ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي – ملحمة للمسعف الفلسطيني

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي – 10/12/2021

” رجال الاسعاف الفلسطينيين هم هدف ثابت لهجمات الجنود وتشويش اداء عملهم اثناء المواجهات. محمد عمر، المتطوع كمسعف سبق له وضرب واعتقل في 2018. وقبل بضعة اسابيع هوجم مرة اخرى من قبل جنود حرس الحدود الذين قام احدهم باطلاق رصاصة مطاطية من مسافة قصيرة عليه “.

محمد عمر، هو شاب يحب عمل الخير، عمره 29 سنة، ترعرع في مخيم الامعري للاجئين قرب رام الله، ونجح في الخروج منه وانتقل للسكن في البيرة المجاورة. هو لديه تعليم اساسي فقط، ويرتزق من كشك قهوة يمتلكه في احد شوارع البيرة، هو أعزب وخاطب، ومنذ ثماني سنوات يتطوع عدة مرات في الاسبوع لتقديم الاسعافات الاولية في عمليات الانقاذ المحلي. في ظل عدم وجود امكانية للدراسة في الجامعة اخذ دورات في الاسعاف الاولي واطفاء الحرائق حتى يستطيع أن يساهم بدوره لصالح المجتمع وأن يكون مواطن افضل. “هناك من يتبرع بالاموال وأنا أتطوع”، قال.

عمر الآن ايضا يعطي بتطوع دروس في الاسعاف الاولي في المدارس، ويذهب الى مراكز كبار السن ويدربهم على اطفاء الحرائق (هذا الاسبوع ساعد كبار السن في عمل اشجار عيد الميلاد) وعالج مصابي الكوارث وحوادث العمل وحوادث الطرق؛ درة تاج اعمال تطوعه هي تقديم الاسعاف للمصابين في المواجهات مع الجيش الاسرائيلي اثناء الاقتحامات والمظاهرات. من المهم له القول بأن التطوع في المواجهات والمظاهرات هو فقط جزء من نشاطه التطوعي.

في بعض الليالي يتلقى اشعار من الشبكات الاجتماعية أو من مقر الاطفائية وخدمات الانقاذ عن اقتحام للجيش للمدينة أو احدى القرى المحيطة، عندها يسارع في الذهاب الى المنطقة، احيانا في الليل، من اجل مساعدة المصابين الذين بالتأكيد سيكونون هناك. وقد قال بأنه يوجد فرق بين الاقتحامات وبين المظاهرات. في المظاهرات المواجهة بين الشباب وبين الجنود ورجال الشرطة تكون مباشرة، هؤلاء يقفون امام اولئك. أما في الاقتحامات الليلية المواجهات تكون اقل مباشرة والجنود يريدون فقط انهاء الاعتقالات أو التفتيش والمغادرة. في حين أن الشباب يرشقون الحجارة على السيارات العسكرية المصفحة التي يستقلونها. وهو يرتدي السترة الحمراء التي تشخص الطواقم الطبية ويحمل حقيبة الاسعافات الاولية، يرافق سيارات الاسعاف أو يصل مشيا على الاقدام الى بؤر الاحتكاك. هكذا ايضا فعل في 11 تشرين الثاني، يوم الذكرى السنوية لوفاة الرئيس ياسر عرفات. في هذا اليوم انهاه في رام الله كمصاب. جنود حرس الحدود قاموا بضربه واطلقوا النار على قدمه.

محاولة للتنصل

ميثاق جنيف الاول من العام 1949 ينص على أنه محظور على القوات المحاربة التشويش على الطواقم الطبية اثناء عملها أو تعويقها، ويجب أن لا يتم فرض اعمال عليها تناقض مهمتها. ولكن اسرائيل تقوم دائما بخرق هذا البند مثل البنود الاخرى.

تقرير منظمة الصحة العالمية من العام 2018 نص على أنه خلال مظاهرات الجدار في غزة، بين 30 آذار و10 تشرين الاول 2018، اصيب 357 شخص من الطواقم الطبية و58 سيارة اسعاف، الذين عملوا على اخلاء المصابين في المظاهرات. 26 ممرض اصيبوا بالنار الحية و37 اصيبوا نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع بصورة مباشرة. يضاف الى هذه الارقام المخيفة الرقم الصادم بأن 3 من رجال الانقاذ قتلوا على ايدي الجيش الاسرائيلي في المظاهرات على الجدار. بعد اسبوع على قتل الممرض الاول، موسى أبو حسنين (34 سنة)، تم اطلاق النار وقتلت في 4 حزيران روسان النجار، المتطوعة في الهلال الاحمر. المتحدث بلسان الجيش حاول في حينه التنصل من عملية قتل الفتاة، التي صورتها بزي التمريض نشرت في ارجال العالم. في البداية حاول الجيش القول بأنه لم يكن هناك اطلاق نار لجنود في المكان الذي كانت تقف فيه. وبعد ذلك قالوا في الجيش إنها قتلت نتيجة “شظية رصاصة”. وفي النهاية قالوا بأنها كانت مثابة “درع بشري للمشاغبين”. تقرير لبتسيلم بين أن اطلاق النار المتعمد هو الذي تسبب بقتلها، في الوقت الذي كانت فيه تحاول انقاذ شابين اصيبا باصابة بالغة باستنشاق الغاز قرب الجدار، احدهما فقد الوعي. جنديان نزلا من الجيب وجثيا في وضع قنص واطلقا رصاصتين على رجال الانقاذ الذين حاولوا تقديم المساعدة للمصابين. رصاصة اصابت النجار في صدرها وخرجت من ظهرها. هي كانت تقف على بعد 25 متر من الجدار عند اطلاق النار عليها، وكانت بالطبع ترتدي سترة تحدد هويتها. اصدقاؤها قالوا إنها “طارت مثل الفراشة” في ذاك اليوم. ركضت من مصاب الى آخر. كان عمرها 20 سنة عند موتها وأمها قالت إنها كانت فتاة بريئة أحبت الحياة ودائما كانت تبتسم. اقوال مشابهة يمكن قولها ايضا عن عمر الذي كان له حظ جيد حيث أنه اصيب فقط. 

اصابته الاولى كمقدم الاسعاف الاولي كانت في 2018. عندها تم استدعاءه هو وشقيقه الاصغر مجد (20 سنة الآن)، الذي هو ايضا متطوع، الى القرية البدوية الخان الاحمر التي تقع على سفح مستوطنة كفار ادوميم، التي قررت اسرائيل في حينه اخلاءها. في المكان اندلعت اعمال احتجاج. عمر وشقيقه حاولا علاج احد المصابين. عندها تم اعتقالهما اثناء قيامهما بعملها. مجد اعتقل لعشرة ايام، وشقيقه الاكبر اعتقل مدة يوم واحد فقط، وقد تم اطلاق سراحهما بكفالة تبلغ 1500 شيكل لكل واحد. المفارقة هي أنه تم اتهامهما بتعويق الجنود ورجال الشرطة اثناء أداء عملهم. محاكمتهما لم تبدأ، ومن غير الواضح اذا كان سيتم اجراءها. عمر جاء عدة مرات الى المحكمة العسكرية في عوفر وهناك عرف أنه تم تأجيل الجلسة مرة تلو اخرى.

قبل شهر، في 11 تشرين الثاني، عاد مرة اخرى الى ساحات القتل. في المنطقة المفتوحة التي تقع امام مكاتب الادارة المدنية في بيت ايل قرب مدخل البيرة الشمالي المؤدي الى رام الله، كان يتوقع اجراء مظاهرة احتجاج اخرى ضد الاحتلال في يوم ذكرى عرفات. عمر جاء الى المكان في العاشرة صباحا وهو يحمل معدات اسعافه ويرتدي الزي الاحمر. قبل بدء المظاهرة وقف عدد من رجال الانقاذ لالتقاط صورة جماعية، جميعهم يرتدون زي الممرضين، اقنعة غاز معلقة على الرقبة والابتسامة على الشفاه. وقد وصل الى المكان خمسة متطوعين من قسم الاطفاء، طاقم من منظمة الهلال الاحمر وسيارتي اسعاف خاصتين، جميعهم استعدوا للمواجهات. 

معدات تنقذ الحياة

في الساعات الاولى جاء الى المكان بضع عشرات من المتظاهرين فقط، وفي ذروة المظاهرة شارك فيها حسب اقوال عمر نحو 100 متظاهر نشط، الذين قاموا باشعال الاطارات ورشقوا الحجارة على 20 جندي من حرس الحدود الذين كانوا ينتشرون في المنطقة امامهم. كان هناك مصابون. اياد حداد، باحث في بتسيلم في المنطقة قال إن الهلال الاحمر نشر بعد انتهاء المظاهرة المعطيات التالية: 26 مصاب بالغاز، 14 مصاب بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، 6 اشخاص سقطوا واصيبوا. فقط مصاب واحد تم علاجه وهو المتطوع عمر. 

عند الظهيرة اتسعت المظاهرة وتحركت نحو مفترق “سيتي ان” على مدخل البيرة. عمر قال إن جنود حرس الحدود اعتقلوا شاب من راشقي الحجارة وبدأوا بضربه. هو حاول أن يهب لمساعدته، لكن جنود حرس الحدود اطلقوا الغاز عليه لابعاده. وقد صوبوا بنادقهم نحوه ونحو عدد من المراسلين الفلسطينيين الذين كانوا هناك. “أنا فقط اريد تقديم العلاج الطبي. هذه مهمتي”، حاول قول ذلك للجنود. ولكنهم قالوا له: “اذهب الى الوراء، ابتعد، غادر”. وقد ادخلوا الشاب الذي كان وحده (15 سنة) الى السيارة العسكرية. وقد سمعه عمر وهو يصرخ: “قدمي، قدمي”. وغادروا المنطقة. أحد الجنود اطلق قنبلة غاز وبعدها قنبلة صوت نحو عمر. 20 متر فصلت بينهم وبينه. هم ايضا اطلقوا عليه رصاصة مطاطية لم تصبه. هذا هو الروتين. 

عمر قال إنه شعر بصعوبة في التنفس. بشكل مفاجيء الرصاصة لم تخترق جسده. فقط اصابت صدره من الخارج. بشكل عام الرصاص الذي يتم اطلاقه من مسافة كهذه يخترق. عمر يعتقد أن المعدات الطبية التي كان يحملها في السترة التي كان يرتديها منعت اختراق الرصاصة. كان مذعور، وعلى قناعة بأن اصابته شديدة. طاقم الهلال الاحمر سارع اليه واعطوه قناع اوكسجين ونقلوه من المكان. تم نقله الى المستشفى في رام الله وهناك تم فحصه لبضع ساعات وتم تسريحه. لم تكن هناك اصابة شديدة، فقط ألم في الصدر في مكان الاصابة، الذي استمر مدة اسبوع. في نفس الاسبوع عاد للتطوع.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى