ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم انشل بابر- نتنياهو لا يغادر كخاسر، هو نجح في المجالات المهمة حقا بالنسبة له

هآرتس – بقلم  انشل بابر– 14/6/2021

منتقدو نتنياهو سيقولون إنه لم يترك خلفه أي تراث. ولكن نتنياهو لاحظ تعب زعماء الغرب من القضية الفلسطينية واثبت بأن ثمن الاحتلال قابل للتحمل. وحتى حكومة بينيت – لبيد هي انتصار له “.

“أي حياة مهنية سياسية تنتهي بالفشل”، هذا ما كتبه السياسي البريطاني أنوخ بافل، وباستثناء السياسي النادر الذي ينهي حياته السياسية بنفسه. حسب هذا المعيار يصعب التعامل مع ظروف انهاء ولاية بنيامين نتنياهو على أنها خسارة. نتنياهو غير قادر عن النزول عن المنصة بنفسه. وهو لا يختلف في ذلك عن رؤساء الحكومة الـ 11 الذين سبقوه. فلا أحد منهم أنهى منصبه في الظروف التي اختارها. هذا يبدو من طبيعة هذا المنصب، أنه لا ينتهي بصورة جيدة.

على الرغم من ان نتنياهو لا يغادر من تلقاء نفسه فهو لم يخسر. هذا الشخص تم تخسيره مرات كثيرة، وقيل عنه، ليس فقط في بداية طريقه، بأنه ظاهرة عابرة، آلة تثير الضجة ليس اكثر، تحول الى رئيس الحكومة الذي قضى في هذا المنصب أطول فترة في تاريخ الدولة، حتى أكثر من المؤسس بن غوريون. من قاد الدولة مدة 15 سنة لم يخسر، حتى لو أنه لم يختر ذهابه ولم يرده.

منتقدو نتنياهو سيقولون إنه لم يبق هنا أي تراث. والرفاه والاقتصاد اللذان تفاخر بهما هو لم يجلبهما. هو لم يوقع على أي برنامج أو اصلاح اجتماعي. السنوات الهادئة التي عرفتها اسرائيل في فترة ولايته، وحتى الاتفاقات السياسية التي وقع عليها مع اربع دول عربية يجب عزوها في المقام الاول للتغيرات الاقليمية والعالمية التي هي اكبر بكثير من نتنياهو. ومفترقات الطرق الضخمة والابراج كانت ستبنى حتى بدونه. ربما البصمة المادية الوحيدة التي تركها على اسرائيل هي الجدار الحدودي الضخم مع مصر. وهذا ايضا يشكل تراث. ولكن نتنياهو خرج منتصرا في مجالات مهمة حقا بالنسبة له في خلق الوعي.

نتنياهو فاز في المعركة الكبرى في حياته، حتى في الفترة التي كان فيها طالب وناشط اعلامي صغير في بوسطن. فقد حارب ضد نظرية أن الوقت يعمل في غير صالح اسرائيل وأن مستوى الحياة هنا والرفاه الاقتصادي ومكانتنا في العالم ترتبط بحل النزاع مع الفلسطينيين. وأن تجسيد الطموحات القومية هو المفتاح الوحيد لاختراقة في علاقاتنا مع العالم. هذا النضال كان خلاصة نشاطات نتنياهو عندما كان دبلوماسيا وبعد ذلك سياسيا. وعن ذلك ألف كتابه “مكان تحت الشمس”. وقد اعطى لهذا الامر جل اهتمامه كرئيس للحكومة، وفاز في ذلك.

اسرائيل نتنياهو لم تعط أي شيء للفلسطينيين. وخلافا للتنبؤات السابقة لاهود باراك لم ينزل عليها “تسونامي سياسي”. ومخاوف اريئيل شارون من اقتياد اسرائيل الى “الشعب المرجانية”. هناك تم ذبح الثور في نهاية المعركة وتبين أنها غير ضرورية. نتنياهو فاز لأنه اثبت بأن العالم لا يهتم. وقد كان أول من لاحظ تعب زعماء الغرب مثل زعماء الدول العربية بالنسبة للقضية الفلسطينية. وبصفته شخص براغماتي متهكم وذكي قدر بشكل صحيح أنه في نهاية الحساب سيفضل نظراءه السياسيين العلاقات الاقتصادية والامنية مع اسرائيل، وامامهم لا يوجد للفلسطينيين ما يعرضونه.

نتنياهو فاز في الساحة الدولية عندما حول النموذج الدبلوماسي بشأن مركزية النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. وفاز في الساحة المحلية عندما اثبت أن ثمن الاحتلال المتواصل ليس فقط هو أمر محتمل، بل هو أمر حيوي. وقد اثبت أنه من غير الضروري صنع سلام مع الفلسطينيين من اجل التمتع بثمار السلام. وبهذا سلب من معارضة احزاب الوسط – يسار رواية “معسكر السلام” التي اخترعوها في بداية التسعينيات، عند بداية عملية اوسلو. وعندما كانت المعارضة لا توجد لديها رسائل فان نتنياهو قام ببناء الرواية الجديدة لها، وهي رواية يسار ضعيف وخائف وغير يهودي. حتى هنا نتنياهو فاز.

آرثر فنكلشتاين، المستشار الاستراتيجي الذي جاء من وراء البحار في التسعينيات من اجل تشكيل لصالح نتنياهو حملات الليكود، تفاخر بأن انجازه الاكبر كان في تحويله كلمة “ليبرالي” الى كلمة بذيئة تبعد المصوتين في السياسة الامريكية. نتنياهو يمكنه أن يسجل لنفسه انجاز مشابه بتشويه كلمة “يسار” في اسرائيل ووصمها بوصمة عار لا تمحى تتمثل بالانهزامية والخيانة. معسكر سياسي كامل مع مصوتيه يهرب من نفسه لأن نتنياهو فاز. هذا ليس فقط تكتيك للفوز في الانتخابات. في عائلة نتنياهو سموا اعضاء مباي “بلاشفة”، أي من يخدمون ايديولوجيا غريبة مناهضة للصهيونية. نتنياهو نجح في أن يعدي المجتمع الاسرائيلي بهوس والده بن تسيون، اليميني التنقيحي الذي اعتبر دائما الدعاية لبنة رئيسية في المشروع الصهيوني، بل وأهم من بناء مجتمع جديد فيه ركز اليسار الصهيوني جهوده. نتنياهو الابن  فاز عندما اقنعنا بأن الدعاية هي الهدف وليس الوسيلة.

فقط بسبب نتنياهو فانهم في اسرائيل يتوقعون من رئيس الحكومة أن يكون أولا وقبل كل شيء رجل دعاية يتم اختباره بقدرته على أن يخطب باللغة الانجليزية الطليقة (من هو ضعيف باللغة الانجليزية مثل عمير بيرتس لا يجب عليه التفكير على الاطلاق بهذا المنصب). وأن يفوز على اشخاص معادين يجرون معه مقابلات في القنوات التلفزيونية الدولية. ذات يوم كانت مهمة رجل الدعاية، الخطيب المفوه، لشخص في مستوى نائب وزير خارجية على الاكثر (منصب نتنياهو في حكومة شمير). رئيس الحكومة كانت له امور اكثر اهمية للانشغال فيها وأن يتم اختباره بناء عليها.

نتنياهو فاز عندما اصبحت الصورة أهم من المضمون. عندما تم اغراءنا بالتفكير بأن الرؤية الاستراتيجية التي امتاز فيها اكثر اهمية من التعمق في التفاصيل، وأن السياسي أكثر اهمية من الاجتماعي. انظروا كيف أن من حلا مكانه، نفتالي بينيت ويئير لبيد، يحاولان منذ سنوات بناء انفسهما حسب النموذج الذي أوجده نتنياهو لهما. هما من صنع يديه.

حكومة بينيت – لبيد في الحقيقة تشكلت من اجل أن تودي بحياة نتنياهو السياسية الى النهاية. ولكن هذه الحكومة برئاسة شخص يميني هي حكومة بصورة علنية لا توجد لها اجندة سياسية، وهي ترتكز على صور الوحدة والتغيير بدلا من أن ترتكز على المضمون. وهي ايضا انتصار لنتنياهو.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى