ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – رغم تصريحات ترامب، الولايات المتحدة  تبقى في سوريا وترتبط بالاكراد مرة اخرى

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 28/11/2019

“لا يوجد أي موعد محدد لخروج القوات الامريكية من سوريا”، هكذا أوضح الجنرال كينغ ماكنزي، قائد المنطقة الوسطى للجيش الامريكي، في مؤتمر صحفي في يوم السبت الماضي. بهذا، كما يبدو، يتم التراجع عن قرار الرئيس الامريكي ترامب، المثير للخلاف، في شهر تشرين الاول، لسحب جميع القوات من مناطق المعارك في شمال سوريا. يوم أمس تم تعزيز القوات الامريكية في سوريا بقوات مدرعة، منها ثلاث دبابات وثلاث آليات اخرى. ووحدة لوجستية انتقلت الى سوريا من المنطقة الكردية في العراق. هذا التعزيز استهدف حسب اقوال ماكنزي، توسيع النشاط ضد داعش في دير الزور، بالتعاون مع قوات المليشيات الكردية.

إن مبرر الولايات المتحدة لاستمرار مشاركة نحو ألف جندي، الذين سينضم اليهم المزيد من القوات، يكمن في تقارير المخابرات الامريكية التي بحسبها قوات داعش بدأت في اعادة تنظيم نفسها بهدف تنفيذ عدة عمليات. وايضا خوفا من أن القوات التركية والروسية التي تعمل شرق نهر الفرات لا تنوي العمل ضد اعادة داعش لتنظيم نفسه. هذا التفسير يتناقض مع تصريح ترامب الذي جاء فيه أن داعش هزم، لذلك، فان القوات الامريكية أنهت مهمتها في سوريا. ولكن يبدو أنه رغم التخوف الحقيقي من عمليات داعش، فان التنظيم يستخدم الآن كذريعة للرئيس الامريكي من اجل التراجع عن قرار الانسحاب من سوريا، على خلفية الانتقاد الشديد الذي وجه اليه من الكونغرس ومن اصدقائه الجمهوريين الغاضبين من التخلي عن الحلفاء الاكراد.

قرار ابقاء القوات الامريكية في سوريا يؤثر ايضا على استعداد المليشيات الكردية للالتزام بالاتفاق الذي وقعوا عليه مع روسيا والولايات المتحدة في 22 تشرين الاول والذي بحسبه يجب عليهم الانسحاب الى مسافة نحو 32 كم عن الحدود مع تركيا. صحيح أن جزء من القوات الكردية قد انسحبت من منطقة الحدود، وحتى روسيا سارعت الى الاعلان في نهاية تشرين الاول بأن الانسحاب استكمل. ولكن يبدو أنه مؤخرا تم وقف الانسحاب. وزير الخارجية الروسي، سرجيه لافروف، حذر في هذا الاسبوع الاكراد بأنه يجب عليهم التمسك بالتزامهم وعدم الاعتماد على المساعدة الامريكية. 

روسيا وتركيا تخافان من أن التحول في السياسة الامريكية واعادة تجنيد الاكراد للحرب ضد داعش، ستؤدي الى انهيار اتفاق الانسحاب. اذا تحقق هذا الخوف فان تركيا يمكنها أن تقرر تجديد نشاطاتها العسكرية كجزء من عملية “نبع السلام” التي استهدفت طرد الاكراد من المنطقة الحدودية بالقوة. 

الاتفاق مع الاكراد والذي جاء قريبا من موعد غزو تركيا للمنطقة التي تقع شرق الفرات في اراضي سوريا، ادخل القوات الروسية الى جزء من المناطق التي عمل فيها الامريكيون، الذين بدأوا القيام بدوريات مشتركة مع القوات التركية لتأمين المنطقة المخصصة لاستخدامها كمنطقة آمنة، التي اليها تطمح تركيا من اجل نقل 2 مليون لاجيء سوري من بين الـ 4 ملايين الموجودين على اراضيها.

الآن من غير الواضح ما هو مصير المنطقة الآمنة المخططة، وهل في الوقت القريب ستخلق الظروف التي ستسمح بنقل اللاجئين. ولكن مصير اللاجئين هو فقط أمر هامشي يدعو الى القلق من مواجهة يمكن أن تحدث بين القوات التركية والقوات الامريكية اذا قررت أنقرة تجديد الهجوم في سوريا. روسيا من ناحيتها قلقة من السيناريو الذي تتهمها فيه تركيا بأنها لا تطبق الاتفاق بينهما، ولا تعمل على اخلاء الاكراد. موسكو تخاف من أن تستغل أنقرة ترددها من اجل الدفع قدما بتمركز عميق للقوات التركية في الاراضي السورية، الخطوة التي ستفشل الخطة الروسية لنقل المنطقة الى سيطرة بشار الاسد.

طريق سياسي مسدود

في نفس الوقت يبدو أن روسيا لا تنجح في تطبيق الخطة السياسية لانهاء الحرب في سوريا، بعد أن فشل اللقاء الثاني للجنة صياغة الدستور. في اللقاء الذي جرى هذا الاسبوع في جنيف بمشاركة ممثلين عن النظام وعن المعارضة لم ينجح الطرفان في التوصل الى اتفاق حتى حول مسألة جدول اعمال اللقاء. يبدو أن الترحيب الذي استقبل به الاتفاق بتشكيل لجنة دستور تضم 150 ممثل، من بينهم تم اختيار لجنة تتكون من 45 عضو يعملون فعليا على صياغة مسودة الدستور، كان سابقا لأوانه وحتى أنه سابق جدا لأوانه.

الاسد يسمي ممثلي النظام في المحادثات “ممثلون يؤيدون مواقف الحكومة” وليس ممثلون رسميون لنظامه كي لا يتهم مباشرة بافشال المحادثات، اذا فشلت بالفعل. في المحادثات ظهرت اختلافات في الرأي ليس فقط بينهم وبين المعارضة، بل ايضا بين ممثلي المعارضة انفسهم، بالاساس حول دور ومكانة الاسد في الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها. في لجنة الدستور لا يوجد تمثيل تقريبا للاكراد في سوريا، رغم أن نسبتهم من اجمالي سكان الدولة هي 20 في المئة. الاكراد لم يشاركوا ايضا في اللقاءات السياسية التي جرت في الاستانة عاصمة كازخستان والتي سبقت تشكيل لجنة الدستور.

من كان يجب عليه كما يبدو أن يمثل الاكراد هم ممثلو المجلس الوطني الكردي، المشمول في الائتلاف الذي يشكل حركة المعارضة في سوريا. ولكن من يسيطر على المجلس هو الادارة الكردية في العراق، التي هي تحت رعاية تركيا التي تعارض بشدة أي مشاركة للاكراد السوريين في العملية السياسية. هنا تكمن اهمية التواجد الامريكي في سوريا واستئناف التعاون العسكري مع المليشيات الكردية. يمكن أن تكون مكانة الاكراد في القوة المقاتلة المشاركة في الحرب ضد داعش بدعم امريكا، ستتعزز، ايضا على الصعيد السياسي، بصورة ستوضح لتركيا وروسيا بأنه بدونهم فان أي عملية سياسية يمكن أن تفشل.

الامر المهم هو أنه في كل الخطوات العسكرية في شمال سوريا والسياسية في جنيف، ايران ليست شريكة، رغم أنها كانت جزء لا يتجزأ من العملية التي سبقت تشكيل لجنة صياغة الدستور. وحسب تقارير سورية فان ايران تسعى الى التمركز في منطقة الحدود بين العراق وسوريا واستكمال اقامة القاعدة العسكرية الكبيرة في منطقة بوكمال من اجل ضمان معبر بري مفتوح بين طهران ودمشق.

ايران ايضا تسعى الى تعزيز نفسها اقتصاديا في سوريا، بعد اقصائها عن فرع الاتصالات الخلوية الذي وعدها به الاسد، فهي تحاول الفوز بعطاء تطوير واعادة تأهيل شبكة الكهرباء في سوريا. بعد توقيعها على اتفاق لاقامة محطة كهرباء في اللاذقية بمبلغ 400 مليون يورو، حصلت على عقد لاقامة محطة كهرباء في حمص وفي مدن اخرى. ورغم هذه الانجازات المحلية فان ايران توجد بعيدا خلف روسيا، التي تسيطر على ملف الاستثمارات المستقبلية، وبالاساس امتيازات مستقبلية لتطوير آبار النفط في سوريا، التي يسيطر عليها الآن الاكراد والامريكيون.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى