ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم دمتري شومسكي – يولي ادلشتاين ، رئيس السوفييت الأعلى

هآرتس – بقلم  دمتري شومسكي  – 25/3/2020

سلوك رئيس الكنيست ادلشتاين، المهاجر من الاتحاد السوفييتي سابقا، يذكر بسلوك رئيس البرلمان الروسي الذي حارب محاولة الدمقرطة في الاتحاد السوفييتي “.

في السنتين الاوليين بعد تفكك الاتحاد السوفييتي (1991 – 1993) شغل استاذ الاقتصاد روسلين حسبولطوف منصب رئيس البرلمان الروسي. وبمفاهيم اكثر رسمية واكثر دقة، رئيس السوفييت (المجلس) الأعلى للفيدرالية الروسية. هذا الجسم كان كما يدلل اسمه، من بقايا حكم النظام القانوني السوفييتي، الذي ألغى مبدأ فصل السلطات. بهذه الروح ركز المجلس الاعلى في يديه صلاحيات سياسية كانت غير محدودة فعليا، بما في ذلك الكثير من صلاحيات السلطة التنفيذية.

برئاسة حسبولطوف كان السوفييت الاعلى مركز الانتظام لكل القوى السياسية الرجعية للفيدرالية الروسية، وهي الجهات التي تؤيد الشيوعيين والقوميين المتطرفين على حد سواء، بما في ذلك مجموعات لاسامية. هذه القوى عارضت تفكيك الاتحاد السوفييتي الذي اراد الرئيس المنتخب الاول لروسيا، يلتسين، تطبيقه، ووضعت عدد غير قليل من العصي في دواليب الاصلاحات والدمقرطة.

المواجهة السياسية بين السوفييت الاعلى، البلشفي في اساسه لحسبولطوف ويلتسين ومؤيديه في المعسكر الليبرالي – الديمقراطي وصل الى الذروة في ايلول – تشرين الاول 1993 عندما، ردا على امر رئاسي صدر في 21 ايلول الذي أمر بالغاء السوفييت الاعلى الذي عفا عليه الزمن من اجل تشكيل برلمان مناسب بدلا منه، بروح فصل السلطات، حاول حسبولطوف ورجاله عزل يلتسين. في البداية تحصنوا في مقر مجلس روسيا (المعروف باسمه الشعبي “البيت الابيض”). وبعد ذلك، في 3 تشرين الاول، سيطرت مجموعة مسلحة من مؤيدي السوفييت الاعلى مبنى البلدية في موسكو، وحاولوا السيطرة على مبنى التلفاز ومراكز الدولة.

ردا على ذلك اعلن الرئيس عن حالة طواريء في العاصمة. قوات الجيش التي حافظت على الولاء، هاجمت البيت الابيض والقصة انتهت بـ 150 قتيل، معظمهم من المدنيين غير المسلحين. القوات الروسية المناهضة للديمقراطيين برئاسة حسبولطوف هزمت في المعركة، لكنها حظيت بانتصار كبير في المعركة على المدى البعيد، مع النظام الاستبدادي لفلادمير بوتين.هناك عدد غير قليل من نقاط التشابه بين رئيس السوفييت الاعلى حسبولطوف ورئيس الكنيست الحالي يولي ادلشتاين.

في العام 1944 عندما كان في سن عامين طردت عائلة حسبولطوف، التي هي من الشيشان في الاصل، من موطنها الى شمال كازاخستان. هذا كان في زمن موجة التطهير القوية لشعوب القوقاز على يد ستالين. عشية سقوط الاتحاد السوفييتي وعلى الفور بعده تم اعتبار حسبولطوف من المؤيدين ليلتسين، بل وتولد الانطباع بأن عملية الدمقرطة في الدولة الروسية والمجتمع الروسي هو راض عنها. ولكن سرعان ما تبين أنه كان وما زال نتاج واضح للنظام السياسي السوفييتي – البلشفي الذي مباديء الديمقراطية والليبرالية وفصل السلطات كانت بعيدة عنه. في لحظة الحقيقة للديمقراطية الروسية الشابة التي لم تصمد تمسك حسبولطوف بكلتا يديه بالمؤسسة القديمة المعادية لأسس الديمقراطية الليبرالية – السوفييت الاعلى – الى درجة المخاطرة بتدهور الدولة نحو الحرب الاهلية.

الخلفية البيوغرافية لادلشتاين لا تثير كما يبدو أي شك بالعلاقة مع الروح الاستبدادية غير الديمقراطية بروح الاتحاد السوفييتي. بالعكس، امامنا ضحية واضحة للنظام السوفييتي، شخص رفضت هجرته الى البلاد وكان من سجناء صهيون وحكم عليه بثلاث سنوات سجن مع الاشغال الشاقة في معسكر في السوفييت بسبب نشاطاته الصهيونية، بتهمة لا اساس لها من الصحة وهي حيازة المخدرات التي تم وضعها في شقته. وفي السنوات الاخيرة، في منصبه كرئيس للكنيست، برز ادلشتاين كشخصية رسمية مؤيدة الثقافة الديمقراطية. مثلا، عندما عارض في حينه اقتراح ميري ريغف أن يخطب بنيامين نتنياهو في احتفال بمناسبة الذكرى السبعين على قيام الدولة، من خلال تشويش التراث الرسمي الاسرائيلي على طقوس يوم الاستقلال برعاية الكنيست الحصرية؛ وعندما سمح قبل شهرين (بدون خيار وعدم رغبة ظاهرة) باجراء نقاش في الكنيست بكامل هيئتها حول طلب الحصانة الذي قدمه نتنياهو، وفورا تلقى بسبب ذلك وجبة كبيرة من القذارة من البلاط في بلفور، التي عرضته كعميل لليسار.

ولكن في الحقيقة، مثلما يحدث دائما للقادمين من الاتحاد السوفييتي سابقا في اسرائيل (وليس فيها فقط) فان ادلشتاين، الذي هو ضحية النظام السوفييتي، ادرك واستوعب بشكل مطلق أسسه المناهضة للديمقراطية. ومن بداية الاسبوع الماضي تحصنت الكنيست تقريبا مثلما تحصن حسبولطوف ومؤيديه قبل سنوات في البيت الابيض للسوفييت الاعلى. وعند اساءة استخدام صلاحياته كرئيس للكنيست فان ادلشتاين منع حتى وقت متأخر عقد الكنيست بكامل هيئتها وعمل على تأخير تشكيل اللجان البرلمانية التي ستشرف في زمن ازمة الكورونا على الحكومة الانتقالية التي لم يتم انتخابها. ويرفض السماح للكنيست الجديدة بأن تختار رئيس جديد بدلا منه، خلافا لقرار محكمة العدل العليا. وهذا من اجل صد مبادرة ازرق ابيض واسرائيل بيتنا لسن تشريع يمنع نتنياهو من تشكيل الحكومة القادمة بسبب وجود لائحة اتهام ضده.

المراقبون في اسرائيل ينظرون بدهشة الى التخريب البرلماني الذي يفعله رئيس الكنيست. يوسي فيرتر قال وبحق في الاسبوع الماضي بأن الامر يتعلق بعرض غير مسبوق من حيث لامعقوليته في السياسة الاسرائيلية: رئيس الكنيست يشارك في مؤامرة رئيس الحكومة، الذي هو ايضا رئيس حزبه، لشل البرلمان لفترة طويلة بقدر الامكان (“هآرتس”، 19/3). نعم، هناك ما يمكن الاستغراب منه، وهناك ما يجب القلق منه. الحديث يدور ببساطة عن حدث تاريخي حقيقي يفضل الاعتراف به بدون مواربة: شخص مشبع بتراث ثقافي سياسي غير ديمقراطي من انتاج الاتحاد السوفييتي، وهو تراث غريب على التراث الديمقراطي الاسرائيلي، حظي في أن يقف على رأس قدس أقداس الديمقراطية الاسرائيلية، وهو يخرب فيه بدون خجل. ويجب علينا الأمل بأنه رغم الاضرار الكبيرة التي لحقت بالكنيست حتى الآن على يد البيبية وخادميها الحقيرين، أن تتمكن الثقافة والديمقراطية في اسرائيل من أن تقتلع من داخلها هذه النبتة الغريبة بكل الطرق الديمقراطية التي تملكها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى