ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم جدعون ليفي – اليمين يعمل واليسار يتحدث

هآرتس – بقلم جدعون ليفي – 31/10/2021

” أنا حتى أتكلم واكتب فقط. هذا سهل جدا. ولكن لا شيء سيتغير طالما أنه لم يكن هناك المزيد من الاسرائيليين الذين يدركون أن التغيير لا يأتي عن طريق الاقوال فقط “.

الاحباط والغضب لدى اليسار الحقيقي في اسرائيل آخذ في التزايد. مقالان في “هآرتس” قدما تعبير صاخب عن ذلك. “ليس فقط قتلتم. قتلتم وورثتم. هل أحد يشك في أن الصهيونية الدينية قد ورثت البلاد؟ هم موجودون في كل مكان، يرتدون القبعات الصغيرة أو بدونها… جميعهم يتحدثون لغة الصهيونية الدينية”، كتبت كارولينا ليندسمان من دم قلبها (“هآرتس”، 22/10).

بعد ثلاثة ايام على ذلك كتبت زهافا غلئون بغضب اكثر صخبا: “الاجابة على اليمين بسيطة: اسمعي، ايتها البهيمة العنصرية، التي لديها مرض كراهية الاجانب ورهاب المثليين والنساء والتي تهدد بجرنا الى نظام طالبان، أنا غير خائفة منك… الآن، اذهب من هنا قبل أن نعاملك مثلما عاملنا الفاشيين الاصليين” (“هآرتس”، 25/10). متطهرو اليسار الصهيوني لا يحبون هذا الغضب. فهو ضجة في أذنهم وهم يريدون الهدوء المؤدب. ولكن يوجد الكثير مما يجب الغضب منه.

الاعلان أن منظمات حقوق انسان هي منظمات ارهابية، وقرار بناء آلاف الشقق للمستوطنين، والتصويت المهين في الكنيست على مذبحة كفر قاسم، كل ذلك كان يشكل الثلاث قشات الاخيرة التي كان يجب أن تكسر ظهر البعير، البعير الذي كان يجب أن يكسر منذ زمن.

لذلك، لا يمكن عدم التماهي مع غضب ليندسمان وغلئون. ولكن بالتحديد هذا الغضب يكشف ضعف اليسار. فهو يتحدث وهذا كل شيء. اليمين يعمل واليسار يتحدث. اليمين يستوطن ويهاجم ويحرق ويقتل ويصيب ويسيطر على الاراضي واليسار يصمت أو يوثق ويدين. الحكومة تتخذ خطوات اردوغانية تجاه منظمات حقوق الانسان واليسار الصهيوني في الحكومة يشارك بالعار واليسار الحقيقي يصاب بالهستيريا من الغضب. المتدينون القوميون يسيطرون على الدولة وليندسمان تصرخ. صيد ساحرات لكل عربي التقط صورة مع عربي وغلئون تنفجر. هذا يثير الاحترام ولكنه غير كاف. 

الاقوال وحدها لا تنفع. فهي تنفع في الدول الديمقراطية وليس امام ديكتاتوريات عنيفة. الاقوال لا تكفي امام المستوطنين والجيش. أمام عنف الاستيطان كان يجب أن يتم تنظيم مليشيات انقاذ من الجنود المسرحين الذين يدافعون عن الفلاحين وعن املاكهم. أمام السرقات الليلية لفلسطينيين من بيوتهم على أيدي جنود الجيش كان يجب أن تشكل قوة موثقة، أكبر وأقوى من “بتسيلم”، تعمل كل ما في استطاعتها. ولكن هذا غير كاف. تخيلوا الجنود الذين يقتحمون كل ليلة غرف نوم الاطفال، واسرائيليون مصممون ينتظرون هناك ويحملون الكاميرات في ايديهم.

الاقوال لم تقم باسقاط الابرتهايد الاول. في جنوب افريقيا كان هناك يهود مثاليين انتقلوا من الاقوال الى الافعال. هذا لم يكن قانوني واحيانا كان متوحش، لكنهم كانوا هم من احدثوا التغيير وتحولوا الى شخصيات مقدرة. هيلن سوزمان كانت عضوة البرلمان الوحيدة التي عارضت الابرتهايد والتقت مع نلسون مانديلا في السجن. الآن يوجد شارع على اسمها في كيبتاون وصورتها تم تخليدها على طابع بريد. يهود آخرون ذهبوا ابعد من ذلك ودفعوا ثمنا باهظا. جو سلوبو كان قائد الذراع العسكري في “إي.ان.سي” والنظام قتل زوجته؛ آرثر غولدرايخ ودنيس غولدبرغ وروني كاسريلس تم نفيهم أو سجنهم؛ القاضي البي ساكس فقد يده وعينه في انفجار. وقد فهموا أن الاقوال لا تكفي. والآن يتم تخليد ذكراهم. 

في اسرائيل لم يكن هناك يهود انضموا فعليا للكفاح المسلح للفلسطينيين واصبحوا ارهابيين. هذا جيد. ولكن لا يجب أن تكون ارهابي من اجل الانتقال من الاقوال الى الافعال. الجالية الفلسطينية عاجزة، تقريبا لا يوجد أي دفاع عن حياتها واملاكها. هناك بضع مئات من الاسرائيليين الذين يتطوعون للدفاع عنها ومرافقة الطلاب الى المدارس والمشاركة في المظاهرات من اجل الحرية والمساعدة في قطف الزيتون أو التوثيق. هم اشخاص رائعون، لكن عددهم قليل جدا وتأثيرهم معدوم ووسائل الاعلام تتجاهل وجودهم، واحيانا تقوم بادانتهم.

أنا حتى أتكلم فقط. أتحدث وأكتب. هذا سهل جدا. ولكن لا شيء سيتغير طالما أنه لم يكن هناك المزيد من الاسرائيليين الذين يدركون أنه بالاقوال وحدها لن يأتي التغيير، حتى عندما ليندسمان وغلئون تنفجران من الغضب، وبحق. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى