ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم الون بنكاس – قرار محكمة لاهاي اشكالي،  لكن لا يجب المبالغة في اهميته الفورية

هآرتس – بقلم الون بنكاس – 7/2/2021

” اسرائيل فقدت حق الاعتراض عندما قررت مقاطعة جلسات محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وكذلك فان الاعتماد على الولايات المتحدة لا يعتبر دفاعا قابلا للصمود. والآن سيكون عليها أن تقرر هل ستصرخ من المدرجات أم ستشارك في النقاشات “.

       اذا قمنا بتنظيف فضاء التحليل من الغضب ومن تظاهر اسرائيل الرسمية بالاستقامة ومن صرخات الفرح الفارغة وعديمة الاهمية للفلسطينيين، ومن اليمين الذي يصرخ “لاسامية” و”لقد عرفنا”، ومن اليسار المنشغل بتدوير عيون تتظاهر بالاستقامة والقول “لقد قلنا لكم”، يبقى لدينا قرار اشكالي جدا لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، لكن هذا قرار لا يجب المبالغة في اهميته الفورية.

       قرار محكمة الجنايات الدولية باعطاء صلاحيات للتحقيق مع اسرائيل (وحماس) بشبهة ارتكاب جرائم حرب باغلبية 2 الى 1، هو قرار اشكالي من ناحية قضائية وسياسية وله امكانيات كامنة للتأثير سلبا على اسرائيل. ولكن هذا الامر يسري على المدى البعيد جدا.

       القرار فعليا يعترف بدولة فلسطينية وحتى أنه يرسم حدودها، حتى لو كان ذلك لغاية التحقيق فقط. وهو ايضا من شأنه أن يؤدي الى تحقيق وحتى الى اوامر اعتقال لمئات الاسرائيليين، من بينهم وزراء دفاع ورؤساء اركان وقادة مناطق وقادة ألوية والادارة المدنية ورؤساء مناطق في الشرطة وحرس الحدود ورؤساء اقسام في الشباك. ولكن هذا الامر لن يحدث في المدى القريب، ولا يوجد يقين في انه سيحدث على الاطلاق اذا تصرفت اسرائيل بحكمة.

        على المدى الفوري، اسرائيل يجب عليها أن تتعامل مع تداعيات قرارها بمقاطعة جلسات المحكمة، ورفض التعاون وطرح ادعاءاتها بصورة رسمية (هذا الامر تم بصورة غير مباشرة). وبسبب كل ذلك هي فقدت الحق في الاستئناف، ولهذا هي ستواجه هذا الموضوع وستواجه تحقيق محتمل خلال الاشهر القريبة القادمة.

       هذا القرار هو قرار مبدئي، لكنه “سابق للمحاكمة” وغير نهائي. وهو قرار يتعلق بصلاحيات المحكمة وسريان سلطاتها القضائية الجغرافية، مثلما ارادت أن تعرف المدعية العامة، باتو بنسودا، التي تقوم بفحص حالات فيها حسب رأيها “اساس معقول للافتراض” بأنه تم ارتكاب جرائم حرب من قبل اسرائيل (“نشاطات غير متزنة”)، ومن قبل حماس والجهاد الاسلامي (“اطلاق الصواريخ على سكان مدنيين واستغلال مدنيين”) في عملية الجرف الصامد في صيف 2014. في نهاية الصيف يمكن وضع هذا القرار موضع مناقشة جديدة، وهو الموعد المحدد لاستبدال المدعية العامة. وحتى ذلك الحين سيكون على اسرائيل أن تقرر هل هي تنتقد وتصرخ من مكان المتفرجين في الاستاد على الظلم وتشويه العدالة أم أنها ستشارك في النقاشات وستطرح ادعاءاتها وبراءتها. لا يمكن ايضا المقاطعة وفي نفس الوقت البكاء والعويل. والاعتماد على الولايات المتحدة التي ادانت القرار، والتي انسحبت من الميثاق الى جانب روسيا واسرائيل والسودان قبل سنوات،  لا يعتبر دفاع قابل للصمود لفترة طويلة. ومن الارجح أن يكون خاضعا لمجموعة مواضيع سياسية اخرى بين اسرائيل والولايات المتحدة.

       نتنياهو المزدوج

       ميثاق روما، الوثيقة التي تمنح المحكمة صلاحياتها، تم التوقيع عليه في 1998 ودخل الى حيز التنفيذ في العام 2002. وقد فصل الميثاق وظائفها وصلاحياتها ومنطقة ولايتها القانونية. وقد حدد الميثاق ايضا أربع جرائم رئيسية وهي ابادة شعب وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم عدوانية.

       اسرائيل انضمت للميثاق في 31 كانون الاول 2000، لكنها لم تصادق عليه. في اسرائيل اضافوا للانضمام ايضا تحفظات مفصلة ومبررة، في اساسها التحذير من أن هناك خشية لتسييس قرارات المحكمة وخوف جوهري ومعقول من استخدامها سياسيا، ولاسباب سياسية واضحة ومرفوضة من قبل دول بتقديمها دعاوى للمحكمة، وأنها ستتحول الى ساحة صدامات سياسية وليس هيئة قضائية نقية وخالية من اعتبارات غريبة.

        الادعاء القانوني الذي تطرحه اسرائيل هو ادعاء له وزن ثقيل: لا ينبغي أن تنسب للسلطة أسس الدولة والسيادة لأن الموضوع خاضع لنزاع سياسي مستمر وستتم تسويته فقط عن طريق اتفاق تعاقدي بين الطرفين، سواء في اتفاق دائم أو في اطار اتفاق مؤقت يعترف بالدولة الفلسطينية. “علامات سيادة صغيرة” التي منحت أو تشكلت بقوة الواقع السياسي بعد اتفاقات اوسلو، هي علامات مشروعة. ولكن ليس لها أي وزن يشبه أسس السيادة. وبناء على ذلك، السلطة الفلسطينية ليست كيان دولة.

       رئيس الهيئة القانونية، القاضي بيتر كوفاتش من هنغاريا، الذي طرح رأي الاقلية، استخدم هذه الحجة، السلطة ليست دولة. فهي لا تلبي تعريف “دولة جرت على اراضيها النشاطات التي يدور الحديث عنها”. لذلك، حسب هذه الحجة فانه لا يوجد لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي صلاحيات الولاية القانونية. سريان الولاية القانونية بناء على طلب المدعية العامة هو فعليا يحدد حدود “فلسطين” ككل الاراضي التي احتلت من قبل اسرائيل في 1967، وهذا تفسير وقرار سياسي وليس قانوني. اضافة الى ذلك، تدعي اسرائيل والقاضي كوفاتش، ليس فقط أنه لا يوجد لادعاء سريان صلاحيات المحكمة أي اساس قانوني في ميثاق روما، بل ليس له اساس في القضاء الوطني العام، وهو القانون الذي ينظم العلاقات والخلافات بين الدول.

       من الناحية الاخرى، قرار الاغلبية كان يستند على اعتراف الامم المتحدة بالسلطة الفلسطينية كـ “دولة مراقبة” في اعقاب انضمام السلطة لميثاق روما في 2015 (وهي الخطوة التي ردت عليها اسرائيل بتجميد 500 مليون شيكل من اموال الضرائب للسلطة الفلسطينية). من ناحية اسرائيل تم طرح ادعاء آخر – اسرائيل تؤكد طوال عشرات السنين بأنها تحرص بنفسها، قبل وخلال نشاطاتها، على أن تقدم المسؤولين ومن ينتهكون القانون للمحاكمة اذا احتاج الامر ذلك – الجيش الاسرائيلي والشباك أو أي جهة رسمية أو مدنية اخرى تعمل في مناطق خاضعة لنظامها القانوني. ولكن أي ادعاء قانوني مهما كان قوي لن يحمي اسرائيل من الادعاءات الجوهرية بشأن تنفيذ “جرائم” مزعومة. هو يترك المشكلة قائمة ومدار خلاف ولا يجيب على سؤال بسيط آخر: ما الذي سيحدث في اليوم الذي سيتم الاعتراف فيه بفلسطين كدولة من قبل الامم المتحدة، التي بموجبها تعمل المحكمة في لاهاي.

       ثانيا، طالما أن بنيامين نتنياهو يتولى منصب رئيس الحكومة فانه للادعاء والتبريرات القانونية يوجد بعد سياسي، الذي رغم أنه لا يشكل أي وزن في هذا القرار أو في المستقبل، إلا أنه لا يختفي من العالم: التناقض الداخلي فيما يتعلق بالنظام القانوني الاسرائيلي. من الداخل، نتنياهو ينتقد ويهاجم ويشوه ويحتج على شرعية الادعاء العام، وجهاز القضاء كله والمحكمة العليا بشكل خاص. هو يحتج على عدم أهليتها وعدم الاستقامة وحياكة ملفات وارتكاب ظلم.

       تجاه الخارج نتنياهو يبيع للعالم عرضا للديمقراطية الليبرالية التي فيها سيادة القانون والمساواة أمام القانون واستقلالية جهاز القضاء وقوة المحكمة العليا، هي منارة للاغيار. صحيح أن محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ليست بحاجة الى ذلك، لكن عندما يفحصون رد اسرائيل، فلأي من الاثنين اللذين يمثلهما نتنياهو يصدقون؟ هذا بالتأكيد لا يساعد في الدفاع عن اسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى