هآرتس – بقلم دافيد حاينيتس – إذا كان يهود امريكا يريدون التأثير ، فيجب عليهم الهجرة الى اسرائيل

هآرتس – بقلم دافيد حاينيتس – 12/11/2019
الشعب اليهودي الذي يعيش ن نصفه تقريبا في البلاد، والنصف الآخر في الولايات المتحدة، يوجد له وجع رأس غير قليل. هذا ألم مزمن، لكن مؤخرا ازداد شدة وتحول الى صداع نصفي. لهذا السبب، صحيفة “هآرتس” والجامعة العبرية والوكالة اليهودية وصندوق رودرمان تقدموا في نهاية شهر تشرين الاول الى غرفة الطواريء في مباني الأمة من اجل اجراء فحص (في اطار مؤتمر “اليهودية، اسرائيل والعالم”)، وايجاد وصفة طبية لمخففات الألم، لكن بدون معالجة جذر المرض.
هذا مرض مزمن يعتبر الآن من قبل الكثيرين مرض خطير، حتى أكثر من المسبب الخارجي لألم آخر للشعب اليهودي وهو اللاسامية. حسب مفكرين مثل أ.بيهوشع، ربما أن اللاسامية تنبع من مرض يهود الشتات، مصدر وجع الرأس يكمن في الوضع النفسي “انفصام الشخصية” الذي يعيشه الجانب الليبرالي، العالمي واليساري لعقل اليهود الذي انفصل عن الجانب اليميني المتعلق بالبقاء أحياء القبلي.
هذا التناقض يتمثل بالفجوة بين يهود واسرائيليين يتماهون مع القومية المتطرفة والفظة لدونالد ترامب وأمثاله في البرازيل وفي شرق اوروبا وبين الذين هم سعداء لرؤية من يعملون حسب ميول اشتراكية جديدة، من اجل رأب الصدع في المجتمع الامريكي وممارسة “ضغط من خلال الحب” على اسرائيل، من اجل اعادتها الى حلم اصلاح العالم الذي كان يمثل روح اليهودية الرئيسية في الولايات المتحدة.
في احدى جلسات المؤتمر تمت ادارة جلسات مختلفة شارك فيها اكثر من 2000 شخص، منهم ممثلون عن مؤسسات مجتمعية ومؤسسات دينية يهودية، من قبل رجال اكاديميا ورجال ثقافة من اسرائيل ومن الشتات. لقد برز اتفاق يقول بأن المسؤولين الاساسيين عن الازمة في العلاقات بين اسرائيل ويهود امريكا، هم بنيامين نتنياهو والحاخامية الرئيسية في اسرائيل. مواجهة مع نساء حائط المبكى في ذاك الصباح سقطت كثمرة ناضجة في أيدي الحاخام جلعاد كريب من حركة اليهودية التقدمية، الذي غضب من أن رجال الامن يمنعون اليهود من “احضار كتاب التوراة الى المكان الاكثر قداسة لليهودية”.
الحاخامة دانيا روتنبرغ، من امريكا، ارتجفت وهي تقول “يطلقون النار علينا في الكنس بسبب تحريض الرئيس ترامب، المقرب من نتنياهو، وهنا نمتنع عن ذكر الفيل الذي يوجد في الغرفة”. لسذاجتي اعتقدت أن الفيل الذي يوجد في الغرفة يرتبط بالاقوال التي قالتها محررة صحيفة “فورفارد”، باتيااونغر سيرغون، بأن يهود امريكا ليسوا جزء من العملية السياسية في البلاد، لذلك، من الطبيعي أن تتطور فجوات عميقة في مواضيع سياسية بينهم وبين مواطني اسرائيل. ولكن الحاخامةروتنبرغ قالت بصورة قاطعة “هذا احتلال غبي! كيف يمكننا أن نتوقع من شاب يهودي امريكي أن ينضم الى دولة تقصف غزة؟”.
وحسب رأيي، الفيل الحقيقي في الغرفة هو الهجرة الى البلاد، أو لمزيد الدقة، عدم الهجرة الى اسرائيل من الولايات المتحدة. هذا الموضوع لم يتم ذكره في النقاش. اذا لم يكن هناك دقيق فلا توجد توراة. واذا لم تكن هناك هجرة فلا يوجد أي تأثير سياسي ليهود امريكا على ما يحدث في اسرائيل. من الغريب لي أنه في المؤتمر الذي عبر فيه متحدثون كثيرون عن الخوف على الديمقراطية في اسرائيل، تجاهلوا اقوال اونغر سيرغون.
في نهاية المطاف يجب علينا الاعتراف بأن دولة اسرائيل ليست دولة الشعب اليهودي، بل دولة مواطني اسرائيل. يهود امريكا اختاروا العيش في دولة بوتقة الصهر، التي فيها ظواهر الاندماج والابتعاد عن الاصل الاثني تعتبر ظواهر متوقعة وطبيعية. بناء على ذلك، الفجوة في المواقف بين يهود امريكا وبين اسرائيل غير مفاجئة. اذا أردنا اغلاق الفجوة فيجب علينا أن نشرك في مؤتمرات كهذه فيل آخر بقي خارج الغرفة وخارج النقاش: لقد برز بغيابهم عن النقاش نحو 100 ألف مهاجر من الدول الانجلوسكسونية الذين يوجدون في اسرائيل. ممثلوهم كان يمكنهم وصف حياتهم في اسرائيل بخيرها وشرها.
هؤلاء المهاجرون كانوا سيشرحون كيف بالامكان زيادة تأثير يهود الولايات المتحدة عن طريق هجرة نصف مليون من اصدقائهم المقربين – الذين يعانون من الأرق بسبب الازمة في العلاقات بين اسرائيل ويهود امريكا. لقد كانوا يستطيعون أن يشرحوا بأن العلاقة الوثيقة بين اسرائيل وبين اليهود في وطنهم هي هم انفسهم، وأن مؤتمرات حول مفاهيم مجردة مثل “هوية يهودية” هي عديمة الاهمية مقابل عرض دمج مهاجري امريكا الشمالية (خاصة الليبراليين من بينهم) فعليا في دولة اسرائيل.
من الواضح أنه سيكون هناك من سيقول بأنه لن تكون في أي يوم هجرة مهمة من الولايات المتحدة. هنا ليس المقام للرد على هذا الادعاء. ولكن ليس فيه ما من شأنه أن يشرح لماذا لا يتم كشف المتحدثين باسم يهود الشتات للمهاجرين الموجودين في اسرائيل، ويُعتبرون من مواطنيها. لشديد الأسف، يمكننا أن نتوقع أنه بدلا من معالجة جذر وجع الرأس للشعب اليهودي فان المسؤولين عن هذا الامر، سواء في البلاد أو في الولايات المتحدة، يكتفون باكامول المؤتمرات والنقاشات التي لا جدوى منها.