم ملايين الفلسطينيين” من اجل الحفاظ على ارض اسرائيل الكاملة. ولكن الحقيقة هي أن اليمين لم يتنازل عن مبدأ الاغلبية اليهودية، ولا يخطر بباله أن يضم الى اسرائيل “ملايين الفلسطينيين”. خطة ضم اليمين التي لم تخرج الى حيز التنفيذ في الصيف، لكنها توجد في الدرج في متناول اليد، تسعى الى فرض القانون الاسرائيلي على اجزاء واسعة من الضفة دون تجنيس الفلسطينيين، الذين سيبقون بمعظمهم مسجونين في جيوب في مناطق أ و ب.
مثلما لغولان، ايضا لليمين القومي المتطرف، الحلم الديمغرافي للحفاظ على الاغلبية اليهودية في اسرائيل هو مبدأ مقدس لا يمكن التنازل عنه. ولكن في حين أن غولان مستعد للتنازل من اجل هذا الحلم عن المستوطنات المعزولة والموافقة حتى على تسوية جغرافية أوسع، فان اليمين يعرض على الناخب الحفاظ على الاغلبية اليهودية وكذلك أن يضم في الوقت المناسب بقدر ما يستطيع من ارض اسرائيل بدون اعطاء الجنسية للفلسطينيين. اضافة الى ذلك، عن طريق استخدام مفاهيم مغسولة مثل “حكم ذاتي فلسطيني” أو “دولة فلسطين” (بصيغة صفقة القرن)، سيحرص اليمين على أن يعرض على المجتمع الدولي دولة الابرتهايد اليهودية كدولة ديمقراطية مثل أي دولة ديمقراطية اخرى.
الآن يسأل سؤال لمن يفضل الناخبون المتدينون التصويت، من اجل المستقبل الديمغرافي ومن اجل صورة دولتهم الديمقراطية؟ هل لعضو كنيست من ميرتس، الذي يعرض عليهم الحفاظ على اغلبية يهودية وعلى دولة يهودية وديمقراطية بواسطة تسوية جغرافية – أو لأحد احزاب اليمين الذي سيطرح عليهم الحفاظ على هذه الامور وخلال ذلك ايضا الحفاظ على السيادة على ارض اسرائيل الكاملة؟ يبدو أن الجواب مفهوم ضمنا.
إن خطاب التهديد الديمغرافي هو سيف ذو حدين. هذا الخطاب، في الوقت الذي يرسم فيه سيناريوهات الذعر لتضاؤل متواصل للسكان اليهود بين البحر والنهر، يعمق في الجمهور اليهودي شعور الذعر والرعب تجاه الشعب الفلسطيني. هذا الشعور بدوره يغذي قوة اليمين. وهكذا، في حين أن غولان وامثاله في الوسط – يسار يلوحون امام الاسرائيليين بالتهديد الديمغرافي، فان الاسرائيليين يصوتون لمن يعرض عليهم تحييد هذا التهديد بثمن أقل من ناحيتهم.
التبرير الوحيد المناسب لاقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة الى جانب اسرائيل يكمن في المبدأ العالمي المتمثل بحق تقرير المصير القومي. حسب هذا المبدأ، الشعب الفلسطيني مثل جميع الشعوب، له الحق في العيش بكرامة قومية وبحرية وطنية، وليس في ظروف من الاحتلال الاجنبي. ولكن المشكلة، مثلما اوضح غولان في بداية هذه السنة في مقابلة اجراها معه رفيت هيخت، هي ان كلمة احتلال لا تناسبه. وهكذا ايضا في مقاله الاخير لم يذكر غولان مصطلح “احتلال” ولو مرة واحدة.
لنترك جانبا الفشل الاخلاقي في هذا الامر – حيث ان غولان سيحل ذلك بالغائه كـ “تطهر” – ولنركز على الفشل السياسي. من جهة، غولان لا يتوقع أن يجذب اتباع الاغلبية اليهودية بأي ثمن، الذين مكانهم الطبيعي هو في اليمين أو في الوسط. ومن جهة اخرى، بسبب نفيه للاحتلال فان غولان يمكن أن يردع ايضا القاعدة الداعمة الطبيعية لميرتس.
بناء على ذلك، اذا تم انتخاب غولان رئيسا لميرتس أو اذا وصل الى قمة قيادة الحزب واصبح قادرا على التأثير في برنامجه قبل الانتخابات القادمة، فان ميرتس من شأنه أن يبقى اصلع من هنا ومن هناك، وسيجد نفسه يسير في الطريق الى الضياع، مثل حزب العمل.
يمكننا الأمل بأنه في الوقت المناسب سيكتشف اعضاء مؤتمر حزب ميرتس هذا الخطر، ولن يساهموا في القضاء على آخر معقل لليسار الاسرائيلي.