هآرتس – بقلم ديمتري شومسكي – اتركوا لليمين الاحتجاج ضد نتنياهو
هآرتس – بقلم ديمتري شومسكي – 20/12/2020
“ من اجل وضع سور واقي امام توجهات اليمين ما بعد البيبية، المثيرة للاشمئزاز، يجب على بقايا اليسار السياسي أن يوجه كل طاقاته من اجل بلورة ايديولوجيا داخلية وبناء جبهة سياسية عربية – يهودية لاعادة مسألة المساواة في الحقوق المدنية والقومية بين النهر والبحر الى مركز جدول الاعمال الاسرائيلي والدولي “.
إن انسحاب عضو الكنيست جدعون ساعر من الليكود وتشكيل حزب اليمين المناويءللبيبية “أمل جديد”، لا تترك أي مجال للشك: ظاهرة التنكر لبنيامين نتنياهو تتفشى في اليمين الاسرائيلي مثل النار في الهشيم. بصورة مبدئية هذه بالطبع بشائر جيدة. في حين أنهم في اليمين العميق يقفون بشدة ضد عبادة الشخصية لكبير المحرضين والفاسدين الذين عرفتهم اسرائيل الحديثة، شخص اختطف دولة كاملة كرهينة من اجل أن يتملص بكل ثمن من محاكمته، من الواضح أنه على اليسار أن يبارك هذا بصدق وبدون تحفظ.
مع ذلك، كلما اعطت الجهات الاكثر يمينية النغمة للاحتجاج ضد نتنياهو، فنحن نوصي بقايا اليسار السياسي الاسرائيلي بتخفيف الخطاب المناويءللبيبية وتبريد الحماس ازاء الهجمات على نتنياهو من اليمين. هذا لسببين اساسيين، الاول تكتيكي والثاني استراتيجي. أولا، في اللحظة التي يبرز فيها حضور اليسار بصورة اقل في المرحلة الحالية للاحتجاج ضد نتنياهو فان هذا الامر سيسهل على قادة الاحتجاج اليمينيين، حيث أنه سيكون من الاصعب على من يتحصن في بلفور أن يصف معارضيه كـ “يسار خائن”.
ثانيا، الفرح والسرور من استيقاظ اليمين من المثال الكاذب للبيبية يمكن أن يعميان عيون اليسار عن رؤية حضور الدوافع العميقة لتمرد اليمين ضد نتنياهو، والمس باستعداده لعهد ما بعد البيبية. الاشمئزاز المتزايد من نتنياهو في اوساط اليمين ينبع من الادراك بأنه في الوقت الذي ما زال فيه أوزة عرجاء، وغارق حتى عنقه في شؤونه القضائية، فهو لم يعد قادرا على أن ينفذ بصورة فعالة سياسة اليمين. الحقيقة هي أن حلم الضم يتناثر الى شظايا وعملية تخريب جهاز القضاء تتعثر – كل ذلك بدرجة كبيرة بسبب أنه من اجل تمديد بقائه السياسي قام نتنياهو بتكبيل يديه بحكومة الوحدة مع قائمة ازرق ابيض. هذه “العيوب” يسعى اليمين المناويءللبيبية “اصلاحها” عندما يتم وضع حد لحكم نتنياهو، وهذا هو جوهر “سياسة الدولة الرسمية” المزعومة التي يناضل من اجلها الآن.
ساعر ونفتاليبينيت، موشيه يعلون واييلتشكيد، يوعز هندل وتسفي هاوزر، لم يقفوا ضد نتنياهو وأقزامه الذين يصرخون من اجل طهارة المعايير في الخدمة العامة، بل من اجل استكمال توطيد الهيمنة اليهودية بين النهر والبحر، وترسيخ دولة الابرتهايد في اسرائيل – فلسطين. هذه هي الخطوات التي وجد رئيس الحكومة المتهم بمخالفات جنائية والذي يحارب من اجل براءته، صعوبة في أن يخصص لها كل جهوده. عند اختفاء نتنياهو من الحياة السياسية يجب على ورثته السعي الى الدفع قدما بهذه الخطوات “الرسمية” بصورة اكثر فعالية.
يجب أن لا نخطيء: في العهد الذي سيأتي بعد نتنياهو فان اليمين الاسرائيلي يتوقع أن يصل الى ذروة قوته. مشروع الاحتلال والاستيطان الكولونيالي سيزدهر بشكل اكبر وبدون ازعاج، ومنظمات حقوق الانسان ستتم ملاحقتها حتى النهاية، ونزع الشرعية المتوحش للاحتجاج ضد الاحتلال، والنضال غير العنيف من اجل حقوق الفلسطينيين، من خلال عرضها الكاذب والوقح كـ “لاسامية” – ستزرع الرعب والخوف في الساحة الدولية.
من اجل محاولة وضع سور واقي مناسب امام هذه التوجهات المثيرة للاشمئزاز، يجب على بقايا اليسار السياسي أن توجه الآن كل طاقتها وقوتها النفسية لبلورة ايديولوجيا داخلية لبناء جبهة سياسية عربية – يهودية واعادة مسألة المساواة المدنية والقومية بين النهر والبحر الى مركز الاجندة الاسرائيلية والدولية. لا يمكن فعل ذلك طالما أن اليسار يوظف معظم جهوده في الاحتجاج ضد نتنياهو.