ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي  – السجناء الفارون هم محاربو حرية

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي  – 9/9/2021

” أنا آمل أن ينجح زكريا الزبيدي في الهرب وأن يصل الى الحرية، مثلما آمل أن يخرج البرغوثي للحرية. هؤلاء الاشخاص الذين قررت اسرائيل الابقاء عليهم في السجن الى الأبد، كل واحد منهم يحاول بطريقته تغيير سوء المصير غير العادل هذا “.

السجناء الستة هم محاربو الحرية الاكثر جرأة الذين يمكن تخيلهم. من الافضل للاسرائيليين الذين يجدون صعوبة في الاعتراف بذلك مشاهدة المسلسلات التلفزيونية والافلام السينمائية: الهرب من السجن هو النهاية السعيدة التامة. اقتحام الايتسل لسجن عكا نقش الى الأبد كروح للبطولة. ولكن ما هو صحيح للافلام واليهود لا يسري على الفلسطينيين. الهاربون هم مجرد مخربين. والمشاعر الوطنية تريد رؤيتهم قتلى. في هذه الاثناء الشبكات الاجتماعية مليئة بالسخرية من الهرب، ربما من اجل الهرب من المواجهة الحقيقية مع معانيه، وربما من اجل الهرب من الاحراج. 

الشجعان الستة اختاروا طريقة المقاومة العنيفة للاحتلال. يمكن مناقشة الجدوى امام اسرائيل القوية والمسلحة، لكن لا يمكن التشكيك في عدالتها. مسموح لهم معارضة الاحتلال بصورة عنيفة، الذي هو اكثر عنف ووحشية من أي ارهاب فلسطيني. بعد أن تم اعتقالهم فرضت عليهم احكام وحشية لا يوجد فيها أي توازن. وبالتأكيد ليس مقارنة مع العقوبة السائدة في اسرائيل بالنسبة لسجناء آخرين. ايضا ظروف اعتقالهم تعتبر عار، ولا تجتاز أي اختبار لحقوق الانسان والانسانية. ايضا لا تجتاز اختبار المقارنة مع شروط اعتقال اسوأ السجناء الجنائيين. اتركوا دعاية الاكاذيب الشريرة عن ظروف اعتقالهم، مع صور الحلويات في السجن: لا يوجد سجناء في اسرائيل يعيشون في مثل ظروفهم. عشرات السنوات بدون حرية وبدون مكالمة هاتفية قانونية مع البيت. احيانا ايضا بدون زيارة للعائلات، ومع اكتظاظ غير محتمل قالت عنه المحكمة العليا ما قالت. الفارون في معظمهم قضوا اكثر من عشرين سنة في السجن بدون أن يكون هناك افق ينتظرهم: كل واحد منهم محكوم ببضع مؤبدات و20 – 30 سنة اخرى. فهل لا يحاولون الهرب؟ ألا يجب أن يكون هناك أي تعاطف مع افعالهم، أو حتى ربما أمل خفي في أن ينجحوا بالهرب والاختفاء والبدء بحياة جديدة مثلما في الافلام؟.

أنا اعرف جيدا زكريا الزبيدي. وربما حتى أعتبر نفسي صديقه. مثل حفنة من المراسلين الاسرائيليين الآخرين، اكثرت من الالتقاء معه خلال سنوات، بالاساس عندما كان مطلوب. قبل ثلاث سنوات تقريبا ارسلت اليه مقالات من ارشيف “هآرتس”، طلبها هو نفسه من اجل رسالة الماجستير التي كان يحضرها. مع ذلك، بقي شخص لم يتم حل لغزه في نظري. وتورطه الجديد الذي أدى الى اعتقاله قبل سنتين تقريبا بقي لغز؛ زكريا لم يعد ولد. فقد اصبح أب. فلماذا ذلك؟ لكن قصة حياته هي قصة حياة كلاسيكية لضحية وبطل. “لم اعش في أي يوم كانسان”، قال لي ذات مرة من في طفولته جر اكياس الرمل الى مبنى في شارع عباس في حيفا، في الوقت الذي كان فيه ابناء جيله اليهود كانوا يستجمون مع اهلهم. والده توفي وهو طفل ووالدته اطلق عليها الجيش الاسرائيلي النار وقتلت على النافذة. وبعد بضعة اسابيع قتل شقيقه وتم هدم منزله من قبل الجيش. من بين جميع اصدقائه في مخيم جنين الذين تم تخليدهم في الفيلم الرائع “اولاد ارنا”، هو وحده فقط الذي بقي على قيد الحياة. في العام 2004 قال لي: “أنا ميت. أنا اعرف أنني ميت”. ولكن حظه، أو شيء ما آخر، هو الذي ساعده. مثل مروان البرغوثي وابطال فلسطينيين آخرين ايضا هو اراد السلام مع اسرائيل، لكن بشروط من العدالة والكرامة لشعبه. ايضا شعر أنه لم تبق امامه أي طريق اخرى عدا عن المقاومة العنيفة. أنا لم اشاهده في أي يوم وهو غير مسلح.

الآن أنا افكر بزكريا وآمل أن ينجح بالهرب الى الحرية، بالضبط مثلما آمل أن يخرج البرغوثي أخيرا الى الحرية. هؤلاء الاشخاص يستحقون العقاب على افعالهم، لكن ايضا يستحقون التفهم والتقدير على شجاعتهم، وبالاساس على صدقهم. اسرائيل قررت أن تبقيهم الى الأبد في السجن. وهم يحاولون، كل واحد بطريقته، تغيير سوء المصير غير العادل هذا. هذا بالضبط ما يسمونه محاربو الحرية. محاربو حرية فلسطين. وماذا يمكن تسميتهم بغير ذلك؟.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى