ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم دفنه ماؤور – العصر الذهبي للولايات المتحدة لن يعود عليها أن تجد سبيلاً جديداً للعظمة

هآرتس – بقلم  دفنه ماؤور – 4/11/2020

وباء الكورونا كشف ضعف الولايات المتحدة مقارنة بالصين. الرئيس الذي سينتخب سيكون عليه مواجهة تراجع الولايات المتحدة العالمي بموازاة مواجهة التحديات الداخلية الكبيرة المتمثلة بإعادة  إصلاح الاقتصاد والمجتمع“.

جوزيف ناي هو أحد المفكرين السياسيين البارزين في العالم، في 1990 صاغ مفهوم “القوة الناعمة” وهي القدرة على التأثير على الآخرين وجعلهم يتصرفون كما تريد، بواسطة الإقناع والجذب”، الجزء الخاص بالجزرة في مثال العصى والجزرة. الولايات المتحدة استخدمت قوتها الناعمة في تقديم المساعدة الاقتصادية والدبلوماسية، وحتى في نسج أحلام بواسطة أفلام هوليوودية. الصين تبني بنية تحتية لدول فقيرة في إطار مشروع “الحزام والطريق” كتجسيد للقوة الناعمة.

في تموز 2018، وفي مقابلة معه في تل أبيب، تحدث ناي عن “القوة الذكية” -وهي دمج للقوة الناعمة والصلبة. دون حكمة كهذه، لن نستطيع أن نواجه المشاكل الجديدة التي تقف أمام العالم، تكنولوجيا متقدمة مثل الذكاء الصناعي والسايبر، وعبر شبكات اجتماعية والتي تتلاعب بالوعي وحتى انتفاضات ضد العولمة. لقد حذر من أن مقاربة الرئيس ترامب، بعد سنة ونصف من دخوله للبيت الأبيض، والتي بمقتضاها “القوة هي لعبة صفرية المجموع، والتي فيها مصالح كلا الطرفين يجب أن تكون متناقضة “هي مقاربة خطيرة. وأضاف “ترامب لا يفهم القوة الذكية، لأنه لا يؤمن بالقوة الناعمة”.

التحالفات الدولية كانت أحد الأوراق التي أمسك بها الأمريكيون قبل ترامب، والتي لم تكن موجودة لدى الدولة العظمى الأكثر تهديداً لها الصين. ولكن ترامب تنازل عنها. ناي ادعى حينئذٍ انه إذا انهى ترامب ولايته بعد 4 سنوات فإن الولايات المتحدة سوف تنهض، وإذا استمر في الحكم 8 سنوات فإن الولايات المتحدة سوف تفقد القيادة العالمية. في أيلول هذا العام كتب، “في 3 تشرين ثاني سنعرف هل وصلنا إلى نهاية الحادث التاريخي”.

حتى قبل أن تنتهي الـ 4 سنوات فإن أزمة الكورونا أظهرت أن الولايات المتحدة تتخلف عن الصين في الممارسات الأساسية جداً في الأزمة: إدارة مكافحة الوباء على الجبهة الصحية كانت كارثةً، قيادتها كانت منقسمة ولم يكن هنالك تنسيق وتركيز على إدارة النظام الصحي. ترامب نفى وجود الوباء واتهم الصينيين. الاقتصاد الأمريكي غرق في أزمة اقتصادية شديدة، في الربع الحالي، والذي فيه الولايات المتحدة ما زالت غارقة في بطالة تبلغ 8% -وهي نسبة لم نشهدها منذ الازمة المالية لسنة 2008- إن نهوض الاقتصاد الأمريكي تم إيقافه. وبالمقابل، الصين تحظى بربعين متواليين من النمو مقارنة بـ 2019، وزادت ناتجها عن المستويات التي كانت قبل الوباء.

بالنسبة للـ 320 مليون أمريكي، فإن المشكلة الحقيقية ليست في ان الصين تتفوق على الولايات المتحدة في النمو الاقتصادي او بسبب مؤشرات أخرى أو أنها تتخلف فيها. القوة الناعمة التي استخدمتها الولايات المتحدة من أجل ترسيخ نفوذها في الشرق الأوسط، آسيا أو أمريكا الجنوبية ، لا تهمهم. ما يقلقهم هو صفوف آلاف السيارات لتوزيع الأكل على المحتاجين، وفقدان التأمين الصحي من قبل الموظف المفصول،تقلقهم الشوارع المعطوبة والانقطاعات في الكهرباء. هم يخافون أنهم لن يستطيعوا ارسال أولادهم إلى جامعة جيدة، الأمريكيون يخافون من العنف، من العنصرية، من الأجانب في الخارج ومن الأجانب الذين بينهم، ثقتهم بمؤسسات السلطة متدنية، وحتى متوسط العمر المتوقع في العقد الماضي سجل انخفاضاً بعدة سنوات.

على من سيقود الولايات المتحدة في ال4 سنوات القادمة، تقع مسؤولية الربط ما بين كلا الأمرين، من الممكن أن تختار الولايات المتحدة الانسحاب من دورها كزعيمة للعالم والسماح للصين بتولي دور متزايد على المنصة الجيوسياسية. ولكن أجزاء كبيرة من التميز الذي ميزها في العهد الذي ارتقت فيه إلى العظمة، هي ضرورية لنجاحها الداخلي ولرفاهية مواطنيها. التنازل عن القيادة العالمية يجب أن يتم بطريقة أكثر ذكاءً بكثير وأقل جنوناً وغرابةً من تلك التي إتبعها ترامب، مثل الانسحاب من تحالفات دولية والتي لا تقل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة عن أهميتها لشركائها.

الولايات المتحدة تمتعت بفترة متميزة جداً من الازدهار الذي رافقه مستوى عالٍ من المساواة الاقتصادية، ما بين سنوات 1950-1980. ولكن بغض النظر عمن سيتولى الحكم منذ الآن ،فإن أحداً لن يستطيع إعادتها على عظمتها التي كانت في ذلك الحين، لأن تظافر العوامل التي رفعها بعد الحرب العالمية الثانية لن يتكرر. ويجب عليها أن تجد سبيلاً للعظمة من نوع الآخر.

الرئيس الذي سؤدي القسم قريباً يجب أن يواجه الأزمة الاقتصادية والصحية الحالية قبل أن يستطيع التفرغ لإجراء إصلاحات عميقة في الاقتصاد والمجتمع الأمريكي- إذا أراد، وإذا استطاع أصلاً. الحزب الديموقراطي، حزب الـ 40 سنة الماضية لم يقم بعمل أفضل مما فعله الحزب الجمهوري، وقرارات المحكمة العليا عززت قوة أصحاب رأس المال في السياسة، بحيث أن من يتم ترشيحهم للمناصب السياسية يتم التحكم  بمعظمهم من قبل أغنياء أو يتم تمويلهم من قبلهم، في كلا جانبي الخارطة السياسية.

تغييرات ديموغرافية في الولايات المتحدة، مثل تقلص الأغلبية البيضاء، من شأنها أن تمنح دعماً أكثر للحزب الديموقراطي في المستقبل. هذا لا يعني انها ستجلب معها شفاءً لضعفها الداخلي. الجناح التقدمي في الحزب أظهر تكيفاً سريعاً مع اللعبة السياسية في السنة الأخيرة. وكلما كبر أعضاء كادره الشباب فإن من شأنهم أن يسيروا في طريق سابقيهم. الحزب الجمهوري من جانبه، من المتوقع أن يجري نقداً ذاتياً كبيراً بعد عهد ترامب – الآن أو بعد 4 سنوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى