ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – الحرب التي لا تكف عن العطاء : الحملة في غزة قربت بين مصر وقطر

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 4/6/2021

انتهاء المواجهة القوية بين الدول يمكن أن يكون فرصة بالنسبة لاسرائيل في الاتصالات من اجل اعادة الاسرى الاسرائيليين واعادة اعمار القطاع. واذا وصل بينيت الى القاهرة وفي جعبته سياسة تصالحية فربما يعود مع قطر كصديقة جديدة “.

“مصر هي احدى الدول الكبرى في المنطقة ويوجد لها دور قيادي في قضايا المنطقة. عبد الفتاح السيسي يمثل الشرعية المنتخبة في مصر”، قال وزير خارجية قطر، محمد عبد الرحمن آل ثاني، ملخصا زيارته الاولى في القاهرة في الاسبوع الماضي. “الشرعية المنتخبة” هو مفهووم اساسي في علاقات الدولتين. هو يعكس الاعتراف الرسمي، بتأخر كبير، بمكانة السيسي كرئيس منتخب. هذا الاعتراف ينهي القطيعة والمقاطعة التي فرضتها مصر على قطر كجزء من الحصار الذي فرضته عليها السعودية واتحاد الامارات والبحرين في العام 2017. قطر كانت شريكة لتركيا في سياسة نزع الشرعية عن السيسي بعد أن سيطر في تموز 2013 بالقوة على قصر الرئاسة وقام بعزل رجل الاخوان المسلمين محمد مرسي، الذي تم انتخابه من قبل جمهور مصري واسع، عن منصبه. الدولتان اعتبرتا الرئيس المصري ديكتاتور، حاكم غير شرعي وجنرال اعاد مصر الى السنوات الظلامية.
القطيعة المتبادلة بين مصر وبين قطر وتركيا اوجدت نوع من الحلف الثانوي الذي فيه ادارت قطر وتركيا سياسة اقليمية مستقلة تصادمت مع السياسة التي قادتها السعودية ومصر ودولة اتحاد الامارات. الدولتان وطدتا علاقاتهما مع ايران التي عملت مثل انبوب الاوكسجين لاقتصاد قطر الذي اختنق بسبب الحصار، وهما تعاونتا عسكريا واقتصاديا مع حكومة ليبيا المعترف بها، التي تناضل ضد الجنرال الانفصالي خليفة حفتر، وهما أيدتا وتؤيدان حماس.

كان يبدو أن الخصومة والعداء التي تطورت بين هذين المحورين وصلت الى طريق مسدود دون أي احتمالية للحل. والى أن جاء تتويج جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، وادركت هذه الدول المتخاصمة بأنها تقف امام واقع جديد، وفي نفس الشهر عقدت في السعودية قمة خليجية اعلن فيها عن انهاء النزاع، وكان هناك عناق وتقبيل متبادل بين الزعماء الذين قبل لحظة شتموا بعضهم البعض. وقد تم وضع خطط للتعاون وتم توقيع اتفاقات، الامر الذي دلل على أنه على الاقل في المستقبل المنظور عادت الاخوة للسيطرة على العلاقات بين هذه الدول. تركيا في الحقيقة بقيت في الهامش عندما فرضت السعودية عليها مقاطعة غير رسمية. ومصر شكلت منتدى مناهض لتركيا من دول شرق البحر المتوسط ضد طموحاتها لغزو حقول النفط والغاز التي تدعي ملكيتها اليونان وقبرص. ايضا العلاقات بين مصر وقطر عانت من تعثرات ولم تسارع في النهوض، بالاساس بسبب سياسة الرعاية التي تعطيها للاخوان المسلمين، وهي الحركة التي تدير ضدها مصر حرب ضروس.

ايضا بقايا هذه الخلافات في طريقها للحل. تركيا قامت بتغيير اتجاهها واصبحت تعمل منذ اسابيع كثيرة من اجل استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع مصر. ومصر لم تعد ترفض ذلك بشكل قاطع. طواقم مفاوضات بدأت في اجراء محادثات تقارب، ويبدو أنه في الاسابيع القريبة القادمة يتوقع تعيين سفراء في القاهرة وفي أنقرة. مع قطر القصة ما زالت أكثر حساسية بقليل. في قطر يعمل نحو 300 ألف عامل مصير، وفي السابق استثمرت قطر مليارات في مشاريع مصرية. وكان هناك خوف من أن مقاطعة مصر لقطر ستؤدي الى ابعاد العمال المصريين الذين سيجعلون نسبة البطالة في مصر ترتفع الى مستويات جديدة الى جانب فقدان مليارات الدولارات التي يرسلها هؤلاء العمال كل سنة الى عائلاتهم في مصر. هذا لم يحدث. في اساس هذه العلاقة كان هناك ادراك بأنه حتى مقاطعة طويلة وشديدة ستنتهي، وأنه من الافضل، ليس فقط لمصر بل ايضا لقطر، عدم قطع العلاقات غير الرسمية التي توجد بين الدولتين.

يضاف الى ذلك خيط دقيق ومهم حافظ على استمرار العلاقة بينهما، يربط بين القاهرة والدوحة والقدس وغزة، التي وافقت على أن تمول قطر جزء من نفقات الادارة الجارية لحماس وأن تمنح مساعدة للعائلات المحتاجة في القطاع. نحو 360 مليون دولار في السنة انتقلت من قطر الى غزة، بموافقة اسرائيل وحتى بتشجيع منها، كجزء من التفاهمات التي تم التوصل اليها بعد عملية “الجرف الصامد” وفي اعقاب عملية “حزام اسود” في العام 2018. مصر التي وفرت على نفسها ضرورة مساعدة غزة بأموالها، بلعت الضفدع من اجل تثبيت الهدوء في القطاع والذي قامت بهندسته ووضعت نفسها كعراب لوجوده. بالنسبة لقطر، التمويل الذي تعطيه يستخدم كثغرة يمكنها عن طريقها الحفاظ على موطيء قدم لها في القطاع وفي فلسطين بشكل عام. وفي نفس الوقت هي لا تمس بمكانة مصر كصاحبة البيت والمسؤولة عن الهدوء وعن سلوك حماس السليم.

اسرائيل، التي يعتبر الهدوء في غزة ذخر عسكري وسياسي بالنسبة لها، تدفع ثمن زهيد نسبيا. هي غير ملزمة بأي شيء لقطر، تعزيز غزة ليس ملقى على ميزانيتها، والهدوء لا يقتضي منها تقديم تنازلات سياسية، وهو يخدم ايضا شبكة العلاقات القوية بينها وبين مصر. هذه اواني مستطرقة مليئة بالتناقضات الداخلية والاكاذيب البيضاء. اسرائيل لا تعترف بحماس، وهي تعتبرها منظمة ارهابية. ولكنها ايضا تجري معها مفاوضات غير مباشرة، الامر الذي يعزز مكانتها. قطر تعتبر حليفة لايران، لكنها دولة قابلة للتعامل معها في نظرها عندما تخدم مصالح اسرائيل. هكذا يتم تأسيس العلاقة ايضا بين قطر ومصر، التي خلف علاقات العداء والقطيعة المعلنة، ترسخ تفاهم متبادل على طريقة التعامل المرغوبة مع غزة.

عملية “حارس الاسوار” بدأت ايضا في تقديم اسهامها في تعزيز شبكة العلاقات الجديدة الآخذة في التطور بين هذه الدول. يبدو أن “خصم” المواطنين الذين قتلوا واصيبوا، والبيوت والمؤسسات التي هدمت، والمصالح التجارية التي انهارت، فان هذه العملية بدأت في الظهور كهدية لا تكف عن العطاء. مصر تعهدت بتقديم 500 مليون دولار من اجل اعادة اعمار غزة. الحديث لا يدور عن تحويلات بنكية مباشرة الى خزينة حماس، بل عن تمويل مواد بناء ودفعات لمقاولين وعمال مصريين سيتم تشغيلهم في اعمال البناء، واستثمارات في بنى تحتية مثل زيادة حجم تزويد الكهرباء التي تصل من مصر واصلاح شبكة المياه.

قريبا من التعهد المصري نشر ايضا عن تبرع لقطر يمكن أن يبلغ 500 مليون دولار، اضافة الى الـ 360 مليون دولار التي تم تحويلها للتمويل الجاري. اسرائيل تسعى الى أن تنتقل هذه الاموال عبر السلطة الفلسطينية، لكن بعد استئناف العلاقات بين قطر ومصر فان قطر يمكن أن تتجاوز اسرائيل وتقوم بنقل الاموال عبر مصر من اجل تمويل جزء من المواد التي ستأتي منها، بالتالي لن يكون للسلطة الفلسطينية (واسرائيل) أي سبيل للرقابة أو املاء كيف سيتم استخدام هذه الاموال. الولايات المتحدة قررت المساعدة من خلال الاونروا بمبلغ 38 مليون دولار، والاتحاد الاوروبي ينوي الاسهام بـ 9.8 مليون دولار، و4.5 مليون دولار من بريطانيا، في حين أن الصين ستقدم مليون دولار. هذه ليست اموال طائلة، وجميعها تشكل فقط نحو 25 في المئة من الاموال التي تم الوعد بها من قبل الدول المانحة بعد عملية “الجرف الصامد”.

توجد لمصر وقطر مصالح اخرى تعزز الشراكة بينهما. فهما تعملان على اقناع اسرائيل وحماس بالتوصل الى حل في مسألة اعادة جثث الجنود والاسرى. اسرائيل حتى الآن تتمسك بموقفها، ربط اعادة اعمار غزة باعادة جثث الجنود والاسرى المحتجزين لدى حماس. هذا الربط ترفضه حماس بشدة، لكن في بداية الاسبوع القادم يتوقع عقد لقاء مستعجل في القاهرة بين ممثلي الفصائل الفلسطينية ورؤساء المخابرات المصرية بهدف التوصل الى تسوية. قطر ستكون حاضرة – غائبة. تسريبات من مصر ومن حماس، لا نعرف درجة صدقها، تحدثت عن ان اسرائيل وافقت على اطلاق سراح سجناء محكومين بالمؤبد والذين حكموا مدة 20 سنة، اضافة الى سجناء قضوا فترة طويلة في السجن. يحيى السنوار ذكر العدد 1111 دون تفسير. ولكن من الاشارة واضح أنه عدد السجناء الذين تريد حماس اطلاق سراحهم.

السؤال ليس فقط هل مصر ستعثر على الطريق الذهبي بين موقف اسرائيل وطلب حماس، بل امام من سيدير الطرفين المفاوضات معه. إن اداء اليمين لحكومة جديدة في اسرائيل، اذا تأسست ولم تمت قبل الولادة، سيضع نفتالي بينيت امام المعضلة الاولى الصعبة في ولايته. لا يوجد لبينيت والسيسي ساعات من الحديث المشترك ولا توجد بينهما تفاهمات هادئة. تعهدات نتنياهو التي تم التوافق عليها بينه وبين عباس كامل، رئيس المخابرات المصرية، غير ملزمة بالضرورة لبينيت. هو يستطيع أن يحقق انجاز باعادته جثث الجنود والمدنيين الى البيت. ولكنه بذلك سيناقض تصريحه الذي اعطاه في كانون الثاني 2019، والذي بحسبه “حتى جئت حرروا هنا آلاف المخربين، بما في ذلك حكومات ليكود، وأنا قلت لنتوقف عن ذلك. ومنذ ذلك الحين لم يتم اطلاق سراح أي مخرب”. هذا لم يكن في الواقع تصريح دقيق لأنه في تموز 2013، عندما كان يشغل منصب وزير الاقتصاد، صادقت الحكومة على اطلاق سراح 104 سجناء فلسطينيين رغم معارضة بينيت. وقد كان يريد أن يحظر بتشريع اطلاق سراح سجناء في صفقة تبادل. ولكن الآن كرئيس للحكومة يمكن أن يرى من هنا امور لم يكن يراها من هناك.

الحقيقة هي أن بينيت رأى في السابق امور اخرى. في شهر حزيران 2015، بالضبط قبل ست سنوات، عندما كان يشغل منصب وزير التعليم قال في مقابلة مع رينا متسليح بأنه “حان الوقت لتغيير السياسة تجاه غزة، نحن يجب علينا أن نبادر بخطوة دولية لاعادة اعمار القطاع على المستوى المدني مقابل وقف زيادة القوة”. واضاف في حينه بأنه الى أن يتم التقرير بالقيام بعملية شاملة لاحتلال القطاع واستبدال حكم حماس، يجب على اسرائيل ايجاد بدائل اكثر عملية. “توجد لنا مصلحة كبيرة في اعادة اعمار غزة المدني. توجد حلول ابداعية، لكن يجب ربط اعادة الاعمار بوقف نشاطات حفر الانفاق، ووقف نشاطات مراكمة القوة”. وعلى سؤال هل بهذا الموقف هو يتجاوز الليكود من اليسار، اجاب بينيت: أنا جئت مع شيء اسمه العقل السليم، أنا انظر الى الواقع كما هو. اذا حان الوقت الذي سنقرر فيه القضاء على حماس، نحن يمكننا فعل ذلك، وربما هذه اللحظة ستأتي. طالما أن هذا ليس هو الوضع فيجب علينا القيام بالمبادرة”. واذا وصل بينيت الى مصر وهو مزود بهذا الموقف فهو يمكن أن يجد صديق في القصر الرئاسي في القاهرة، وربما يعود من هناك مع دولة عربية اخرى، قطر، التي ستريد تطبيع علاقاتها مع اسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى