ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  افنر كوهن – الباحثون يتفقون على أن ايران بعيدة عن  أن تكون دولة حافة نووية

هآرتس – بقلم  افنر كوهن – 10/10/2021

” الانسحاب من الاتفاق النووي تسبب بالضرر، لكن الوضع ليس غير قابل للتراجع عنه. ويمكن التوصل الى اتفاق معدل يردع ايران عن الاندفاع نحو الحافة النووية “.

مؤخرا يجري نقاش مفتوح في موضوع النووي، الذي مثله لم يكن لدينا في اسرائيل في أي يوم. رئيسا حكومة سابقين (اهود باراك واهود اولمرت) ووزيرا دفاع سابقين (اهود باراك وموشيه يعلون)، اضافة الى المؤرخ المعروف بني موريس والمحرر الرئيسي في “هآرتس” الوف بن، قاموا بمناقشة موضوع النووي الايراني والنووي الاسرائيلي بصورة ضبابية لا لبس فيها. كل هذا النقاش بدأ بمقال في “نيويورك تايمز”، الذي اقتبس معهد ابحاث في واشنطن، وقدر بأن الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي في 2018 مكن ايران من وضع نفسها على بعد شهر من امتلاك المادة المتفجرة (اليورانيوم المخصب للسلاح)، التي تكفي لانتاج قنبلة واحدة. على أي حال، تم الادعاء بأنه يجب أن نقوم من الآن بقياس الزمن الذي تحتاجه ايران من اجل الانطلاق نحو مادة متفجرة لانتاج قنبلة أو قنبلتين خلال بضعة اسابيع، وليس خلال سنة مثلما كان الوضع عند التوقيع على الاتفاق النووي في 2015.

باراك قال إن ايران اجتازت “نقطة اللاعودة” واصبحت “دولة حافة” نووية. “الخيول هربت من الاسطبل”، قال. لذلك، مشكوك فيه اذا كانت هناك حتى أي فائدة من العودة الى الاتفاق النووي. واذا لم يكن هذا القول القاطع كافيا فقد قال ايضا إنه من خلال النشر في صحيفة “نيويورك تايمز” فان ادارة بايدن تُعد بلادها واسرائيل ايضا لحقيقة أنها على وشك قبول ايران كدولة حافة نووية.

الوف بن تأثر من منطق باراك هذا وقال إنه ربما حان الوقت لرفع القناع عن الضبابية النووية لاسرائيل والاعتراف بما كل العالم، بما في ذلك ايران، يعتقد بأنه معروف منذ عشرات السنين وهو أن اسرائيل دولة عظمى نووية. وزير الخارجية الامريكي، دين راسك، تحدث في العام 1968 عن اسرائيل كدولة في اواخر الشهر الثامن من حملها النووي، أي دولة حافة. تقريبا في نفس الفترة واثناء التفاوض على بيع طائرات الفانتوم، السفير الاسرائيلي اسحق رابين في حينه تناقش مع بول فارنكي، الذي اجرى المفاوضات مع اسرائيل حول الرقابة النووية، في مسألة هل اسرائيل هي دولة نووية. فارنكي قال بأنه اذا كانت جميع اجزاء السلاح موجودة، حتى لو في غرف منفردة، فان الامر يتعلق بشكل جلي بدولة حافة نووية. ولكن رابين في حينه لم يرد بشكل واقعي، لكنه اقترح بدلا من ذلك بأن تنفيذ التجربة والاعلان علنا مثلما فعلت دول نووية في السابق، يدل على اجتياز الحافة النووية. وثائق نووية من الاعوام 1969 – 1970 تظهر بأن موظفين امريكيين تحدثوا في حينه عن اسرائيل كدولة توجد على مسافة “شد برغي” من القنبلة. من ناحيتهم شد البرغي الاخير هو عملية اجتياز الحافة.

مصطلح “دولة حافة نووية” ولد في اوساط الاكاديميين الذين يبحثون في انتشار السلاح النووي للعلم، بمن فيهم كاتب هذه السطور، تقريبا في العام 1990 من اجل تمييز نموذج السلوك النووي لاربع دول نووية من نوع جديد، دول الجيل الثاني للعصر النووي. وحسب هذه المنشورات، الاولى من بينها هي اسرائيل وبعدها الهند وجنوب افريقيا وباكستان. جميعها قامت بتطوير قدرات حقيقية لانتاج السلاح النووي، أي أنه كانت لديها كمية كبيرة جدا من المادة المتفجرة للسلاح وكان يمكنها اجراء تجربة نووية خلال ايام أو اسابيع اذا قررت فعل ذلك (الهند اجرت في 1974 تجربة اطلقت عليها “تفجير نووي للاغراض السلمية”). ولكن كل دولة من هذه الدول، لاسباب خاصة بها، قررت عدم اجتياز الحافة النووية. جميع هذه الدول وصفت نفسها في حينه كدولة حافة نووية بدون اجتياز الحافة. ليس فقط أنها كانت على بعد ايام أو اسابيع من القدرة على اجراء تجربة، بل العالم عرف ذلك ووافق بصمت على مكانة الحافة لها.

هناك اتفاق على أن ايران الآن ليست دولة حافة مثلما كانت تلك الدول في حينه. معظم الباحثين يقدرون بأن ايران حتى غير قريبة الآن، أي ليس على بعد اشهر، من أن تكون دولة حافة. حتى لو أن ما قيل في المعهد في واشنطن منطقي. ايران تحتاج الى امور كثيرة اخرى، التي في هذه الاثناء لا توجد لديها، من اجل أن تسمى دولة حافة. 

علاوة على ذلك، المسافة بين ايران والحافة النووية ليست فقط تقنية، بل هي بالاساس مسافة سياسية. فهي تعرف أن عيون العالم تشخص اليها. لذلك، هي تخاف سياسيا من الاندفاع نحو الحافة، على الأقل حتى الآن. في الحقيقة ايران وقعت بارادتها على الاتفاق النووي في 2015، رغم أنها قامت بتفكيك البنية التحتية وانشأت منظومة تفتيش، كان من المفروض أن تضمن بأنها لن تصبح دولة حافة على الاقل في غضون 15 – 20 سنة. صحيح أنه كانت هناك عيوب في الاتفاق، لكن رغم ذلك طالما أن ايران التزمت بتعهداتها، وهي التزمت بها، إلا أنها بقيت على بعد أقل من سنة من الحافة. 

لا شك الآن أن الانسحاب من الاتفاق النووي للرئيس السابق دونالد ترامب، “القرار الذي تم بالهام من بنيامين نتنياهو”، كان خطوة غبية. اتفاق من المرجح أنه اتفاق محترم، رغم أنه غير كامل، هو افضل من عدم الاتفاق. بالاحرى، عندما لم يكن الانسحاب من الاتفاق مدعوم بأي خطوة استراتيجية رادعة، خاصة أنه لم يكن مدعوم بالتزام بالعمل في حالة أن ايران بدأت في اعادة انتاج مادة متفجرة بجودة أعلى. الانسحاب من الاتفاق كان هدية ذهبية لطموحات ايران النووية وهدية للمتطرفين هناك، الذين بحثوا عن ذريعة للتملص من التزامات الاتفاق. ترامب لم تكن لديه أي فكرة عما يريد تحقيقه. ونتنياهو اسند أمن اسرائيل على عصا مكسورة. 

الانسحاب من الاتفاق النووي تسبب بالضرر الكبير لأمن اسرائيل، لكن هذا لم يكن أمر غير قابل للاصلاح. مفاوضات دبلوماسية سليمة يمكنها أن تؤدي الى اتفاق جديد مع آلية رقابة وآلية ضغط، دبلوماسية واقتصادية وما شابه، التي ستواصل ردع ايران عن الاندفاع نحو الحافة النووية. اضافة الى ذلك، مساومة عنيدة وحازمة يمكن أن تخلق اتفاق نووي معدل يعيد الى الوراء التقدم الذي حققته ايران منذ العام 2018. اسرائيل ما زالت بعيدة جدا عن معضلة “قنبلة أو قصف”، التي رسمها موريس هنا بخطوط مرعبة (“هآرتس”، 23/9). 

سياسة الضبابية النووية الاسرائيلية اصبحت في الحقيقة متآكلة جدا. وربما من الجدير البدء في التفكير، بحذر ومسؤولية، بسياسة مختلفة قليلا. المشكلة هي أن التحدي النووي الايراني يصعب كثيرا وبحق على هذا الامر. اذا كان الاعتبار الرئيسي للتغيير هو استراتيجي فان اولمرت محق في القول بأن تآكل آخر للضبابية لن يحقق الفائدة الاستراتيجية التي عرضها الوف بن.

هناك حاجة الى توضيح الافكار حول اصلاح سياسة الضبابية، لكن ليس بسبب اعتبارات جيوسياسية واستراتيجية، بل رغم هذه الاعتبارات. الحاجة الى فحص احتمالات اجراء تغيير تنبع من اعتبارات ديمقراطية – قيمية – حكومية، التي قوتها تفوق اعتبارات ايران والاعتبارات الاستراتيجية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى