ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  دمتري شومسكي – دولة واحدة = نكبة ثانية

هآرتس – بقلم  دمتري شومسكي – 31/10/2021

” في ظل غياب كيان مدني مشترك فان أي تسوية ثنائية القومية ستزيد التوتر الاثني والديني. ومع الاخذ في الحسبان علاقات القوة بين الطرفين فمن الواضح من الذي سيخسر من ذلك “.

البروفيسور يهودا باور يقول وبحق إن التفسير الفعلي لاقامة دولة ثنائية القومية بين النهر والبحر الآن هو “حرب مع امكانية كامنة لابادة الشعوب” (“هآرتس”، 8/10). ولكن باور يخطيء عندما يضيف الى ذلك بأن الامر يتعلق بامكانية كامنة للابادة من كلا الطرفين. الحقيقة مختلفة في جوهرها. الجانب الاول، اليهود الاسرائيليون، هو الجانب الاقوى حسب كل المعايير الوجودية ذات الصلة بموضوع المواجهة العسكرية، وهو أقوى بما لا يقاس من الجانب الآخر. الجانب الآخر، العرب الفلسطينيون، هو الجانب الضعيف حسب كل المعايير. لذلك، “امكانية كامنة لابادة شعب” أو للدقة، “امكانية كامنة شفافة” تكمن في عملية بلقنة ثنائية القومية في اسرائيل/ فلسطين، تهدد هنا فقط جانب واحد، وهو الجانب الفلسطيني. 

لا شك أن الدولة الواحدة بين النهر والبحر، التي يدعو اليها لسبب معين من يعارضون تقسيم البلاد من اليسار، دولة ثنائية القومية، لن تكون ثنائية القومية بأي شكل من الاشكال. اقامتها، الآن أو في المستقبل المنظور، ستشير بصورة واضحة الى الانتصار الكاسح لمشروع الاستيطان الكولونيالي في الضفة الغربية، المخلص منذ سنين لفكرة “سيادة الآن”. وحتى لو رافق ضم المناطق الفلسطينية تجنيس كامل لسكانها في دولة اسرائيل، مثلما يقول اتباع فكرة دولة ديمقراطية واحدة في اوساط اليسار وبعض مؤيديها في اوساط اليمين، فانه في كل الاحوال عملية الضم السياسية هذه ستثير موجة كبيرة من الحماس القومي المتطرف – المسيحاني في اوساط اليمين. 

مسيرة الاعلام الفاشية والحقيرة سيتم اجراءها من الآن فصاعدا ليس مرة واحدة في السنة في القدس، بل في كل اسبوع وفي جميع اراضي الوطن التي تم استرجاعها نهائيا على أيدي السيد اليهودي، من اجل اثبات من هو صاحب البيت هنا. 

الانتفاضة الفلسطينية التي لن يطول مجيئها، ازاء “الاحتفالات بالسيادة” مثل هذه، سيتم الرد عليها برد صهيوني مناسب من قبل جيش الدفاع عن المستوطنين وعن من يقطعون اشجار الزيتون، في حين أن الشرطة السرية “الشباك”، بالتأكيد هي ايضا لن تقف مكتوفة الايدي. الشباك، مثلما تعلمنا مؤخرا من الاقوال الاورويلية للرئيس الجديد لهذا الجهاز، رونين بار، فان هدفه هو تنفيذ “مباديء الديمقراطية الدفاعية”. هذه لم تكن زلة لسان. لأنه في “الدولة القومية للشعب اليهودي” فان الشعب والسيادة ليس سوى العرق اليهودي. لأن حكم الاغلبية الاثنية – اليهودية، نظام الاتنوقراط حسب البروفيسور اورن يفتحيل، يعرض اكثر من مرة في الخطاب الاسرائيلي كنظام ديمقراطي.

من هنا فان أي تحد لتفوق اليهود هو حسب هذا المنطق المشوه مس بالديمقراطية. يمكن اذا أن نكون على ثقة بأن الشباك لن يسمح بـ “المس بديمقراطية” كهذه. وبالتعاون مع اذرع الامن الطويلة الاخرى الاتنوقراطية اليهودية لن يفوت الفرصة للاسهام بنصيبه في استكمال “العمل الذي لم يقم بانهائه بن غوريون”، مثلما قال رئيس حزب العنصرية الصهيونية – الدينية، بتسلئيل سموتريتش، وسيعمل بكل طاقته لابعاد اعداء ديمقراطية اليهود من الدولة اليهودية – الديمقراطية. 

فكرة ثنائية القومية التي هدفها التوفيق بين حقوق المواطن الفردية والحقوق الوطنية الجماعية للشعبين في البلاد، اللذين يعيشان بين البحر والنهر، هي فكرة عادلة ومرحب بها، مع جذور تاريخية عميقة داخل التيارات السياسية الرئيسية للصهيونية الحديثة. يجب التطلع الى تجسيد المكونات ذات الصلة في اطار دولة اسرائيل في حدود 1967 على اساس واقع مدني مشترك قائم ومتواصل بين مواطني الدولة اليهود والفلسطينيين. بالتالي، رغم أن الامر يتعلق بواقع مدني معيب ومشوب بعدم المساواة فانها ما زالت تشكل بنية اساسية مدنية كافية للدفع قدما بخطاب المصالحة ثنائي القومية بين مواطني الدولة.

في المقابل، في ظل غياب أي كيان مدني مشترك بين اسرائيليين وفلسطينيين في مناطق الاحتلال فان محاولة تجسيد اسس الاتفاق ثنائي القومية في كل الفضاء الواقع بين البحر والنهر، يتوقع بالاساس أن تزيد بدرجة لا تقدر اشتداد الاستقطاب الاثني والديني. وأن تثير بدرجة اكبر الاحاسيس القومية – الدينية البدائية بين الشعبين. بناء على ذلك، هذه التجربة مصيرها الفشل. لأنه مع الاخذ في الحسبان علاقات القوة القائمة بين اليهود والفلسطينيين فان نهايتها معروفة مسبقة، وهي نكبة ثانية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى