ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – ثورة بايدن في الشرق الاوسط ستضطر الى الانتظار

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – 6/11/2020

جو بايدن يطمح الى اعادة حقوق الانسان الى جدول الاعمال، لكنه يدرك جيدا قيود القوة التي تقف امام الزعماء الديكتاتوريين. وايران لم توضح بعد هل ستكون على استعداد للتفاوض مع الولايات المتحدة، وهل ستضع شروط جديدة للاتفاق النووي “.

حتى قبل أن يشير عدد المؤيدين لجو بايدن في المجمع الانتخابي الى فوز محتمل للمرشح الديمقراطي، سارع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في هذا الاسبوع الى اطلاق سراح مئات السجناء الامنيين الذين يقبعون في السجون منذ العام 2014. وقد تردد في أذن السيسي جيدا صدى تغريدة بايدن في شهر تموز التي كتب فيها بأنه “لن يكون بعد الآن شيكات مفتوحة للديكتاتور المحبب على ترامب”.

هذه كانت تغريدة مفصلة وموجهة بشكل جيد. “محمد عماشة تم اطلاق سراحه بعد 486 يوم في السجن المصري، الذي مكث فيه لأنه حمل لافتة احتجاج. الاعتقال والتعذيب وابعاد نشطاء مثل سارة حجاوي ومحمد سلطان أو تهديد عائلاتهم، هي سلوك غير مقبول”، كتب بايدن. “الديكتاتور الحبيب” كانت الصفة التي منحها ترامب للرئيس المصري دون أن تنبعث منها نغمة ادانة أو اشمئزاز. الديكتاتورات بشكل عام وربما السيسي بشكل خاص، كانوا محببين على ترامب في كل فترة ولايته.

السيسي لا ينسى ايضا موقف بايدن، الذي كان نائب اوباما ونصحه بأن “يختار الجانب الصحيح من التاريخ” عندما اندلعت ثورة الربيع العربي في مصر، وأن “يدفع مبارك دفعة كبيرة نحو الخارج”. إن تولي زمام الامور من قبل السيسي في العام 2013 وضع معضلة شديدة امام اوباما – هل عليه أن يعترف بالنظام الجديد أو أن يتعامل معه ببرود. اوباما اهتز من قتل مئات المتظاهرين من مؤيدي الاخوان المسلمين، وأوضح بأنه “لا يمكن العودة الى الوضع العادي”. وقد أمر بتجميد المساعدة العسكرية لمصر وأعطى اشارات بأن المساعدة الاقتصادية ايضا التي تبلغ 1.3 مليار دولار، أحد البنود التي ثبتت اتفاقات كامب ديفيد بين مصر واسرائيل خلال عشرات السنين، من المتوقع أن يعاد تقييمه من جديد.

الخلاف الشديد الذي تطور في حينه في البيت الابيض هو كيف يتم التوفيق بين المصالح الامنية للولايات المتحدة وبين القيم التي باسمها انتخب الرئيس اوباما. عدد من مساعديه طلبوا تقليص المساعدة واجبار السيسي على تبني سياسة ملموسة لحماية حقوق الانسان. ولكن آخرين، مثل وزير الخارجية جون كيري، نجحوا في اقناعه بأن سياسة اليد الصلبة لن تساعد في الدفع قدما بحقوق الانسان في مصر، ومن شأنها أن تقطع يد أحد الحلفاء الهامين للولايات المتحدة في حربها ضد الارهاب. صحيح أن اوباما أعاد المساعدة وأعطى مصادقته على بيع مصر الطائرات وانظمة سلاح طلبها السيسي، ولكن الدم الشرير استمر في تمييز العلاقات بين الدولتين.

بايدن اذا اصبح رئيسا، فانه يحمل معه على الاقل حسب تصريحاته، رزمة قيم الحزب الديمقراطي والتطلع الى ادارة سياسة خارجية تحاول أن تمسك بطرفي العصا – حقوق الانسان والحفاظ على مصالح الولايات المتحدة. بهذا فان بايدن يتطلع الى أن يميز نفسه عن سياسة ترامب، الذي حقوق الانسان ليست مشمولة في قاموسه. ولكن ايضا له تجربة اكبر وهو يدرك قيود القوة التي توجد للولايات المتحدة ضد أنظمة ديكتاتورية.

السيسي فهم قواعد اللعب لاوباما، لكن فيما يتعلق بحقوق الانسان هو لم يتأثر بموقف الولايات المتحدة. اندلاع ظاهرة داعش في الشرق الاوسط وفتح جبهة الارهاب الجديدة في مصر التي نسبت للاخوان المسلمين وصراع اسرائيل ضد حماس الذي يعتمد على مساعدة من سيناء، منحت السيسي المتانة الامنية لادارة الحرب التي لا هوادة فيها ضد خصوم سياسيين ومنتقدين للنظام. وعند تتويج ترامب كان يمكن للسيسي تنفس الصعداء. ضغط الولايات المتحدة من اجل تطبيق حقوق الانسان تلاشى، وفقط في الكونغرس تسمع بين الحين والآخر مطالب للضغط على الرئيس المصري من اجل “التصرف بشكل جيد”، دون أن تثمر هذه المطالب أي شيء.

تحطيم ارث ترامب

الرئيس اوباما بدأ حملته في الشرق الاوسط بخطاب “بشرى للمسلمين” – الخطاب الحماسي الذي ألقاه في جامعة القاهرة في العام 2009، والذي تعهد فيه بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم العربي والاسلامي. وقد وعد بثورة حقيقية مقارنة مع سياسة سلفه، جورج بوش الابن. ولكن اوباما أنهى ولايته وهو يحمل على كاهله وصمة عار في نظر زعماء الدول العربية بسبب الاتفاق النووي مع ايران وامتناعه عن مهاجمة الجيش السوري بعد أن استخدم السلاح الكيميائي ضد المتمردين. اضافة الى ذلك، التصقت باوباما الكراهية الاسرائيلية له بسبب ما اعتبر سياسة مؤيدة للفلسطينيين وملاحقة المستوطنات واشمئزازه من بنيامين نتنياهو.

صحيح أن بايدن ليس اوباما. الآن هو سياسي اكثر تجربة، وهو يعرف جيدا العبوات الجانبية الموضوعة في طرق الشرق الاوسط. حتى الآن لم تسمع منه تصريحات متبلورة تدلل على استراتيجية جديدة ينوي تطبيقها في الشرق الاوسط؛ ليس لديه “خطة قرن”، لحل النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، وهو لم يوضح ما الذي ينوي أن يفعله في سوريا، وكيف سيكبح جماح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، أو كيف سينهي الحرب في اليمن. في السنوات الاربع الاخيرة اطلق تصريحات صدفية، التي نشر جزء منها يمكن عزوه للحملة الانتخابية، وجزء آخر يمكن عزوه للمباديء التي يؤمن بها مثل التصريح الذي وجه للسيسي.

مقولة بايدن المهمة جدا تتعلق بالاتفاق النووي مع ايران. بايدن اوضح عدة مرات أنه ينوي العودة الى الاتفاق، وتحويله الى مربض اطلاق لمفاوضات اوسع حول الصواريخ البالستية وحول تعاون اقليمي. السؤال هو هل هو ايضا شريك في رؤية اسرائيل وترامب التي تقول إن ايران هي التهديد الاكثر خطورة في الشرق الاوسط. في مقابلة اجراها معه توماس فريدمان، كبير المحللين في “نيويورك تايمز” في العام 2015، قال الرئيس اوباما إن “التهديد الاكبر على الدول العربية ليس غزو ايران لها، بل “عدم رضى  الجمهور” في هذه الدول. لذلك، فان تركيزها على التهديد الايران يفوت عليها فرصة التركيز على الخطر الاكبر.

في شهر تشرين الاول الماضي قالت كمالا هاريس، النائبة العتيدة لبايدن، بأن “ترامب عرض للخطر أمن الولايات المتحدة للخطر عندما انسحب من الاتفاق النووي”. الانسحاب من الاتفاق النووي ربما يكون الارث الاكثر بروزا للسياسة الخارجية لادارة ترامب. من هنا، ربما يكون الهدف الابرز في جهود بايدن لتحطيم هذا الارث.

يمكن ايضا أن تشكل العودة الى الاتفاق رأب للصدع العميق في علاقات الولايات المتحدة والدول الاوروبية وتعزز التحالف بين القارتين، ولكن بايدن ايضا يعرف جيدا موقف اسرائيل. الوزير تساحي هنغبي عبر عن هذا الموقف في مقابلة اجراها مع “ريشت 13” عندما قال بأنه “اذا تمسك بايدن بهذه السياسة (العودة الى الاتفاق النووي) فان ذلك سيؤدي الى مواجهة عنيفة بين اسرائيل وايران”. ويبدو أن هنغبي قد نسي أنه بالضبط الخوف من عملية عسكرية مستقلة لاسرائيل ضد ايران – التي في الاصل ستلقي المسؤولية عن هذا الهجوم على الولايات المتحدة – كان أحد العوامل الرئيسية لقرار الدفع قدما بالاتفاق النووي في عهد اوباما.

في الموضوع الايران سينتظر بايدن ليس فقط موقف اسرائيلي قوي واستفزازي اذا بدأ في تطبيق سياسته. ايران نفسها ما زالت لم توضح هل ستكون مستعدة للمفاوضات مع الولايات المتحدة، وكيف ستؤثر الانتخابات الرئاسية المخطط اجراءها في ايران في شهر حزيران على منظومة العلاقات معها، وهل ستوافق على العودة الى الاتفاق النووي كما هو أم أنها ستضع شروط جديدة. في هذه المسألة هناك سؤال لا يقل اهمية عن ذلك وهو أي حكومة ستشكل في اسرائيل بعد الانتخابات ومن الذي سيترأسها.

هذا السؤال يمس مباشرة الخطة الرئيسية لترامب وهي “صفقة القرن” والنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. ترامب رأى في خطته جوهر سياسته الخارجية في الشرق الاوسط، وحتى أنه نجح في احداث ثورة هامة في شبكة العلاقات بين واسرائيل والدول العربية. ولكن حزام التطبيع الشامل الذي حصلت عليه اسرائيل لم يكن بالامكان أن ينشأ بدون اسهام وتدخل السعودية المباشر. ترامب اعلن أن زعماء دول عربية اخرى ينتظرون في الطابور من اجل مصافحة نتنياهو. ولكن بدون سياسة واضحة للولايات المتحدة تجاه السعودية فان هذه العملية ستتجمد في مكانها.

هل بايدن سيكون مستعدا لقبول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومنحه الدعم الذي حصل عليه من ترامب وأن ينسى قتل الصحافي جمال الخاشقجي وأن يتجاهل استمرار الحرب في اليمن (التي تديرها الآن بالاساس السعودية) مقابل تطبيع اسرائيل مع السعودية ومع دول عربية اخرى؟.

بشكل عام، هل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني سيحصل مجددا على اهتمام الولايات المتحدة؟ أم أن بايدن سيكتفي باعادة فتح خزينة الولايات المتحدة لصالح السلطة الفلسطينية؟ على هذه الاسئلة بايدن ليس الوحيد الذي يجب عليه أن يجيب. وسيكون من الخطأ، ليس للمرة الاولى، الاعتقاد أو الأمل بأنه يجلب معه عصا سحرية يستطيع بواسطتها أن يحقق ما لم ينجح رؤساء امريكيون على مر الاجيال في تحقيقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى