ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم حيمي شليف – نتنياهو في روحه كان وما زال مضطهدا دائما وغريبا غاضبا

هآرتس – بقلم  حيمي شليف – 8/9/2020

حياة نتنياهو هي سعي سيزيفي للتحول الى شخص مقبول في اوساط المتعالين عليه، ورد فعل من الغضب والكراهية عندما يصممون على نبذه وحتى ازدراءه  “.

بنيامين نتنياهو حظي في هذا الاسبوع بأن يذوق مرارة العصيدة العفنة التي اعتبرت من تخصصه. الطباخ الكبير للمرارة والاضطهاد تم التغلب عليه بواسطة زعماء السكان الاصوليين الذين شعروا أنهم مضطهدين أكثر منه. وبصفته شخصيا يغذي معسكره منذ عقود بجرعات غزيرة من الاستياء والشعور بالتميز والقاء اللوم على الآخر، يخشى نتنياهو من خطر أن يصيبه السم هذه المرة.

مثل صديقه العزيز ترامب، فان نتنياهو المتخصص في “سياسة الاستياء” – غريفانس بوليتيكس – الذي بالاضافة الى القومية المفرطة وكراهية النخب، تشكل القائمة الرئيسية لكل قائد شعبوي عادي.

لقد وحد خلفه معسكر اليمين بواسطة رعاية دائمة للكراهية الجماعية والتاريخية ضد العرب واليساريين والاشكناز والاكاديميين والمراسلين ورجال القضاء وبالطبع مباي. هذا هو الصمغ الذي يربط معا “تحالف المضطهدين” المعروف، وهذا هو الوقود الذي يغذي الدعم الذي لا هوادة فيه للزعيم نتنياهو حتى لو فسد.

اجل، عن طريق رعاية الكراهية للآخر وتضخيم الخطر الوجودي النابع منه، فان نتنياهو حول الكتلة اليمينية الى قبيلة تشعر بالحصار وتحارب من اجل بقائها. في هذه الظروف من الصراع الوجودي، ليس هناك من يدقق، لا في قضايا الفساد التي يتهم بها نتنياهو ولا حتى في اخفاقاته، حتى لو كانت كارثية مثل ادارته لوباء الكورونا. رغم أن معظم الجمهور يعتبر نتنياهو مسؤول عن الكارثة، إلا أن مكانته في الاستطلاعات تضررت بصورة قليلة.

من ينتقدون نتنياهو يتهمونه وبحق بالديماغوغيا المقسمة وبتنمية مشاعر الاضطهاد لناخبيه، سواء كانت محقة أم لا. هم يشيرون الى الفجوة الكبيرة بين أصله النخبوي وبين ملامح معظم معسكره كدليل على استغلال غير لائق وساخر، لكن هذه ليست سوى حقيقة جزئية.

ليس فقط أن نتنياهو يتماهى تماما مع اقوال الهراء التي يقولها، فان كراهيته الشخصية للنخب تعادل بل وتزيد على تلك التي لدى اقرانه. هو يتحدث الى مؤيديه من صميم قلبه.

على الرغم من أنه إبن مؤرخ معروف، تعلم في مدرسة فاخرة في القدس وفي فيلادلفيا، وخدم في دورية هيئة الاركان، وأنهى دراسته في الجامعة العبرية وفي “ام.آي.تي”، وأصبح خطيب مفوه باللغة الانجليزية واللغة العبرية، وتجاوز منافسيه بلفة، وقفز الى القمة واصبح رئيس حكومة قوي، ومؤخرا بدا وكأنه أبدي – إلا أن نتنياهو في اعماقه كان وما زال غريبا غاضبا.

هناك خط مستقيم بين الكراهية الشديدة التي رضعها من والده الذي تم التمييز ضده كما يبدو بسبب مواقفه السياسية وابعاده في طفولته من قبل محيطه المبايي ومصاعب انتقاله كشاب الى امريكا والعودة منها وبين مشاعر الاضطهاد التي تعتمر في نتنياهو حتى اليوم.

حياته هي سعي سيزيفي للتحول الى شخص “مقبول” في اوساط الذين يتعالون عليه، ورد فعل على الغضب والكراهية عندما يصمم هؤلاء على نبذه وحتى ازدرائه.

اتفاق التطبيع الذي انجزه مؤخرا مع دولة اتحاد الامارات يوصل هذه العملية الديالكتيكية الى ذروتها. نتنياهو وضع نفسه كـ “صانع سلام” بحجم مناحيم بيغن واسحق رابين، وكان يأمل أنه بهذا سيحظى أخيرا بالشرف الكبير الذي يستحقه. ولكن لأن شفقته على نفسه واحساسه النابض بالضحية أعمت عينيه فهي تظهر اسهامه الفريد في العداء تجاهه، في التحريض والتقسيم وفي حربه ضد الديمقراطية وتمسكه المدمر بالسلطة – فهو يشعر مرة اخرى بالاضطهاد والتمييز ضده والنبذ والكراهية أكثر من أي وقت مضى.

بعد أن عانى من الاهانة واستسلم للمشاعر المشابهة للاصوليين، فقد ازدادت شهية نتنياهو للانزعاج من مضطهديه، الذين يكرههم، كما يبدو، أكثر مما يحب شعبه ويخاف على مصيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى