ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل- اعادة الاراضي من اسرائيل تستجيب لمطالب المتظاهرين في الاردن

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 12/11/2019

في أحد المطاعم في عمان تقرر تقديم وجبات بالمجان للزبائن في اليوم الذي تسلم فيه الاردن المنطقة التي تم تأجيرها لاسرائيل قبل 25 سنة. وأبعد من ذلك لم تشاهد في الاردن مسيرات فرح، ولم يتم اطلاق المفرقعات ولم يتم سماع تصريحات احتفالية. “هذه كانت ارضنا التي استأجرتها اسرائيل من الاردن واعادتها حسب الاتفاق. لا داعي للاحتفال أو هتافات الانتصار. هذه لم تكن مناطق محتلة تم تحريرها”، قال للصحيفة مراسل اردني يعمل في صحيفة “الدستور” الاردنية. 

في شهر كانون الثاني الماضي كان واضحا للملك عبد الله مثلما لبنيامين نتنياهو بأن اتفاق التأجير لن يمر بسهولة، هذا اذا حدث ذلك. في نفس الشهر جرت مظاهرات صاخبة في الاردن طلب فيها المتظاهرون الغاء قانون الضرائب الجديد، وفي نفس المناسبة طلبوا الغاء اتفاق التأجير. ومرت عشرة اشهر حاولت فيها اسرائيل فحص خيارات مختلفة لابقاء الاراضي تحت تصرفها، لكن ضغط الجمهور في الاردن من جهة، وغضب الاردنيين من اسرائيل بسبب سياستها في القدس، فعلت فعلها. في شهر ايار 2018 أقال الملك رئيس الحكومة، هاني الملقي، وبدلا منه عين عمر الرزاز. في حينه ايضا زاد ضغط اعضاء البرلمان الاردني الذين طلبوا معرفة مستقبل الاراضي المؤجرة. الرزاز تملص من اعطاء اجابة واضحة. “عندما يحين الوقت سنعلن للبرلمان موقفنا. وعلى أي حال، قرارنا سيستند الى المصالح الوطنية للمملكة”.

واشنطن تم تجنيدها ايضا للضغط على الملك لتمديد الاتفاق، لكنها هي نفس واشنطن التي تجاهلت الملك عندما قامت بصياغة “صفقة القرن” وزادت غضب الملك عندما وقفت خلف السعودية عندما دفعت السعودية من اجل نقل السيطرة على الاماكن المقدسة في القدس اليها. عندما عرض مستشار ترامب، غارد كوشنر، على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فكرة تشكيل كونفيدرالية مع الاردن دون سؤال المملكة عن رأيها، وصل التوتر الى الذروة والتي تم التعبير عنها في اقوال المتحدثة بلسان الحكومة الاردنية، جمانا غنيمات، التي اعلنت بأن “الاقتراح لا يستحق النقاس”. 

الخوف الدائم للاردن من تحويله الى “دولة بديلة” للفلسطينيين، وجد تأكيده عندما عقد الرئيس ترامب مؤتمر البحرين، الذي فيه تولد الانطباع في الاردن بأنه سيتحمل عبء استيعاب ملايين اللاجئين الفلسطينيين في اراضيه. واضيف الى ذلك سياسة التباطؤ الاسرائيلية تجاه قناة البحرين الهامة جدا بالنسبة للاردن والغاء المساعدات الامريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وفي النهاية ايضا الاعتقال الطويل للمواطنين الاردنيين اللذين تم اطلاق سراحهما مؤخرا فقط. 

لا يوجد للاردن رافعة ضغط مضادة، وبقي في ايديها اتفاق التأجير الذي تحول الى رهينة في أيدي سياسة اسرائيل والولايات المتحدة. وعندما يسألون في البرلمان الاردني لماذا يسمح الاردن لمزارعي الكيان الصهيوني باستغلال ارض اردنية بدون مقابل، لم يبق أمام الملك غير تهدئة الانتقاد والاعلان عن انهاء الاتفاق واستعادة الاراضي. 

التبكير في تقديم العلاج للاحتجاج

ضغط الجمهور الاردني حول مسألة العلاقات بين المملكة واسرائيل غير منفصل عن الازمة الاقتصادية الشديدة هو الذي حطم إذا لم نقل فجر، ثقة الجمهور التي يحظى بها الملك في العشرين سنة من سنوات حكمه. في الاشهر الاخيرة امتلأت الشوارع في عمان واربد والكرك والزرقاء ومدن اخرى بالمظاهرات الغاضبة للشباب الذين طالبوا بأماكن عمل فقدوها لصالح مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين وجدوا ملجأ في الاردن. 

الاحتجاج والانتقاد ضد الملك لم يتوقف في الشوارع. في شهر نيسان الماضي استبدل الملك سبعة وزراء في حكومة الرزاز وأقال رئيس المخابرات عدنان الجندي بذريعة أنهم اقاموا علاقات مع اعضاء برلمان ومع شخصيات اردنية رفيعة اخرى “بهدف المس بأمن الدولة”. وليس واضحا اذا كان هناك حقا مؤامرة للقيام بثورة أو أن هذا تم اختلاقه من اجل استعراض سيطرة وتحييد خصوم محتملين، لكن من الواضح أن مظاهرات الشوارع على خلفية اقتصادية هي ارض خصبة لكل شخص يريد استغلالها لاهداف سياسية وسياساتية.

في الشهر الماضي عندما جرت مفاوضات صاخبة في العراق وفي لبنان ازداد الخوف في البلاط الملكي من انزلاق الاحتجاج الى الاردن، ومن استيقاظ متجدد للربيع العربي. ومن اجل استباق الشر، اعلن رئيس الحكومة عن عدة خطوات اقتصادية استهدفت تهدئة الشارع. منها تم اتخاذ قرار زيادة رواتب موظفي الدولة وسن قوانين لتشجيع الاستثمار وتحسين جودة الخدمات للمواطنين واصلاحات ادارية. “لقد حان الوقت لاتخاذ قرارات واتباع خطوات واضحة تشجع الاقتصاد الوطني وتستجيب لاحتياجات المواطنين وتخفض نسبة البطالة”، أعلن الملك في جلسة الحكومة في الشهر الماضي. ولكن لم يكن هناك أي جديد في هذه التصريحات التي سمعها المواطنين مرات كثيرة. نسبة البطالة ارتفعت في هذه الاثناء الى نحو 50 في المئة، والنمو ثبت عند 2 في المئة، والدين الحكومي زاد على 42 مليار دولار، وخطة الاصلاح هي صحيحة، ولكن نتائجها سيتم الشعور بها فقط في المدى المتوسط والبعيد، ولا يوجد للجمهور صبر وقدرة على الانتظار. من اجل اعطاء الجمهور شيء ما ملموس قرر الملك فحص القانون الذي يسمح بحبس المدينين الذين لا يمكنهم تسديد ديونهم. في المحاكم في الاردن تنتظر 300 ألف دعوى ضد مدينين خاصين، عدد منهم ينتمون للطبقة الفقيرة جدا التي يقدر حجمها بـ 15 في المئة من اجمالي عدد السكان. خطوات اخرى لم يتم تطبيقها بعد، تشمل تقليص رسوم تسجيل الاراضي وزيادة مساحة الشقق التي تكون معفية من رسوم ضريبة الاملاك أو ضريبة المسقفات. هذه خطوات صغيرة لا يمكنها انقاذ الاردن من الازمة الاقتصادية، لكن يمكنها خلق اجواء هادئة اكثر.

هذه الخطوات ارفقها الملك في الاسبوع الماضي بتغييرات في وزراء حكومة الرزاز للمرة الرابعة منذ تعيينه في منصبه، وتعيين وزراء تكنوقراطيين من اجل تعزيز المجال الاقتصادي في الحكومة. في نفس الوقت أمر بانهاء اضراب المعلمين الذي استمر مدة شهر، وهو الاطول في جهاز التعليم في الدولة. وأن يدفع للمعلمين اضافة بنحو 35 في المئة على رواتبهم. الآن تخشى الحكومة من اختراق اتفاقات الأجور ايضا في قطاعات اخرى، وهو تطور يمكن أن يعمق أكثر العجز في الميزانية ويفرض تقليص آخر في خدمات الجمهور.

الهشاشة الاقتصادية في المملكة والخطاب العام الانتقادي ضد العائلة المالكة ما زالت لا تهدد قاعدة سيطرة الملك، لكنها تجبره على التصرف بحذر شديد حتى لا تتحول الازمة الى أداة تخدم من يعارضون اتفاق السلام مع اسرائيل وعلاقة الاردن مع الولايات المتحدة. بالضبط عندما يستخف ترامببالاردن ولا يعرف العلاقة بين الاقتصاد والسياسة فيه، فانه يجب على اسرائيل على الاقل الامتناع عن المس بمصالح الاردن السياسية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى