ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – دولة معظم اجزائها :  ما هو جيد للفلسطينيين جيد ايضا لاسرائيل

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 5/5/2021

” اسرائيل تسير رويدا رويدا نحو أن تصبح شبيهة بالدول العربية المجاورة، حيث الدولة لا تسيطر بشكل كامل على كل اجزائها، وهناك اجزاء منها تحت سيطرة عصابات أو مجموعات تنفذ قوانينها الخاصة “.

       مفهوم “حكم ذاتي” ولد من خلال النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. يصعب تذكر أنه في وقت من الاوقات تحدثوا هنا عن حكم ذاتي فلسطيني وعن ادارة مستقلة وعن “تسوية جغرافية” مقابل “تسوية وظائفية”. كل هذه استخدمت كغطاء لهدف واحد وهو دولة فلسطينية مستقلة لن تقوم. في الحقيقة، دولة فلسطينية لم تقم حتى الآن. ولكن خطة الحكم الذاتي ما زالت على قيد الحياة، وحتى يتم تطبيقها بصورة كاملة. ليس لدى الفلسطينيين، بل لدينا. لا يوجد هنا حكم ذاتي واحد، بل يوجد عنقود من الاحكام الذاتية التي ترتبط بشعرات هشة وتشكل ما يسمى “دولة اسرائيل”.

       بعد الكارثة في ميرون تحول هذا المفهوم الى مصطلح دارج يعرف المنطقة بجبل تسيطر عليه الحاخاميات اليهودية، الذي فيه لا يوجد للدولة موطيء قدم، جيب مستقل فقط ينقصه علم ونشيد. ولكن مثلما قلنا، موقع ميرون غير وحيد، بل هو جزء من شبكة جيوب للحكم الذاتي، الآخذة في أن تشبه شبكة الجيوب الفلسطينية التي اوجدتها اسرائيل في الضفة من اجل كبح اقامة دولة فلسطينية موحدة. يمكن رؤيتها بكامل جلالها في الاحياء الدينية في القدس وفي جنوب البلاد في مناطق تسيطر عليها عصابات من البدو، في قرى عربية تنازلت الحكومة عن سيطرتها عليها ونقلتها الى المقاولين من الباطن، الذين يحملون السلاح، وبالطبع في مستوطنات تحولت منذ زمن الى دولة مستقلة، وهذه أوجدت في داخلها جيوب ثانوية، حتى المستوطنون لا يتجرأون على اختراقها.

       الصورة الظاهرة التي فيها تحكم الحكومة حقا جميع اراضيها السيادية والاراضي التي تخضع لسيطرتها بالكامل، تجعل المرء يعتقد أن كل هذه الاحكام الذاتية هي مجموعات من المشاغبين تماما، مثل صاحب كشك فتح عمله على شاطيء البحر بدون ترخيص. الحقيقة هي مروعة أكثر بكثير. اسرائيل في طريقها لتصبح مثل لبنان وسوريا والعراق، التي فيها منظمات وديانات وأقليات عرقية وعصابات تحولت الى حكام بالفعل، المنطقة الجغرافية المادية والقانونية التي تقع تحت سيطرة الدولة تغطي فقط اجزاء مختارة منها.

       لقد تم القول عن نظام بشار الاسد بأنه نجح في أن يعيد الى سيطرته اكثر من 80 في المئة من الدولة. وعلى الباقي تسيطر مليشيات المتمردين، الاكراد وعصابات محلية. ومن المشكوك فيه أن الحكومة في اسرائيل يمكنها القول بأنها تسيطر على نسبة كهذه من اراضيها. كل واحد من الاحكام الذاتية يوجد له جهاز حكم مستقل يأخذ الاموال من خزينة الدولة، لكن مسموح له أن يفعل بها ما يشاء. ايضا يمكنه أن يقرر قوانين وأن يضع لوائح خاصة به. اسرائيل حتى هي ليست فيدرالية، رغم أنه في حكومتها وفي الكنيست يجلس ممثلون من معظم مناطق الحكم الذاتي مثلما في العراق أو في الولايات المتحدة. في الفيدرالية الحكومة هي التي تقرر السياسة الخارجية وميزانية الدولة ودستور الدولة. في اسرائيل قوانين الاساس تتراجع وتنسحب ازاء اخطاء حكام مناطق الحكم الذاتي.

       السياسة الخارجية التي في مركزها النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين ترتبط بموافقة المستوطنين. ميزانية الدولة بحاجة الى توقيع الحاخامات والمليشيات المسلحة ترسم حدود الامن الشخصي للمواطنين. مواطنو اسرائيل العرب لا يمكنهم الاعتماد على الشرطة كي تدافع عنهم منهم العصابات في مدنهم. البدو في النقب يعرفون أنه لا يوجد من يتوجهون اليه عندما يقوم الزعران بالسيطرة على الشوارع ويطلقون النار في كل اتجاه. المزارعون الفلسطينيون يرافقون بذعر المتطوعين اليهود من اجل الدفاع عنهم من عصابات المستوطنين لأن جيش دولة الاحكام الذاتية ينظر اليهم في افضل الحالات، وفي الوضع العادي ينضم الى المستوطنين.

       اسرائيل مثل الضفة مقسمة الى مناطق أ وب وج. مناطق تحت سيطرة كاملة للدولة، مناطق تسيطر فيها (ربما) فقط على الامن ولكن ليس على الادارة المدنية، ومناطق تغيب عنها الدولة. المواطن الاسرائيلي الذي يبحث لنفسه عن شقة لا يمكنه الاكتفاء فقط بفحص ملاءمة الشقة لعائلته، بل عليه ايضا أن يفحص من الذي يسيطر على مجالات الحكم الذاتي التي توجد فيها، ما هو جيد لفلسطين وسوريا جيد ايضا لاسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى