ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – هل يحيك ترامب صفقة مع سوريا تتضمن تطبيعاُ للعلاقات مع اسرائيل؟

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل –2/11/2020

الانعطافة في التعامل مع سوريا من شأنها أن تحدث هذه المرة من قبل الدول العربية، إذا قررت استئناف علاقاتها مع سوريا “.

“قبل حوالي ثلاثة أسابيع وقف تركي بن محمود البوسيدي أمام رئيس سوريا بشار الأسد من أجل ان يتسلم منه أوراق اعتماده كسفير لسلطنة عمان في سوريا. البوسيدي هو السفير الأول من دول الخليج المعين في دمشق، بعد ان تم طرد سوريا من الجامعة العربية في تشرين ثاني 2011. قبل حوالي سنتنين اخترقت دولة اتحاد الامارات الحصار الدبلوماسي على سوريا وأعادت فتح سفارتها فيها، وانضمت اليها أيضاً البحرين.

كان يبدو حينئذٍ أن سوريا على وشك العودة إلى الحضن العربي -ندما ظهرت احتمالية ان تعيد الجامعة العربية دراسة عضويتها فيها وعندما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنه يؤيد الجيش السوري الوطني وحتى أنه مستعد لإرسال إرساليات سلاح لصالح حرب النظام ضد المتمردين. مؤخراً أكد أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط أن عادة سوريا إلى الجامعة “ليست مطروحة على الطاولة”، ولكن الظروف من شأنها أن تتغير نظراً لأن سوريا تحظى الآن باهتمام متزايد، بسبب أنها تحولت إلى بؤرة عداء سياسي لعدد من الدول. روسيا معنية جداً بشرعنة عربية لنظام الأسد، من أجل أن تستطيع سوريا العودة ثانيةً إلى عضوية المجتمع الدولي وتلقي منح ومساعدات من مؤسسات التمويل الدولية، والتي هي بحاجة لها من أجل إعادة إعمارها.

المصلحة الروسية تتساوق مع مصلحة السعودية واتحاد الإمارات، واللتان تريدان صد النفوذ الإيراني، وربما الأهم من ذلك: وضع سور دفاعي أمام تدخل تركيا في سوريا بشكل خاص، وفي الشرق الأوسط بشكل عام. تركيا التي سيطرت على مناطق في الأراضي السورية وتدير فيها حربا ضد المتمردين الأكراد، ترى في الأسد حاكماً غير شرعي بسبب المجازر التي ارتكبها ضد أبناء شعبه، تركيا قلقة بالأساس من أن شرعنة عربية بالإضافة إلى دعم روسي سيضطرها للخروج من سوريا.

تركيا ما زال بإمكانها  الاعتماد على دعم دونالد ترامب. على الرغم من أن واشنطن حليف استراتيجي للاكراد، فإن ترامب لم يحرك ساكناً من أجل إجبار تركيا الانسحاب من الأقاليم الكردية التي احتلتها. أساس تدخل الولايات المتحدة في سوريا يقتصر على فرض عقوبات كبيرة على النظام. مثلاً تلك العقوبات التي فرضت في حزيران في إطار “قانون قيصر” والذي يفرض عقوبات على كل شركة، دولة أو شخص يقيم علاقات من أي نوع مع نظام الأسد، باستثناء النشاطات الإنسانية.

ولكن اتضح ان البيت الأبيض نفسه يقيم علاقات مع سوريا. حسب ما نشر في“wall streetjournal” فإنه في آذار الماضي أرسل ترامب رسالة إلى الأسد، وفيها عرض عليه إجراء مفاوضات بشأن إطلاق سراح مواطنين إمريكيين، وهما أوستن تايس وهو صحفي مستقل اختفى في سوريا في 2012 ومجد كمالماز والذي اعتقل في حاجز سوري في 2017 ويحتجر منذ ذلك الحين في أيدي سوريا. قبل عدة أسابيع أرسل ترامب إلى دمشق كبير مستشاريه لشؤون مكافحة الإرهاب كاش فاتل لإجراء مفاوضات بشأن إعادتهما، ولكن يبدو أن هذه العملية لم تثمر عن شيء، حيث ان الأسداشترط إطلاق سراحهم بسحب القوات الامريكية من سوريا ورفع العقوبات الأمريكية التي فرضت على سوريا.

ولكن مجرد وجود المفاوضات أثار تنبؤات وتخمينات بشأن نوايا ترامب فيما يتعلق بسوريا. “هل سوريا في الطريق لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات عنها؟” تساءل محللون عرب. “هل المفاوضات بشأن إطلاق سراح المعتقلين الأمريكان هي الطلقة الأولى في الطريق إلى صفقة أكبر يخطط لها ترامب؟” هذه التوقعات تزايدت مع تعيين السفير العماني في دمشق، والذي حسب رأي محللون سوريون ربما أن هذا الأمر تم بمباركة سعودية، وكتعزيز للعلاقات بين الإمارات والأسد.

الأسد نفسه سارع بصب مياه باردة على احتمالية التطبيع مع اسرائيل. “التطبيع فقط سيكون مقابل الأراضي التي احتلتها إسرائيل من سوريا.” أوضح في مقابلة لمحطة ترلفاز روسية في بداية تشرين أول، وفي هذا الوقت “سوريا لا تجري مفاوضات مع إسرائيل”. كان ذلك توضيحاً قصيرا بشكل خاص حيث أن الأسد لم يتطرق مطلقاً للمشكلة الفلسطينية وللشروط التي حددت في مبادرة السلام العربية والتي تقول أن على إسرائيل الانسحاب من كل المناطق وليس فقط من هضبة الجولان، ألاسد، وبالمناسبة، لم يدن بصورة رسمية التطبيع بين إسرائيل واتحاد الامارات واكتفى ببيان انتقادي نشره حزب البعث، ولم يُسمع أي تعليق سوري رسمي على المفاوضات التي تجريها لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما.

ومن المشكوك فيه فيما إذا كانت هذه التلميحات والإشارات سينتج عنها قريباً اتصالات مباشرة أو غير مباشرة بين إسرائيل وسوريا. حيث أنه إذا تحقق الكابوس وأعيد انتخاب ترامب، والذي يوجد في جعبته اقتراح لصفقة جديدة مع إيران، فإن انسحاباً اسرائيلياً من هضبة الجولان لن يكون وارداً في الحسبان. وخاصة ليس بعد أن اعترف ترامب نفسه بسيادة اسرائيلية عليها، وإزاء الإجماع الإسرائيلي الكاسح، الذي لا يترك مجالاً للمفاوضات حول الانسحاب منها.

جو بايدن، إذا انتخب، فليس من المتوقع أن يغير الينية التحتية السياسية التي وضعها ترامب في سوريا، لن يطالب بانسحاب إسرائيلي ومن المشكوك فيه أن يلغي العقوبات عليها. الانعطافة من شأنها أن تحدث هذه المرة من قبل الدول العربية، إذا قررت استئناف علاقاتها مع سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى