ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – مصر والاردن متعلقتان بالامارات ، ومخاوف من تآكل مكانتهما في اعقاب الاتفاق مع اسرائيل

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 18/9/2020

” الاتفاقات التي وقعت هذا الاسبوع تدعو الاطراف الى العمل على ايجاد حل للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. ولكن ليس من الواضح كيف. وسعادة اسرائيل من هزيمة الفلسطينيين يمكن أن تكون سابقة لأوانها، وربما ستضطر اسرائيل الى أن تدفع فيما بعد ثمنا سياسيا “.

اسامة سرايا، من كبار كتاب المقالات في مصر، نشر أمس في موقع “الاهرام” المصري لائحة دفاع ليس لها مثيل لاتفاقات السلام التي وقعت بين اسرائيل واتحاد الامارات والبحرين. “الاتفاق الجديد هو الظهر القوي الذي سيدافع عما تبقى من المناطق الفلسطينية والقدس العربية”، كتب سرايا. ولكن هذه الجملة هي مقدمة لخطاب قاطع ربما يرمز الى “الرياح الجديدة” التي تهب من مكتب عبد الفتاح السيسي.

“الامر المدهش هو السلوك غير الحكيم للفلسطينيين، الذين زادوا عداءهم وتوجهوا الى الجامعة العربية من اجل الحصول على قرار ادانة ضد العملية التي قامت بها دولة الامارات”، كتب سرايا واضاف “اضافة الى ذلك، الفلسطينيون يقفون ضد المصالح العربية ولصالح المحور الايراني – التركي، وهم يحاولون احياء ما سبق ومات وعفا عليه الزمن. السلطة الفلسطينية تحولت الى مجموعة من المكاتب في بيروت ودمشق ونسيت جرائم حماس وقتل الفلسطينيين الذي نفذه هذا التنظيم… المشهد المضحك كان عندما زار رئيس المكتب السياسي لحماس، اسماعيل هنية، مخيمات اللاجئين في لبنان واستعرض سلاحهم، في الوقت الذي يعرف فيه بالتأكيد أن هذا هو سلاح ايراني، وهو يهدد “بحرب” (الكاتب). وبهذا يمس سيادة الدولة التي تعاني من مأساة ميناء بيروت”.

سرايا الذي كان محرر صحيفة “الاهرام” عند اندلاع ثورة الربيع العربي في 2011، ادهشنا في حينه في انتقاده للمتظاهرين وتسميتهم بالزعران وخارقي القانون، لكن فور اقصاء مبارك اصبح أول المؤيدين للثورة، التي اعطاها عنوان “الشعب اسقط النظام”. تعديل موقفه للوقوف في صف واحد مع النظام غير غريب عليه.

سرايا يعكس في مقاله معضلة مزدوجة. كيف على المثقفين المصريين والعرب بشكل عام التعامل مع اتفاقات السلام ازاء وصفها كـ “خيانة شديدة” للوحدة العربية، وكيف سيتعاملون من الآن فصاعدا مع القضية الفلسطينية وحلها. في مصر مثلما في الاردن وفي دول عربية اخرى، هذه المعضلات متشابكة ضمن شبكة العلاقات التي تقيمها وسائل الاعلام مع الانظمة، وشبكة علاقات الانظمة العربية مع دول الخليج.

مصر هي حليفة قوية لاتحاد الامارات والسعودية. هي تحظى بمليارات الدولارات التي تم ضخها اليها كاستثمارات وودائع بنكية منذ تولى السيسي الحكم في العام 2013، بعد أن اقصى عن الحكم محمد مرسي، رجل الاخوان المسلمين. الامارات تمول جزء كبير من تكلفة القاهرة الجديدة، المدينة التي تحولت الى رمز للحداثة والتطور، وتتضح أكثر فأكثر بأنها مثل الفيل الابيض. وقد ساهمت ايضا في تطوير مشاريع في شمال سيناء كجزء من الصراع المصري ضد التنظيمات الارهابية، وفي جهود تجنيد البدو لهذه المعركة.

الامارات شريكة في الحرب المصرية ضد الحكومة الليبية، ومصر هي جزء من التحالف الخليجي الذي أسسته السعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن. كل ذلك يلزم النظام المصري بالدفاع عن سمعة اتحاد الامارات وصد كل انتقاد ضدها وتفضيل المصالح الاقتصادية – العسكرية على المبدأ القومي العربي الذي يطالب بانقاذ فلسطين من الاحتلال الاسرائيلي.

وضع الاردن يشبه وضع مصر. في السنة الماضية حصل الاردن على هبة بمبلغ 300 مليون دولار من اتحاد الامارات كمساعدة للتعليم والصحة. وفي السنوات الاخيرة حصل على دعم بمبلغ 1.5 مليار دولار من هذه الدولة الخليجية، اضافة الى وجود نحو 300 ألف مواطن اردني يعملون في الامارات ويحولون لعائلاتهم كل سنة نحو مليار دولار. ايضا في الاردن مثلما في مصر، حظيت الاتفاقات فقط بتقارير جافة دون تطرق انتقادي أو تحليلي، مثلما أمر وزير الاعلام والاتصالات الاردني.

في نفس الوقت يوجد لقيادة الدولتين مخاوف وشكوك من تداعيات اتفاقات السلام الجديدة. حتى الآن كانت مصر والاردن هما “حبيبتا” واشنطن وحظيتا ليس فقط بدعم سياسي، بل ايضا بمساعدات مالية سخية – مصر بسبب اتفاقات كامب ديفيد والاردن بسبب التعاون الامني الوثيق مع اسرائيل. الاهم من ذلك، علاقاتهما الخاصة مع اسرائيل التي افادتهما كرافعة تأثير على سلوك اسرائيل في الضفة وفي غزة، وفي الاماكن المقدسة التي تقع تحت وصاية وادارة الاردن استنادا للاتفاقات معها. محللون في مصر يطرحون الآن بحذر التقدير الذي يقول بأنه كلما ازدادت الدول التي ستنضم الى دائرة اصدقاء اسرائيل فسيقل تأثير مصر امام اسرائيل وفي الشرق الاوسط العربي بشكل عام.

مثال على هذا الخوف تم التعبير عنه في تقارير عن ضغوط اتحاد الامارات على السودان من اجل تسريع تطبيعها مع اسرائيل. وحسب تقارير في وسائل اعلام عربية، فقد تعهدت دولة الامارات بضخ مئات ملايين الدولارات لهذه الدولة الفقيرة الى جانب وعود اسرائيلية لمساعدتها في تطوير بنية تحتية زراعية. حتى الآن كانت مصر هي التي ادارت المحور العربي – السوداني، كجزء من الصراع الذي تديره مصر امام اثيوبيا حول بناء سد النهضة وحول توزيع المياه بينها وبين السودان. في القاهرة يخافون من أن تدخل اتحاد الامارات في السودان سيمنحها مكانة الوسيط بين مصر وبين السودان، وستفرض على مصر سياسة ستمس بمصالحها.

عندما يكون من المحظور انتقاد الاتفاقات في وسائل الاعلام، يتوجهون الى اماكن “التهديد والخطر”. فهناك يجدون، على سبيل المثال، مذكرة التفاهم التي وقعت بين شركة “دوفر تاوتر” الاسرائيلية التي يملكها شلومي فوغل، والتي تملك ايضا ميناء ايلات، وبين شركة  “دي.بي.وورلد” في دبي. المذكرة تتحدث عن تعاون وفحص امكانيات نقل بضائع من الامارات عبر ميناء ايلات ومن هناك الى ميناء اسدود وميناء حيفا، حيث تنوي الشركة الاماراتية التنافس على شراء احواض سفن اسرائيلية معروضة للخصخصة.

في مصر هذه التقارير تثير موجات صاخبة من الخوف من التهديد الذي ستشكله مثل هذه الصفقة على حركة التجارة في قناة السويس. مصر دشنت قبل بضع سنوات توسيع قناة السويس، الذي كلفها مليارات الدولارات، معظمها جاء من مساهمات ومن شراء سندات ائتمان من قبل المواطنين في مصر. الرئيس المصري وعد في حينه بأن توسيع القناة ليس فقط سيزيد حجم التجارة، بل سيرافقه ايضا بناء مراكز تجارية كبيرة ومشاريع صناعية على الشواطيء. ومنذ ذلك الحين تقلص النقل البحري عبر القناة، المداخيل انخفضت والمشاريع الكبرى بقيت في معظمها على الورق. ما الذي سيحدث لهذه المداخيل اذا قررت الامارات استخدام المسار الذي يمر عبر البحر الاحمر الى ايلات بدلا من قناة السويس؟ على هذا لا يوجد حتى الآن تقديرات قاطعة، لكن المخاوف تزداد.

في الاردن يخافون من احتمالية أن الاتفاق مع الامارات – وبعد ذلك مع السعودية – سيبعد الاردن عن رعايتها ومكانتها الخاصة في الاماكن المقدسة في القدس، وسيحول السعودية الى صاحبة البيت في كل الاماكن الاسلامية المقدسة. ولكن حتى قبل ذلك سيكون من المهم رؤية كيف سيتعامل المصلون الفلسطينيون مع الضيوف الذين سيأتون من الخليج، وهل ستسري عليهم نفس القيود التي تفرضها اسرائيل على المصلين من الضفة ومن غزة.

“العالم العربي يجد نفسه داخل ثقب اسود، الذي فيه ستبلع الدول العربية التي تسارع الى تطبيع علاقاتها مع اسرائيل”، كتب في مقال في موقع صحيفة “الخليج الجديد”، الصادرة في قطر. بين هذه الدول التجارية، يعد المقال سوريا ايضا “التي قمعت مواطنيها خلال عشرات السنين تحت راية المقاومة ومعاداة الصهيونية، لكن مؤخرا ارسل النظام اشارات تظهر أنه يأمل أن يعفيه صعوده على القطار الاسرائيلي من الجرائم الفظيعة التي ارتكبها ضد الانسانية. ومقابل التطبيع مع اسرائيل سيحظى بالتطبيع مع العالم”.

ولكن يصعب ايجاد اشارات تطبيع مع اسرائيل في الجانب السوري. المتحدثة الرسمية الوحيدة التي تحدثت بهذا الشأن هي بثينة شعبان، مستشارة الرئيس بشار الاسد، التي قالت في الشهر الماضي بأنها “لا تفهم ماذا تجد دولة الامارات في التطبيع مع اسرائيل”، حيث أن اسرائيل خرقت كل الاتفاقات التي وقعت معها. اقوالها فسرت كتصريح ضعيف بشكل خاص نسبيا مقارنة مع الادانات التي تلقتها الاتفاقات من جانب الفلسطينيين وحزب الله وايران ودول اخرى. التوقع كان أن الاسد نفسه سينشر ادانات شديدة أكثر، لكن الرئيس السوري حافظ على الصمت. سبب ذلك هو أن اتحاد الامارات اعادت فتح سفارتها في دمشق في العام 2018، وقامت بشق الطريق أمام استئناف العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والدول العربية واعادة سوريا الى الجامعة العربية التي طردت منها في بداية الحرب في سوريا. هناك شك كبير في أن يتوجه الاسد فجأة الى طريق التطبيع مع اسرائيل، وهناك شك أكبر في ايجاد شريك له في اسرائيل. وخلافا لاتحاد الامارات والبحرين، السلام مع سوريا له ثمن لن تدفعه اسرائيل. ومهما كان الامر فان تطبيع سوريا هو راية جميلة للتلويح بها ضد الاتفاقات.

علامة استفهام مهمة تتعلق بالنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. البنود العامة للاتفاقات تنص على أن الطرفين يتعهدان بالعمل معا من اجل التوصل الى حل متفق عليه للنزاع بينهما، حل يستجيب لـ “الاحتياجات والتطلعات المشروعة للشعبين”، حل يكون “عادل وشامل وواقعي وقابل للحياة”. مع ذلك، من غير المعروف اذا كانت الاتفاقات المفصلة تشمل تحليل متفق عليه لهذه المفاهيم، وما هو معنى “حل واقعي”؟ هل اتحاد الامارات والبحرين توافقان على الوضع القائم الذي يتضمن المستوطنات كجزء من الواقع “الواقعي”؟ هل تنوي انشاء منتدى جديد يضم الفلسطينيين والاسرائيليين، الذي في اطاره يتم تطبيق خطة ترامب؟ هل ستحل الامارات محل قطر وتركيا في وظيفة “المدافعة” والممولة لحماس من اجل استكمال عملية صد ايران. وسعادة اسرائيل بـ “هزيمة الفلسطينيين” من شأنها أن تتضح بأنها سعادة مبكرة جدا. دول الخليج تمنح اسرائيل ما وافقت على اعطائه للفلسطينين وهو “السلام الاقتصادي”. ولكن ربما تكون هذه هي فقط بداية عملية فيها يطلب من اسرائيل أن تدفع ايضا ثمن سياسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى