ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – قانون الذوق العام

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 18/11/2019

في موقع مطعم “شاروخان” في الرياض، العاصمة السعودية، كان فرح وسعادة. يكفي أن تشاهد فقط الأكلات الهندية المصورة هناك وشهيتك ستنفتح. انتقادات الزبائن خرجت عن المألوف: “الوجبات اكبر حتى مما تظهر في الصور”، كتب أحد الزبائن؛ “هذا مطعم هندي يقدم قهوة عربية وعدد من الحلويات العربية”، كتب زبون آخر؛ “الديكور فوق المعتاد”، اضاف ثالث. وهكذا يوجد في المطعم أيضا بار للشرب يشمل “نبيذ حلال” بدون كحول.

هذا البار هو الذي اثار في شهر ايلول الماضي ضجة كبيرة عندما صورت المغنية السعودية ريماس منصور نفسها وهي تشرب كأس من النبيذ الحلال هذا وهي تركز على القدرة المدهشة للنادل على مزج كأس النبيذ الذي يوضع على كتفه، وفي الخلفية ظهرت عدة زجاجات نبيذ ومشروبات “روحية” مختلفة، هي ايضا بدون كحول. ثارت ضجة في الشبكات الاجتماعية، كيف يمكن حدوث شيء كهذا، حتى لو كان لا يقدم الكحول، أن يعمل في المملكة المحافظة؟ الآن يقدمون هناك للشباب بدون كحول وفي الغد سيقدمون البيرة والويسكي. قال المنتقدون واضافوا أين هي شرطة الآداب.

في الوقت الذي كان فيه هذا الفيلم يتم نشره في عشرات آلاف حسابات الفيس بوك وتويتر، انتشر فيلم آخر يظهر فيه مواطن سعودي وهو يتجول في متنزه جدة وعلى جسمه، ليحفظنا الله، فقط منشفة على خصره. في حساب تويتر باسم “الذوق العام” ظهرت صور شباب سعوديين وهم يرتدون القمصان البيضاء وبنطالات شبه شفافة لا تخفي ملابسهم الداخلية. وفي الشبكات نشرت صور فيها يظهر راقصون غربيون يقومون بالرقص الغربي على أنغام موسيقى غربية، في الوقت الذي تتمايل فيه فتيات سعوديات على انغام الموسيقى. وبالطبع يشغلن كاميرات هواتفهن المحمولة.

هذا الاحتفال وعروض اخرى مسؤول عنها سلطة الترفيه التي تم تشكيلها من قبل ولي العهد محمد بن سلمان في 2016 كجزء من “رؤيا 2030” خاصته، التي تشمل ضمن امور اخرى التطلع الى تحويل السعودية الى الدولة الرابعة في آسيا والى العاشرة في العالم فيما يتعلق بامكانية اللهو والاستجمام. الذريعة الاساسية لهذا الحلم هي اقتصادية – زيادة السياحة وتنويع مصادر دخل المملكة. ولكن من خلال ذلك يريد ولي العهد منح بلاده صورة الدولة الليبرالية المنفتحة. وباختصار – الغربية.

محمد بن سلمان عرف جيدا التداعيات الاجتماعية والدينية التي يمكن أن تنبع من هذا الحلم. ومن اجل تسريع العلاج قام في شهر ايلول بسن قانون “الذوق العام” الذي يحدد بصورة غامضة جدا ما هو الممنوع وما هو المسموح. مثلا، يجب عدم الظهور علنا بالبيجاما أو الملابس الداخلية، ويجب عدم اشعال النار في الحدائق العامة أو القاء القمامة فيها، ويجب عدم استخدام اضواء الليزر بدون مصادقة. ومحظور اشغال الاماكن المخصصة للمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم اطلاق اشارات جنسية، وعدم رفع صوت الموسيقى في الاحياء السكنية. وعدم اسماع الموسيقى وقت الآذان والصلاة. المشكلة هي أن هذا القانون المهم بحاجة الى تطبيق، والافلام في الشبكات الاجتماعية تدل على الفجوة بين النية والفعل: حدائق عامة مليئة ببقايا الطعام والقمامة. قيادة السيارات الطائشة، غسيل يشمل “ملابس داخلية غربية” معلقة على الشرفات، وبالطبع مهرجانات تضج بالموسيقى من اخراج سلطة الترفيه.

ولكن نشاطات السلطة مثل التجديدات الرائعة الاخرى التي اجراها إبن سلمان، منها قيادة النساء للسيارات وتوسيع فرص اماكن العمل المتاحة لهن والسماح بسفرهن الى الخارج بدون مصادقة ولي الأمر، كل ذلك يمنع انتقاده. في الاسبوع الماضي نشر مدير الهيئة، تركي الشيخ، تحذير لأي سعودي يتجرأ على توجيه الانتقادات في الشبكات الاجتماعية: “لقد سئمت من التشهير في تويتر، الذي يضر بعمل الهيئة. منذ الآن سنتخذ خطوات قانونية ضد من ينتقد أو يشتكي”. أي: ليبرالية وانفتاح بالأمر. ومن الجدير الاضافة بأن اقوال الشيخ حتى أنها مشجعة. لأنه حتى الآن تم اعتقال مئات المنتقدين والمعارضين، ومن بينهم رئيس قبيلة وواعظ معروف، لمجرد نزوة. على الاقل من الآن سيتم اتخاذ خطوات قانونية.

من ينتقدون إبن سلمان يخشون من أنه قد فتح ابواب الاسطبل على مصراعيها ولن يكون بالامكان اعادة الخيول التي هربت. والدليل على ذلك هو أنهم يعرضون تقارير لنساء في تويتر على أنهن توقفن عن وضع غطاء الرأس أو ارتداء العباءة التقليدية على اجسامهن. “أمس كان يوم حظي. ذهبت الى النوم وأنا سعيدة واستيقظت بسعادة أكبر. مشيت في شوارع الرياض، في كل حي وفي كل الازقة. ومن رد فعل رجال الشرطة عرفت أن النظام تغير حقا، وأن ولي العهد كان محقا عندما قال بأنه يوجد للمرأة الحق في حرية الملابس مثل الرجل”، كتبت الناشطة النسوية، مناهل العتيبي. وفقط قبل سنتين تم اعتقال فتاة سعودية نشرت فيلم قصير ظهرت فيه وهي ترتدي تنورة قصيرة. 

ولكن من الافضل الاكتفاء بانفعال محدود. في السعودية تعمل هيئة لمكافحة التطرف كجزء من وزارة الامن الداخلي. في موقع الهيئة يمكن ايجاد توجيهات لكيفية الامتناع عن التطرف الديني والحذر من اغراءات المنظمات المتطرفة. مؤخرا نشر هناك بأن النسوية المتطرفة ايضا والدعوة لاعطاء حقوق للمثليين هي تطرف لا يقل عن التطرف الديني. هذا الاعلان تمت ازالته في الوقت الحالي، لكن يبدو أن التعريف ما زال ساري المفعول.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى