ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – من يعاني من موت دماغي

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 2/12/2019

الاعلان الترويجي للقاء رؤساء دول الناتو الذي سيعقد هذا الاسبوع في لندن تم انتاجه في تركيا. في بيان براق، حاد ومسمم، وصف الرئيس التركي اردوغان نظيره الفرنسي عمانوئيلمكرون كمن يعاني من “موت دماغي”. “أنت تعرف كيف تتبجح، لكنك لا تستطيع حتى أن تدفع كما يجب للناتو. أنت مبتديء… مكرون لا يعرف كيفية محاربة الارهاب، لذلك قامت “السترات الصفراء” باحتلال باريس. أنت يمكنك القيام بألعاب بهلوانية في الجو، لكن في نهاية المطاف ستحترم حق تركيا في محاربة الارهاب. لا توجد أي طريق اخرى”.

إن تهجم اردوغان اللفظي جاء ردا على هجوم مكرون على غزو تركيا لسوريا، الذي وصفه كتهديد لمعركة الناتو ضد داعش. “ماذا يهمك مما يحدث في سوريا؟”، عبر اردوغان باستياء، وكما هو معروف اضاف تشخيص طبي عندما في رده على اقوال مكرون بأن الناتو يعاني من موت دماغي بسبب غياب التعاون بين الولايات المتحدة وتركيا – أوصاه بفحص وضع دماغه هو نفسه. “هذه التصريحات تناسب اشخاص يعانون من موت دماغي مثلك”. 

من المهم معرفة كيف سيكون اللقاء المحترم في لندن. احتضان وقبلات لن تكون فيه كما يبدو. والحلقوم التركي الفاخر، لن يكون التحلاية المفضلة في اللقاء. اردوغان غير غاضب فقط على فرنسا. فهو يطلب من جميع الدول الناتو دعم غزو بلاده لسوريا، وأن يعتبرونه حرب عادلة تشنها تركيا ضد الارهاب من اجل كل العالم. في الاساس هو يريد تبني دول الناتو التعريف الذي يصف القوات الكردية بالمنظمات الارهابية، رغم معرفته أن هذا لن يحدث.

الولايات المتحدة تواصل الاحتفاظ بنحو ألف جندي في سوريا، وقد جددت العلاقة العسكرية مع المليشيات الكردية، وهي لا تنوي البدء في اعتبار حلفائها ارهابيين. ومثلها ايضا الدول الاوروبية في الناتو. هذا ليس فقط لأنها شريكة في الموقف الامريكي الذي بحسبه الاكراد هم المحاربون الاكثر فعالية ضد داعش الذي بدأ يعيد تنظيم نفسه من جديد، بل ايضا من اجل وضع اصبع في عين اردوغان بعد أن استخف بطلب الناتو وقام بشراء نظام الصواريخ المضادة للطائرات من نوع “اس400”. وبقي موضوع واحد فقط يوافق عليه الاوروبيون والامريكيون بلا تحفظات وهو الخوف من تسرب المعلومات لروسيا بواسطة هذه الانظمة الدفاعية.

الكابح الوحيد امام فرض عقوبات على تركيا هو الرئيس الامريكي ترامب الذي يواجه في الوقت الحالي الكونغرس غير المستعد للتنازل لتركيا. وتركيا لا تظهر أي بوادر للتراجع وهي تنوي اجراء تجربة حية للصواريخ في الوقت الذي ستنتهي فيه من تأهيل من يشغلونها. اردوغان يريد كما يبدو لي ذراع نظرائه الاوروبيين عن طريق وقف أو تأجيل بلورة سياسة الدفاع للناتو في بولندا، وهو احد البنود الرئيسية التي ستطرح للنقاش في لقاء لندن. تطبيق هذه السياسة سيحتاج اضافة ميزانية كبيرة وموافقة جميع الدول الاعضاء.

اذا ارادت الدول الاوروبية حماية نفسها من التهديد الروسي فليتفضلوا لمساعدة اردوغان على حماية نفسه من تهديد الاكراد، هكذا سيتم القول لرؤسائها. ويمكن أن يقال لهم ايضا إنه اذا كانت هناك لدول الناتو الاموال من اجل زيادة نظام الدفاع في مواجهة روسيا، فهي يمكنها الدفع مقابل احتجاز اللاجئين السوريين في تركيا.

اذا كان كل ذلك غير كاف، ففي الاسبوع الماضي منح اردوغان الدول الاوروبية، بالاساس اليونان وقبرص، وايضا اسرائيل ومصر، سبب آخر لخيبة الأمل. لقد وقع مع ليبيا على اتفاق تعاون يشمل ترسيم الحدود الاقتصادية البحرية بين تركيا وليبيا. اردوغان ورئيس النظام المعروف في ليبيا، فايز السراج، رفضا الادعاء حول عدم شرعية الاتفاق حيث أن الامر يتعلق بحكومتين معترف بهما ودولتان سياديتان. مشكوك فيه أن يكون هذا التعريف ينطبق على ليبيا، حيث أنها تدار من قبل حكومتين وجيشين على الاقل وبرلمانين. ولكن هذا الجانب في الاتفاق ليس هو الذي يزعج اوروبا. فترسيم الحدود الاقتصادية سيحبس قبرص وجزيرة كريت في مجال بحري، الذي السيطرة الاقتصادية عليه توجد في أيدي تركيا، التي سيكون مسموح لها التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما وتوقف انابيب النفط والغاز عبره الى اوروبا. 

عمليا، كل انبوب يمر من اسرائيل ومصر وقبرص الى اوروبا يقتضي اجراء المفاوضات مع تركيا. ومن المشكوك فيه أن يكون لأي دولة من الدول المجاورة أي حل قانوني لهذه الاتفاقيات. حتى لو قررت دول الاتحاد الاوروبي فرض عصوبات على تركيا فسيكون عليها تبرير لماذا هذه الاتفاقات غير سارية. وفقط اذا اوقفت تركيا بالقوة مرور انابيب النفط فسيكون بالامكان فرض عقوبات عليها.

كدولة لها علاقات متوترة مع معظم الدول الغربية ومنعزلة عن معظم الدول العربية، نجحت تركيا في أن تحقق لنفسها مكانة عالية. اردوغان يتحدى ليس فقط المنتديات القديمة المخضرمة مثل الناتو والاتحاد الاوروبي، مع رئيس حكومة ماليزيا، مهاتير محمد، بل هو يبادر الى تشكيل كتلة دول اسلامية يكون اعضاء فيها ايضا قطر واندونيسيا والباكستان. التي يمكنها ايقاع ضربة قاسية باتحاد الدول الاسلامية الذي يضم 53 دولة. اللقاء الاول لهذه الكتلة يتوقع أن يكون في 19 كانون الاول الحالي بدون مشاركة السعودية ومصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى