ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – المصالحة مع قطر وفرت للسيسي ، سببا للقلق في توقيت حساس على نحو خاص

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 8/1/2021

المصالحة مع قطر تضاف الى سلسلة ضربات مست بمكانة السيسي، بالتحديد في وقت حساس يتمثل بدخول رئيس جديد الى البيت الابيض. القاهرة لا تنظر بعين الرضى الى التعاون بين اسرائيل واتحاد الامارات، والى تدخلها في الدفع قدما بالتطبيع مع السودان “.

في يوم الاثنين اعلن عبد الفتاح السيسي بأنه لن يشارك في قمة دول الخليج التي عقدت في السعودية بمناسبة المصالحة مع قطر. وقد حل محله وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي بارك الاتفاق بكلمات دافئة. السيسي لم يكن راضيا عن عدة بنود في الاتفاق، التي اعتبرها تنازلا مبالغ فيه للدوحة، وحتى اضرار بمصالح القاهرة. التقارير في مصر تحدثت عن أنه غضب بشكل خاص من الغاء طلب اغلاق قناة “الجزيرة” وبسبب الغاء الشرط الذي بحسبه يجب على قطر التوقف عن دعم الاخوان المسلمين.

تفاصيل الاتفاق الذي سبق المفاوضات حول رفع المقاطعة والعقوبات التي فرضت على قطر في حزيران 2017 لم يتم نشرها بعد. وحتى الآن من غير المعروف أي من الطرفين كان يجب عليه التنازل وعن ماذا بالضبط. ولكن موقف مصر من “الجزيرة” منذ تولي السيسي الحكم في 2013 والحرب الضروس التي يشنها ضد الاخوان المسلمين هما المسألتان اللتان من اجلهما انضمت القاهرة من البداية الى السعودية واتحاد الامارات والبحرين لفرض المقاطعة. واذا كان للسيسي سبب لعدم احتضان امير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، فهو يكمن في هذه التنازلات.

في نفس الوقت، السيسي لا يمكنه أن يقف مباشرة ضد السعودية وتخريب جهودها لاعادة تجميل صورتها في الولايات المتحدة بواسطة المصالحة مع قطر. لذلك، اختار اتباع مناورة دبلوماسية معروفة وهي الغائب – الحاضر. ولكن في حين أن علاقة القاهرة مع الرياض اعتبرت حتى الآن قوية وثابتة، على الاقل طالما أنها توجد سوية مع الامارات والبحرية في جبهة امام قطر، فقد بدأت مؤخرا تتكشف شروخ في هذا التحالف. وهذا بالاساس بسبب خوف مصر من أن دول الخليج، واتحاد الامارات بشكل خاص، بدأت باضعاف مكانتها في الشرق الاوسط وفي واشنطن.

التوتر بين مصر واتحاد الامارات ازداد في شهر آب الماضي عند التوقيع على اتفاقات التطبيع بين أبو ظبي واسرائيل. وحسب بعض التقارير في وسائل الاعلام العربية فان السيسي لم يكن ضمن دائرة المعلومات والمشاورات التي اجراها ولي عهد الامارات محمد بن زايد. مراسلون مصريون قالوا للصحيفة بأنه حسب معرفتهم، السيسي بالتأكيد علم عن نية تطبيع العلاقات، لكنه “لم يتحمس لمبادرة الامارات”، بالاساس لأنه اراد أن يكون عراب هذه الخطوات الاسرائيلية ازاء اسرائيل، وخشي من أن الاتفاق سيأخذ من مصر صولجان قيادة الملف الاسرائيلي وأن يحول اتحاد الامارات الى “ملكة السلام” – اللقب الذي احتفظت به مصر منذ اتفاقات كامب ديفيد والذي استندت اليه علاقاتها مع الولايات المتحدة.

اذا كان السيسي حقا قد غضب من ازدياد القوة التي اظهرتها الامارات، فهو عمل على اخفاء احساسه بشكل جيد. السيسي كان أول من بارك الاتفاق، لكن مثلما حدث في هذا الاسبوع في السعودية امتنع عن ارسال سفيره في واشنطن من اجل المشاركة في احتفال التوقيع. ولكن تأييده للاتفاق لا يدل على أن الخلافات بين الرئيس المصري وولي العهد قد تمت تسويتها. بين القاهرة وأبو ظبي حدثت خلافات ايضا حول الحرب في ليبيا، بين الحكومة المعترف بها من قبل الامم المتحدة وبين الجنرال الانفصاليخليفة حفتر.

ايضا هنا مصر واتحاد الامارات شريكتان في التحالف العسكري الذي استهدف مساعدة حفتر على تولي السلطة واسقاط الحكومة المعترف بها المدعومة من قبل العدوتان اللدودتان تركيا وقطر. ولكن في الوقت الذي كان فيه ابن زايد مستعد لتليين مواقفه من الحكومة الليبية، فان السيسي يقلقه بالاساس اعتماد الحكومة الليبية على التيارات الدينية، لا سيما على الاخوان المسلمين. القاهرة تعتبر الجبهة الليبية تهديد لأمنها الوطني، في حين أنه بالنسبة لأبو ظبي هذه معركة سياسية هدفها توسيع دائرة النفوذ في المنطقة.

افريقيا على قرن الغزال

إن عدم رضا مصر عما اعتبرته سيطرة لاتحاد الامارات على الفضاء العربي، يمس ايضا بتدخلها في القرن الافريقي. أبو ظبي تعهدت بأن تحول لاثيوبيا ثلاثة مليارات دولار، ثلثها تقريبا كوديعة للبنك المركزي من اجل المساعدة في انقاذها من ازمة اقتصادية. وحتى أنها كانت وسيطة في اتفاق المصالحة بين اريتيريا واثيوبيا في 2018 – حسب عدة تقارير، نفتها أبو ظبي، زودت اديس ابابا بطائرات بدون طيار اثناء المواجهة مع دولة تغراي في تشرين الثاني الماضي.

اضافة الى ذلك، اتحاد الامارات تدفع قدما بالتعاون مع اسرائيل في موضوع الاستخبارات، وهو خطوة تثير مخاوف مصر من أن يتحول القرن الافريقي الى قاعدة استخبارية لاسرائيل. وحتى أن القاهرة حاولت اقناع السودان بدعم التغريين في المواجهة الداخلية في اثيوبيا، وطلبت من أبو ظبي الضغط على اديس ابابا في مسألة السد على نهر النيل. في مصر طلبوا من الاماراتيين استخدام الضغط الاقتصادي من اجل جعل حكومة اثيوبيا توافق على طلباتهم. هذا من اجل ضمان أن انشاء السد لن يمس بمصالح القاهرة في موضوع توزيع المياه ومجالات حيوية اخرى مرتبطة بالنهر.

ولكن حسب وجهة نظر مصر فان اتحاد الامارات لم تفعل بما فيه الكفاية في هذا الشأن. والتقارير عن النية المشتركة لاسرائيل وأبو ظبي لبناء قناة تربط بين البحر الاحمر عبر ايلات وبين ميناء حيفا – ايضا فكرة انشاء انبوب نفط يربط بين ايلات واسدود وتنافس الامارات الى جانب شركات اسرائيلية في العطاء على شراء ميناء حيفا – فقط زادت من شكوك القاهرةبأن الدولتين تنويان تجاوز قناة السويس. وهي خطوة يمكنها المس بشكل شديد بمصدر من مصادر الدخل المهمة لمصر، وليس أقل من ذلك المس بمكانتها في المنطقة.

القاهرة ايضا غير راضية عن تدخل أبو ظبي المكثف في الخرطوم. أبو ظبي ليس فقط حركت عملية التطبيع بين اسرائيل والسودان، بل ايضا اقنعت هي واسرائيل الرئيس ترامب بأن يرفع السودان من قائمة الدول المؤيدة للارهاب، وحتى أنها توسطت بين الخرطوم وموسكو في اتفاق اقامة قاعدة بحرية روسية في بور سودان. الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في بداية كانون الاول ساري المفعول لـ 25 سنة، واستهدف تمكين روسيا من أن يكون لها في الميناء الذي يقع على شواطيء البحر الاحمر اربع سفن حربية على الاقل.

الميناء في السودان سينضم الى ميناء طرطوس في سوريا وسيمنح روسيا قواعد عسكرية بحرية تعتبر حيوية بسبب تطلعها لتوسيع تواجدها العسكري في الشرق الاوسط. مصر، العضوة في التحالف الذي شكلته السعودية للحرب في اليمن، تتابع بقلق تأثير اتحاد الامارات فيما يحدث في جنوب الدولة المقسمة، بالاساس في مدينة الميناء عدن وجزيرة سوقطرة. أبو ظبي هي الركيزة العسكرية والاقتصادية الاساسية لـ “المجلس الانتقالي المؤقت”، الذي شكله انفصاليون من الجنوب يطمحون الى احياء اليمن الجنوبي كدولة مستقلة.

منذ تشرين الثاني 2019، عندما تم في حينه التوقيع على اتفاق المصالحة بين الانفصاليين وبين حكومة اليمن المعترف بها من قبل الامم المتحدة، بذلت السعودية جهود كبيرة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق. وفي الشهر الماضي فقط تم تشكيل حكومة موحدة – حسب هذا الاتفاق فان الوزارات الحكومية يتم توزيعها بصورة متساوية بين الحكومة المعترف بها وبين الانفصاليين. ولكن هذا الاتفاق لا يوقف استمرار التعاون بين الانفصاليين ودولة الامارات. وهؤلاء سيطروا معا وبصورة فعلية على جزر سوقطرة، التي ايضا فيها، حسب وسائل اعلام عربية، يتوقع أن تحصل اسرائيل على قبضة عسكرية.

في انتظار بايدن

إن تآكل سيطرة مصر على البحر الاحمر بدأ في الحقيقة عندما نقلت الى السعودية جزر سنفير وتيران، كجزء من صفقة مقابل مساعدات كبيرة حصلت عليها من الرياض. ولكن في السنوات الاخيرة اصطدمت مع اتحاد الامارات كمنافسة، لكنها ايضا حليفة. وهذه يمكن أن تحل محل القاهرة في مفترق الطرق البحري الاستراتيجي المهم هذا، وأن تحول انتباه الولايات المتحدة الى المنطقة. هذه ليست مسألة ترف، بل هي تضر بشبكة العلاقات مع الادارة الجديدة للرئيسالقادم جو بايدن، الذي لأدائه القسم بعد اقل من اسبوعين تستعد بخوف وقلق جميع دول الشرق الاوسط.

سيكون لعلاقات بايدن مع دول المنطقة تداعيات ليس فقط على البنية الاستراتيجية الاقليمية التي سيشكلها وعلى درجة الاهمية التي سيعطيها لكل دولة – هي ايضا من شأنها أن تملي السلوك الداخلي للانظمة المختلفة في الشرق الاوسط. احد المواضيع الرئيسية التي اكثر بايدن التحدث عنها هو الوضع الهابط لحقوق الانسان، لا سيما في السعودية ومصر وتركيا. القاهرة سبق لها وشعرت بثقل ذراع الادارات الامريكية التي جمدت ارساليات المساعدة أو صفقات الشراء الامنية بسبب الاخلال بحقوق الانسان، مثل قمع المنظمات المدنية واعتقال الصحافيين.

لقد قررت مصر بالفعل مؤخرا اطلاق سراح الكثير من السجناء، من بينهم سجناء سياسيين. والسيسي يؤكد تأييده ودعمه للاقلية المسيحية، وحتى أنه يستخدم في واشنطن مكاتب استشارة من اجل تحسين صورة القاهرة؛ لكن الرئيس المصري يجد صعوبة في أن يزيل عن نفسه اللقب الذي الصقه به الرئيس الامريكي التارك ترامب، “الديكتاتور المحبب عليّ”. عندما سيحين موعد مناقشة اموال المساعدة لمصر فان السيسي من شأنه أن يجد نفسه تحت ضغط شديد من جانب رئيس وكونغرس ديمقراطيين في واشنطن، الذين سيطلبون منه اجراء اصلاحات عميقة في موضوع حقوق الانسان بصورة يمكن أن تمس بسلطته الفردية.

مصر حساسة جدا لهذا الضغط من السعودية واتحاد الامارات. فهي تعتمد على المساعدات الامريكية وعلى العلاقة الايجابية مع الادارة – التي في أيديها القوة لمنع قروض من صندوق النقد الدولي أو وقف الاستثمارات في القاهرة. في هذا الوضع سيحتاج السيسي الى مساعدة حلفائه العرب من اجل التخلص من هذه الانشوطة، في الوقت الذي سينافسونه فيه على قلب بايدن. في نفس الوقت حتى مكانة اسرائيل في نظر الادارة الجديدة يمكن أن تدخل في اختبار جديد لا تستطيع فيه مواصلة التلويح باصبعها والحصول على ما تريد من الرئيس الامريكي.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى