هآرتس – بقلم حيمي شليف – الليكود في ستوكهولم

هآرتس – بقلم حيمي شليف – 26/11/2019
في 23 آب 1973 دخل السجين المحرر، يان اريك اولسون، الى فرع بنك الائتمان في السويد وهو يرتدي قناع وفي يديه رشاش. لقد اعلن عن سطو مسلح وأخذ اربعة اشخاص كرهائن واحتجزهم خلال ستة ايام الى حين حررتهم شرطة ستوكهولم واعتقلت اولسون وشريكه. عند خروجهم قال الرهائن بأن اولسون تعامل معهم بلطف وحماهم من عنف الشرطة.
هكذا ولد مصطلح “متلازمة ستوكهولم” الذي يصف ظاهرة فيها ابناء الرهائن يطورون علاقة وتماهي مع الخاطفين وعداء ضد سلطات القانون التي تعمل ضدهم. مع مرور الزمن توصل عدد من الباحثين الى استنتاج بأن هذه الظاهرة توجد ليس فقط في اوساط مجموعة صغيرة من الرهائن، بل ايضا في اوساط مجموعة من السكان تعاني من قمع طويل مثل النساء المعنفات. لو أنهم حققوا في اسرائيل لكان يمكنهم أن يضموا ايضا شخصيات كبيرة في الليكود والمخلصين له كمثال بارز على “متلازمة ستوكهولم” جماعية.
وكما هو وارد في الكتب التي تتناول هذا الموضوع، كلما زادت الفترة التي يتم فيها احتجاز هؤلاء الاشخاص كرهائن كلما زادت احتمالات ظاهرة هذه المتلازمة: لدى بنيامين نتنياهو الحديث يدور عن 20 سنة تقريبا من السلطة الفردية في حزبه، الـ 14 سنة الاخيرة منها بشكل متواصل. المخطوفون حسب النظرية، يستجيبون لكل طلبات الخاطف خشية الاضرار بهم، ويطورون علاقة عاطفة من الشكر والتعاطف في الوقت الذي يتنكر فيه لقبيلته. هكذا رؤساء الليكود الذين يخافون من القوة المطلقة لنتنياهو في الحزب، ويسيرون خلفه، وحتى يدافعون عنه ممن ينتقدونه.
التواجد المتواصل والطويل والاقتراب الحميم من الخاطف تتسبب بهز الموقف الاساسي للرهائن. هم يبدأون بالتماهي مع الخاطف المجرم والايمان بأنه يعمل لصالحهم. هم يفقدون القدرة على التمييز بين الخير والشر، العدل والظلم، البراءة والذنب. الشرطة تتحول الى مجرمة والمجرم يتحول الى شخص بريء تتم مطاردته دون ارتكاب أي ذنب.
إن الانتعاش من متلازمة ستوكهولم يكون بطيء وصعب. هناك من يتعافون خلال بضعة ايام وهناك من لا يتحررون من الظاهرة خلال سنوات كثيرة. إن الشفاء يحتاج الى علاج صابر وحساس فيه يمنع المعالِج من القاء التهمة على الشخص المعالَج. ولكن يبين له بالتدريج درجة انقطاعه عن الواقع. والى حين الشفاء الكامل يجب الحذر من اعادة الشخص المعالَج الى اوضاع يمكن أن تذكره بالصدمة التي مرت عليه، قال الخبراء.
هكذا، وبعد أن تحرر سلطات القانون الليكود من الأسر ومن رعب نتنياهو فان الكثيرين من مؤيديه سيواصلون رؤيته كبطل مطارد بدون ذنب ارتكبه. ورغم اعترافهم ببخله وجشعه وجنونه الاعلامي الذي تملكه، ورغم أن نتنياهو قام بخصي الحزب وشله وحوله من حزب متنوع الى منصة لشخص واحد كل هدفه انقاذه من القانون، وأنه خسر في حملتين انتخابيتين ويهدد بجره الى حملة انتخابية ثالثة، فيها يمكن أن يتلقى ضربة قاضية – في نظر ليكوديين كثيرين، بيبي سيظل ملك اسرائيل، ومن يحققون معه هم ابناء بليعال (المجرمون).
بسبب ذلك، ما الذي يحتاجه الليكود، في عهد ما بعد نتنياهو القريب، ليس عودة فورية الى الائتلاف والى القيادة، التي ستطمس ما بعد الصدمة وتحدد اعراضها، بل هو يحتاج الى فترة راحة وعلاج وانتعاش، وربما حتى فك واعادة تركيب. خصومه لا يحتاجون الى تشويهه بسبب سلوكه الستوكهولمي، بل التأكد من أنه لهذا الحزب الهام يوجد وقت ومجال من اجل الشفاء. المكان الافضل الذي يستطيع فيه الليكود مواجهة ماضيه فيه والفطام من الادمان على خاطفه نتنياهو هو بالطبع في المعارضة.