ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – الجيش لم يعد منذ فترة طويلة السيد في المناطق ، بل السيد على لوحة المفاتيح

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 30/6/2021

 ” الجيش الاسرائيلي فقد منذ زمن الحق في أن يكون عامل مقرر أو حتى موصي في كل ما يتعلق بسلوك حكومات اسرائيل في المناطق “.

شكوى قاسية طرحتها شخصيات رفيعة في جهاز الامن بأنه في الوقت الذي كانت هذه الشخصيات مجتمعة مع رئيس الاركان، افيف كوخافي، للمصادقة على خطط عملية اخلاء الغزاة من بؤرة افيتار، عرفت من وسائل الاعلام عن الحل الوسط الذي يمكن أن يبقي المباني في البؤرة الاستيطانية على حالها. المفاجأة كانت كبيرة بشكل خاص عندما تيبين لهم أن وزير الدفاع بني غانتس شارك في حياكة الحل الوسط هذا، لأن غانتس نفسه هو الذي صك قبل يومين المقولة الخالدة “حكم هذا المكان هو الاخلاء، وهذا الموضوع سيتم علاجه بصورة حساسة ومصممة جدا”. 

هذه المقولة يجدر تعليقها على مدخل كل قاعدة عسكرية الى جانب الاعلان المعروف “أيها الجندي، حسّن مظهرك”. كليهما توجد لهما أهمية متشابهة. للحظة أنت تشعر بالحزن من ازدراء الحكومة للجيش الاسرائيلي، لأنها لم تطلعه أولا بأول وعملت من وراء ظهره. ولكن الرحمة حل محلها الغضب: الحكومة لا تتعامل باحترام مع السيد على الارض (الذي هو ايضا الجسم المسؤول عن أمن الدولة)، في الوقت الذي يطرح فيه موقف قاطع وواضح يطالب – لا يقترح ولا يريد ولا يوصي – باخلاء بؤرة افيتار الاستيطانية، ليس فقط لأنها اقيمت بصورة غير قانونية – استمرار وجودها كما يقول كبار الجيش يمكن أن يؤدي الى الهياج والعصيان وضعضعة الامن في المناطق، وحتى الآن “تسبب بعشرات حالات الاخلال بالنظام”. اضافة الى ذلك حماس تسيطر ايضا على هذا الصراع “وتستغله لاهانة السلطة الفلسطينية التي توجد في وضع صعب جدا في الضفة” (“هآرتس”، 29/6).

هذه الحجة كان يمكن أن تقنع لولا الخشبة السميكة الموضوعة بين عيون القيادة العسكرية. لأن الجيش الاسرائيلي دائما كان العامل الذي منح حكومات اسرائيل الذريعة لاقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية بذرائع امنية، بدءا من خطة الون والاستيطان في غور الاردن ومرورا بموقع الناحل واقامة قواعد صغيرة ووهمية استهدفت أن تستخدم كمهاد لاقامة المستوطنات عليها وانتهاء بسرقة مركز مدينة الخليل. ايضا اقامة بؤرة افيتار بدأت بموقع عسكري تم تفكيكه لأنه لم يساهم في الامن، لكنه ترك وراءه أمر وضع اليد على الارض بدلا من اعادة الاراضي لاصحابها الفلسطينيين.

هل الآن الجيش يقول بأن هذه البؤرة غير القانونية يمكن أن تضر بالامن؟ هل الآن هو تذكر أن يحتج على المفهوم الامني الذي خدم الاحتلال والاستيلاء غير القانوني على مدى عقود؟ اذا كان الامر هكذا فبماذا تختلف مكانة افيتار عن مكانة كريات اربع؟ وبماذا تختلف عن الاستيطان في الخليل وتفوح ويتسهار ومئات المستوطنات الاخرى؟. لأنه في نهاية الامر مركز النزاع والذريعة الاساسية للهياج هي هذه المستوطنات دون أي صلة بالغطاء القانوني الوهمي الذي تعطيها إياه اسرائيل. ومن المضحك بشكل خاص الادعاء حول المس المتوقع بالسلطة الفلسطينية والصراع امام حماس بسبب هذه البؤرة. لأن الجيش الاسرائيلي هو الذي من جهة يدمر ويهدم البنى التحتية في غزة ومن الجهة الاخرى يعتبر حماس شريكة في ادارة خط الحدود الذي يفصل بين اسرائيل وقطاع غزة. 

في المقابل، اراضي الضفة الموجودة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية يعتبرها الجيش مناطق للتدريب، وبيوت السكان الفلسطينيين يعتبرها منشآت للتدريب على القتال في المناطق المأهولة. وحتى لا يشاهد المستوطنين وهم يقومون بايذاء الفلسطينيين يقوم بوضع عصبة سميكة على عيونه. في المنافسة بين الجيش الاسرائيلي وحماس على المس بمكانة السلطة الفلسطينية، الجيش الاسرائيلي يتفوق. والاكثر اهمية من ذلك هو أن الجيش فقد منذ فترة طويلة الحق في أن يكون عامل حاسم أو حتى موصي في كل ما يتعلق بسلوك حكومات اسرائيل في المناطق. 

مفهوم “السيد في المناطق” لم يعد له أي معنى. الجيش الاسرائيلي يسيطر فقط على لوحة المفاتيح التي تقوم بكتابة الأوامر التي تمليها عليه الحكومة. يبدو أن هذه هي قواعد اللعب في الديمقراطية، الحكومة تقرر والجيش ينفذ. ولكن الوضع الذي يكون فيه المستوطنون هم الذين يقررون السياسة ويملون على الحكومة سياستها وطبيعة تنفيذها، فان الحكومة نفسها تحولت الى هيئة وهمية، لوحة مفاتيح ينبثق عنها أوامر هدم لسلطة القانون، وعلى الطريق تقوم بمنع الجيش من القيام بمهمته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى