ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  جاكي خوري  – عباس دافع في خطابه في الامم المتحدة عن حل  الدولتين ، اما الفلسطينيون فيستعدون  لواحدة

هآرتس – بقلم  جاكي خوري  – 26/9/2021

” الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قال إنه سيتوجه الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، لكن من المشكوك فيه اذا كان تهديده سيقض مضاجع قادة اسرائيل. خطاب عباس لم يكن موجها للفلسطينيين، رغم أن الثقة به تآكلت وهم يستعدون لمواجهات وفوضى في حالة حل السلطة “.

خطاب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في يوم الجمعة في الامم المتحدة وجه بالاساس الى المجتمع الدولي، وبصورة أقل للفلسطينيين. هذا رغم أنه يدرك الغضب والاحباط الذي يعتمل تحت الارض، وتآكل الثقة به وبقيادته بسبب غياب حل سياسي في الافق. عباس تحدث من مكتبه في رام الله، حيث وضع خلفه اربع خرائط. بدءا بخارطة المنطقة التي سميت من قبل البريطانيين “فلسطينا” والتي سماها عباس “فلسطين التاريخية”، ومرورا بالمنطقة التي خصصت للفلسطينيين في خطة التقسيم من العام 1947 ووضع الفلسطينيين حتى العام 1967 وانتهاء بالواقع الآن كما عرضه، سيطرة فلسطينية على 12 في المئة من الارض. لذلك، الحلم الوطني الفلسطيني تقلص. عباس طالب في خطابه بالعودة الى خطوط 1967، تقريبا بعد ثلاثة عقود على توقيعه على اتفاق اوسلو على العشب الاخضر في البيت الابيض، في حينه كان يبدو هذا الامر تقريبا في متناول اليد. 

الرئيس الفلسطيني (85 سنة) الذي لم يعد بامكانه اخفاء الثقل في لغة جسده ولسانه كرر التهديدات التي اسمعها في السابق اكثر من مرة في السنوات الاخيرة. هكذا هو هدد مرة اخرى بالتوجه الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي والغاء الاعتراف باسرائيل، الامر الذي يعني الغاء التنسيق الامني بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. ولكن حتى عباس نفسه يعرف أنه مشكوك فيه أن هذه التهديدات ستقض مضاجع قادة اسرائيل، أو تجعل الرئيس بايدن يقفز في سريره. تحذيرات كهذه سبق واسمعت في السابق، حتى بصورة قاطعة، لكن عمليا تأثيرها كان ضئيل في الساحة السياسية، الاسرائيلية والدولية. مرة تلو اخرى تراجعت القيادة الفلسطينية عن أي تهديد كي لا تحطم الادوات ازاء ضغوط عربية ودولية.

اضافة الى ذلك، عباس محق في نقطة واحدة وهي أنه في نهاية المطاف الديمغرافيا هي التي ستحسم وستملي الواقع على الارض. الفلسطينيون وصلوا الى مفترق طرق، معه أو بدون هم سيضطرون الى اتخاذ قرارات في المستقبل القريب. رئيس السلطة الفلسطينية يعرف أنه منذ العام 1948 وحتى الآن تصرفت اسرائيل وفقا لاستراتيجية واحدة وهي التقليص بقدر الامكان للمنطقة المخصصة لفلسطين. الآن الهدف هو اقناع المجتمع الدولي بأنهم يوجدون على الارض وأن عددهم يزداد. مع الواقع الديمغرافي لا يمكن الجدال. عباس وعدد كبير من اعضاء القيادة الفلسطينية ما زالوا يؤيدون حل الدولتين ويعتقدون أنه الصيغة الافضل، حتى لو كان الجمهور لا يرى هذا الحل في الافق. في خطابه حذر من أن الغاء هذا الحل الذي يقوم على قرارات المجتمع الدولي سيفتح الباب لـ “خيارات اخرى”، ستملي الواقع على الارض. في الختام حذر وقال “المعطيات والتطورات على الارض ستملي واقع يقول بأن الشعب الفلسطيني سيطالب بحقوقه على منطقة تشمل كل ارض فلسطين التاريخية”. 

في هذه الاثناء، على الارض، يتشكل واقع مختلف فيه المواطن الفلسطيني اصبح موجود على بعد بضع خطوات امام قيادته. فهناك يزداد الغضب من اسرائيل وتتآكل الثقة بعباس وفي أنه يستطيع أن يجلب أي حل في المنطقة. الحوار حول دولة واحدة من البحر حتى النهر لم يعد حوار نظري. وفي ظل غياب افق سياسي حقيقي، الى جانب الانقسام الفلسطيني الداخلي، فان السلطة الفلسطينية يمكن أن تتفكك كليا. في هذا الوضع، وضع مواجهة وفوضى، فان عدد كبير بدأوا يفكرون فيما سيفعلون. وحتى أن عائلات فلسطينية بدأت تتزود بالسلاح.

في اسرائيل وفي الادارة الامريكية سيستمرون بالاستخفاف بعباس وتهديداته، وسيعرضون عليه تسهيلات اقتصادية ومشاريع كثمن للصمت. ولكنهم يتجاهلون ما يحدث في الاراضي الفلسطينية. لأن مفترق الطرق هذا لا يتعلق فقط بمستقبل عباس والسلطة الفلسطينية، بل كيف ستبدو عليه الدولة بين البحر والنهر بعد عقد.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى