ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – في طهران يخافون ان ينتقل الاحتجاج في العراق اليهم

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 19/11/2019

المواطنون في العراق مثل قيادتهم لم يكونوا محتاجين الى الكشف الناجح لموقع الاخبار “ذي انتر ست” أو ما نشر في “نيويورك تايمز” لمعرفة حجم تدخل ايران في الشؤون العراقية. يكفي اعتماد العراق على الكهرباء التي يشتريها من ايران والتي توفر نحو 45 في المئة من استهلاكه من اجل فهم الوزن الكبير لايران في اقتصاد العراق وتأثيرها على حياة كل مواطن. عشرات آلاف المتظاهرين في بغداد والبصرة والنجف وكربلاء ومدن كبرى اخرى يعرفون جيدا أن العراق لا يمكنه الانفصال بمرة واحدة عن ثدي ايران. 

عندما يكون حجم التجارة بين الدولتين نحو 12 مليار دولار في السنة، والسياحة في العراق تعتمد في الاساس على الحجاج من ايران التي هي بالتحديد الدعامة الاقتصادية الهامة للعراق وحتى الآن لا يوجد لها أي بديل. الاتفاقات التي وقعها العراق مع السعودية، التي عرضت عليه مد خط كهرباء يكون بديل للكهرباء الايرانية وفتح معبر الحدود بين العراق والسعودية، ما زالت بعيدة عن تلبية احتياجات المواطنين في العراق. لذلك فان الاحتجاج موجه ضد فساد النظام في العراق، الذي لم ينجح خلال الـ 16 سنة الاخيرة منذ تحرير الدولة من حكم صدام حسين، في توفير اماكن عمل لملايين العاطلين وانشاء بنية تحتية مناسبة للخدمات. وفي المقابل، مليارات الدولارات التي اختفت في جيوب المقربين، رؤساء الحركات والاحزاب، مليشيات محلية، جيش فاسد وحكومة لا تقوم بدورها.

التفسير المعتاد الذي يعتبر هذه المظاهرات بداية الشرخ بين ايران والعراق، عندما ينضم الى هذه المظاهرات الكبيرة التي اندلعت في ايران ولبنان، تكون وجدت رواية قابلة للاستيعاب ومشجعة تقول إن ايران تفقد بالتدريج السيطرة على الشرق الاوسط، أو على الاقل تقف على شفا ازمة سياسية يمكن أن تسقط النظام هناك. وكالعادة، يتم مرة اخرى توجيه الانتقاد للرئيس الامريكي دونالد ترامب لأنه لا يساعد بصورة اكثر نشاطا المتظاهرين في ايران، أو على الاقل يستغل الفرصة كي يخلق بواسطتهم قناة لاسقاط النظام.

يبدو أنه لم يكن لتكون هناك مساعدة اكثر فعالية للنظام في ايران من تصريحات وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو، الذي قال إن “الولايات المتحدة تقف الى جانب المتظاهرين” وادانة القبضة الحديدية التي يتبعها النظام في ايران ضدهم. تصريحات دعم كهذه تفيد جيدا النظام وحرس الثورة الذين يتهمون الولايات المتحدة واسرائيل ودول اخرى في تأجيج المظاهرات، وبالتدخل في الشؤون الداخلية الايرانية وممارسة “ارهاب اقتصادي”. هكذا، يمكن أن يقوم النظام بتأطير المتظاهرين كمبعوثين لـ “تكبر الغرب”، وكمن يخدمون الشيطان الاكبر والشيطان الاصغر، وكمن يريدون تخريب دولتهم.

المسؤولية العظيمة لسليماني

خلافا للمتظاهرين في هونغ كونغ فان حركات الاحتجاج في ايران والعراق لا تُسمع أي نداء استغاثة للعالم بشكل عام ولامريكا بشكل خاص. الكثيرون في هاتين الدولتين، وليس فقط في اوساط النظام، يعتبرون الولايات المتحدة السبب الرئيسي للمشكلات التي تغرق دولهم. المتظاهرون في العراق وضعوا لانفسهم هدف هو اسقاط حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل حكومة تنوقراط تجتث الفساد وتوزع مداخيل الدولة بصورة متساوية، وبالاساس ايجاد اماكن عمل. عبد المهدي يعتبر بالنسبة للمتظاهرين مدعوم، سواء من قبل امريكا أو من قبل ايران. من هنا ازمة الثقة بين الشعب العراقي والنظام الامريكي.

في الاسبوع الماضي تحدث بومبيو مع عبد المهدي وتوسل اليه من اجل الاستجابة لطلبات المتظاهرين وعلاج الفساد. وهو لم يطلب منه الاستقالة ولم يهدده كما فعلت هيلاري كيلنتون في حينه مع رئيس الحكومة نوري المالكي أو ما فعله براك اوباما مع الرئيس المصري حسني مبارك. السناتور لنتسي غراهام، المقرب من ترامب، قال لصحيفة “نيوز ويك” “أنا أحب عبد المهدي. فهو شخص طيب”. ولكن يجب عليه العمل ضد الفساد.

في حين أن الادارة الامريكية تخشى من بعيد على مصير عبد المهدي، فان قاسم سليماني، المسؤول ضمن امور اخرى عن نشر شبكة نفوذ ايران في العالم، جاء بنفسه الى العراق، ليس للمرة الاولى، والتقى مع الزعيم الروحي في العراق، آية الله علي السيستاني من اجل اقناعه بدعم استمرار حكم عبد المهدي. وحسب تصريحات المتحدث بلسان السيستاني يمكن الفهم بأنه تم الاتفاق على مواصلة تأييد الحكومة والقيام بعدة اصلاحات التي استهدفت ارضاء المتظاهرين دون احداث انقلاب سياسي. هكذا، فان زيارة سليماني تخدم جيدا مصالح امريكا ايضا، لكنها تضع في نفس الوقت واشنطن وطهران في نفس المكان كمن تدافعان عن نظام فاسد. الفرق هو أن ايران تستخدم قوتها بشكل مباشر وبواسطة المليشيات الشيعية ضد المتظاهرين، في حين أن الولايات المتحدة فقط تنظر من بعيد.

إن مضمون وثائق “انتر ست” نشر في معظم الصحف العراقية ووسائل الاعلام العربية والايرانية. ولكن هناك شك في أن تؤثر على سلوك الحكومة العراقية أو تردع ايران من مواصلة التدخل، حيث أنه اذا كان حتى قبل اسبوع شكلت المظاهرات في العراق تهديد على خارطة السيطرة الاقليمية لايران، فهي الآن بعد اشتعال الشوارع في ايران، التهديد هو داخلي وسياسي. اذا نجح المتظاهرون في العراق في اسقاط الحكومة فان نجاحهم سيشعل اكثر المظاهرات في ايران. المسؤولية الكبيرة الملقاة على سليماني هي وقف هذا التطور، ليس فقط من اجل انقاذ النظام في العراق، بل ايضا من اجل كبح التمرد في بلاده. وفي ايران اعلنت الحكومة بأنها ستبدأ غدا في توزيع الاموال على العائلات المحتاجة لتعويضها عن رفع اسعار الوقود الذي تسبب  بالمظاهرات الحالية. المشكلة هي أن رفع سعر الوقود بأكثر من 50 في المئة يضر بالاساس الطقبة الوسطى التي توجد فيها الامكانية الكامنة للاحتجاج. ولكن لا يوجد في هذه الاثناء لدى الحكومة أي حلول سريعة مثل التعويضات المالية التي يمكنها تهدئة احتجاجهم إلا اذا قررت الحكومة الغاء ضريبة الوقود الجديدة.

الرئيس الايراني حسن روحاني يحظى بدعم الزعيم الاعلى علي خامنئي الذي قرر أنه يجب الخضوع للقانون وسياسة الحكومة. ولكن البرلمان استدعى في السابق روحاني لجلسة استجواب وطلب منه توضيح رفع اسعار الوقود والحلول التي يقترحها. يمكن التخمين بأنه اذا قدر خامنئي بأن رفع اسعار الوقود هو تهديد مهم فهو سيعطي توجيهاته للحكومة من اجل التراجع عن الامر، على الاقل عن جزء من القرار. وفي كل الاحوال، يوجد للنظام الايراني الآن هامش مناورة سياسي واقتصادي كبير بدرجة كافية من اجل تهدئة الاحتجاج، بالاساس بعد أن دشن مصانع التكرير الجديدة التي من شأنها أن تعفيه من استيراد البنزين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى