ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – اسطنبول، ركن ميتاليكا

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 11/1/2021

من المهم معرفة كيف ينوي اردوغان التوفيق بين “التعليم التقليدي” وبين حلم العميد الجديد الذي قام بتعيينه بأمر رئاسي مثير للغضب، والمعجب بموسيقى “الميتال“.

“امتثلوا للسيد، حياتكم تحترق بسرعة، اذعنوا للسيد، للسيد؛ سيد الدمى، أنا أمسك بخيوطكم، أدير رؤوسكم وأحطم احلامكم. أنا أعميكم ولن تستطيعوا رؤية أي شيء، فقط ادعوا باسمي كي أسمعكم تصرخون، أيها السيد، أيها السيد!”. هذه السطور من الاغنية التي تهز المنصات لفرقة “متاليكا”، “سيد الدمى”، استهدفت اظهار كيف أن المخدرات والكحول أثرت على أدمغة اعضاء الفرقة. ولكن في يوم الاربعاء الماضي وجدت لهذه الاغنية القوية مهمة اخرى. مكبرات الصوت والطلاب اسمعوها عندما اندلعت المظاهرات في حرم جامعة بوزتشي في اسطنبول، ومنها اشعلت الشوارع. هناك اشتبكوا مع قوات الامن التركية المسلحة بالهراوات والغاز المسيل للدموع والسلاح.

“متاليكا” حظيت بالتقدير بعد أن قال عميد الجامعة الجديد، ميليا بولو، في مقابلة أجريت معه بأنه يحب “الهارد روك” وأنه معجب بالفرقة. كلمات الاغنية تناسب المناخ السائد في الجامعة منذ قرر الرئيس رجب طيب اردوغان تعيين البروفيسور بولو في منصبه بأمر رئاسي.

في يوم الاثنين الماضي اندلعت موجة المظاهرات الاولى، وبعد يومين اشتعلت الشوارع بموجة مظاهرات اخرى. اكثر من 36 طالب وعضو في هيئة التعليم اعتقلوا والكثيرون اصيبوا في المواجهات العنيفة والموضوع لم ينته بعد. هذه هي المرة الاولى منذ الانقلاب العسكري في 1980 التي يتم فيها تعيين عميد للجامعة الأرفع في تركيا، الذي هو ليس من اعضاء هيئة التعليم وبدون اجراء انتخابات كما هو متبع فيها. “هذه خطوة اخرى ضد الديمقراطية، هدفها المس بحرية الاكاديميا واستقلالية العلم وقيم الديمقراطية للجامعة”، كتب اعضاء هيئة التعليم الذين انضموا لمظاهرات الطلاب. وبعد أن استخدم اردوغان في جامعات اخرى الصلاحيات التي اعطاها لنفسه في 2018، في أن يعين مباشرة عمداء ورؤساء الجامعات، خرج الى الجبهة امام قلعة الليبرالية الاكاديمية واليسار المثقف في تركيا، وقام بتعيين بولو – العضو الناشط في حزب العدالة والتنمية والذي تنافس في 2015 على كرسي في البرلمان من قبل الحزب.

توجد لبولو بالطبع ايضا خلفية اكاديمية رائعة. فهو خريج جامعة بوازيتشي في ادارة الاعمال، وقد حصل فيها على شهادة الدكتوراة، وكان عميد لجامعتين أخريين. في السابق اتهم بأنه نسخ في رسالة الدكتوراة اجزاء من كتاب آخر، لكن هذا الامر تم اغلاقه. بولو نشر في حسابه في تويتر رسالة موجهة لـ “عائلة بوازيتشي”، أشركهم فيها بالاحترام الذي يراه لنفسه بأن يشغل منصب عميد الجامعة. وكتب أنه يتذكر بشوق مطاعم الجامعة والمأكولات فيها، وتحدث كيف أنه اعتاد على مشاركة القطط التي قفزت الى حضنه هناك بالأكل الموجود في صحنه. حقا هو جزء لا يتجزأ من الجامعة. ولكن الطلاب لم يتأثروا من ذلك. هم يرون قدم اردوغانالراكلة من خلف العميد السياسي، ويرون اقالة مئات اعضاء هيئات التدريس في الجامعات منذ الانقلاب الفاشل في 2016، وليس اقل من ذلك خطاب اردوغان في احتفال تدشين الحرم الجامعي في الجامعة على اسم “إبن خلدون” في شهر تشرين الاول. “بالاساس بسبب وسائل الاعلام ضعف تأثير التعليم التقليدي، بما في ذلك تعليم العائلة. الفجوة التي وجدت في أدمغة وقلوب اولادنا امتلأت بمواضيع مصدرها الثقافة الغربية… اولادنا يحصلون على التعليم، لكن ليس لدينا ما يكفي من القوة البشرية من اجل أن تجعلنا اكثر أمانا. نحن نربي سكان شباب، لكننا لا نستطيع أن نجسد حلم حضارتنا. يوجد لوسائل الاعلام بنى تحتية حديثة لكنها لا تعكس صوتنا أو افكارنا”، قال الرئيس الذي سحق ويسحق طوال سنوات وسائل الاعلام في تركيا، ويغلق صحف وقنوات تلفاز ويقوم بتعيين الرؤساء الذين يترأسونها.

هذا كان خطاب هجومي، لكنه صريح، فيه رسم اردوغان الحدود بين التعليم الذي يتوق اليه وبين الخطر الذي يهدد ثقافة تركيا – افكار ومكونات غربية تطرد الى الخارج التراث. ولكن عندها يقوم بتعيين عميد يتفاخر باعجابه بموسيقى “الميتال” في الجامعة التي لغة التعليم فيها هي اللغة الانجليزية، وتطمح الى أن تنضم الى قائمة افضل 500 جامعة في العالم، وهذه الجامعات يتم تقييمها حسب المعايير الغربية. من المهم كيف ينوي اردوغان التوفيق بين ما يسميه “تعليم تقليدي” وبين حلم العميد الجديد الذي ينوي زيادة دراسات الحاسوب والهندسة والعلوم الطبيعية.

من المبالغ فيه البحث عن آثار في سلوك اردوغان، حتى اكثر المخلصين له لم يعودوا يعرفون الى أين يقود الدولة. كبار الحزب انسحبوا واحدا تلو الآخر وشكلوا احزاب منافسة، التي وإن كانت حقا ليس لها حتى الآن شعبية كبيرة، إلا أنها تدل على الاحباط في الحزب وفي القيادة السياسية. الاخير الذي قطع علاقته مع القيادة هو بولانت ارينيتس، الذي كان رئيس البرلمان وعضو كبير في المجلس الاستشاري للحزب. قبل شهر تقريبا استقال من الحزب، بعد أن اطلق عليه اردوغان عدة سهام مسمومة لأنه تجرأ على معارضة استمرار اعتقال صلاح الدين دميرتاش، الذي كان رئيس الحزب المؤيد للاكراد “اتش.دي.بي”، ورجل الصدقات عثمان كبالا المعتقل منذ ثلاث سنوات. وهذه أمور لا تغتفر. هذه ما زالت لا تشكل هزة ارضية أو اشارة على تحطم الحزب ومن يترأسه، لكن عندما تشير الاستطلاعات الى انخفاض الدعم له الى حوالي 28 في المئة فان قصر الرئاسة بحاجة الى تحصين نوافذه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى