ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – المتظاهرون في لبنان عادوا الى الشوارع ، ولكنهم يبحثون عن سبيل لمغادرة الدولة

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 22/10/2020

حركة الاحتجاج في لبنان احتفلت بالذكرى السنوية لانطلاق المظاهرات بعدة انجازات. ولكن ايضا بدون أمل في التغيير. في استطلاع عام قال اكثر من 77 في المئة من المستطلعين إنهم بدأوا في اجراءات الهجرة أو أنهم يفحصون ذلك بجدية “.

” نحن جيل 17 اكتوبر”، اعلن المتظاهرون الذين خرجوا الى شوارع بيروت في يوم السبت الماضي من اجل الاحتفال بمرور سنة على اندلاع المظاهرات العاصفة التي جرت في تشرين الاول 2019. المئات اصيبوا واعتقلوا منذ ذلك الحين، مواجهات شديدة اندلعت بين قوات الامن ورجال حزب الله وبين الشباب المحبطين، وفي نهايتها سقطت حكومة سعد الحريري وبقي لبنان بدون حكومة تقوم باعمالها بعد أن حاول رئيسي حكومة آخرين تشكيل حكومة، دون أن ينجحا في ذلك. اليوم يتوقع أن يكلف رئيس لبنان، ميشيل عون، بتشكيل الحكومة مرشح اسمه ما زال غير معروف، وما زال هناك عدم اتفاق على من يمكن أن ينقذ لبنان من الازمة السياسية الاكثر صعوبة والتي شهدتها منذ الحرب الاهلية.

الذكرى السنوية حولها المتظاهرون الى يوم لمحاسبة النفس واجمال الاخفاقات والنجاحات. في الشبكات الاجتماعية وفي وسائل الاعلام التقليدية نشرت مئات المنشورات والمقالات التي يظهر فيها الاحباط واليأس من أن يتم اصلاح أي شيء في الدولة، التي حوالي نصف سكانها يعيشون على خط الفقر أو تحته، وكنجاح اشار المتصفحون الى اسقاط حكومة الحريري، وأخوة الاحتجاج التي تجاوزت الطوائف والاديان والاعمار والجنس، والابداع الفني الذي ازدهر في فترة المظاهرات.

السخرية والنكات التي انتشرت في فترة المظاهرات نظر اليها على اعتبار أنها السلاح الفعال للمتظاهرين. “النكتة حررت النظام من صورته الذاتية وقدسية رموزه”، كتب زياد توبة في موقع “درج”. “صحيح أنه ليس لدينا في الشوارع تماثيل لزعماء نستطيع تحطيمها، لكن النكات حلت محلها”. في أحد النكات التي جاءت من السخرية الحادة للممثل زياد عيتاني، الذي اعتقل في السابق بتهمة التعاون مع اسرائيل، كتب “المظاهرات واغلاق الشوارع هي تلك التي أدت الى وقف القطارات في لبنان (في لبنان لا يوجد كما هو معروف قطارات)، والغاء تجربة اطلاق القمر الصناعي “ارز 3″ وتقليص الانتاج الالكتروني اللبناني والتصدير الى اليابان”. بنغمة اكثر جدية صرخ كاتب المقال جوزيف أبو فضل على زعيم حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، الذي غرد “نحن مع الثورة حتى تحقيق اهدافها”. “كيف اصبحتم فجأة مع الثورة، لقد كنتم موجودين في كل حكومات لبنان منذ العام 2005؟”.

رسوم كاريكاتورية استهزأت بزعماء النخب السياسية ملأت حسابات تويتر وفيس بوك، وعلى الجدران العامة تم رش شعارات فيها كتب “الجميع يعني الجميع”، أي يجب اقصاء كل القيادة وعدم ابقاء أحد. “أين هو الاقتصاد الذي افترس توفيرات المواطنين وازهق حياتهم، أين هي الخطة الاقتصادية ومن افشل تنفيذها؟ أين هي برامج التطوير والاستثمار؟”، سأل المتصفحون الذين نشروا في الاسبوع الماضي افلام فيديو قصيرة في الانترنت فيها يظهر شباب وشابات، طلاب، محاضرون، محامون ومواطنون عاديون، الذين احتجوا على مستقبلهم المدمر وتحدثوا عن نيتهم في الهجرة من لبنان. حسب استطلاع اجري هذا الشهر في لبنان فان اكثر من 77 في المئة من المستطلعين قالوا إنهم بدأوا في اجراءات الهجرة من الدولة أو أنهم يفحصون بجدية فعل ذلك. هذا هو المعدل الاعلى من بين مواطني الدول العربية. في الفيس بوك وتويتر يريد شباب معلومات عن خيارات الهجرة، وعن اختبارات اللغة وعن ملاءمة الشهادات الجامعية للمطالب التي توجد في الخارج. بيانات رسمية تتحدث ايضا عن أن الطبقة الوسطى تقلصت من 57 في المئة في السنة الماضية الى 40 في المئة تقريبا هذه السنة. هذه هي الطبقة التي من شأنها تحريك اقتصاد الدولة، وهي آخذة في الاختفاء.

راية جديدة للاحتجاج

الذكرى السنوية للمظاهرات استغلها الرئيس عون من اجل الحصول على القليل من الرأس مال السياسي وأن يتحاسب مع منتقديه ومع القيادة “المسؤولة عن الضرر الذي اصاب لبنان طوال عشرات السنين، والتي ما زال جزء منها يسيطر ويعمل مثلما في السابق”. في الخطاب الذي القاه صرخ بـ “الزعماء الذين اطلقوا شعارات واعدة، لكنها فارغة من المضمون. هذه كانت وعود مسمومة لم ير فيها الشعب اللبناني أي انجاز، وعود قضت على الحاضر والمستقبل وعلى استقرارنا.

هذا ليس الخطاب الذي توقعته حركة الاحتجاج، التي يرى قادتها في الرئيس عون المتهم الرئيسي بالازمة في لبنان. “هذا كان تعبيرا عن جبن عون، وعجزه وعدم أهميته”، كتب احد المتصفحين في حسابه في تويتر فورا بعد الخطاب. لبنان، وليس فقط هو، توقع سماع اقوال حاسمة اكثر يعلن فيها على الاقل عن المرشح لرئاسة الحكومة، لكنه اكتفى بمقولة عامة تقول “أنا سأواصل التشاور ولن اضع فيتو على احد”. من هنا يمكن الفهم بأن سعد الحريري الذي طرح من جديد ترشحه لتولي هذه المهمة، غير مرفوض في نظره، رغم الخلاف الشديد الذي وقع بينه وبين صهر عون، جبران باسيل، الذي كان وزير الخارجية في الحكومة السابقة للحريري، وكان من بين العوامل الاساسية التي أدت الى استقالته.

ولكن ايضا اذا القى الرئيس مهمة تشكيل الحكومة على الحريري، فمن المتوقع أن يواجه نفس الصعوبات التي رافقت اسلافه الذين فشلوا. هل ستكون هذه حكومة خبراء أو حكومة على قاعدة طائفية، مثلما كانت كل حكومات الماضي؟ هل حزب الله سيكون شريكا فيها بصورة مباشرة أو بواسطة مندوبين “خبراء” سيرسلهم من طرفه؟ هل رئيس الحكومة سيكون بامكانه اختيار وتعيين وزراء كما يريد أم سيكون خاضع لاملاءات؟ حسب تجربة الماضي فان عملية تشكيل الحكومة تستمر احيانا اشهر طويلة، فترة زمنية غير متوفرة الآن للبنان. هي ملزمة بعرض حكومة متفق عليها خلال فترة زمنية قصيرة كي تستطيع البدء في تسلم اموال المساعدات التي وعدت بها، بما في ذلك قروض من صندوق النقد الدولي واجراء اصلاح اقتصادي ما يبرر اعطاء القروض.

كل تأخير سيكلف لبنان عشرات ملايين الدولارات يوميا بسبب شل ميناء بيروت الذي دمر في الانفجار في شهر آب والذي قتل فيه حوالي 200 شخص ونحو 300 ألف شخص بقوا بلا مأوى، والفوائد على القروض التي لم يتم تسديدها، وتنضم الى الدين العام الضخم الذي قدر باكثر من 100 مليار دولار، وبتقليص شديد في احتياطي العملة الصعبة وتجميد الاستيراد وتقليص دراماتيكي للانتاج بسبب عدم القدرة على استيراد المواد الخام، والدين المتراكم للعمال في القطاع العام الذين رواتبهم متأخرة منذ اشهر.

في الذكرة السنوية للمظاهرات خرجت حركات الاحتجاج تحمل راية جديدة، “سنواصل”. أي الشوارع يتوقع أن تشتعل من جديد. ولكن يبدو أن، مثلما هو الامر في اسرائيل، حركات الاحتجاج تعرف ماذا تريد، لكنها لا تعرف كيف تقوم بابراز القيادة الجديدة. في لبنان نجحت على الاقل في اسقاط حكومات، ولكن في كل مرة وجدت نفسها في ازمة اعمق ومع نفس النخب التي انبتت جذور سميكة في مراكز القوة والمال، والتي لم يعد بالامكان اجتثاثها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى