ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم الوف بن – الفوضويون من شارع بلفور

هآرتس – بقلم  الوف بن – 30/7/2020

لا يوجد شخص ينطبق عليه تعريف الفوضوي أكثر من نتنياهو الذي عاث فسادا وتدميرا في الحكومة والكنيست والاحزاب والجيش وجهاز انفاذ القانون “.

الموسوعة البريطانية تعرف الفوضى على أنها مجموعة من العقائد والمقاربات، التي تعتبر الحكومة أمر ضار وغير ضروري. وجهة النظر هذه يوجد لها ممثل واضح في اسرائيل وهو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. لا يوجد أحد يضر أكثر منه بشرعية السلطة ومؤسساتها. ولم يحطم أي أحد اكثر منه الحكومة والكنيست والاحزاب والجيش وجهاز انفاذ القانون. ليسمح لي يونتان فولك وزملائه في المظاهرات في بلعين، ليسمح لي ايضا الفوضويون المتزمتون من “الجناح المقدسي”، هم يستطيعون فقط أن يحسدوا الشخص الموجود في شارع بلفور، الذي يدوس علم الدولة أكثر بكثير منهم وبنجاح اكبر.

من غير المفاجيء أن نتنياهو ومحيطه يسمون المتظاهرين ضدهم بـ “الفوضويين”. الموسوعة تقول إنه في عهد الثورة الفرنسية سمي بهذا الاسم خصوم سياسيون. ولكن في اسرائيل 2020 الاحتجاج معكوس: المتظاهرون يريدون دولة قوية وليس التحرر من السيادة وسلطة القانون. هم يريدون أن يتم تقديم رئيس الحكومة لمحاكمة جنائية مثل أي مواطن آخر، وأن تهتم الحكومة بالعاطلين عن العمل وبالمشاريع التي تم تدميرها في فترة ازمة الكورونا، وأن يكون تطبيق قيود الابتعاد الاجتماعي شفاف ومفهوم من قبل الجمهور. نتنياهو في المقابل يصمم على تحييد الكوابح والتوازنات التي تقيد حكمه واستبدال الجهاز السياسي بـ “عملية مباشرة”. وبدلا من تشكيل حكومة مستقرة ومسؤولة، تحني رأسها امام الدستور وممثليه، لتذهب اسرائيل في حرب مستمرة.

يبدو أن الكتاب الاكثر تأثيرا على نتنياهو هو كتاب “مثل النبع الصاعد” للكاتب آين راند. في اعقاب بطل الرواية هوارد روارك، ايضا نتنياهو تعلم الهندسة المعمارية الى أن غير توجهه الى الادارة. ولكن ايضا عندما انتقل من تشكيل مبان الى قيادة الدولة فانه بقي مخلصا لفلسفة راند، مثل اصدقائه في اليمين الامريكي. ومثل روارك ايضا نتنياهو يعتقد أن اشخاص عباقرة مثله يجب أن يكونوا متحررين من القيود المفروضة على الاشخاص الضعفاء والعاديين. حسب رأيه الجمهور يجب أن يعترف بمؤهلاته الفريدة واخلاء الطريق امامه، بدلا من أن يضعوا عقبات امامه مثل “المستشار القانوني للحكومة” و”لاهف 433″ و”رئيس قسم الميزانيات” و”لجنة التسهيلات”. بنود الرشوة في القانون الجنائي اعدت للاشخاص العاديين وليس من اجله. اشخاص مثل عضوة الكنيست يفعاتبيتون، الذين يطالبون بصلاحيات ويتمسكون بالبروتوكول، يبدون في نظره مثل ذباب مزعج يجب ابعاده.

في الوقت الذي تسلق فيه منافسوه باظافرهم من قائد فصيل وحتى الجنرال في الجيش أو من المقاعد الخلفية في الكنيست الى حقيبة صغيرة في الحكومة، فان نتنياهو قفز تقريبا مباشرة الى القمة ودائما كان يستخف بالموظفين والمؤسسات (السمين والنحيف). أهميتهم في نظره تقاس طبقا للحاجة السياسية الآنية، وكلما استقر على كرسيه كلما عمل على تصفيتهم، هكذا كان في مشروع القانون (الذي فشل)، الغاء رئاسة الدولة من اجل منع رؤوبين ريفلين من تولي هذا المنصب، وواصل الوقوف ضد رئيس الاركان في قضية اليئورازاريا وحتى المطالبة بالغاء الكنيست كمراقبة للحكومة.

الذروة كانت بالطبع في خطاب حياة نتنياهو عند افتتاح محاكمته: من أنتم كي تحاكموني، أعلن الحرب على منفذي القانون. بدلا من المؤسسات المغبرة من دروس المواطنة، خلق نتنياهو سلطة مباشرة عبر قناة تويتر لابنه يئير، وعبر الشخصيات اليمينية في وسائل الاعلام ومنظمات مثل معهد كهيلت. هذه القنوات تتنافس في تعبيرات الاستخفاف والاشمئزاز تجاه المؤسسات الثابتة في القانون، وتجاه النظام السياسي والاقتصادي. كل ذلك من اجل الزعيم، ورغم  المعلومات المؤكدة بأنه سيركلها ايضا في حالة كانت لديه حاجة الى ذلك.

الآن بقي فقط أن نرى، هل في اعقاب بطله روارك سيدمر نتنياهو ايضا المبنى في نهاية القصة مثل فوضوي حقيقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى