ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – روسيا ستعقد صفقات في ليبيا مع الذين تحتاجهم، الاساس هو أن تصل الى النفط

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 6/12/2019

في شهر شباط 2018 كان يبدو أن يفغيني بريغوجين فقد مكانته وقوته في بلاط بوتين. الجيش الخاص الذي يتشكل من المرتزقة الذين مولتهم حسب التقارير الغربية، الاوليغاركية الروسية، بدأ في حينه بمهاجمة مواقع المليشيات الكردية في دير الزور في شمال سوريا. المرتزقة حاولوا السيطرة على آبار النفط هناك التي احتلها الاكراد، بمساعدة الولايات المتحدة، من أيدي داعش.

على مدى اربع ساعات جرت معركة شديدة بين القوات، في نهايتها تدخل سلاح الجو الامريكي. المهاجمون الروس انسحبوا بعد أن تكبدوا 300 – 500 قتيل، كان هذا هو التصادم المباشر الاول بين قوات روسية وامريكية منذ حرب فيتنام. ولكن اضافة الى هذه السابقة التاريخية، الولايات المتحدة وضعت خط احمر لا تسمح لروسيا أو أي قوة اخرى باختراقه والمس بمصالحها ومصالح حلفائها.

حسب تقارير روسية، بوتين أمر في اعقاب المعركة بتقليص التدخل في سوريا لـ “مجموعة فاغنر”، جيش المرتزقة، وسمح لتنظيمات اخرى بالعمل على الارض. ولكن “مجموعة فاغنر” عادت الى الحياة في اماكن اخرى في العالم، لا سيما في افريقيا وامريكا الجنوبية والآن في ليبيا.

بريغوجن، من مواليد لننغراد الذي اعتقل في عهد الحكم الشيوعي مدة سبع سنوات بتهمة سطو مسلح وجرائم اخرى، بدأ حياته المهنية كبائع ناجح للسجق وبعدها فتح مطعم فاخر. في العام 2001 استضاف في مطعمه رئيس روسيا الجديد بوتين ورئيس حكومة اليابان يوشيرو موري. هذه العلاقة التي توجت بريغوجن بلقب “شيف بوتين” تعمقت. فمعه زادت الاموال التي تدفقت الى جيب بريغوجن.

شركة التموين التي افتتحها حصلت على عقود لتوفير الغذاء واقامة الحفلات للكرملن، وحظي ايضا بتنظيم احتفال يوم ميلاد بوتين في 2003. بعد ذلك فاز في مناقصات لتوفير الغذاء للمدارس والجيش. من هناك الطريق كانت قصيرة لاقامة مجموعة فاغنر التي تحولت الى جيش من المرتزقة يضم آلاف المقاتلين وقوات مدرعة وطائرات.

تحقيقات المحقق الامريكي الخاص في قضية تدخل روسيا في الانتخابات الامريكية في العام 2016 تدل على أن مجموعة فاغنر عملت ايضا في نشاطات سايبر متشعبة. وقد فرض على رؤسائها عقوبات. روسيا تنفي أي صلة بمجموعة فاغنر، وبريغوجن اعلن بأنه ليس هو صاحبها أو ممولها. ولكن الوثائق تدل على خلاف ذلك.

صديقة الحكومتين

مؤخرا ظهرت درجة تورط المجموعة في ليبيا، التي فيها تعمل الى جانب الجنرال خليفة حفتر، الذي يحمل لقب “قائد الجيش الوطني”. حفتر يطمح الى الامساك بالسلطة وطرد الحكومة المعترف بها ورئيسها فايز السراج.

ليبيا اصبحت هدف آخر في حملة الاحتلالات السياسية والعسكرية لروسيا في الشرق الاوسط وافريقيا التي تشمل عقود لتزويد الطائرات ومحطة كهرباء نووية لمصر واتفاقات ضخ نفط لتركيا ومنها الى اوروبا ومساعدة لنظام مادورو في فنزويلا بواسطة شركة روسن نفط الروسية، التي تخرق العقوبات الامريكية على فنزويلا، وعقود لتزويد السلاح لاكثر من 20 دولة في افريقيا التي في بعضها مثل موزمبيق، مثلا، تعمل مجموعة فاغنر ضد قوات المتمردين والمتآمرين. الاستراتيجية الروسية ليست فقط التمركز في هذه الدول وفي المناطق التي قررت امريكا الانسحاب منها مثل سوريا، بل محاولة لصد التوسع الصيني الذي يخلق اعتماد سياسي واقتصادي على بكين.

تدخل روسيا في ليبيا يستند الى نفس الاسس التي تستخدمها في سوريا أو في افريقيا. هذه دولة غنية بالنفط لا تنجح في تجسيد الامكانيات الكامنة فيها لاستخراج النفط بسبب وضعها الامني والسياسي غير المستقر. وتبحث عن سيد دولي يوافق على أن يساعد في اعادة اعمارها مقابل عطاءات مربحة.

الولايات المتحدة سحبت اقدامها منذ فترة من ليبيا، التي تظهر في قائمة الدول التي يسميها ترامب “دول خربة” أو دول “لا يوجد فيها أي شيء عدا الرمال”، كما وصف ذات مرة سوريا. مكان الولايات المتحدة في دور الوسيط في النزاع السياسي والعسكري الذي يجري منذ خمس سنوات أخذته الامم المتحدة وعدد من الدول الاوروبي، بالاساس فرنسا وايطاليا، لكن ليس للجهد الدبلوماسي الكثير مما يتفاخر به.

في تموز 2017 جمع رئيس فرنسا مكرون الجنرال حفتر مع خصمه، رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ووافق الاثنان على وقف اطلاق النار الذي تحطم خلال فترة قصيرة. في ايار 2018 اجتمع الطرفان مرة اخرى في فرنسا وتباحثا في امكانية اجراء انتخابات. ايطاليا بادرت الى عقد لقاءين في تشرين الثاني 2018 وشباط 2019 واثارت بذلك غضب فرنسا التي رأت في المبادرة الايطالية تقويض لجهودها ومحاولة لجني مكاسب اقتصادية وسياسية لنفسها يتوقع أن تأتي مع الاتفاقات اذا تم التوقيع عليها. حتى الآن لم يثمر أي من هذه اللقاءات أي نتائج. الآن يخطط مبعوث الامم المتحدة، غسان سلامة، لعقد لقاء آخر في كانون الثاني القادم.

في شهر نيسان الماضي شن حفتر الذي يترأس مجموعة مليشيا “جيش ليبيا الوطني” معركة لاحتلال العاصمة طرابلس بدعم من مصر ودولة الامارات. ومؤخرا ايضا بأيدي المرتزقة الروس. بهذا حول ليبيا الى دولة فيها تجري حرب لمبعوثين: بين قطر وتركيا من جهة وبين مصر ودولة الامارات من الجهة الاخرى.

روسيا ترقص في الحفلين. الرئيس بوتين التقى مع رئيس المجلس الرئاسي السراج، وبهذا ظاهريا وضع نفسه الى جانب الحكومة المعترف بها، لكنه ايضا تحدث بحرارة مع وزير خارجية حكومة بنغازي، عبد الهادي الحويج، واظهر بذلك دعمه لحفتر، الذي يزور بين فينة واخرى موسكو ويحصل على المساعدة من مرتزقة مجموعة فاغنر. يوجد لروسيا تفسير مهم للازدواجية في هذه العلاقة. في ليبيا توجد حكومتان، الحكومة المعترف بها من المجتمع الدولي والتي تشكلت في اعقاب اتفاق وقع في 2015 في مدينة السخيرات في المغرب، ويترأسها مجلس رئاسي مسؤول عن الحكومة، وعلى رأس المؤسستين يقف السراج. هذه الحكومة حصلت في البداية على اعتراف مجلس النواب الليبي الذي مقره في مدينة طبرق في شرق الدولة. في هذه المحافظة توجد الحكومة الثانية التي لا تعترف بحكومة السراج، وهي تمنح الرعاية للجنرال حفتر. بعد ذلك ايضا مجلس النواب سحب دعمه واعترافه بالحكومة وكذلك هو الآن يؤيد حفتر.

هكذا، عندما يلتقي بوتين مع السراج فان هذا يشكل لقاء مع رئيس حكومة معترف به. وعندما يلتقي مع وزير خارجية حكومة طبرق فانه يلتقي مع ممثل حكومة يعترف بها البرلمان. بالنسبة لروسيا ليس هناك مكان مريح للتأثير من التقسيم غير الممكن هذا الى نقطتي حكم. الآن عندما تمد روسيا اذرعها لليبيا فان واشنطن تستيقظ وهي التي كانت حتى الآن في سبات عميق.

ممثلو الادارة الامريكية التقوا مع حفتر وطلبوا منه وقف محاولة سيطرته على طرابلس والتوصل الى تسوية مع حكومة السراج. وليس واضحا ما يمكن للادارة الامريكية أن تعرضه على حفتر مقابل هذه الخطوة، حيث أن قواته اقوى من قوات النظام الليبي، وهو يحصل على الدعم من روسيا. صحيح أنه في موازاة جهود الاقناع الامريكية يقوم الكونغرس بوضع سلسلة من العقوبات ضد مقاتلي مجموعة فاغنر وفي الادارة الامريكية يناقشون في هذه الاثناء خطة لمساعدة حكومة السراج. ولكن مشكوك فيه اذا كانت هذه الخطوات ستنجح في تغيير مكانة حفتر أو تقليص الوجود الروسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى