ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – عن التهديد الاخر

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 19/5/2021

” من بين دول المنطقة، فقط الاردن هو الذي تبنى لهجة شديدة، في حين أن مصر تلعب دور “الوسيط النزيه”. اسرائيل من ناحيتها تواصل التمسك بمقاربة أنها مستعدة لأي سيناريو حتى مجيء الانفجار القادم “.

الردود على التصعيد في العالم العربي هي مكعب هنغاري لتضارب المصالح. الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الرئيس جو بايدن من اجل احلال وقف لاطلاق النار يتم صدها في الوقت الحالي من قبل اسرائيل وحماس. فحماس تطالب بانجاز في القدس واسرائيل تعتقد أنها لم تحقق أهدافها بعد دون اعطاء تفاصيل ما هي هذه الاهداف. حسب تقارير تستند الى تصريحات قادة كبار في حماس، فان حماس تصمم على أن وقف اطلاق النار اذا حدث يكون متزامن، في حين أن اسرائيل تطالب بفجوة زمنية تمكنها من مواصلة القصف.

هذه ليست نقطة الخلاف الوحيدة. ويبدو أن الطرفين يركزان مطالبهما على الصعيد التكتيكي. فاسرائيل تسعى الى اشارة “في” الى جانب اكبر قدر من الاهداف. وحماس تطالب بأن تخرج اسرائيل قواتها من الحرم وأن تمنع طرد سكان الشيخ جراح من بيوتهم. ولكن فعليا كل طرف يسعى الى تحويل طلباته التكتيكية الى انجاز سياسي. حماس التي اعتبرت كمن جاءت لانقاذ القدس نجحت في ابعاد السلطة الفلسطينية والاردن عن مكانتهما كأصحاب البيت. فهما ليستا شريكتين في المفاوضات حول وقف اطلاق النار ولا تمثلان المطالب الوطنية الفلسطينية التي تتعلق بالمس بالاماكن المقدسة، وهما تستمران في كونهما شفافتين في نظر اسرائيل وحماس. 

المعركة التي تديرها اسرائيل ضد حماس لن تغير هذه النظرة، حتى لو لم تتنازل اسرائيل في موضوع القدس. اذا كان هناك في الماضي احتمالية معينة للتوصل الى اتفاقات مع السلطة الفلسطينية في مسألة القدس واعتبار شطرها الشرقي عاصمة لفلسطين، فان هذه الاحتمالية حطمها دفعة واحدة الرئيس الامريكي دونالد ترامب عندما اعترف بالقدس كعاصمة لاسرائيل، واعتقد أنه بذلك قد ازال موضوع القدس عن جدول الاعمال. المرة الثانية التي حدث فيها ذلك، حماس أخذت على عاتقها دور المخلص.

من هنا فان تدمير الاهداف المادية في غزة، مباني عامة وقيادات وانفاق، وتصفية قادة كبار، يعتبر بالنسبة لاسرائيل انجازات مثيرة للانطباع، لكن لا يمكنها التعويض عن تعريف حماس للانتصار. نظريا، اذا دخلت اسرائيل الى مفاوضات مع الاردن أو مع السلطة الفلسطينية حول ترتيبات جديدة في الحرم، وبهذا تحرم حماس من مظهر الانجاز السياسي، كان يمكنها الاكتفاء بالتدمير الذي أحدثته حتى الآن في غزة وتأطيره كعملية انتقام واسعة ضد اطلاق الصواريخ على القدس، وبعد ذلك على ارجاء اسرائيل؛ لكن في المرحلة التي توجد فيها المعركة فان اجراء مفاوضات كهذه هو أمر غير ممكن سياسيا. هو يبدو كخضوع لضغط حماس. في المقابل، بدون مفاوضات كهذه النتيجة ستكون أن القدس ستواصل كونها في مركز المواجهة بين اسرائيل وحماس، وهو تطور يفيد بشكل كبير اليمين في اسرائيل وحماس ايضا. اذا كانت حكومة اسرائيل تبحث ايضا عن انجاز سياسي فانه يوجد هنا.

المشكلة هي أن استمرار المعركة في غزة وانزلاقها الى الضفة الغربية، اشتعال اعمال ارهابية وعصيان مدني ومواجهات واسعة، يمكن أن يعرض للخطر أساس جوهري آخر في سياسة بنيامين نتنياهو، الذي طوال سنوات قام ببناء الفصل السياسي بين غزة والضفة. هذا الفصل، ماديا واقتصاديا وسياسيا، كان حيويا من اجل صد أي احتمالية لتقدم عملية سلمية بذريعة أن السلطة الفلسطينية لا تمثل جميع الفلسطينيين. هذه النظرية نجح نتنياهو في تسويقها بنجاح للادارات الامريكية ومصر، وبعد ذلك للسعودية واتحاد الامارات والبحرين والمغرب ودول عربية اخرى. مصر توقفت حتى في عهد حسني مبارك عن محاولة ايجاد حل سياسي شامل، بعد أن قامت بلي ذراع ياسر عرفات وجعلته يوقع على اتفاقات اوسلو. الاردن اكتفى بالمكانة الخاصة التي أعطيت له في الاماكن المقدسة. ولكن في جميع العمليات السياسية الاخيرة كان الامر بالنسبة له مجرد معرفة. في صفقة القرن لترامب لم يتم حتى شمل الاردن في دائرة التشاور. 

في السنوات الاخيرة كان قلق الاردن من سيطرة السعودية على الاماكن المقدسة وابعاده عنها. العلاقات المتوترة بينه وبين اسرائيل لم توقف في الحقيقة التعاون الامني بين الدولتين، لكن التنسيق السياسي أخذ يتلاشى. واذا كان هناك في قضية البوابات الالكترونية التي وضعتها اسرائيل على بوابات الحرم قبل اربع سنوات قد كان ما زال للاردن تأثير في قرارات الحكومة، فانه في هذه المرة تم تحييده تقريبا بشكل كامل. 

حماس لم تدق اسفين بين الاردن واسرائيل فقط. ففي المعركة التي تسميها حماس “سيف القدس”، ايضا الدول التي وقعت على اتفاقات سلام مع اسرائيل وجدت نفسها في معضلة سياسية معقدة. عندما وقعت دولة الامارات على اتفاق التطبيع مع اسرائيل أوضح ولي العهد محمد بن زايد بأن هذه الوثيقة ستخدم المصالح الفلسطينية والسلام، وبالاساس ستحبط نوايا اسرائيل لضم جزء من المناطق. وقد رفضت السلطة الفلسطينية وحماس هذه المبررات، وحتى أن السلطة رفضت ايضا قبول مساعدات انسانية من دولة الامارات وأعادت لفترة معينة سفيرها من أبو ظبي.

وقد كان رد أبو ظبي على الاحداث في غزة والقدس فاتر جدا. فقد عبرت عن القلق من أن هذه التطورات يمكن أن تعرض المنطقة للخطر، لكنها لم تتخذ أي خطوة فعلية مثل اعادة سفيرها من تل ابيب. وفي المقابل، لم تقم بادانة حماس. موقف مشابه عبرت عنه كل من السعودية والمغرب. وفقط الاردن هو الذي تبنى لهجة شديدة ضد اسرائيل عندما طالب نواب في البرلمان الاردني بطرد السفير الاسرائيلي من عمان واعادة السفير الاردني من تل ابيب. مصر تواصل لعب دور “الوسيط النزيه” الذي يمكنه التحدث مع اسرائيل وحماس، حيث توجد في جعبتها انجازات الماضي في تثبيت وقف اطلاق النار عدة مرات بينهما. ولكن مصر والاردن والسعودية والامارات قلقة من قوة حماس السياسية اكثر من الرعاية التي أخذتها حماس على عاتقها على القدس.

حول هذه المسألة تطور في السنوات الاخيرة خلاف بين هؤلاء الحلفاء. فمصر بذلت جهود لا تكل من اجل التوصل الى مصالحة بين فتح وحماس، وهي جهود واجهت الكثير من العقبات الى أن توصل الطرفين الى اتفاق على اجراء الانتخابات، التي تم الغاءها في الشهر الماضي بأمر من محمود عباس وذلك بذريعة أنه بدون انتخابات في القدس، التي لا تسمح باجرائها اسرائيل، لا توجد أي جدوى من اجرائها على الاطلاق.

مصر تقدر أن سيطرتها الاقتصادية على غزة وسيطرة اسرائيل على الضفة ستحيد ضرر حماس السيء، التي ستضطر الى العمل في اطار فلسطيني أوسع، وفي نفس الوقت يمنحها أداة تأثير على ما يجري في كل فلسطين وليس فقط في غزة. السعودية التي لها تجربة صعبة مع حماس، واتحاد الامارات التي تعتبر حماس فرع من حركة الاخوان المسلمين، تختلفان مع مصر. فهما تعتقدان أن المصالحة بشكل عام والانتخابات بشكل خاص يشكلان تهديدا يمكن أن يضعهما أمام حكومة فلسطينية حماسية، تشجع حركات اسلامية راديكالية فيهما ويقوض شرعية السلطة الفلسطينية.

الدائرة العربية في هذه المسألة تحولت الى مكعب هنغاري، فيه كل دورة تخلق تضارب مصالح داخلية – عربية. عندما ستتصالح حماس وفتح فهذا يعني أن قطر وتركيا وايران، الركائز الاقتصادية والسياسية لحماس وأعداء دول الخليج، يمكنها أن تبعد مصر عن مكانة التأثير. دول الخليج فضلت بسبب ذلك الوضع الراهن. وحتى لو كان فيه ايضا، بموافقة اسرائيل، دور حيوي لقطر إلا أنه يقزم حماس لتصبح تهديد تكتيكي يرتبط قبل كل شيء بمصر واسرائيل.

إن اعتبارات ومصالح الدول العربية لا تعني اسرائيل التي تواصل تقديرها بأن أي تطور سياسي أو عسكري في القطاع وفي الضفة يجب أن يكون دائما تحت السيطرة حسب الصيغة المعروفة التي تقول بأنها مستعدة لكل سيناريو. والى حين أن يأتي سيناريو تكون غير مستعدة له مثل اطلاق الصواريخ على القدس. المشكلة هي أن نجاح التكتيك، اذا كان يوجد أمر كهذا، سيبقي خلفه انقاض من الخرائب سيضطر أحد ما تمويل اصلاحها قبل أن تتحول بذاتها الى ذريعة جديدة للمواجهة مثلما حدث في مظاهرات العودة التي تطورت من ازمة الرواتب في قطاع غزة. ولكن مثلما هو دارج، في اليوم التالي يفكرون فقط عندما يأتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى