ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – لقد اعتدنا على غزة

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 6/11/2019

غزة تحولت الى جزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل. ليس لأنها محكومة أمنيا من قبل الجيش الاسرائيلي ولا لأن المليوني مواطن فيها يحتاجون الى مصادقة اسرائيل من اجل التنفس. غزة هي مركب مهم اذا لم يكن الاهم في الخطاب السياسي الاسرائيلي.

مثلما هو جهاز الصحة المنهار أو ميزانية الدولة التي فيها عجز، ومثلما هو العلاج الخاطيء لعيوب القطار أو تحطيم نظام القضاء، فان غزة هي شعار انتخابي، وعد لم يتم تنفيذه، برهان ملموس على فشل الحكومة في قيادة مواطنيها. وفي المقابل هي بؤرة للتجنيد والتجند حول الزعيم القادر على كل شيء. في كل مرة غزة تستيقظ من اجل التذكير بوجودها، مثل قصة العجوز إبنة الـ 97 التي قضت ساعات كثيرة في غرفة الطواريء أو مثل ابناء العمال الاجانب الذين يثيرون الشفقة في كل مرة تقوم فيها سلطة الهجرة والسكان بممارسة العنف ضدهم.

مثلهم ايضا غزة تحولت الى عادة مملة. مكرهة يجب التعايش معها لأنه لا يوجد ما نفعله، بالضبط مثل سكان غلاف غزة الذين بدأوا بازعاجنا. كم يمكننا أن نسمع عن المعجزة التي حدثت في روضة الاطفال والتي أوشك صاروخ على اصابتها، وعن الفزع الذي يقض مضاجع الاطفال في الكيبوتسات أو عن حفل زفاف الغي بسبب “صافرات الانذار”. أيها الاصدقاء، توقفوا عن العويل. إن عدد اكبر من الاشخاص يقتلون في حوادث العمل، والكثير من النساء قتلن على خلفية شرف العائلة، والكثير من الاطفال والشيوخ ماتوا بسبب دهسهم بالدراجات البخارية أو الكهربائية، اكثر من كل صواريخ حماس.

غزة لا تعتبر تهديد وجودي أو ذرة ايرانية (التي هي غير موجودة بعد)، بل هي كيان سياسي اسرائيلي يستخدم من اجل تصنيف زعماء وسياسيين يريدون أن يكونوا قادة. من لا يعرف كيف يحل مشكلات المجتمع والاقتصاد في دولة اسرائيل ومن لا توجد لديه خطة عمل لتنظيم المواصلات أو منع الجريمة في الوسط العربي، يمكنه دائما التعهد بالنجاح في الحرب ضد غزة. يجب عليه الحذر فقط من أن لا ينجح أكثر من اللازم. افيغدور ليبرمان يمكنه ابلاغ الجميع عن الثمن السياسي الذي دفعه بسبب المثل الشعبي المجهول الذي صكه في الخطاب الاسرائيلي في العام 2016: “لو كنت وزيرا للدفاع لكنت سأعطي السيد هنية 48 ساعة، واقول له إما أن تعيد الجثث وإما ستموت”.

بنيامين نتنياهو ايضا لم يتم اعفاءه من ذلك. رؤساء اليمين اعتادوا ويعتادون على وصفه على أنه زعيم ضعيف لأنه لا يقوم بحل “بضربة واحدة والى الأبد” مشكلة غزة. إن مفهوم “حقائب الاموال”، المبالغ التي تحولها قطر لحماس، تحول في اسرائيل الى رمز للضعف والهزيمة، الذي يخدم جيدا سواء خصوم نتنياهو في اليمين أو امثالهم في المعارضة.  جنرالات ازرق ابيض، ومنهم القائد العسكري يئير لبيد، يعدون بأنهم، فقط هم، يمكنهم تغيير هذا الواقع المهدد. هم لم يقوموا بنقل الحقائب، فالحقائب هي للضعفاء. سنقصف من الجو وسنعود الى التصفيات المركزة، هكذا تعهد بني غانتس في مؤتمر هرتسليا في شهر تموز الماضي.

لم يبق أي سبب لتذكير غانتس ايضا بأنه لقصفه الكبير في عملية الجرف الصامد كان هناك تاريخ لانتهاء الصلاحية. فقط هذه الحقائب منعت مواجهة شاملة ضد غزة، التي لم يكن أي شخص يمكنه التنبؤ بنتائجها. الحقائب هي الشيء الافضل والارخص الذي حدث للسياسة الاسرائيلية. فهي تمكن من الحفاظ على الهدوء النسبي لحماس، وفي نفس الوقت تغذي دعاية الانتخابات للجميع.

غزة ستواصل كونها مأساة سياسية متخفية بصورة تهديد أمني لأنها تخدم جيدا جميع الاطياف السياسية في اسرائيل. أي حل سياسي أو اقتصادي يمكنه حقا خلق هدوء بعيد المدى يحتاج الى ثمن سياسي لا يوجد الآن أي زعيم لدفعه. رفع الحصار؟ انشاء ميناء في غزة؟ مطار؟ كم عدد من سيصوتون لمن يقترح هذا الهذيان. لقد اعتدنا على ضجة غزة. والهدوء يمكن أن يصم آذاننا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى